كان هو نفسه لا يكترث كثيرًا بالآداب، لكنّه يطالب بها من الآخرين بسهولة.
أحنى الماركيز شوان رأسه غريزيًا، ثمّ توقّف فجأة.
‘الإمبراطور على قيدِ الحياة!’
لم يفهم كيف حدث هذا، لكنّها كانت فرصة له.
إذا تمكّـن من الهروب بطريقةٍ ما و إبلاغ الآخرين بأنّ الإمبراطور حيّ و أخبرهم بموقعه، فأيّ إنجاز سيكون أعظم من هذا؟
فضلاً عن ذلك، لا يزال الدّوق بينريكس غير مدرك لوجود آيفرت رويدن و روديلا سيفريك هنا.
‘يجب أن أخبره بسرعة―’
“لا تفكّـر في الهروب.”
قالت روديلا فجأة، كما لو أنّها قرأت أفكاره.
نظر آيفرت إلى الماركيز المتشنّج، ثمّ اقترح بنبرة استياء:
“هل نتخلّص من هذا الرجل ونجلب واحدًا آخر؟ لا يبدو أنّه سيتعاون.”
“حقًا؟”
التفتت روديلا إليه متظاهرة بالاهتمام.
عندها، شعـرَ الماركيز بتهديد على حياته و قفـزَ مذعورًا:
“لا، لا، ليس―”
“صوتـه مرتفع أيضًا، لا يبدو متعاونًا.”
عند كلام آيفرت، تحول صوت الماركيز شوان إلى همسة خافتة كصوت بعوضة:
“…ليس كذلك.”
بـدت عليه علامات الخوف الحقيقي من أن يُقتل.
ألقت روديلا نظرة خاطفة على وجه آيفرت المتجهّم.
لم يكن آيفرت من النوع الذي يضيّع وقته في أمور غير مجدية.
لا بدّ أنّ هناك سببًا لاختياره الماركيز شوان من بين العديد من نبلاء الفصيل الأرستقراطيّ الموجودين في البرج.
‘يبدو أنّ لديه خطّـة، فلأسايره قليلاً.’
لكن، بالطبع، لم يكن الماركيز يعرف ذلك.
“إذن، لنتخلّص منه و نجلب واحدًا آخر…”
بدأت يـد آيفرت تتحرّك ببطء نحو رأس الماركيز شوان.
آيفرت، الذي يُقـال إنّه قادر على تحطيم المباني بيـد واحدة، جعلَ الماركيز ينظر إلى ظلّ يـده المقتربة وهو يرتجف، ثمّ بدأ يهـزّ رأسه بشدّة.
“لحظة، يبدو أنّه يريد قول شيء؟”
“نعم، نعم! سأخبركم بكلّ شيء. ما الذي تحتاجونه؟”
عندها فقط سحبَ آيفرت يـده.
“يبدو أكثر استعدادًا للحديث ممّا كنت أعتقد.”
فتحَ الإمبراطور، الذي كان يراقب بهدوء، فمـه بنبرةٍ راضية:
” هذا ليس تعاونًا عاديًا. يليق بأفضل ثنائي يمثّـل الإمبراطوريّة.”
‘ما الذي يعنيه بـ”يليق”؟ هذه أوّل مرّة نفعل شيئًا كهذا!’
على عكسِ روديلا، التي أرادت الاعتراض بشدّة، قبِـلَ آيفرت المديح (?) بطبيعيّة:
“شكرًا.”
‘لا تقـم بشكره على شيء هكذا أنـتَ أيضًا!’
“كما ترى، و للأسف بالنّسبة لكم، جلالة الإمبراطور على قيد الحياة. و بينريكس يتبجّح بسلطة العائلة الإمبراطوريّة بكلّ وقاحة.”
أشار آيفرت إلى الخارج و قال:
“نزع سلاح حرس القصر و الحرّاس الشخصيين هو من صلاحيّات جلالة الإمبراطور الحصريّة، لذا أصبح بينريكس خائنًا. و أنـتَ، بكونكَ تابعًـا لـه، مصيركَ الإعدام.”
شحب وجه الماركيز شوان عند سماع ذلك.
“لكن، إذا شهدتَ ضدّ ما خطّط له بينريكس ، قد تحافظ على حياتـكَ.”
تقلّبت عينا الماركيز شوان.
كان من الواضح أنّ عقلـه يعمل بسرعة.
حياة الإمبراطور كانت متغيّرًا غير متوقّع، لكنّ فرقة الفرسان الحمر والقوّات لا تزال تسيطر على القصر.
إذا اختار الجانب الخطأ، قد يشير اليه فصيل النبلاء بالخيانة.
لكنّه لا يمكن أن يتجاهل هذا الجانب أيضًا.
“إنّه لأمر رائع أن يكون جلالتكَ على قيدِ الحياة.”
لذا، انحنى بـذُلّ في الوقت الحالي.
“الآن فقط تقول إنّه أمر رائع.”
ضحك الإمبراطور، لكنّ ضحكته لم تحمل ذرّة من الـودّ.
بدأ الماركيز شوان يرتجف بعنف.
‘هل أهرب الآن و أنضم إليهم؟ الانضمام إلى فصيل الإمبراطور يبدو خطأً.’
“إذا كنتَ تأمل في طلب الرأفة من جلالته، فعليكَ على الأقل…”
توقّف آيفرت للحظة، كأنّه يفكّر، ثمّ تابـع:
“أن تخبرنا عن علاقتكَ بالقاتل الذي كان يحمل القطعة الأثريّة المتفجّرة. و إذا كانت لكَ علاقة بالدّوق بينريكس ، فهذا أفضل.”
بـدت كلماته كما لو أنّه يعرف كلّ شيء بالفعل، ففتح الماركيز شوان فمـه متردّدًا.
“قرّر بسرعة. ليس لدينا وقت، و هناك الكثير من الأشخاص بالخارج الذين سيتحدّثون.”
وضع آيفرت اللمسة الأخيرة على تردّد الماركيز:
“إذا كنتَ تعتقد أنّ وجود فرقة الفرسان الحمر في القصر يمنحـكَ فرصة، فدعني أخبركَ أنّ فرقة الفرسان الزّرق و لاتيني يتّجهان إلى هنا.”
توقّف الماركيز شوان فجأة، فقد أصـابَ آيفرت الهدف.
“لكن لاتيني موديلاك تـمّ عزله من منصبه…!”
“لكن هذا لا يعني أنّ قوتـه العسكريّة اختفت.”
‘يبدو أنّ هؤلاء يظنّون أحيانًا أنّ القوّة و السّلطة تولدان و تختفيان معًا.’
ردّت روديلا بدهشة، فتلعثم الماركيز شوان:
“حسنًا، هذا…”
“لقد أرادوا إغراقنا أيضًا في الميناء، لكن كما ترى، نحن أحياء.”
مـدّت روديلا يـدها و قالت:
“يبدو أنّ خططهم قد أخفقت كثيرًا، و الآن أنـتَ تملك الفرصة الأولى للانضمام إلى الجانب الصحيح. فما رأيـكَ؟”
التفت الماركيز شوان إلى روديلا.
عندما كان يراها أحيانًا في إدارة الشؤون العامّة، لم يتخيّل أبدًا أنّها ستتحدّث إليه بلهجة غير رسميّة.
كان يعتقد أنّها، بما أنّها من عائلة متواضعة، ستخفض رأسها تلقائيًا أمام نبيل عريق.
لكن يبدو أنّه كان مخطئًا.
كان تحدّثها بلهجة غير رسميّة طبيعيًا كالتنفّس، بل إنّها…
بـدت مشابهة لآيفرت رويدن.
‘آيفرت رويدن، الذي لا يكتفي بتدمير المباني والأشياء، بل كان يرمي بآداب النبلاء و يدوسها. الآن هناك اثنان منـه!؟’
‘لا يمكن التعامل مع هذا الموقف بعقلانيّة!’
في النهاية، تخلّى الماركيز شوان تمامًا عن أيّ أفكار أخرى و بدأ يهـزّ رأسه بسرعة:
“أنقذوني فقط، أنقذوني، وسأخبركم بكلّ ما أعرف.”
“إذن، لننتقل إلى المكان آخر.”
بعد أن أصبح الماركيز في حالة “قابلة للحديث”، ربطه آيفرت بحبل أحضره من مكانٍ ما.
بعد أن وضعَ قطعة قماش في فمـه بعناية، التفت إلى الإمبراطور و قال:
“جلالتكَ ،دعني أرافقكَ.”
لكنّ اليـد التي أمسكَ بها كانت يـد روديلا.
كان واضحًا للجميع أنّ روديلا أغلى و أثمن بالنّسبة له من الإمبراطور.
‘هل هذا مقبول؟’
نظرت روديلا إلى الإمبراطور و هي مرتبكة، لكنّه بـدا و كأنّـه لا يتوقّع شيئًا آخر، فتبعـه واضعًا يديه خلفَ ظهـره.
* * *
كانت الممرّات السريّة للعائلة الإمبراطوريّة أكبر و أعمق ممّا توقّعت، و كانت متّصلة بالعديد من الأماكن.
بعد عبور مسارات معقّدة، وصلوا إلى قبو هادئ في مبنى مجهول. هناك، بدأ آيفرت باستجواب الماركيز شوان بجديّة.
بالطبع، لم يـدم الاستجواب طويلاً بسببِ الظروف.
كان الماركيز شوان خائفًا لدرجة أنّه بدأ يتكلّم بطلاقة دون عناء.
“إذن، مصدر القطع الأثريّة واحد؟”
“نعم، نعم. تـمّ طلب كميّات كبيرة بحجّة تطوير المناجم، كقطع أثريّة متفجّرة.”
“لهذا السبب كانت كلّ القطع الأثريّة المتفجّرة متشابهة.”
‘تساءلت من أين تأتي هذه الأشياء المتطابقة، ويبدو أنّ هناك سرًا وراء ذلك.’
“و مـنْ الذي طلبهـا؟”
“إدريان لوكمور.”
لم يكن هناك أحد في الغرفة لا يعرف هذا الاسم.
“لوكمور؟”
‘أليست تلكَ عائلة محايدة؟’
“نعم، نعم. أليست عائلة كبيرة؟ إذا أصبح الوضع متكافئًا بين فصيل الإمبراطور و فصيلنا، فسيتمّ ربطهك بجريمة بيع القطع الأثريّة إلينا، و هكذا سيُجبرون على الانضمام إلينا.”
صحيح أن تهمـة الخيانة عادةً ما تنتهي إمّا بالموت أو بالنجاة.
لكن ، يمكن القول إنّهم خطّطوا جيدًا.
المشكلة هي أنّ الماركيز شوان كشـفَ كلّ شيء أمام الإمبراطور، الذي يملك سلطة عقابه و مكافأته.
“سأضع ذلكَ في الاعتبار.”
أومأ الإمبراطور برأسه.
في تلكَ اللّحظة .
―طق طق.
في هذا المكان العميق تحت الأرض، الذي كان جزءًا من القصر لكنّ موقعه غير واضح، جاء شخصٌ ما.
“الناس يتجمّعون في قاعة الاستقبال، سيدي.”
أدركت روديلا أنّ هذا صوت دينيت، خادم آيفرت الخاصّ.
‘هل اتّفقا مسبقًا على اللقاء هنا؟ متى؟’
لكن لم يكن هناك وقت للتفاجؤ.
“يستخدمون قاعة الاستقبال…”
تمتم الإمبراطور بوجه حزين.
كان من الواضح أنّ الدّوق بينريكس يفترض وفاة الإمبراطور تمامًا و يحاول السيطرة على الإمبراطوريّة.
في تلكَ الأثناء، استدعى آيفرت دينيت و أعطاه تعليمات:
“تحقّق بسرعة إذا كانت كلمات الماركيز شوان صحيحة. إذا لم يكن هناك خطأ، اجمع الأدلّة الملموسة فورًا.”
“حسنًا.”
هل كان يستمع من خارج الباب لفترةٍ طويلة؟
أومأ دينيت على الفور كما لو أنّه فهـم.
أنهى آيفرت أوامره و أشار إلى الممرّ السري مرّة أخرى:
“لننطلق.”
يبدو أنّ الممـرّ متّصل أيضًا بقاعة الاستقبال.
“هاه.”
الإمبراطور الذي اكتشف هذا الأمر كان يبدو مصدومًا مثل روديلا عندما اكتشفت الممرّ للمرّة الأولى ، فأخذَ يمسك جبهتـه.
كان ذلكَ دليلاً على أنّ العائلة الإمبراطوريّة لم تكن لتتمكّن من فعل شيء لو أنّ رويدن انقلبَ ضدّهم.
في تلكَ اللحظة، ترسّـخ السبب الذي يجعل روديلا سيفريك موهبة لا يمكن التفريط بها، و مرشّحة لا غنى عنها لمنصب رئيسة الوزراء القادمة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 120"