لم يكن المعصم المقيّد بالأصفاد هو الذراع المصابة، لكنّها كانت بحاجةٍ إلى تحريكه في حالة الطوارئ.
توتّـر جسدها دونَ إرادة منها.
“….!”
مع ذلك، كبحت صوتها بقـوّة.
لا يمكن أن تُصدر صوتًا قد يؤدّي إلى كشف آيفرت.
بينما كانت روديلا تنتظر بوجـهٍ قلق، رأت آيفرت يتشبّث بالجدار الخارجي و يصـل إلى ارتفاع الطابق الثالث في لحظة.
الآن، سيسحب الأصفاد، و عليها أن تخطو خارج النافذة.
في تلكَ اللحظة بالذّات.
―!
استدار آيفرت فجأة إلى الجانب الآخر.
من الجهة المقابلة، التي لم تستطع روديلا رؤيتها، هاجمـه شخص ما.
في تلكَ اللّحظة ، غطّـت الغيوم ضوء القمر، فأصبحت الرؤية ضبابية.
كانت روديلا تشعر بالخوف وهي تحدّق إلى الجهة المقابلة.
―كواجيك.
بعد لحظة، رنّ صوت خافت كأنّه انكسار غصن شجرة.
بدأ الظلّ القاسي الذي غطّى القمر يتلاشى تدريجيًا.
في ضوء القمر الباهت، ظهـرَ وجه آيفرت.
كان يحمل في إحدى يديـه ظلًّا أسود، لم يكن سوى شخص.
توقّفت روديلا للحظة، فأشار آيفرت بيده كما لو يقول إنّ كلّ شيء على ما يرام.
ثمّ رمى الشّخص داخل النافذة التي فُتحت دونَ أن يدرك أحد متى.
كان الجسد المتراخي، بلا شك، جسدًا لم يعـد حيًا.
ثمّ التفت آيفرت نحو روديلا.
“….!”
ارتجفت روديلا للحظة، لكنّها سرعان ما عضّـت شفتيها.
‘حسنًا، لم أكن أتوقّع أن أرى شيئًا كهذا.’
‘الآن، إذا عبرت، سيكون كلّ شيء على ما يرام، أليس كذلك؟’
وضعت روديلا قدمهـا على حافة النافذة.
في اللّحظة التي خطـت فيها إلى الفراغ وهي تنظر إلى آيفرت السليم، قبل أن تسقط نظرتها إلى الأسفل.
―!
اصبحت سلسلة الأصفاد أقصر فجأة، و جذبت جسـد روديلا نحوه بسرعة.
“مرحبًـا .”
و في غمضة عين، كان الإمبراطور يقف داخل النافذة القريبة.
* * *
لم يبـدُ أنّ الإمبراطور مصاب بأيّ جروح.
لكنّه بدا مرهقًا بعض الشيء، ربّما بسبب حبسـه لفترة طويلة.
“أعتذر عن مقابلة جلالتكَ بهذا الشكل.”
قالت روديلا بوجهٍ جادّ و انحنت بإيجاز.
في هذه الأثناء، كان آيفرت يتفقّد المناطق المحيطة و يفتّش ملابس القاتل الميت.
تبادل الإمبراطور و روديلا الحديث.
“لا عليكِ. لولاكما، لما كان لديّ الفرصة لأحظى بهذه المعاملة الرسمية.”
“ما الذي حدثَ بالضبط؟”
سألت روديلا.
على أيّ حال، من الواضح أنّ بينريكس و قوّاته هم مَـنْ حاصروا هذا المكان، لكنّها كانت بحاجةٍ إلى سماع التفاصيل.
أجابَ الإمبراطور بإيجاز عمّا حدث حتّى الآن.
“في البداية، كنت أقضي وقتًا خاصًا مع الدّوق بينريكس ، كالعادة. كنت أشـكّ في نواياه، لكن…”
بدأ حديثه من دخول القاتل، و كيف أنّ الحرّاس المأجورين من قبل الدوق بينريكس ، بحجّة الأمان، حاصروا الإمبراطور في البرج الشمالي تدريجيًا، و طلبوا منه البقاء هناك “حتّى يتمّ القضاء على وكر القتلة”، ثمّ انسحبوا.
لم يكـن هناك مَـنْ لا يعرف بين الحاضرين أنّ القتلة، الذين يتلقّون أوامر الدّوق بينيريكس ، يتسلّلون إلى القصر عبر المسارات التي يوفّرها الخونة.
“كنت أعلم أنّ الدّوق بينريكس سيفعل شيئًا، لكنّني لم أتوقّع أبدًا أن يمثّل دور المدافع عنّي بجسده ضدّ قاتل، و هو الذي لا يثق بأحد و يخشى الموت بشـدّة.”
بينما كان الإمبراطور يمسك جبهته، سألت روديلا:
“إذن، دُمّـر الدرج في الطابق السفلي بحجّة القتلة؟”
أومأ الإمبراطور برأسه.
“قالوا إنّهم فجّروا الدرج بعد رؤية شخص يستهدفني، لكنّني لا أثـق بهذا الكلام.”
بينما كانا يتحدّثان، نهض آيفرت بعد أن انتهى من تفتيش جثّة القاتل.
كان يحمل قطعة أثريّة يبدو أنّ القاتل كان يحملها، و شيئًا يشبه صاروخًا طويلًا لإطلاق إشارة.
‘هل كانوا سيستخدمون هذا بعد اغتيال جلالة الإمبراطور؟’
بينما كانت روديلا تنظر إلى القطعة بعناية، سأل آيفرت:
“هل تـمّ نزع سلاح الحرّاس الشخصيين بنفس ذريعة الحرّاس العاديين؟”
“لم يُنزع سلاحهم، لكنّهم نُقلوا إلى محيط السور الخارجي.”
في الواقع، كان هذا يعني أنّ بينريكس يسيطر على الحرّاس الشخصيين و الحرّاس العاديين.
ضيّق آيفرت عينيه وقال:
“بمعنى آخر، لا يوجد حلفاء، و فرقة الفرسان الحمر تقترب من البرج الشمالي؟”
“بالضبط.”
أمسكَ الإمبراطور جبهتـه و قال:
“لو تأخّرتما قليلاً، لما كنتُ واقفًا هنا أتحدّث معكما.”
أشار آيفرت إلى روديلا و قال:
“الفكرة بالمجيء إلى هنا كانت فكرتها، لذا وجّـه المديح إليها.”
“لا حاجة للقول، فالسيّدة روديلا سيفريك هي الوحيدة المؤهّلة لتكون رئيسة الوزراء القادمة.”
‘إذا نجونا من هذه الليلة.’
أضاف الإمبراطور، فأدار آيفرت عينيه عنـه.
كان يبدو و كأنّه سيستمرّ في التحديق بـه لو لم يُذكـر منصب رئيسة الوزراء.
“على أيّ حال، هذا يبدو صاروخًا لإطلاق إشارة.”
هـزّ آيفرت عصا طويلة مرسوم عليها دائرة سحريّة معقّدة.
ثمّ رفع قطعة أثريّة دائريّة و قال:
“وهذه تبدو قطعة أثريّة متفجّرة، تشبه تلكَ التي كانت على السفينة.”
“تقصد السفينة التي ذهبتما إليها؟”
يبدو أنّ الإمبراطور قد سمـعَ عن رحلتهما إلى الميناء.
أومأت روديلا وقالت:
“حاول الدوق بينريكس إغراق السفينة، وكانت القطعة المتفجّرة التي استُخدمت حينها تشبه هذه القطعة”
ضيّق الإمبراطور عينيه قليلاً و قال:
“ربّما صُنعت في نفس الورشة.”
“دعونا نترك تتبّع ذلكَ لرويدن. المشكلة الآن هي أنّ هذا الشخص وصلَ إلى هنا، و سرعان ما سينتظر بينريكس نتيجة ما حدث هنا.”
إذا طال الأمر، سيبدأ بالشـكّ.
تقاطعت نظرات آيفرت و روديلا.
من كلام الإمبراطور، يبدو أنّ بينريكس لم يسيطر بعد على القصر بشكلٍ كامل.
لأنّ الإمبراطور لا يزال على قيـدِ الحياة.
لكن، إذا حدثت حالة “لا مفرّ منها” و “توفّي” الإمبراطور، فإنّ الدّوق بينريكس سيحاول حينها السيطرة على القصر كاملا.
هذا القاتل أُرسل لخلق تلكَ الحالة.
‘إذن، بدلاً من ذلك…’
فكّرت روديلا في خطّـة جيّدة، لكنّها كانت متردّدة في كيفيّة صياغتها.
لكن آيفرت، دونَ تردّد أمام الإمبراطور، قال فجأة:
“لنجعل الأمر يبدو كأنّـكَ مـتّ ، جلالتكَ.”
“مـاذا؟”
تفاجأ الإمبراطور، فسارعت روديلا لإنقاذ آيفرت من تهمة إهانة العائلة الإمبراطوريّة و قالت:
“فقط تظاهر بالموت لفترةٍ قصيرة، هذا كلّ ما نحتاجه.”
رفعَ الإمبراطور حاجبيه عند سماع ذلك.
* * *
بعد بضع دقائق.
―كوكواخانغ!
انفجرت فجأة ضجّة من الطابق الثالث للبرج الشمالي داخل القصر.
استدار الفرسان المذهولون بسرعة.
كانت الضجة عالية بما يكفي لتُسمع حتّى في أعماق الحصن الداخلي.
“جلالتكَ!”
صرخ الحرّاس الشخصيون و حرّاس القصر الذين يعرفون أنّ الإمبراطور محاصَـر هناك، لكن:
“لا تتركوا مواقعكم!”
“قد يستغلّ البعض هذه الفرصة لاستهداف جلالته مرّةً أخرى!”
بسبب كلام فرقة الفرسان الحمر، لم يتمكّنوا من التحرّك بسهولة.
كان من المؤكّد وجود خونة بين الحرّاس الشخصيين و حرّاس القصر.
بينما كانوا يعضّون على أسنانهم.
―بانغ!
أُطلِـق صاروخ إشارة بهدوء.
كان صاروخًا غريبًا لا يراه الفرسان.
لكنّه، بالتأكيد، كان واضحًا لعينيّ الدوق بينريكس.
شعـرَ آيفرت ، الذي أطلق الصاروخ من الطابق الثالث، بحركة الناس في الأماكن البعيدة، ثمّ رمى الصاروخ جانبًا.
“الآن، جلالتك، من فضلك اتبعني.”
مـدّ يده بلطف إلى روديلا، ثمّ استدار فجأةً كما لو أنّه غير مهتمّ بسلامة الإمبراطور.
فتـحَ ممرًا سريًا لم يكن حتّى الإمبراطور المحاصر في الغرفة يعرفـه.
“ههه، لم أكن أعلم بوجود مكان كهذا.”
لا يمكن تسجيل الممرّات السريّة للقصر، لذا كان على الأباطرة عبر الأجيال أن يحفظوها.
لكن، في عمليّة النقل الشفوي، فُقدت بعض الممرّات.
لكنّ رويدن كان مختلفًا.
ربّما كانوا، و هم الذين خدموا الأباطرة عبر الأجيال، يعرفون القصر أفضل من العائلة الإمبراطوريّة نفسها.
لو كان شخصًا آخر، لما كان جديرًا بالثقة، لكن…
“….”
تحوّلت نظرة الإمبراطور إلى روديلا.
طالما أنّها المرشّحة لمنصب رئيسة الوزراء القادمة، و طالما أنّها ليست من فصيل النبلاء ، فإنّ آيفرت رويدن، المربوط إليها كما لو كان مقيّدًا بطوق، سيكون أكثر مساعدي الإمبراطور موثوقيّة.
―طق.
بعد لحظة، اختفى الإمبراطور، الذي ارتدى بدلاً من ملابسـه الفاخرة ثياب القاتل السوداء، داخلَ الممـرّ.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 118"