استوعب فرسان الزّرق الوضع بسرعة بعد لحظة من الحيرة.
كانت مسؤولة الشؤون العامة مصابة في ذراعها، مما يعني أنها لم تكـن قادرة على السباحة.
لمنـع التيارات من جـرّها، لم يكن هناك خيار آخر.
لكن بالطبع، لم يكن بإمكان أي أحدٍ منهم ارتكاب فعل “خسيس” مثل ربط خطيبتـه بحبل مع الآخرين، أليس كذلك؟
إذن، كان هناك جواب واحد فقط.
“ارفعي ذراعـكِ قليلاً من فضلك.”
“حسنًا.”
بينما كانت روديلا تتلقى العلاج، كان طول السلسلة في الأصفاد المحسّنة مُعدّلاً ليكون كافيًا.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان بإمكانها تحريك ذراعها بطبيعية عند الحاجة، مما يسمح بمرور الأشياء بين الأصفاد السحرية.
تسرّب الإعجاب من أفواه الفرسان.
“كما هو متوقّع…”
هل يمكن أن يكون الحـبّ العميق بين اثنين متزامنًا إلى هذه الدّرجـة؟
بالطبع، الفرسان الكبار الذين جربوا الأصفاد من قبل كانوا يعرفون أن هذا ليس السّبب، لكنهم تظاهروا بعدم المعرفة.
و في خضمّ ذلك، كانت روديلا تشعر بالحرج.
“…..”
على الرّغمِ من أنها لفّـت الجرح بقماش لإيقاف النزيف، إلا أن دخول مياه البحر إلى الجرح تسبّب في ألـمٍ كبير.
لكن الألم لم يكن ملحوظًا بقدر ما كانت أعصابها مركّزة على الأصفاد.
‘أن أكون ملتصقة طوال اليوم بشخصٍ يحاول تجنّبني.’
قال فيليكس إن صنع المفتاح سيستغرق بضعة أيام، أليس كذلك؟
هذا يعني أنه حتى يصنع المفتاح، سيتعيّن عليها تحمّل المواقف المحرجة التي مـرّت بها آخر مرّة ارتدت فيها الأصفاد.
“هاه.”
زفرت باختصار.
تذكّرت متأخرًا أنها شعرت بالانجذاب إلى آيفرت في ذلك الوقت، و لهذا كانت متوترة و كان قلبها يخفق بشـدّة.
أدركت أنه كان شخصًا مميزًا بالنّسبة لها منذُ وقتٍ مبكر أكثر مما كانت تظن.
و هذا جعلها أكثر حزنًا.
كم كان من الأفضل لو لم تكن تعرف ذلك حتى الآن.
لو كان الأمر كذلك، لما شعرت بهذا الإحراج معه.
شعرت بضربات قلبها القوية و كأن قلبها يخونها.
أطلقت نفسًا مرّةً أخرى.
لكن كان عليها قول ما يجب قوله.
“شكرًا لكَ اليوم. بفضلـكَ نجـوت.”
التقت عيناها بعينيّ آيفرت.
لقد قفزَ إلى سفينة مليئة بالانفجارات الكبيرة و الصغيرة دونَ تردد لإنقاذها.
كان يتصرّف كما لو أنه لا يريد أن يـراها مرّةً أخرى، لكنه خاطـر بحياته لإنقاذها عند الخطر.
ما الذي في قلبـكَ، إذن؟
في المقابل، أجابَ آيفرت بهدوء تام:
“نجوتِ بفضل قدراتـكِ. رويدن مدين لكِ.”
لأن الأشخاص الذين سيكونون أدلة لإسقاط بينريكس موجودون هناك.
“احم.”
سعلَ النبلاء الذين كانوا يتلقون العلاج معها.
بالطبع، كانت الأيدي التي تعالجهم أكثر خشونة بكثير مقارنة بتلكَ التي تعالج روديلا.
“آه! هل تعاملونني هكذا لأنكم تعرفون إن كنت من المحايدين أو فصيل النبلاء؟”
“لقد ذهبَ المحايدون إلى الغرفة بالفعل.”
أغلق النبيل فمـه، عاجزًا عن الرد.
نظرَ آيفرت إلى النبيل و قال:
“المشكلة هي الأدلة المادية…”
“آه، الخزنة!”
حاولت روديلا النهوض وهي تتذكر، لكنها جلست مجدّدًا بسرعة.
“سأحضرها!”
بفضل فارس سريع الحركة، أُحضرت الخزنة في لحظة.
على الرّغمِ من أنها خزنة صغيرة، إلا أنها لم تكن خفيفة بما يكفي لتُحمَـل بسهولة.
لكن في يـد الفارس، بـدت و كأنها ورقة.
“أحضرتها، لكن… لا يوجد مفتاح لفتح الخزنة.”
لقد بذلوا قصارى جهدهم لجلبها خوفًا من أن يُلقى بهم في البحر إذا أسقطوها.
لكن كيف سيفتحون خزنة بدون مفتاح؟
أمسك النبيل ذراعه المرتجف بوجه كئيب.
عندها، أخـذَ آيفرت الخزنة…
―ززيك!
و قـام بتمزيقها.
“….؟؟”
اتّسعـت أعين النبلاء بدهشة من المشهد غير المعقول.
هل هذا صوت يمكن أن يصدر من خزنة معدنية؟
تمتمَ أحد النبلاء و هو ينظر إلى الخزنة الممزقة و المشوّهة كما لو أن المعدن لم يكن متينًا:
“كانت… مصنوعة بشكلٍ خاصّ…”
لقد حملوها بعناية على أمل أن تكون العقود بداخلها دليلاً إذا حاول بينريكس التنصّل.
لكن أن يتمّ تمزيقها كما يمزَّق الورق؟
سأل آيفرت النبلاء المذهولين بصدق:
“هل صُنعت خصيصًا لتكون مقاومة للماء؟ حسنًا، لم تتبلّل.”
“…..”
ضحكت روديلا رغمًا عنها على كلامه.
* * *
انتهى العلاج بينما كانت السفينة تتّجه إلى الميناء.
و عندما انتهت عملية أخذ إفادات النبلاء الذين أعلنوا أنهم سيكونون شهودًا، وصلت السفينة إلى الميناء.
“نائب القائد!”
لكن الميناء كان صاخبًا بطريقةٍ ما.
لم يبـدُ أن هناك أخبارًا جيدة…
من المؤكّد أن صوت الانفجارات سُمـع في الميناء.
لكن بدلاً من الاحتفال بنجاتهم، أصبح الميناء أكثر اضطرابًا بمجرّد تأكيد عودة الفرسان.
“ما الأمر؟”
سأل آيفرت بمجرّد أن وضع قدمـه في الميناء.
اقترب منهم عدد من فرسان الزّرق بسرعة.
رأت روديلا بوضوح رودين و هو ينحني من فوق شجرة بعيدة.
حتى هو بـدا وجهه قلـقًا.
ما الذي يحدث؟
في تلكَ اللحظة، قال أحد الفرسان بلهفـة:
“جلالة الإمبراطور…!”
اتسعت أعين الاثنين عند سماع الكلمات التالية.
* * *
هناك أقارب يتعاملون مع بعضهم بحرية دونَ النظر إلى المكاسب أو الخسائر بسبب صلة الدم، وهناك آخرون لا يمكنهم أن يكونوا مقربين بسبب تلك الصلّـة.
كان هذا هو الحال بين الإمبراطور الحالي و عمّـه، الدّوق بينريكس.
لو أن الإمبراطور السّابق، الذي كان في حالة حرجة، نقـلَ العرش إليه بدلاً من الإمبراطور الحالي الذي كان صغيرًا آنذاك، لما كان فصيل النبلاء يتجاهل السلطة الإمبراطورية كما يفعل الآن.
لكانت الإمبراطورية أقوى بكثير.
“يا له من خيار أحمق.”
كان من الأفضل لو مـات ابن أخي. لكان ذلك أريح للجميع.
كان هذا ما فكّـر فيه حتى عندما كان الإمبراطور السابق على قيدِ الحياة.
لم يكن الإمبراطور السّابق يعرف، لكن يبدو أن الإمبراطور الحالي، الذي كان صغيرًا آنذاك، كان سريع البديهة.
“يبدو و كأن الوقت الذي كنتَ تبكي فيه خوفًا من عمّـكَ هذا كان بالأمس، و الآن…”
―جلجل.
صدى صوت سكب النبيذ في الكأس بوضوح في الغرفة.
كانت الغرفة الواسعة، التي تبدو مفتوحة، حديقة داخلية يعتني بها الإمبراطور كهواية.
“لقد كبرتَ لدرجة أنّـكَ أصبحتَ تشرب معي. الزمن قاسٍ.”
ابتسم دوق بينريكس.
بعد أن سكب النبيذ في كأسين، أشار بأدب إلى الإمبراطور.
كان يعني له أن يختار الكأس التي يريدها.
من الخارج، بـدا الأمر كجزء من متعة جلسة الشرب، لكنه في الواقع كان موقفًا يعكس الحذر المتبادل.
يمكن لأحدهما أن يضـع السم في إحدى الكأسين، لذا كانوا يتأكّدون من أن الذي يسكب و الذي يختار شخصان مختلفان لمنـع أي خدعة.
كان الإمبراطور يعرف ذلك، فأضاءت عيناه بحذر.
رأى الدٌوق ذلكَ، و ضحك في سـرّه.
‘ابن أخي سريع البديهة.’
كان عليه الآن أن يعترف أنه خُـدع لفترةٍ طويلة بالإمبراطور الذي ظنّـه مجرّد مغفّل.
مَـنْ كان يظن أن رويدن سيكبر بهذا الشكل في ظل هذا الثعلب المتظاهر بالغباء؟
“أعتقد أن هذه الكأس جيدة.”
بعد لحظة، اختار الإمبراطور كأسًا.
كان ذلك بعد التأكّد من أن السوار الذي يرتديه، والذي يتفاعل مع السموم القريبة، لم يُظهر أي رد فعل.
هـزّ الدّوق كتفيه و رفع الكأس الأخرى.
“حسنًا، تفضّل.”
―بلع.
كان موقفه و هو يتذوّق النبيذ بلا تردد وكأنه لم يتمّ العبث به، موقفًا واثقًا تمامًا.
ضيّق الإمبراطور عينيه.
كان بينريكس دائمًا هكذا. كان يزور العائلة الإمبراطورية فقط بما يكفي لعدم إثارة الشبهات.
لو سمع شخص عادي لا يعرف الحقيقة حديثهما، لظنّ أنهما قريبان يتمتّعان بعلاقة جيدة.
لكن الحقيقة كانت مختلفة.
كانت هذه الجلسة، تحت ستار تعزيز الروابط، فرصة لمراقبة بعضهما البعض و استكشاف نوايا الآخر.
لذا، كان الإمبراطور يشعر بعدم الارتياح في هذه الجلسة.
كان يأمل سرًا ألا يأتي الدّوق، وخاصة بعد أن بدأ رويدن بالتحرّك بجدية، ظـنّ أنه سيجـد عذرًا للغياب.
بما أن هناك توترًا بين فصيل الإمبراطور و فصيل النبلاء، كان يظن أن الدّوق لن يفعل شيئًا يمكن أن يُستغل ضـده.
“هذه الحديقة الداخلية دائمًا منسّقة. تجعلني أنسى الطقس في الخارج، جلالتك.”
لكنه لم يتوقّف عن زيارة هذا المكان بشكلٍ دوري، و كأن شيئًا لم يحدث.
“إذن، هل لا تزال تخاف من عمّـكَ هذا، جلالتك؟”
كان هذا سؤالاً يطرحه الدّوق كثيرًا.
هـزّ الإمبراطور رأسه كعادتـه.
“كيف يمكن ذلك؟”
“لقد افتقدتُ ابتسامة ابن أخي كما في صغره، أشعر بالفراغ.”
كانت هذه أيضًا نكتة ليست بنكتة حتّى ، يردّدها دائمًا.
“مهما كانت الابتسامة موجّهة لمن، هل يمكن أن تكون ابتسامة طفل بريء مثل ابتسامة شخص بالغ فاسد؟”
ردّ الإمبراطور بنفس الكلمات كما اعتاد.
كان يعرف الردود التالية التي قد تأتي. ربّما عن هوايته في الحديقة رغمَ أنه لم يكن مهتمًا بها، أو عن تخلّيه عن اهتمامه بالسيف، أو عن ضرورة الحركة من أجل الصحة…
لو سمع أحد ذلك، لظنّ أنه عـمّ يحبّ ابن أخيه بشـدّة.
تساءل الإمبراطور عن الرد الذي سيأتي اليوم، وعندما فتح فمـه ليتحدث…
―هوو.
هبّت نسمة خفيفة في مكان يُفترض أن يكون خاليًا من أي اهتزاز، كما لو أن الزمن توقّف.
هل فُتـح الباب؟
لا يوجد مَـنْ يجرؤ على فتح الباب دون طرق أثناء قضائهما الوقت معًا.
―سوو.
لكن في اللحظة التالية، فتحَ الإمبراطور عينيه بدهشة.
رأى ورقة شجر كبيرة تهتزّ، لكن لم يكن ذلك بفعل الريح.
“…..!”
ربّما بسببِ تركيزه الشديد على ذلك…
أدرك متأخرًا أنها سلاح سري يطير عبر الورقة.
بينما حاول حماية نفسه بذراعه متأخرًا…
“جلالتكَ!”
سُمع صوت صرخة الدّوق بينريكس ، وكأنه مصدوم وهو ينظر إلى نفس الاتجاه.
―باك!
صدى صوت شفرة تخترق جسدًا بشريًا بوضوح في الحديقة.
فتح الإمبراطور عينيه بدهشة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 112"