على عكس الآن، لم يكن يتحكّم بقوّته إطلاقًا، حتّى أنّه تسبّب في تصدّع أعمدة المباني.
“الآن، جرّب لوحدك.”
أخرجتْ روديلا يدها بحذر.
وفي اللّحظة التالية مباشرة…
―طقطقة!
تحطّمت بيضة أخرى.
لم تتفاجأ روديلا، بل أعادت يدها تحت يده بهدوء.
“مرّةً أخرى.”
كان التدريب، من بعض النواحي، قد يبدو مضحكًا.
لكنّ السبب في أنّ آيفرت لم يتفاجأ بهذا التّدريب منذ البداية هو أنّه كان التدريب ذاته الذي أمرته به روديلا في طفولتهما للسّيطرة على قوّته.
في ذلكَ الوقت، كان كارثة بشريّة، لا يستطيع حتّى الإمساك بالقلم دونَ أن يمزّق الكتاب، أو يحطّم المكتب، أو يشقّ أرضيّة السكن الجامعي.
“…..”
تلامست أيديهما مرّةً أخرى، و بعد أن ساعدته روديلا عدّة مرّات ثمّ أبعدت يدها، لاحظت أنّ آيفرت، بدلاً من التقاط البيضة، كانَ يحدّق بها.
بخلاف الطفولة، و بخلاف المعتاد، كان وجهه متصلبًا قليلاً.
“لماذا؟”
بعد سؤالها، ظلّ آيفرت صامتًا لفترة طويلة، ثمّ مدّ يده نحو البيضة دون أن يرفع عينيه عنها.
―فرقعة!
توقّفتْ أطراف أصابعه بعد أن شقّت السّلة إلى نصفين تقريبًا.
“لقد نسيتُ كلّ ما علّمتِـني إيّاه.”
“ماذا؟”
رفعتْ روديلا حاجبيها، بينما سألها آيفرت بنبرة هادئة:
“هل ستعلّمينني من جديد، كما فعلتِ آنذاك؟”
ثمّ ابتسمَ بهدوء.
―ضربة!
ضربت روديلا ظهره بقوّة.
“أنت تتظاهر بأنّكَ لا تعرف، أليس كذلك؟”
“قبضتُ عليكَ!”
بعد عشر سنوات من معرفته، لم يكن ليخفى عليها أمرٌ كهذا.
“تحدّثْ بصدق، و إلّا!”
فانفجر آيفرت ضاحكًا.
في نهاية ضحكته الصافية، مدّ يده نحو البيضة مجدّدًا.
ومنذ تلكَ اللحظة، لم تتحطّم بيضة واحدة.
كأنّه أصبحَ شخصًا آخر.
“أنت لم تنسَ شيئًا، أليس كذلك؟”
قدّمت روديلا الفرضيّة الأكثر منطقيّة في هذا الموقف.
لو لم يكن يتظاهر بالنسيان، لما تحسّنَ أداؤه بهذه السرعة.
“كنتَ تلعبُ بي، أليس كذلك؟”
عندما سألته مجدّدًا، ضحك آيفرت مرّةً أخرى.
“لا، لقد نسيتُ حقًا.”
ثمّ أضاف:
“حتّى هذه اللحظة.”
عندها، أمسكتْ روديلا بمؤخرة رقبته.
“إذن، أنتَ كنتَ تلعب بي!”
“إذن، فسببُ نجاحكَ المفاجئ يعود إلى ضربي لك لهذا تذكّرتَ الطريقة؟”
“يبدو الأمر كذلك.”
كان جواب آيفرت وقحًا كعادته.
“حسنًا، إذن!”
“فلنضربكَ أكثر.”
رفعتْ روديلا يدها، فتفادى آيفرت المكان بسرعةٍ وكأنّه يقفز.
“لا تهرب!”
“سأعلّم هذا الوغد درسًا، آه!”
* * *
في تلكَ اللّيلة.
“ساقاي تؤلمانني.”
أصدرتْ روديلا أنينًا وهي تطرق ساقيها.
يبدو أنّ الانحناء مع آيفرت تسبّبَ بهذا.
“هذه هي أضرار العمل المكتبي. اللياقة و العضلات تضعفان.”
لم تكن ترغب أبدًا بأن تكونَ نقطة ضعف أو عبئًا على أحد، لذا لم تتهاون روديلا أبدًا في تدريب لياقتها.
بالطبع، مقارنة بالفرسان المحترفين، قد يكون مستواها متواضعًا، لكن بين أشخاص القسم الإداري، كانت الأكثر حيويّة.
بل و أكثرَ من ذلك!
في الأكاديميّة، كانت دائمًا من الأوائل في المجالات العمليّة التي تتطلّب استخدام الجسد.
بالطبع، في مجالات مثل المبارزة، كان آيفرت المتفوّق بشكلٍ ساحقٍ يحتلّ المركز الأوّل، لكن في المهارات الأخرى، كانت واثقة أنّها ضمن أفضل خمسة.
“…ومع ذلك، تحسّنت الأمور كثيرًا الآن.”
تذكّرتْ روديلا آيفرت في أيّام دراستهما.
في ذلكَ الوقت، كانَ حقًا تجسيدًا للكارثة.
كلّ ما يلمسه، سواء أشخاص أو أشياء، كان مصيره التحطّم أو الكسر على الأقل.
بسببِ الشّائعات التي انتشرت قبل بدء العام الدراسي، لم يقترب منه طلاب الأكاديميّة من العاصمة و المناطق القريبة.
مع وفاة الدّوق السابق، وحالة الدوق الشاب هذه، توقّع الجميع انهيار عائلة رودين.
لكن روديلا، التي جاءت من منطقة سيفريك الحدوديّة البعيدة عن العاصمة، لم تكن تعرف تلك الشائعات.
“لم أتأخّر!”
وصلتْ إلى الفصل قبل ثوانٍ من بدء الدرس و جلستْ، فتذكّرت بوضوح وجه آيفرت، الذي كان يجلس بجانبها و ينظرُ إليها بذهول.
الآن، هو يشعر بالغرابة إذا لم تكن بجانبه، لكن في ذلكَ الوقت… بشكل مفاجئ، كان شخصيّته خجولة نوعًا ما.
“من هذه؟”
“أليست تلكَ الفتاة التي حصلت على المركز الأوّل في امتحان القبول؟ كانت ممثلة الطلاب في حفل الافتتاح…”
“لكنّها تجلسُ بجانبه؟”
“ربّما تريد أن تبني علاقة مع عائلة رويدن.”
في ذلكَ اليوم، وُصمتْ روديلا بأنّها فتاة من أسرة نبيلة متدنية تحاول، رغم المخاطر، أن تبني علاقة مع عائلة رويدن.
لم تكن تعرف أنّ الفتى الخجول ذو الشعر الأشقر الجالس بجانبها هو آيفرت رويدن، الوريث المستقبلي لدوقيّة رويدن، و”تجسيد الكارثة” الذي قيل إنّه سيَموتُ تحت أنقاض المباني التي يحطّمها بنفسه.
في ذلكَ اليوم، التقيا للمرّة الأولى.
بعد ذلكَ اليوم، لم تبعد روديلا نفسها عن آيفرت، رغم رؤيتها لتحطّم المكاتب و تمزّق الكتب بيده. كان ذلك بدافع العناد.
“هي تريد الموت، أليس كذلك؟”
“حسنًا، بالنسبة لفتاة من الريف، الطريقة الوحيدة لـلفتِ الانتباه هي بناء علاقة مع عائلة نبيلة.”
لم ترغب أبدًا في النزول إلى مستوى أولئك الذين كانوا يتهامسون عنها وعن آيفرت دون اكتراث.
“هل تفعل هذا عن قصد؟”
سألتْ روديلا الصّغيرة للتأكّد، فأجاب آيفرت وهو يخفض رأسه:
“…أنا آسف.”
هل مَن يعتذر سيحطّمُ الأشياء عمدًا؟
كانت تعتقد أنّ السحرة الموهوبين يدمّرون سقف منازلهم عن غير قصد في طفولتهم، وأنّ آيفرت ليس إلّا شخصًا يملكُ موهبة زائدة.
لذا، اقترحت عليه:
“هل تريدُ أن نتدرّب معًا على التحكّم بالقوّة؟”
…بالطبع، كان هناكَ سبب آخر، وهو أنّ جلوسها بجانب آيفرت في اليوم الأوّل جعلها تفقد كلّ أصدقائها، فلم يبقَ لها سواه كصديقٍ محتمل لها.
سبب صغير جدًا، حقًا.
“ستتأذّين.”
لكن آيفرت رفض اقتراحها خوفًا عليها.
في تلكَ اللحظة، شعرت روديلا بانزعاجٍ مفاجئ.
“لا تعطِني هذا الوجه المستسلم. إذا كان الآخرون يتحدّثون عنكَ بسوء، اجعلهم بلا حجّة، لا تنكمش و تتقبّل كلامهم.”
تذكرت روديلا الآن، كلماتها الذكيّة التي قالتها وهي في التاسعة و شعرت بالإحراج، لكنّها على الأقل أثّرت في آيفرت.
“…هل يمكنكِ حقًا مساعدتي؟”
“هذا أفضل من عدم محاولتنا.”
ربّما تبعها بسبب كلماتها غير المسؤولة.
وهكذا بدأ تدريبهما.
جلبتْ دفترًا فارغًا لتدريبه على قلب الصفحات واحدة تلو الأخرى، وحتّى على احتضان دمية دبّ لطيفة أثناء النوم.
في البداية، كان يحطّم المكتب الذي يوضع عليه الدفتر، و يستيقظ في الصباح ليجد رأس الدمية مفصولاً عن جسدها، لكنّ آيفرت بدأ يتغيّر تدريجيًا.
عندما نجح أخيرًا في قلب صفحات الدفتر بشكل صحيح بفضل التدريب…
“ماذا؟”
عندها فقط، علمتْ روديلا بهويّة آيفرت الحقيقيّة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 11"