هذه المرّة، لم تُنقل إلى المستشفى لأنّه لم يكن هناك إصابة خارجيّة. فتحت عينيها لتجـد نفسها في غرفة بمقرّ الفرسان. المشكلة كانت أنّ المقرّ كان أكثر ضجيجًا من المعتاد.
و السّبب كان:
“هذا سخيف!”
“لا تتحدّث بكلام فارغ!”
“انتبه لكلامك!”
“قُـل لهؤلاء الرّجال أن ينتبهوا لكلامهم أوّلًا!”
كان جدالًا قريبًا من الشّجار.
عبست روديلا و جلست.
ثمّ.
“تعليق عمل القائد؟ قُـل لهم أن يتوقّفوا عن التّفوه بمثل الكلام السّخيف!”
بينما كان رأسها لا يزال مشوّشًا ، سمعت خبرًا حتّى لو كانت في حالة ذهنيّة صافية لكانت ستجده سخيفًا.
مـاذا؟!
* * *
“نائب القائد، تـمّ تعليق عمل القائد لاتيني!”
“لقد سمعتُ عن ذلك.”
وصلت الأخبار إلى آيفرت أيضًا.
كان قد انزوى في مكتب نائب القائد بعد أن تأكّـد من الأطبّاء أنّ روديلا بخير. في البداية، تساءل هو أيضًا معتقدًا أنّ هذا الكلام سخيف.
من المحتمل أن روديلا أيضًا ستجـد هذا الكلام جنونًا إذا علمت بـه…
“مـاذا يعني ذلك؟”
آه، نعـم.
لقد علمت بـالأمر.
كما توقّـع تمامًا.
من بعيد، خارج مكتب نائب القائد، سُمـع صوت نافذة تُفتح فجأة، تبعـه سؤال روديلا المصدوم.
و جاء ردّ مشابه لما سمعتْـه من الفارس الواقف خلف آيفرت.
“اعتبارًا من هذه اللحظة، ليس فقط ممنوعًا من الاقتراب من المقرّ و الفروع، بل هو ممنوع أيضًا من الاقتراب من أيّ فارس بشكلٍ شخصيّ.”
كان هذا يعني أنّه لا يمكنـه حتّى زيارة أراضي الفرسان.
ضيّـق آيفرت عينيه.
بمعنى آخر ، هذا يعني أنّ تحرّكات الفرسان الزّرق مقيّدة، ناهيك عن تحرّكات لاتيني موديلاك نفسه.
“ألم تقـل أنّ تدقيقًا قد بـدأ في قصر القائد؟”
“نعم. يقولون إنّه تـمّ في لحظة بشكلٍ مفاجئ.”
عند هذه الكلمات، ضيّق آيفرت عينيه.
“مكتب الإدارة…”
كانت رئيسة القسم هي الوزيرة أميريس، ولكن بالنظر إلى أنّ غالبيّة القسم كانت من الفئة الأرستقراطيّة، كان من المدهش أن تمتلك هذا القدر من السّيطرة.
حتّى الآن، إذا اختلفت إرادة مكتب الإدارة بأكمله عن إرادة أميريس، كانت الأقسام الخارجيّة لا تزال تعطي الأولويّة لإرادة أميريس.
كان هذا مختلفًا عن موقف لا يمكنهم فيه تجاهل الأصوات الأعلى للنبلاء في الأمور المتعلّقة بالنبلاء.
لكن المشكلة تكمن في أنّ أميريس لا يمكن أن تكون متورّطة في هذا الأمر.
حتّى لو لم يلتقيا الآن بشكلٍ خاص، إلا أن النبلاء دائمًا ما كانوا يحاولون إسقاطها من السّلطة من خلال استحضار صداقتها القديمة مع لاتيني و اتّهامها بمنحـه معاملةً خاصّـة.
علاوةً على ذلك، كانت إحدى الواجبات الرئيسيّة لمكتب الإدارة هي مراقبة الفرسان منذُ البداية.
هذا يعني، أنّ “مداهمة” مكتب الإدارة لقصر موديلاك قانونيّة تمامًا.
و قد كانت مفاجأة كاملـة.
لأنّه لم يكن هناك أحد في مكتب الإدارة جريء بما يكفي ليفكّر في مداهمة قصر قائد الفرسان.
مَـنْ سيجرؤ على فعل شيء “ممكن تقنيًا بالسّلطة و لكن يُخشى من عواقبه”؟
لو لم يكن الوضع السّياسيّ كما هو الآن.
“…..”
في تلكَ اللحظة، ضيّق آيفرت عينيه.
يبدو أنّ روديلا قد نزلت بالفعل إلى الطابق السّفلي، إذ رآها تركض خارج المقرّ.
“…..!”
انتفض آيفرت و بـدأ يتبعها دونَ وعي، لكنّه توقّف.
ثمّ قبـض يـده و سحبَ السّتائر.
—وشش!
يجب أن تكون نوافذ مكتب نائب القائد التي أصبحت مضيئة فجأة، مرئيّة حتّى من بعيد.
على وجـه الدّقة، كانت مرئيّة لحرّاس مكتب الإدارة في الخارج، الذين لا يمكن إلا أن يكونوا مدركين له.
—…!
بالفعل، انتفض الحارس خارج النّافذة بوضوح بعد أن التقى بنظرات آيفرت.
و سرعان ما وصلت روديلا أمامه.
أخذت نفسًا و كانت تبدو وكأنّها على وشكِ مغادرة المقرّ.
من المحتمل أنّها كانت متّجهة إلى حيث كان السّير لاتيني.
آيفرت، الذي كان يحدّق بهم و ذراعاه متصالبتان، لم يُحوّل نظره بعيدا إلا بعد أن مـرّت روديلا بأمان.
وفي النّهاية، لم يغادر الغرفة.
* * *
في الوقت الذي انتهت فيه حرب الوحوش، كان الإمبراطور و رئيسة الوزراء أميريس قد خلقا وسائل كافية لمراقبة و قمع القوّة المتزايدة للفرسان بسرعة.
إحداها كانت إدارة الفرسان من خلال تعيين مسؤول من مكتب الإدارة.
حتّى لو كان الإمبراطور نفسه هو القانون، إلا أنّ هذا القانون يمكن أن يقيّدهم في اللّحظات التي لا تصـل إليهم عيناه.
كان نظامًا يتيح المراقبة المستمرّة للجيش ما لم يكن هناك حالة طوارئ.
طبعًا، كان الفرسان خاضعين لتدقيقات دوريّة و غير دوريّة.
المشكلة كانت أنّ هذا لم يشمل قصر القائد أبدًا.
و ذلكَ أصابهم في نقطة ضعف.
كان رايان ديفيلت، الذي نفّـذ المهمّة، يبتسم بسعادة بالغة.
“لقد قمـتَ بعمل رائع. أحسنـتَ.”
لأنّ دوق بينريكس كان راضيًا جدًا.
لن ينتهي به المطاف مثل ماليك بران!
كانت تلكَ اللحظة التي تألّقت فيها رغبته في البقاء.
تدقيق قصر لاتيني موديلاك.
كان قد خطّط أصلًا لإيجاد عيب صغير لتعطيل عمل فرقة الفرسان الزّرق.
لكن انظروا لهذا، لقد وجدوا شيئًا كبيرًا، و لكن ليس كثيرًا.
أعضاء مكتب الإدارة الذين دخلوا للتدقيق قد ابتلعوا الطّعم تمامًا.
“نفقات الطّعام مرتفعة جدًا مقارنة بعدد الخدم.”
كانت مرتفعة جدًا!
بما أنّ الطّعام الذي يأكلـه النبلاء كان باهظ الثّمن، كان من الطّبيعيّ أن يكون كذلك، لكن المشكلة كانت أنّ لاتيني موديلاك لم يكن من الذين يستمتعون بالرفاهية و نادرًا ما يدعو ضيوفًا إلى قصره.
و هل سيشارك نبيل طعامًا باهظ الثّمن مع خدمه؟
بالطّبع، كان لاتيني شخصًا يشارك، لكن أعضاء مكتب الإدارة، الذين يكونون نبلاء بالولادة، لم يكن بإمكانهم فهم ذلك.
“ألم يحضر فرسانًا بشكلٍ خاص لإطعامهم؟!”
عند هذا الاتّهام، قالت أصغر خادمة في عائلة موديلاك،
“هم يأتون أحيانًا، لكن ليس بنيّـة سيّئة…”
بما أنّها أضافت ذلك، أصبح شخصًا أحضر أشخاصًا و أطعمهم على أيّ حال.
بمعنى آخر، أصبح قائد فرسان ” شخصًا التقى سرًّا بالفرسان و كـوّن علاقات معهم”.
و نجـحَ الفصيل الأرستقراطيّ في مكتب الإدارة، بما في ذلكَ رايان، من تضخيم الأمر على النّحو التالي:
“كيف يمكن للفرسان الزّرق، الذين يجب أن يطيعوا أوامر الإمبراطور فقط، أن تكون لهم علاقات خاصّة؟!”
“إذا أصبحوا أقرب كثيرًا بشكلٍ خاص، ألا يمكن أن يتمّ تحضير القوّات لاحقًا لأمور خاصّة بعائلة موديلاك؟!”
لم يكن لدى لاتيني أيّ نيّة لتعبئة القوّات بشكلٍ غير قانونيّ، ناهيك عن تعبئة الفرسان بشكلٍ خاص، لكن ذلك لم يكن من شأن الفصيل الأرستقراطيّ.
“علينا أن نؤكّد لأيّ غرض و كم مرّة تناولوا الطّعام معًا.”
و لاتيني، الذي سمـعَ هذه السلسلة من الهراء، أصبح غاضبًا في النّهاية.
ألا تأكلون أنتم أيضًا؟!
هل من الجريمة إطعام الأطفال شيئًا؟!
لكنّه بالكاد تمكّـن من كبح هذه الكلمات.
كان ذلك بفضل نصيحة صديقتـه أميريس، التي بقيت عالقة في ذهنـه حتّى عندما كان غاضبًا تمامًا.
“إذا كنتَ لا تريد الوقوع في مشاكل سياسيّة أو قانونيّة، فمن الأفضل أن تكبح الكلمات التي تتبادر إلى ذهنكَ عندما تكون غاضبًا.”
بفضلِ ذلك ، فشلت الخطّة الثّانية للفصيل الأرستقراطيّ، و التي كانت تتمثلّ في “استغلال أيّ صدام يحدث عندما يـردّ لاتيني.”
لكن الفصيل الأرستقراطيّ ألصـق كلّ أنواع الاتّهامات الأخرى.
“و هل يتـمّ تمويل هذه الجوائز بشكلٍ صحيح من الأموال الدّاخليّة للفرسان؟”
كانوا يتحدّثون عن الأموال التي تُعطى للفرسان عندما يقلّلون من أضرار الممتلكات.
بالطّبع، كانت قد سُجّلت بشكلٍ مثاليّ في الدّفاتر، لذا لن تكون هناك مشاكل، لكن مكتب الإدارة استولى عليها مع ذلك.
ادّعوا أنّ إعطاء المال بهذه الطّريقة كان مريبًا.
على الرّغمِ من أنّ الفرسان الحمر كانوا يأخذون أموال الإمبراطورية و يتقاسمونها بينهم كجوائز.
لذا كانت الخلاصة التي خرجت هي:
“حتّى يتـمّ توضيح الشّبهات حول السّير لاتيني موديلاك، قائد الفرسان الزّرق، عن أمر استخدام القوّات بشكلٍ خاص، يجب منع تواصله مع الفرسان و تعليق قيادتـه.”
و الشّخص الذي تلقّى التّقرير الضّخم الذي قدّمـه رايان و قال ذلك كان،
“…سأتحقّق من هذا الأمر.”
كانت أميريس.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 101"