عندما ابتعدتْ عَن مكانِ وقوفها، ظهرتْ أكوامٌ من سلالِ البيض المكدّسة خلفها.
كانت هناكَ هالةٌ مظلمة تنبعثُ منها و هي تَبتسم.
شحبت وجوه الفرسانِ قليلاً بسببِ الأجواء غير العاديّة.
نظرتْ روديلا إليهم وفكرت.
على عكس فرقة الفرسان الحمراء، التي تقبل فقط من لديهم خلفيات مميزة ومهارات أساسية مثبتة،
كانت فرقة الفرسان الزرقاء تعتمد في الغالب على اقتراحات القائد لاتيني بناءً على “الإمكانيات”.
وكانت هذه الإمكانيات غالبًا تتمثل في القوة الفطرية، أو الطاقة، أو الشخصية.
الفرسان الذين انضموا بهذه الطريقة اعتادوا على استخدام قوتهم الهائلة للتعامل مع المجرمين العنيفين،
مما جعلهم يواجهون صعوبة في التحكم الدقيق بقوتهم.
بالطبع، تحسّنوا بالتدريب مقارنةً بما كانوا عليه عند انضمامهم، لكن كان هناك حدّ للتحكم الدقيق.
وكانت التّدريبات على ذلك تكلّف الكثير.
لكن، ماذا لو بدأوا التدريب باستخدام أشياء يومية مثلِ البيض؟
بدلاً من تدمير الجدران أو مقابض سيوف الآخرين لتعلم التّحكم بالقوة، ألن يكون هذا أرخص بكثير؟
ابتسمت بثقة.
ستحوّل هؤلاء الثيران المدمّرة إلى بشر، وستحسّن أداء فرقة الفرسان الزّرق.
و ستحقق إنجازات مطلقة لا يمكن لأحد في إدارة الشؤون العامة انتزاعها منها!
أمسكت قبضتها بقوة.
* * *
ريان ديفيلت.
الابن الأكبر لعائلة ماركيز ديفيلت، كان الشّخص الذي يدعمه فصيل النبلاء التقليديّ بقيادةِ دوقية بينيريكس ليكونَ الوزير القادم.
إدارة الشؤون العامة، التي تُشرف عليها الوزيرة مباشرة و تكون فوق جميع الأقسام في القصر الإمبراطوري.
كان ريان ديفيلت يحقّق أفضل النتائج في الإدارة مؤخرًا، ولم يكن هناكَ شيء يعيقه.
لو استمرّ الأمر هكذا، كان من الطبيعي أن يصبح الوزير القادم.
لكن…
“مرحبًا، أنا روديلا سيفريك!”
فجأةً، أحضرت الوزيرة امرأة متخرجة بتفوق من الأكاديمية، وتغيّرت الأمور.
كانَ الجميع يعرف بعضهم بعضًا في المجتمع النبيل. بدأت الأجواء المريحة التي كانوا يعملون فيها وفقًا لتسلسل النّبلاء تتحوّل إلى توتر.
كانَ ذلكَ متوقعًا، فمهما حاولوا إعاقتها أو انتزاع إنجازاتها كأمرٍ مفروغ منه، ظلت روديلا سيفريك صامدة في إدارة الشؤون العامة ولم تتركها أبدًا.
وعلاوةً على ذلك، هذه المتخرجة بتفوق من الأكاديمية، التي جاءت بتوصية من الوزيرة، تمكنت من تحقيقِ إنجازات رغم كل العراقيل.
بالطبع، وصلَ ذلك إلى أذني الإمبراطور.
لا يمكن أن يستمرَّ هكذا!
منصبي كـوزير…!
وعندما كانَ ريان يرتجف من القلق، سمع أن روديلا دخلت “ذلكَ المستنقع”.
“أخيرًا!”
أخيرًا غادرت!
ابتهجَ ريان في مكانها.
وبما أنها ذهبت كمساعدة إدارية لفرقة الفرسان الزّرق، فهذا يعني أن مسيرتها المهنية قد انتهت عمليًا.
الآن، لا يوجد أحدٌ يمكنه إعاقة طريقي نحو النجاح-!
لم يمرّ وقت طويل على تفكيره هذا.
“السيد ديفيلت، لدي شيء لأقوله.”
جاء رئيسه في إدارة الشؤون العامة، وهو من نفس الفصيل النبلاء، وألقى عليه خبرًا صادمًا.
“لقد تم تعيينكَ كمساعدٍ إداري لفرقة الفرسان الحمر. من الغد مباشرة.”
“ماذا؟”
فتحَ ريان فمه مذهولاً.
بالطبع، كانت فرقة الفرسان الحمر أفضل بمئة مرة من الفرسان الزرق، لكنها لا تزال تتطلّب العمل في الخطوط الأمامية المغبرة.
أليسَ منصب المساعد الإداري مخصصًا لأشخاص من عائلات نبيلة أقلّ شأنًا، وليس لشخصيات بارزة؟
ليس منصبًا يُعطى لموهبة مثلي، ستكون وزيرًا قريبًا؟
“لماذا أذهب إلى هناك؟”
“بالأمس، أصيبَ السيد ايريك بحادث وأصبح غير قادرٍ على العمل.”
كان ايريك المساعد الإداري لفرقة الفرسان الحمر.
“ماذا؟”
حادثٌ في الفرسان الحمر، وليس الزرق؟
“لكن لماذا أذهب أنا؟”
أليس هناكَ الكثير من الأشخاص الأقلّ مني؟
نظر ريان إلى رئيسه بوجه لا يفهم.
رد الرئيس بوجهٍ متردد:
“الأوضاع تغيّرت. من المشكوك فيه أن تحقق روديلا سيفريك إنجازاتٍ في فرقة الفرسان الزرق، لكن إذا حققت أي إنجاز، و لو بسيطًا، فإن موقفنا سيصبح في خطر.”
“كيف يمكنها تحقيق إنجازات في فرقة الفرسان الزرق؟”
“هل هذا وقتُ النقاش!؟”
غضبَ الرئيس من كلام ريان ، فعبس ريان.
عندما أصبحُ الوزير القادم، سأجعلكَ…
بينما كانَ يكبح غضبه داخليًا، تابع الرئيس:
“نحاول فقط خلق سيرة مشابهة. على أيّ حال، إدارة الشؤون العامة ستدعمك بكل قوتها، فلا تقلق كثيرًا. أتعلم أن هذا كلّه من أجلك؟”
ربما قرأ أفكار ريان، أو فكّر في مستقبله متأخرًا، لكن صوته أصبح أكثر ليونة.
“يوجد خلفكَ الدوق بينيريكس الداعم القوي.”
تردّدَ الهمس السريّ بينهما فقط.
لكن قول ذلك في هذا التوقيت بالذات…
ابتلعَ ريان ريقه.
يعني أن الرّفض قد يدفعهم للبحثِ عن مرشّحٍ آخر للوزارة.
أومأ ريان برأسه أخيرًا.
“…حسنًا.”
أنا، بهذا العمر و هذا اللقب، أعمل كمساعدٍ إداري لفرقة الفرسان الحمر!
تذمر ريان داخليًا وبدأ بحزم أمتعته.
وفي مكانٍ قريب، تلاشى ظلٌّ كثيف كما لو أن لونه يبهت.
بعد قليل، انتقلَ صاحب الظل كما لو أنه يذوب في الظلام، وأبلغ عن نقل ريان إلى مكتب نائب قائد فرقة الفرسان الزرقاء.
مع مذكرة سريّة تفيد بأنّ الأمور تسير وفق “الخطة”.
* * *
في هذه الأثناء، في ميدان تدريب فرقة الفرسان الزرق.
بعد ساعاتٍ من بدء تدريب التعامل مع البيض، عندما كان غروب الشمس يعم.
غادر معظم الفرسان بعد أن أدركوا “التنوير” ونجحوا في المهمة.
بقيَ شخص واحد فقط.
―قرقشة!
―…قرقشة!
آه، تلكَ كانت قريبة.
وقفت روديلا أمامه.
لم يكن سوى آيفرت.
على عكس الفرسان الآخرين الذين تركوا قشور البيض كبيرة، كانت قشور البيض في يديه تتحطّم لعدم قدرتها على تحمّل قوته.
لم يبدُ أنه يبذل جهدًا خاصّّا، لكنه كان كذلك.
كانت قوّة تستحقّ لقب الكارثة المتنقلة.
على الرّغمِ من ذلك، كان هناكَ بعض النجاح، حيث احتوت السلة الفارغة على حوالي عشر بيضات.
لكن بين السلة المليئة بالبيض و تلك الفارغة، كانت هناك مئات البيضات المكسورة مبعثرة.
بينما كان الآخرون يصرخون “لقد فعلناها!” و يهربون نحو الحرية، كان آيفرت قد دمّر هذا العدد من البيض.
حرفيًا، قامَ بتدميرها.
كانَ يجيد ذلكَ عندما كان صغيرًا، هل نسيَ كيفية القيام به؟
أم أنّه متوتّر؟
حتى عندما كان صغيرًا، كان يجد صعوبة في التّحكم بقوّته عندما يكون متوترًا.
لكن لم يكن لدرجة تدمير شيء بمجرد لمسه.
―قرقشة!
نظرت روديلا إلى بيضة انفجرت كما لو أنها تنفجر عند لمسها بأطراف أصابعه واقتربت منه.
“هل تعاني صعوبة هذه الأيام؟”
سألته وهي تضع ذقنها على رأسه و هو جالس.
كان آيفرت دائمًا أطول منها، لذا كانت هذه الوضعية مألوفةً منذ الطفولة عندما يكون جالسًا.
“من المدهشِ أنكَ لم تدمر مبنى مقر الفرسان بهذه الحالة.”
توقف آيفرت للحظة. ثم مد يده نحو بيضة أخرى.
بدا و كأنه يواجه عدوّ حياته بجدية.
كان منظرًا غريبًا بالنسبة لروديلا. أمامها، كان دائمًا مرتاحًا، يضحك بمرح أو يمزح كصديقٍ غريب الأطوار.
ربما يجب أن أساعده قليلاً.
“حسنًا، انظر.”
مدّت روديلا يدها أخيرًا.
أمسكت يده الملطخة بالبيض و وضعتها فوق يدها.
“…!”
شعرت بتيبّسه من يده إلى جسده بالكامل.
كان آيفرت الذي تتذكره دائمًا هكذا. منذ الطفولة، كان يتجمّدُ كلما لامست جسده، كما لو أنه يخشى إيذاءها.
“ثِـقْ بنفسكَ أيضًا. أنا أثق بك.”
انظر، لمستَ يدي ولم تتحطم.
كانت هذه الكلمات التي تقولها دائمًا.
لم تؤذني و لو مرة واحدة، فلماذا تتوتر هكذا؟
وضعت يده فوق يدها ومدّت يدها نحو سلة البيض.
لم ينطق آيفرت بكلمةٍ حتى تلك اللحظة.
“حسنًا، فكر في يدي كأداة و حاول أن تمسكَ البيضة.”
أغلقَ آيفرت فمه بإحكام في خطّ مستقيم.
ثم تحرّكت يده بحذر شديدٍ لتمسك يدها.
لامستْ البيضة أطراف أصابع روديلا.
بالطبع، لم تتحطّم يدها أو البيضة.
بينما كانَ يرفعها بحذر، كان وجه آيفرت متيبسًا.
شعرت برعشةٍ طفيفة في كفّ يده التي تلامس ظهر يدها.
بعد لحظة.
―طق.
أُضيفت بيضة سليمة إلى السلة.
ابتسمتْ روديلا.
“جيد، فكّرْ أنكَ تمسك بهذه القوة فقط.”
أمسكت يد آيفرت التي حاولت الابتعاد عنها بعد نقل بيضة واحدة.
“إلى أين تهرب؟”
ضربتْ روديلا ظهر يده بلطف.
“هيا، عشرون بيضة أخرى. لا، بما أنني أساعدك، ثلاثون بيضة أخرى.”
تسرّب زفر قصير من بين شفتي آيفرت.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 10"