كانت إيوكاستي تعلم جيّدًا مدى طمع بيانته في لقب الدّوق.
فقد كانت واحدةً من الأشخاص الذين حاول إغراءهم بالرّشاوى لينضمّوا إلى صفه.
لم يكن بيانته أحمقًا، ولا شخصًا يُستهان به.
لو شعر أنّه لا يستطيع الانتصار، لما تجرّأ على المحاولة من الأساس.
لكن أن يهزم وحده فرسانًا جهّزهم مثل هذا الرّجل؟
مستحيل.
كان وراء إذن الإمبراطور لاستدعاء وحش مونليف الأمير الوريث.
‘الأمير الوريث، الذي يريد القضاء على مونليف، لم يكن ليسمح باستدعاء وحشٍ قويٍّ إلى هذا الحدّ.’
من المؤكّد أنّه عبث بمصفوفة السّحر مسبقًا ليظهر وحشٌ ضعيف.
ولمنع خطّة الأمير الوريث هذه، قدّمت إيوكاستي عرض زواجٍ سياسيّ، لكن…
“ظريف.”
ضحكت الأميرة بسخرية، معتقدةً أنّ إيدنيفر نشر شائعاتٍ كاذبة لتجنّب الزّواج السياسيّ معها.
“حسنًا، يا دوق مونليف. دعني أرى مدى قوّة هذا الوحش.”
* * *
“هَب!”
“يَاه!”
امتلأ المكان الهادئ بالفرسان.
كانت ساحة التّدريب في قلعة الدّوق تعجّ بالحيويّة لأوّل مرّة منذ زمن.
فقد بدأ هؤلاء، الذين كانوا كالضّفادع في البئر، تدريباتٍ جماعيّة بعد الحرب الأهليّة.
لم يكن فرسان مونليف سيّئين، لكنّهم لم يكونوا استثنائيّين أيضًا.
بعد اختفاء الوحش المقدّس، غادر الأكفّاء، وبقي فقط من لهم ظروفٌ مثل ديلان أو من لا طموح له بالسلطة.
فلماذا تغيّروا فجأةً بين ليلةٍ وضحاها؟
بسبب أسيل.
أثناء قتالها مع وحوش بيانته المقدّسة، كانت أسيل تتجنّب فرسان إيدنبر المسلّحين بالسّيوف بعناية.
كان من الأسهل التعامل مع تابعي بيانته المسلّحين.
بما أنّهم أعداءٌ واضحون، كان عليها فقط مواجهتهم رغم خوفها.
لكن فرسان إيدنيفر، الحلفاء، كانوا مختلفين.
كان تسليم ظهرها لهم وهم يحملون السّيوف مخيفًا.
لذا، قاتلت فقط أمام الفرسان الذين أسقطوا سيوفهم أو أصبحوا عاجزين عن القتال.
لكن ديلان فسّر ذلك بشكلٍ مختلف وأعلن:
“السيّدة أسيل تكره أن يعبث بها بشرٌ ضعفاء من الخلف.”
صُدم فرسان مونليف جميعًا.
تكره أن يعبث بها بشرٌ ضعفاء من الخلف؟ ألا يعني هذا أنّهم لا يستحقّون الوقوف في ساحة المعركة معها؟
من الشّائع أن تُزدري الوحوش المقدّسة القويّة فرسان عائلتها.
لكن أن ترفض الوقوف معهم في ساحةٍ واحدة بهذا الشّكل الصريح كان أمرًا غير مسبوق.
حتّى لو لم يكن لديهم طموحٌ للسلطة، فإنّ القتال إلى جانب وحشٍ مقدّس حلمٌ لكلّ فارس.
لكن أن يرفض الوحش المقدّس الوقوف معهم؟
‘اللعنة.’
‘كم كانت مهاراتنا سيّئة!’
انهار شعورهم بالرّضا عن أنفسهم بقولهم ‘هذا القدر من المهارة كافٍ’. أشعلوا عزيمتهم لتحسين مهاراتهم.
لكن أسيل كانت تفكّر بشيءٍ آخر.
“بِيْهَيا.”
ابتلعت أسيل ريقها من التّوتر.
نظرت بعيونٍ مرتجفة إلى الفرسان وهم يتدرّبون بالسّيوف الحقيقيّة.
منذ يوم المعركة، أصبحت أسيل الوحش المقدّس الحقيقيّ لمونليف.
لم تقلب موازين المعركة المتأرجحة فحسب، بل قادتها إلى النّصر.
كان الخدم، عند مرور أسيل، يتوقّفون ويحنون رؤوسهم.
في البداية، ظنّت أنّهم يحاولون خداعها لتحويلها إلى تنّينٍ مشويّ، لكن تصرّفاتهم بدت صادقةً جدًّا.
‘يبدو أنّ أسيل أصبحت حقًّا زعيمة مونليف!’
فبدأت تمشي في ممرّات القلعة بثقة، مرفوعة الكتفين، منتفخة البطن.
لكن الفرسان كانوا مختلفين.
منذ يوم النّصر في المعركة، نظروا إلى أسيل بنظراتٍ غريبة.
بل بدؤوا يستدعونها أحيانًا ليشاهدوا قتالهم.
‘هل يحاولون تخويف أسيل؟’
رغم أنّ رهابها من البشر بدأ يتحسّن، إلّا أنّها لم تستطع التّخلّص من توتّرها عندما يحمل البشر السيوف.
كان ذلك بسبب تعليمات معلمات روضتها التي رنّت في أذنيها:
“البشر أضعف من الوحوش، لكن لا يجب أن نستهين بهم. بدلًا من الأنياب والمخالب الحادّة، يستخدمون سلاحًا يُدعى السيف. البشر المسلّحون بالسّيوف مثل الوحوش المستعدّة للهجوم.”
لم تفهم أسيل السبب.
‘لماذا يستمرّون في إظهار استعدادهم للهجوم أمام أسيل؟’
حتّى لو كانت زعيمة مونليف الآن، هل يعني هذا أنّهم قد يحوّلونها إلى تنين مشويّ في أيّ لحظة إذا لم تبقَ متيقّظة؟
‘يجب أن أصبح تنّينًا أكثر شراسة.’
جفّ فمها من التّوتر.
أمسكت أسيل بقدم الأرنب الجالس بجانبها بإحدى قدميها الأماميّتين، وبينما كانت تشرب عصير الفراولة الذي أحضرته الخادمة بالقدم الأخرى.
تناول العصير المثلّج في الشّتاء البارد جعل رأسها يؤلمها.
“بِي…”
عبست دون وعي، فاقترب الفرسان الذين أنهوا التّدريب بحذر وسألوا:
“ما رأيكِ، يا سيّدة أسيل؟ كيف كان تدريبنا؟”
“هل بهذا المستوى يمكننا الوقوف في ساحة معركةٍ واحدة؟”
التعليقات لهذا الفصل " 25"