“قلتِ إنّكِ لا تجيدين سوى تسلّق الأشجار، والسباحة، والغناء.”
مالت أسيل رأسها بدهشة.
متى قالت أسيل شيئًا كهذا؟
لاحظ إيدنفير استغرابها فأوضح بدقّة:
“عندما سألتكِ إن كنتِ تستطيعين تدمير القلعة، قلتِ لا.”
آها، كان ذلك.
لم تفهم كيف تحوّل ذلك إلى أنّها تجيد فقط تسلّق الأشجار، والسباحة، والغناء، لكن-
قالت أسيل بجديّة:
“بيا بي بيا. بيي.” (أسيل لم تدمّر قلعة من قبل.)
“…آه.”
لم تكن تكذب، بل كان السؤال نفسه خاطئًا.
كان إيدنفير يظنّ أنّ أسيل تخفي قوتها عمدًا.
لذلك كان يعاني بمفرده، لكن يبدو أنّ هذا لم يكن صحيحًا.
بدت عليه خيبة الأمل.
“إذًا، لماذا تظاهرتِ بالضعف عندما استُدعيتِ أوّل مرّة؟ بقوتكِ هذه، كنتِ قادرة على هزيمتي أنا أو الفرسان بسهولة.”
اتّسعت عينا أسيل بدهشة.
هل زوجها والبشر ضعفاء إلى هذا الحدّ؟
لا يمكن أن يكون الأمر كذلك.
لقد أخبرها معلموها أنّ البشر برابرة يأكلون الوحوش بسهولة…
ربّما كانت هذه استراتيجيّة جديدة لجعلها تفقد حذرها ليأكلوها.
‘أسيل تنين ذكيّ. لن تنخدع بكلام كهذا!’
ابتلعت ريقها من التوتر.
لكن بما أنّها تتظاهر بأنّها تنين شرس، وضعت قدميها الأماميتين على خصرها ونفخت بطنها.
“بي، بيات بي بيا. بيا بيا بيا.” (هذا، لأنّ البشر ضعفاء، فقد رحمتهم أسيل. أسيل تنين قويّ وشرس جدًا.)
لكن بعد أن نطقت، خافت أن يقول زوجها:
“حقًا؟ إذًا لا ترحميني وقاتليني.”
‘أسيل تنين شرس. لا تخاف من البشر. أسيل تنين شرس. لا تخاف من البشر.’
كرّرت ذلك في ذهنها بجديّة، لكن ساقيها الخلفيتين القصيرتين كانتا ترتجفان.
لحسن الحظ، لم ينتبه إيدنفير لذلك ، لأنّه كان مشتتًا بأمر آخر.
“إذًا، رحمتِنا. هل أنتِ من دمّر باب الأوريكالكون أيضًا؟”
“بياآ.” (نعم. أسيل دمّرته.)
ومضت نظرة عدم تصديق في عيني إيدنفير للحظة عند سماع إجابتها الفوريّة.
الأوريكالكون لا يُخدش حتّى بالمدافع، فكيف لهذه القدمين الأماميتين الناعمتين أن تفعلا ذلك؟
“بيي.” (هذا صحيح.)
حتّى لا تُشوى كتنين صغير، لم تكن لتسمح بأن يُستهان بها أمام زوجها.
وبما أنّها نجحت في تهيئة نفسها، كانت أسيل في حالة ثقة عالية، فمشت بخطوات صغيرة نحو الباب وأطلقت ضربة بقدمها الأمامية.
بوم!
“هيك!”
أصدر الفارس الذي كان يحرس باب غرفة الوحش المقدّس صوت شهقة.
لكن للأسف، باب غرفة الوحش المقدّس الثاني لم يكن من الأوريكالكون، بل من الخشب.
على عكس المرّة السابقة عندما طار الباب بأكمله، اخترقت قدمها الباب هذه المرّة، مكوّنة ثقبًا دائريًا.
نظر إيدنبير إلى المشهد بعيون مرتجفة وقال لنفسه:
“هل هذا خشب فاسد؟”
ثمّ ضربت الباب بقبضتها. بوم!
“سيدي الدوق! هل أنت بخير؟ سأدخل!”
اعتقد الفارس، الذي أذهله توالي القبضتين، أنّ قتالًا قد نشب، فصاح مذعورًا.
ردّ إيدنفير بهدوء:
“لا، لا تدخل.”
ثمّ نظر طويلًا إلى شظايا الخشب العالقة بقبضتها.
لم يكن متأكّدًا إن كان القرار الذي ينوي اتّخاذه صحيحًا.
هل كان يتّخذ الحكم الصحيح، أم أنّه يتشبّث بقشّة تبدو جيّدة لأنّه محاصر؟ لم يستطع التيقّن.
‘ربّما… سأندم على قرار اليوم طوال حياتي.’
ربّما سيضرب صدره نادمًا، متسائلًا لماذا اتّخذ هذا الخيار، ولو لم يفعل، لما وصل الأمر إلى أسوأ حال.
لكن…
“بيات، بيا بيا؟” (انظر، أسيل دمّرته، أليس كذلك؟)
عندما رأى تلك العينين الورديتين المتلألئتين اللتان تحملانه وحدَهما، شعر أنّه حتّى لو سارت الأمور بشكل سيّء، فلن يندم أبدًا.
كان هو ربّ عائلة مونليف.
كان عليه أن يحكم بناءً على أسس دقيقة.
في العادة، كان سيختبر قوّة أسيل بدقّة قبل اتّخاذ القرار.
لكن هذه المرّة، لم يرد أن يفعل ذلك.
شعر أنّ اللحظة الحاليّة كافية.
لنكون أكثر دقّة، لم يرد أن يعامل أسيل بنفس الطريقة الصارمة التي عامل بها الآخرين.
منذ أن أصبح ربّ عائلة مونليف، قمع مشاعره وتعامل مع كلّ شيء بموضوعيّة.
لذا، هذه المرّة فقط، ألا يمكنه أن يتبع قلبه؟
لا سيّما أنّ الأمر يتعلّق بمن سيكون وحشه المقدّس الذي سيرافقه طوال حياته.
عندما فكّر بهذه الطريقة، تماسك قراره تمامًا.
‘كلّ يوم سأعيشه مع هذه الصغيرة سيكون يومي وحياتي.’
بعد أن أنهى أفكاره، ركع إيدنفير على ركبة واحدة أمام أسيل.
وهمس بهدوء:
“لا تبكي لأنّ سماء الليل مظلمة، فهناك نعمة ضوء القمر لإضاءة طريقكِ. أنا، إيدنفير مونليف، ربّ عائلة مونليف، أطلب منكِ أن تكوني الوحش المقدّس الجديد لنا.”
“بيت؟!”
اتّسعت عينا أسيل من المفاجأة غير المتوقّعة.
هل كان تدمير باب خشبيّ أمرًا عظيمًا إلى هذا الحدّ؟
قال إيدنفير بوجه جادّ للغاية:
“إذا أصبحتِ الوحش المقدّس لمونليف، سأحقّق لكِ كلّ ما تريدينه.”
“…بيا بيا؟” (…ما هو الوحش المقدّس؟)
“رمز وقوّة كلّ عائلة. كائن يشارك ربّ العائلة حياته ويصبح قدوة للجميع.”
“بي…؟”
كانت هذه كلمات صعبة جدًا على تنين صغير لم تتساقط قشرة بيضته بعد.
بينما كانت ترمش بعينيها فقط، شرح إيدنفير بأبسط طريقة ممكنة:
التعليقات لهذا الفصل " 13"