كريس بيده الكبيرة، غطى عينيها برفق، ووضع يده الأخرى على خصرها ليرافقها، حاميًا إياها من أي عوائق محتملة، وتقدم معها ببطء إلى الأمام.
كانت ميرلين تشعر بالترقب والقلق في آن واحد، متسائلة عما ينوي كريس فعله، لكن عدم قدرتها على الرؤية جعلها مضطربة.
اعتمادًا على ذاكرتها، وبمجرد نزولها السلالم، اتجهت إلى اليسار… أم إلى اليمين؟ على أي حال، كان شعورها أنها اتجهت إلى اليسار، فلنقل إنها اليسار.
بعد أن مشت حوالي عشرين خطوة إلى اليسار، كان يجب أن تكون قد مرت بغرفة الغسيل، وإذا تقدمت أكثر، ستصل إلى المطبخ، وبجانبه… طريق مسدود؟
إلى أين يأخذها بالضبط؟
“أليس هناك طريق مسدود أمامنا؟”
بدافع القلق، مدّت ميرلين ذراعها إلى الأمام لتتحسس المكان، وتوقفت عن المشي.
ضحك كريس بخفة وقال إن الأمر ليس كذلك.
شعرت ميرلين أنها إذا تقدمت أكثر قليلاً، ستصطدم بالجدار، فشدت على جسدها وقلصت خطواتها.
“كريس، أليس هناك جدار أمامنا الآن؟”
“قلت لكِ لا. ثقي بي.”
تزايد قلقها حتى تحول إلى خوف خفيف، فأمسكت بذراع كريس القوية التي تغطي عينيها، وحاولت تهدئة نفسها، ثم تقدمت ثلاث أو أربع خطوات أخرى.
“لا… ما الذي تفعله حقًا؟ أنا خائفة بعض الشيء، كريس!”
عندما تقدمت أكثر، أزال كريس يده من عينيها.
كانت تفكر في أي نوع من المزاح يحاول القيام به، وإذا كان مزاحًا، فستضربه على ظهره بقوة.
لكن أمام عينيها، لم يكن هناك طريق مسدود كما توقعت، بل طاولة دسمة رومانسية.
“ما… ما هذا؟”
كان من الطبيعي أن تتفاجأ.
في ملاذ الباب الخلفي، الذي كان مجرد مكان يوضع فيه الأغراض الاستهلاكية بلا اكتراث، تم وضع ثلاث شمعدانات، وطاولة مصنوعة من جذع شجرة مقطوع بشكل غير متقن عليها كعكة صغيرة، وبجانبها صينية فضية تحمل الحلويات المعتادة، بالإضافة إلى زجاجة نبيذ وكأسين، وكل هذا خلق أجواء ساحرة!
كان هذا المكان مجرد فضاء تم تهيئته قليلاً ليكون مكانًا للقراءة.
لكن بجانبه مباشرة كانت الحديقة، ومقابلها امتدت الشاطئ الواسع، مما جعل الخلفية رائعة، فكانت المكان مثاليًا للجلوس والقراءة طوال اليوم.
لم تكن تتخيل أن يكون هذا المكان بهذا الجمال.
وقفت ميرلين مبهورة بهذا المشهد، تملأ عينيها به، ثم نظرت إلى كريس بتعبير مفعم بالتأثر.
“كريس…!”
“هل تفاجأتِ؟”
“بالطبع تفاجأت… لا، متى أعددت كل هذا؟”
هل أعد هذا في عشر دقائق فقط؟ حقًا؟ بينما كانت ميرلين تسأل بدهشة، فكر كريس في نفسه أنه استعد لهذا منذ أكثر من سبع سنوات… ثم ابتسم بمرارة.
أجلس كريس ميرلين بسرعة في المكان الذي أعده لها. كان قد وضع وسادة سميكة ودافئة على الكرسي الخشبي الصلب الذي ستجلس عليه.
نعم، ماذا لو استعد لهذا لمدة سبع سنوات؟ ميرلين سعيدة الآن.
سبع سنوات ليست شيئًا مقارنة بالمستقبل الذي سيقضيانه معًا.
كانت مجرد لحظة قصيرة مقارنة بالأوقات الساحرة التي تنتظرهما.
لأسباب غامضة، شعر كريس أنه أصبح أحمق أمام ميرلين منذ فترة، لكنه لم يجد ذلك سيئًا على الإطلاق.
رائحة الزهور الناعمة التي تهب برفق.
صوت الأمواج القادم من الشاطئ بصوت خافت.
مع صوت الرياح وهي تعبر غابة الأشجار كخلفية، جلس وريثا بليزير المستقبليان متقابلين.
أضاء كريس شمعة إضافية على الكعكة البيضاء المغطاة بالكريمة، وفتح زجاجة النبيذ بحركة يد ماهرة، ثم صبها في كأس ميرلين وكأسه.
كان النبيذ الأبيض البارد يتلألأ في الكأس، يعكس ضوء الشموع على وجه ميرلين.
عندما أضاء وجه ميرلين كما لو كان تحت الضوء، حدق كريس في وجهها مفتونًا للحظة، حتى استفاق على توبيخ ميرلين: “لماذا تنظر إليّ هكذا؟”
ميرلين الجميلة. صوت الطبيعة الموسيقي الجميل. شعر كريس أن هذه هي اللحظة المناسبة.
“لدي شيء لأعطيكِ إياه.”
“ما هو؟”
احمر وجه كريس قليلاً، ثم أخرج شيئًا من جيبه بحركة مترددة.
علبة مجوهرات صغيرة مغطاة بالقماش الأحمر.
كابنة دوق بليزير، كانت ميرلين معتادة على رؤية مثل هذه العلب منذ طفولتها، لكن خاتم الخطبة، الذي يكون واحدًا في العمر، يحمل معنى خاصًا.
فتح كريس العلبة الصغيرة وأخرج الخاتم منها، ممسكًا به بين أصابعه.
عندما كان يعد هذا الخاتم، بدا اليوم الذي سيضعه أمام ميرلين بعيدًا جدًا، لكن الآن، بعد أن أخرجه أمامها، شعر بتأثر جديد.
نظر إلى الخاتم بحنان لفترة دون كلام، ثم مد يده إليها.
“أعطيني يدكِ.”
ترددت ميرلين للحظة، ثم وضعت يدها بحذر على كف يده.
لم تظن يومًا أن يدها صغيرة، لكن عندما وضعتها على كف كريس، تفاجأت بمدى صغر يدها مقارنة به.
بيد حذرة، وضع كريس الخاتم في إصبعها.
لم تسمع قط عن إصابة إصبع أثناء وضع خاتم، لكن كلما علق الخاتم قليلاً عند مفصل إصبعها، كان كريس أكثر حذرًا لئلا يؤذي إصبع ميرلين، ووضع الخاتم في إصبعها الخنصر.
عندما انتهى من وضعه، بدا وكأنه جزء من ميرلين، ملائمًا تمامًا.
الماسة البيضاء الكبيرة، التي كانت تلمع بقداسة، كانت تتألق بشكل أكثر تألقًا مما كانت عليه قبل خمس سنوات عندما اشترى الخاتم.
كأنها وجدت مالكتها أخيرًا، كانت تلمع بصدق وتفانٍ أكثر من أي وقت مضى.
“إنه… جميل جدًا.”
“أنا سعيد لأنه أعجبكِ.”
“لا، متى أعددت كل هذا؟”
منذ حوالي خمس سنوات…؟ ضحك كريس في نفسه بدلاً من الإجابة.
“… ما الذي يهم متى أعددت هذا؟ ميرلين، المهم أنكِ أحببتِه.”
“لا، حقًا، مثل هذه الهدية… شكرًا جدًا، كريس.”
لم تكن تتخيل يومًا مثل هذه الهدية. غطت ميرلين فمها بيدها، وهي تنظر إلى الخاتم الموضوع في إصبعها، تعكسه في ضوء الشموع من زوايا مختلفة، وتعبير التأثر يغمر وجهها، ثم نظرت إلى كريس مرة أخرى، مكررة كلمات الشكر مرات عديدة.
مجرد رؤية وجه ميرلين بهذا الشكل جعل كل المعاناة التي مر بها كريس خلال السنوات السبع الماضية تتلاشى كأنها لم تكن، فواجهها بوجه مفعم بالسعادة.
“ميرلين.”
“نعم؟”
بينما كانت ميرلين تدير يدها لتتأمل الماسة المتلألئة، رفعت رأسها لتنظر إلى كريس الجالس أمامها.
في هذه الأجواء الرومانسية، بدا كريس وسيمًا بشكل خاص، وفكرت أنها، للحظة، بدأت تفهم، ولو قليلاً… قليلاً جدًا، لماذا كانت السيدات النبيلات وبنات الأرستقراطيين يتلهفن عليه.
“هل ستتزوجينني؟”
شعرت ميرلين بالحرج من هذا العرض البسيط، فخدشت جبهتها وكبحت ضحكتها.
كادت أن تقول إن مثل هذا العرض الرومانسي لا يليق بهما، لكنها فكرت، حسنًا، في مثل هذا اليوم، يجب أن تتجاوب معه.
خاصة بعد كل هذا الجهد الذي بذله في إعداد هذا المكان الرائع وهذا الخاتم الجميل.
هل يجب أن تقول “حسنًا، موافقة”؟ لكنها هي من عرضت الزواج أولاً. لكن قول “لقد عرضت الزواج بالفعل” قد يحرجه.
بعد تفكير قصير، قالت ميرلين: “حسنًا، موافقة. شكرًا لأنك ستتزوجني.”
في يد واحدة، كان الخاتم الذي وضعه كريس في إصبعها، وفي اليد الأخرى، كأس النبيذ التي تحتفل باتحاد الاثنين اللذين سيصبحان بليزير.
تصادمت الكأسان بصوت نقي، وتحت ضوء القمر الساطع، مع الشموع المضاءة بأجواء رومانسية كخلفية، تعهد الاثنان بالزواج الذي طالما أجلاه لأجل بعضهما البعض.
في تلك اللحظة، كانت الأوساط الاجتماعية في الإمبراطورية تموج¹ بحديث ساخن عن قصة اختطاف رومانسية حدثت لأول مرة منذ مئة عام.
‘¹تعني أن الأوساط الاجتماعية كانت مليئة جداً، وضاجة، ومضطربة، ومشتعلة بهذا الحديث الساخن. كأن الحديث كان ينتشر فيها كالأمواج، ويشغل الجميع ويجعلهم في حالة من النقاش المستمر والاهتمام البالغ.’
* * *
انتشر خبر زواج عائلتي بليزير وإستريان بسرعة كبيرة في أنحاء الإمبراطورية.
كان الناس يتحدثون عن زواج أبرز العائلات النبيلة، واصفين إياه بـ”زواج القرن”، لكن الاثنين المعنيين كانا في حالة من القلق والاضطراب.
حتى الآن، كانا يركزان فقط على كيفية تبادل عروض الزواج، أما الآن، فقد أصبحا يفكران طوال الوقت في كيفية إتمام الزواج.
هل يجب أن يُقام حفل الزفاف في كاتدرائية لوفرنا، الأكبر في الإمبراطورية؟
أم في فيلا ميوتريون بليزير، التي اشتراها الدوق بليزير الأول ورمزت إلى عائلة بليزير؟
في الحقيقة، كانت هذه المشاكل الكبيرة هي الأسهل نسبيًا.
هل يجب أن ترتدي ميرلين فستان زفاف من تصميم ميلوزيه، أم من ماركة فرانيوا؟
في الحفل اللاحق، هل ترتدي فستانًا أم الزي التقليدي للإمبراطورية؟
هل يذهبان في شهر العسل إلى جزر فيلامانت، أم إلى ساحل إرتيبور؟
ومن ثم، من يجب أن يُستأجر كطاهٍ لتحضير طعام الحفل؟ وماذا عن النبيذ، والشمبانيا، والحلويات، والشاي…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 21"