انكمشت سناير بجسدها قدر الإمكان تحت وطأة البرد القارس الذي اجتاحها.
ورغم أنها وضعت على جسدها بطانيةً كانت قد أقسمت عند دخولها إلى هناب أنها لن تلمس جسدها أبدًا، إلا أن تجنب برودة سجنٍ في منتصف الشتاء كان أمرًا مستحيلًا.
كان البرد يتسلل حتى إلى العظام.
لو أن تلك النافذة ذات القضبان كانت مغلقة، لكانت الرياح الباردة في ساعات الفجر تدخل أقل.
“آه……آوه….”
مهما مدّت سناير يدها، لم يكن بإمكانها الوصول إلى النافذة.
بما أنها في ذلك الموقع، لما استطاع حتى والدها، الذي اقتيد بسرعةٍ من قاعة المحكمة، أن يصل إليها. حتى الأشخاص الأطول قامةً سيجدون صعوبةً في ذلك.
كان هناك شخصٌ واحد فقط في ذهن سناير يمكن أن تصل يده إلى تلك النافذة.
إنه الدوق وينفريد.
“….…”
عضّت سناير على شفتيها حتى سال الدم منها.
‘كيف يمكنهُ أن يفعل هذا بي؟’
في الحقيقة، كانت سناير تحمل الأمل لفترة طويلة.
حتى بعد أن سُجنت، كانت تؤمن بأنها ستتمكن من الخروج.
فلوغان الذي تعرفه، رغم بروده الظاهر، كان دائمًا يعتني بها بطريقةٍ غير مباشرة.
عندما كانت ترتجف خوفًا من السلالم العالية، كان يمد يده لها. وعندما يُقدم لها طعامٌ لا تستطيع أكله، كان يبدله بصحنه خفية.
حتى أثناء التنزه، كان يفعل الشيء نفسه.
‘قال أن أشعة شمس الشتاء حادة، وقد تكون مؤذيةً لي. و كان يسير في الجانب الذي تسطع عليه الشمس ليظللني بظله.’
“سيأتي لإنقاذي.”
دفنت سناير وجهها بين ركبتيها.
“أنا متأكدةٌ من ذلك.”
بالطبع، بما أنها ارتكبت ما ارتكبته، فلن يغفر لها تمامًا.
‘لكن ربما سيساعدني على تجنب الإعدام.’
‘فأنا ووالدي لم نرتكب جريمة خيانةٍ حقيقية.’
‘ربما يكتفي بنفيي فقط؟’
“.……”
لكن سناير كانت تعلم بالفعل.
أن اللطف الذي أظهره لوغان في صغره كان بسبب ضعف جسدها فقط، وأن الحنان الذي أبداه كان بدافع العلاقات بين والديهما.
لذا، هذه المرة، لن يُظهر لها أي لطف، أو حنان، أو تسامح.
كانت تعلم ذلك جيدًا بالفعل.
“…….”
‘بسببي وُجهت تهمة الخيانة إلى والدي.’
‘بسببي، تعرض أخي الأكبر وأمي، اللذان بقيا دائمًا في صفي، للمتاعب.”
ومن المؤكد أن الأشخاص الآخرين المرتبطين بها سيجدون أنفسهم في مأزقٍ واحدًا تلو الآخر.
‘كل هذا بسببي……’
“لا، ليس كذلك.”
صدر صوت صريرِ أسنانه و هي تطحنها، ليملأ الصمت في السجن.
“لم أفعل أي شيءٍ خاطئ.”
صرير-
لم تستطع سناير التغلب على شعور الذنب الذي كان يعصف بعقلها وقلبها باستمرار، فبدأت توجه اللوم إلى الآخرين.
“ما الخطأ الذي فعلته؟”
‘لو أن والدي لم يحاول إرسالي إلى ملك آرلون، هل كنت سأخونه؟’
‘بالطبع لا. كان هذا خطأ والدي بالتأكيد.’
‘لو لم تكن كانا قد أغوتني، لما تفوهتُ بذلك الكلام الغبي. إذًا، فمن الواضح أن الخطأ يقع أولًا على كانا، التي خدعتني بلسانها الطويل.’
كل هذا بسبب أخطاء الآخرين.
‘لم أرتكب أي خطأ. وإن كان لا بد من الاعتراف بخطأ، فهو أنني كنتُ ساذجةً للغاية.’
كان يجب أن تشكك في كلام الآخرين و تعيد التفكير فيه، لكنها لم تفعل.
كان يجب أن تعترض على والدها و ترفض، لكنها هزت رأسها موافقةً بسهولة.
نعم.
‘خطئي الوحيد كان سذاجتي المفرطة.’
“لذلك، ما حدث كان نتيجةً لأفعال والدي و كانا. أليس كذلك؟”
لكن السبب الجذري الحقيقي لا يكمن في هذين الاثنين فقط……
رفعت سناير رأسها الذي كان مدفونًا بين ركبتيها. فقد بدأ يزعجها ذلك الظل الذي كان يخيّم عليها منذ قليل.
“لماذا أتيتِ؟”
“…….”
“قلتُ لماذا أتيتِ؟!”
لم يكن هناك أي إجابةٍ من الطرف الآخر. و كانت تنظر إليها بصمتٍ فقط.
“ألا تسمعينني؟! لماذا أتيتِ!”
تششق-!
انطلقت سناير نحو القضبان الحديدية غاضبة، ممسكةً بها و هي تهزها بعنف، ثم مدت يدها من بينها.
‘شعرها الذهبي……لو تمكنتُ من اقتلاعه بالكامل، ربما يخفف ذلك قليلًا من غضبي.’
“آه……!”
مدّت يدها بكل قوتها، لكنه للأسف لم تتمكن حتى من لمس طرف أصابعها.
“……آنسة سناير فلورنس.”
تحدثت إيرينا أخيرًا، وهي تنظر إلى اليد التي كانت تلوح في الهواء. مع زفيرها الذي يتلاشى كبخار أبيض في الهواء.
“لقد أتيتُ لأحصل على اعتذار.”
“اعتذار؟”
ضحكت سناير بسخرية وكأنها لا تصدق ما تسمعه.
“أتيتِ لتحصلي على اعتذارٍ مني؟”
تششق-!
اصطدم جسد سناير بعنف بالقضبان الحديدية، وكأنها تحاول جاهدةً الاقتراب أكثر من إيرينا.
“أنتِ من يجب أن تعتذر لي!”
“أنا أعتذر لكِ؟”
“نعم!”
ملأ صوتها الغاضب أرجاء الممر الهادئ.
لو كان هناك شخصٌ آخر لانزعج وأغلق أذنيه بسبب الصراخ المزعج.
لكن إيرينا لم تفعل ذلك. و كانت تراقبها بهدوءٍ و سكينة، دون أن تُظهر أي ترددٍ أو انزعاج.
“إنه بسببكِ! أنتِ السبب في أن حياتي أصبحت هكذا! اعتذري، بسرعة، اعتذري لي!”
“الآنسة سناير فلورنس.”
“لو أنكِ ابتعدتِ خطوةً واحدةً فقط، لما حدث أيٌ من هذا. لما وصلتُ إلى هذا الوضع المأساوي!”
“…….”
“بسببكِ، عائلتي كلها على وشك الانهيار، هل تفهمين؟ أنتِ السبب في موت أفراد عائلتي، وحتى الخدم أيضًا. أنتِ قاتلة!”
“….…”
“اعتذري لي حالًا……!”
“يا للوضاعة.”
“ماذا؟”
توقفت سناير عن الصراخ.
‘ما الذي سمعتهُ الآن؟’
رفعت رأسها ورأت إيرينا تقترب أكثر نحو القضبان الحديدية.
“هل سبق وقرأتِ كتاب قواعد السلوك الأساسية؟ هناك فقرة تقول، حافظ على الكرامة واللياقة في كل مكان، واجعل ذلك أساسًا لجميع أفعالك.”
“هاها!”
أطلق سناير ضحكةً ساخرة مرة أخرى، ثم تابعت بتعليقٍ بملؤه السخرية.
‘كتاب قواعد السلوك الأساسية؟ إنه ذلك الكتاب السطحي الذي حفظته عن ظهر قلب عندما كنتُ صغيرة، لدرجة أنني لا أذكر حتى متى قرأته آخر مرة!’
“هل تحاولين الآن أن تعلّميني؟ بكتاب قواعد السلوك الذي يقرؤه الأطفال الصغار بعمر ثلاث أو أربع سنواتٍ فقط؟”
“….…”
“لقد تلقيت دروسًا في الإتيكيت منذ ما قبل أن أتعلم المشي! والآن شخصٌ بالكاد تعلم لبضعة أشهر يجرؤ على أن-”
“نعم، أنا أحاول أن أعلمكِ الآن.”
قطعت إيرينا حديث ساينر فجأة. فنظرت إليها سناير بعينين مذهولتين.
“عندما رأيتِني لأول مرة، كنتِ تعاملينني علنًا وكأنني مجرد عاهرة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات