103
“كنت أظن ذلك في البدايةِ أيضًا.”
كانت حدقتا الكونت ميركيلر ترتجفان.
“ظننت أن الدوق دفع ذلك الرجل بعيدًا، لكن الأمر لم يكن كذلك. لقد مدّ الدوق يده للإمساك به ومنعه من الموت!”
كان فينترين مرتبكًا ووافقهُ للحظة.
في ذاكرته، مد الدوق وينفريد يده نحو الرجل الذي كان يركض. بدا وكأنه يدفعه، لكنه من ناحيةٍ أخرى،
‘أليس من الممكن أن يُرى الأمر وكأنه كان يحاول الإمساك به بالفعل؟’
كان العرق البارد يتصبب. “هاه!” سرعان ما استعاد فينترين وعيه. ما أهمية ذلك الآن؟
الرجل مات، والدوق اعترف بأنه قتله. وحتى لو لم تكن الحقيقة كذلك، فإن دفع الأمور بهذا الاتجاه سيجعلها حقيقةً في النهاية.
“لماذا تظن أنه ساعده؟!”
صاح فينترين وهو ينظر إلى ميركلر.
“صحيح أن الدوق كان لديه سبب كافٍ للإمساك به، لكنه كان يملك أيضًا سببًا كافيًا لقتله!”
كان صوته يرتفع تدريجيًا.
“إنه المتهم بحادثة الاختطاف!”
“…….”
“ولهذا قتله، أليس كذلك؟ فالمعتدي الذي يحاول اختطاف نبيلٍ يُعدم فورًا بحسب القانون!”
لقد كان ذلك الرجل الذي حاول اختطاف إيرينا لكنه انكشف. فالإمساك به أو قتله، أليس كل ذلك منطقيًا؟
“فكر في الأمر جيدًا!”
تقدم ميركلر خطوةً للأمام، وكأنه يحاول تهدئة صديقه المنفعل.
“كلامكَ صحيحٌ إلى حد ما. بالفعل، كان لدى الدوق سبب كافٍ للإمساك بذلك الرجل، وسبب كافٍ لقتله أيضًا. لكن، ماذا حدث الآن؟”
فتح ميركلر ذراعيه وكأنه يشير إلى الوضع من حوله.
“بموته، ألم يجد الدوق نفسه في ورطة؟ ثم، هل يعقل……”
نظر ميركلر إلى فينترين بعينين جادتين.
“هل يمكن أن الدوق لم يدرك أن موته سيضعه في هذا المأزق؟”
أطبق الصمت القاعه. و نسي فينترين طريقةَ التحدث للحظة.
الحمقى الذين لا يستخدمون عقولهم يرتكبون أخطاءً كهذه أحيانًا، لكن الطرف الآخر هنا كان الدوق وينفريد.
هل من الممكن حقًا أنه لم يتوقع هذا الوضع إطلاقًا؟
“هذا، هذا لأنه……”
تراجع فينترين خطوةً إلى الخلف دون أن يدرك ذلك، وهو يتلعثم بالكلام.
“الدوق لم يكن يعلم بأن أحدًا سيراه!”
“وهل أنتَ مقتنع من أنه قد ارتكب ذلك في وسطِ احتفال؟”
“لكنهُ كان زقاقًا مظلمًا، أليس كذلك؟!”
“ذلك الزقاق هو طريقٌ مختصر. يمر به النبلاء أحيانًا. أليس هذا هو السبب الذي جعلنا نحن الاثنين نلتقي هناك أيضًا؟”
“كيف يمكن للدوق القادم من الشرق أن يعرف هذا الأمر؟!”
صرخةُ فينترين اليائسة بدت وكأنها موجهةٌ لنفسه أكثر من أي أحد آخر. فأغمض عينيه بشدة.
“هناك أمرٌ غريب.”
ساد الصمت للحظة بين نقاش الكونت ميركلر وفينترين. لكن وسط هذا الصمت، اخترق صوتٌ واحد هدوءَ قاعة المجلس.
“ألم يقل البارون فينترين قبل قليل أن الرجل المصاب بحروقٍ في جسده بالكامل لم يكن بإمكانه تنفيذ عملية اختطافٍ أساسًا؟”
“أوه؟”
اتسعت عينا الرجل بدهشة وأسرع بوضع يده على فمه، وكأنه لم يكن يتوقع أن يكون صوته مرتفعًا بهذا الشكل.
لكن الشرارة كانت قد اشتعلت بالفعل.
“صحيح.”
تصاعدت همهماتٌ في القاعة.
“قال قبل قليل أن الأمر لم يكن كذلك، والآن يقول أن الرجل كان خاطفًا ولذا كان هناكَ سبب كافٍ لقتله……إن كان الأمر اختطافًا، فهذا يغير الوضع. لماذا يستمر بمهاجمة فخامة الدوق بهذا الشكل؟”
تصاعدت الهمهمات.
“إذا تم القبض على شخصٍ وهو يحاول اختطاف نبيل، فإن قتله ليس جريمة! سواء كان الدوق قد دفع ذلك العاميَّ بالعربة أم حاول الإمساك به، فما الفرق؟ كيف لعاميٍ أن يتجرأ على اختطاف نبيل!”
ازدادت الهمهمات ارتفاعًا.
“حتى لو كان الدوق ينوي قتله، فقد قتله بطريقةٍ رحيمة. لو كان قد حاول اختطاف ابنتي، لكنت قطّعت أطرافهُ واحدةً تلو الأخرى!”
ارتفعت أصوات الناس مثل موجةٍ قوية اجتاحت فينترين.
حاول فينترين جاهدًا أن يصمد وسط تلك الأصوات، لكنه كان يغرق فيها.
تزعزع، وفقد صوابه، وانتهى به الأمر بأن يعرقل نفسه بنفسه.
‘ماذا أفعل؟ كيف أخرج من هذا الموقف؟’
‘كيف يمكنني ذلك؟!’
“ومع ذلك، الحقيقة هي أنه قتل رجلًا مريضًا!”
قرر فينترين، وقد حُشر في الزاوية، أن يتمسك بحقيقةٍ واحدة.
وهي أن الدوق وينفريد قتل رجلًا مريضًا وبائسًا.
“وقد اعترف الدوق بذلك!”
لكن الناس كانوا بالفعل إلى جانب الدوق وينفريد الآن.
كلمات فينترين فقدت مصداقيتها. وفي مثل هذه الحالات، يميل الناس إلى دعم الأقوى بدلاً من الضعيف الذي ينهار أمامهم.
ومع ذلك، في خضم كل ذلك، أُلقيت كلماتِ تعاطف خافتة.
“حسنًا، لكن مع ذلك، قتل رجلٍ مريض بهذه الطريقة……أمرٌ قاسٍ بعض الشيء.”
كان الصوت منخفضًا جدًا لدرجة أنه بالكاد يُعرف من قالها، لكن فينترين وجد بصيصَ أمل.
“صحيح! مهما كان الرجل مجرمًا في حادثةِ الاختطاف، أليس قتله بتلك الطريقة الوحشية في الشارع أمرًا مستحقًا للإدانة؟”
“……لكن ألم يقل البارون للتو أن من يحاول الاختطاف يمكن إعدامه فورًا؟”
توجهت الآن نظراتُ ازدراءٍ نحوه.
حتى أولئك الذين كانوا يبدون بعض التعاطف معه بدأوا يشيحون بنظرهم بعيدًا واحدًا تلو الآخر.
كلما حاول فينترين المقاومة، ازداد اختناقه، وكأنه عالقٌ في شبكة عنكبوتية.
وسط ذلك كله، جاءت كلماتٌ من لوغان أشبه بحبلٍ التف حول عنق فينترين.
“بعد سماع كلمات الكونت ميركلر، ربما……لم أكن أنا من قتله.”
“ماذا؟”
حدّق فينترين في لوغان بعينين فارغتين. ثم سأل شخصٌ ما.
“ماذا تعني بذلك أيها الدوق؟ ألم تقل قبل قليل أنك أنت من قتله؟”
“في الحقيقة، كنتُ أعتقد ذلك.”
ارتسمت ظلالٌ على وجه لوغان.
“كنت أحاول الإمساك به لكشف من يقف وراءه، لكنه كان يهرب بشكلٍ يائس. و يبدو أنه كان محاصرًا لدرجة أنه قفز إلى الطريق رغم رؤية العربة القادمة.”
صوته كان منخفضًا لكنه جميل، و يحمل في طياته شعورًا بالذنب.
“مددت يدي للإمساك به بسرعة، لكن……”
توقف لوغان عن الكلام، لكنه أوصل ما أراد قوله بوضوح.
“دوق وينفريد، إذا كان الأمر كذلك، لماذا قلتَ قبل قليلٍ أنك قتلته؟”
“ظننتُ أن يدي التي مددتها للإمساك به قد دفعته.”
ثم ابتسم ابتسامةً مريرة و أكمل.
“وفوق ذلك، حتى لو كنتُ قد مددت يدي لمحاولة إنقاذه، فأنا من دفعه إلى هذا المأزق في المقام الأول.”
“أوه….”
خرجت تنهيداتٌ من كل الجهات.
“إذًا، هذا ما كان يقصده.”
“يبدو أنه أرقُّ قلبًا مما اعتقدنا.”
“إنه مختلفٌ عن الشائعات. ربما يكون قاسيًا على أعدائه، لكنه يبدو حساسًا ومتعاطفًا مع شعبه.”
بدأ الوضع ينقلب بشكلٍ متزايد. من موقفٍ كان فينترين فيه مسيطرًا، أصبح الآن وينفريد هو المسيطر.
“إذًا، كيف ستسير الأمور الآن؟”
تدخل الإمبراطور مع عبوسٍ على وجهه. فلم يكن بإمكانه السماح بانقلابِ الموقف بهذا الشكل.
“من الذي يكذب ومن يقول الحقيقة؟ الكونت ميركلر!”
“نعم، جلالتك!”
“كنت في البداية متفقًا مع رأي البارون فينترين. إذًا، لماذا غيرت رأيك؟”
“في الواقع، هناك شخصٌ آخر شهد الحادثة.”
تردد ميركلر قليلاً قبل أن يكمل.
“بطريقةٍ ما، انتهى بي الأمر بالتحدث إليه، ومن خلال حديثنا، غيرتُ رأيي.”
“إذاً، أحضره فورًا!”
دوّى صوت الإمبراطور المليء بالغضب في قاعة المجلس.
“ستحدد شهادته أي الروايتين هي الحقيقية!”
ويبدو أن الكونت ميركلر كان قد جهز هذا مسبقًا، حيث دخل الشاهد إلى القاعة مترددًا وخجولاً.
كان ذلك الشخص صاحب متجر الإسطبل الذي عهد إليه الدوق وينفريد برعاية حصانه.
“هممم.”
ضاقت عينا لوغان عندما رأى صاحب الإسطبل متجمداً تماماً.
“هل كنتَ تعرف أنه كان يشاهدك؟”
“لا.”
رد لوغان وهو يهز رأسه على سؤال كارل.
“لم أكن أعلم.”
في الحقيقة، كان لوغان يعلم أن البارون فينترين وشخصٌ آخر كانا يشاهدانه. و كان يعلم ذلك عندما ارتكب فعلته.
لكن هذا الشخص بالتحديد، لم يكن يعلم أنه موجود.
“بعد تقديم نفسكَ، يمكنكَ الإدلاء بشهادتك.”
“أوه؟…ح……حسناً”
تراجع الخادم الذي كان يقف بجانبه، وبدا أن صاحب الإسطبل قد تجمد تماماً.
ضغط على يديه كما لو أن الدم لا يجري فيهما بشكل جيد.
“لا تخف كثيرًا، يا هذا.”
في النهاية، تدخل الكونت ميركلر.
“قل فقط ما أخبرتني به.”
“……سيدي الكونت.”
نظر صاحب الإسطبل إلى ميركلر وهو يبتلع دموعه.
“هذا الشخص قد عمل مع عائلتنا لفترةٍ طويلة. يمكنُكم الوثوق به.”
عندما فتح الكونت فمه أولاً، بدأ صاحب الإسطبل يتردد قليلاً، لكنه أخيرًا بدأ بالكلام.
“أنا، اسمي ميلتون، أعمل في زاويةِ الشارع في حانةٍ وإسطبل.”
“تحدث فقط عما رأيته.”
“آه، نعم نعم!”
أومأ الرجل الذي قدم نفسه باسم ميلتون عدةَ مراتٍ قبل أن يبدأ أخيرًا في سرد الحادثة.
“كان هناك رجل، لا، كان الدوق قد ترك حصانهُ في محلي.”
في البداية، لم تكن هناكَ مشكلة. لكن بعد مغادرة الشخصين، حدثت بعض الفوضى.
“ثم أثار الحصان بعض الاضطراب.”
كان الحصان الكبير يواصل ضرب الأرض بأقدامه وهو يخرخر، مما أضطرهُ إلى وضع بعض القش الأكثر راحة وإعطاءه العلف الجيد كما طلب، ولكن الفوضى استمرت في الحدوث، فقرر أن يبحث عن صاحب الحصان ليتأكد ان كان به مشكلة.
“لذا، بدأتُ في البحث عن صاحب الحصان. و بصراحة، لم أجدهُ في أي مكانٍ آخر قريب.”
كان من المحتمل أنه ذهب إلى الطريق الرئيسي ليشاهد الأضواء الكبيرة. لذا سلك هذا الطريق، الذي كان يتصل بالساحة المركزية. و هناك حيث يتم إطلاق الأضواء، وكان من المرجح أن يكون قد حجز مكانًا مسبقًا.
“لقد كان لهما حضورٌ لا يمكن نسيانه، لذا كنت متأكدًا أنه لن يكون من الصعب العثور عليهما.”
ترك المحل للأطفال للحظات وخرج.
إذا عبر الزقاق، كان سيصل بسرعة إلى الساحة. لذا، كان ينوي البحث عنهما في طريق العودة من الساحة.
“ثم رأيتُ ذلك المشهد.”
رجلٌ يركض، والزبون الذي يطارده، ورجلٌ آخر.
كان الرجل الذي يركض يبتسم بالتأكيد.
“الزبون، أعني، الدوق كان بالتأكيد يحاول الإمساك به! هذا شيءٌ مؤكد!”
لكن للأسف، لم يتمكن من الإمساك به. فقد هرب الرجل فجأةً من الزقاق ودهسته العربة، مما أدى إلى وفاته.
“هذا كل ما رأيته.”
اهتزت قاعة المجلس بشدة. و فقد البارون فينترين الشاهد الذي كان لديه، بينما ظهر شاهدان لصالح الدوق وينفريد.
أحدهم كان شاهدًا لصالح البارون فينترين، والآخر كان شخصًا عاديًا كان فينترين قد ادعى أنه لا يمكن الوثوق به.
“…….”
لكن لم يكن هناك ما يمكن قوله بعد هذه الشهادة.
بدأ جسد فينترين يرتعش، وظهرت شعيراتٌ دموية في عينيه، مما جعلها تتحول إلى اللون الأحمر.
وفي تلك اللحظة، سحب شخصٌ ما الحبل الملتف حول عنق فينترين.
“كل شيءٍ كان صحيحًا!”
كان صوتاً لا يمكن أن يُسمع هنا. و اتجهت جميع الأنظار نحو المدخل.
حتى أن لوغان فتح عينيه على اتساعهما وهمس بصوتٍ منخفض.
“……إيرينا؟”
“كل ما قالهُ الآن كان صحيحًا.”
دخلت إيرينا إلى قاعة المجلس، وهي تتنفسُ بصعوبة بعد أن ذهبت للقاء من عائلة البارون كيريك.
“أنا الشخص الذي كان سيُختطف، يا جلالتك.”
_____________________________________
يااااااس خلاص كل شي تم بس وش جاب ايرينا؟
لوغان كان واضح خايف عليها تجي هنا عشان ماتتوتر بس هي جات حبيبه قلب حبيبها😘
باقي شي واحد، كانا من الي جا يواسيها ؟ حسبته فينترين بعدين شكيت انه ريو والحين مدري منهو خلاص عقلي وقف
Dana