2
الفصـل الثانـي
استيقظت ليلى باكرًا على غير عادتها، وكأن شيئًا خفيًا كان يشدّها من نومها ويطلب منها أن تنهض.
نهضت ببطء، ثم مشّت على رؤوس أصابعها فوق الأرضية الخشبية الباردة، متجهة نحو النافذة الكبيرة التي كانت ستائرها نصف مفتوحة.
كان الضوء الرمادي للفجر ينساب عبر القماش الشفاف، يرسم خطوطًا خفيفة فوق الأرض.
وقفت أمام المرآة للحظة، ورفعت شعرها الفضيّ إلى الخلف وهي تبتسم بخفة.
قالت لنفسها بصوت شبه مسموع:
“يوم جديد… ويبدو أني سأجرّ فتاة إلى العالم الحقيقي اليوم.”
ضحكت قليلاً، ثم فتحت خزانتها الواسعة.
اختارت فستانًا بسيطًا، بلون كريمي هادئ، بأكمام طويلة من قماش شفاف يضفي عليها لمسة لطيفة.
شدّت حول خصرها حزامًا بنيًا رفيعًا، ثم ارتدت معطفًا خفيفًا بلون ترابي، يصل إلى ركبتيها.
تركت شعرها منسدلًا دون أي ربطات، فقط مشطته بأصابعها حتى بدا متموّجًا بطبيعته.
ملامحها كانت اليوم أكثر حيوية من المعتاد، وعيونها الواسعة لم تكن تعرف معنى التثاقل.
بدت وكأنها خرجت لتوّها من حلم لطيف.
التفتت نحو الباب حين سمعت طرقًا خفيفًا.
فتحت الباب لتجد ماتيلدا واقفة هناك، يداها معقودتان أمامها بتوتر خفيف.
كانت ماتيلدا ترتدي فستانًا بسيطًا أعطاها إياه الخدم صباحًا، لونه أبيض نقي، قصّته مستقيمة بلا تفاصيل كثيرة.
فوقه معطف رمادي فاقع قليلًا، كأن أحدًا اختاره لها دون أن يسأل رأيها.
لكن الأمر المدهش لم يكن الفستان ولا المعطف.
كان وجه ماتيلدا… مختلفًا قليلًا.
كان هناك أثر ابتسامة صغيرة، خفيفة جدًا، يمكن أن تضيع لو رمشت ليلى لحظة.
لم تكن ثقة ولا فرحًا صاخبًا.
كانت أشبه بشعور طفل يرى عالمًا جديدًا لأول مرة.
قالت ليلى وهي تسحبها إلى الداخل:
“تعالي، دعيني أرتّب شعرك.”
جلست ماتيلدا بصمت، بينما بدأت ليلى تمشط شعرها البني الناعم.
كان شعرها ينزلق بسهولة بين أصابعها، كأنه ماء.
قالت ليلى بخفة:
“هل أنتِ متوترة؟”
أجابت ماتيلدا بصوت منخفض:
“قليلاً…”
ضحكت ليلى برقة وهي تقول:
“طبيعي. أنا أيضًا متحمّسة وأشعر أني سأرتكب مئة خطأ اليوم.”
رفعت ماتيلدا عينيها نحوها.
“هل… الخارج مزدحم للغاية دائمًا؟”
“ليس دائمًا، لكن السوق اليوم سيكون مزدحمًا. وهذا جيد! سنختار لكِ زيًا يليق بكِ، لا يمكن أن أترككِ بملابس القصر فقط.”
لم تقل ماتيلدا شيئًا، لكن تلك الابتسامة الصغيرة عادت إلى عينيها.
بعد أن أنهت ليلى ترتيب شعرها، وضعت ربطة بسيطة صغيرة فوقه.
أزاحت خصلة من على جبينها ثم قالت:
“جاهزة؟”
هزّت ماتيلدا رأسها بخفة.
خرجا من الغرفة معًا، وخطواتهما تتردد في ممرات القصر الطويلة.
كانت الأعمدة العالية، والسجاد الأحمر الممتد، واللوحات المعلّقة بعناية تراقبهما بصمت.
إحساس غريب كان يرافقهما؛ كأن القصر نفسه لا يريد أن يترك ماتيلدا تخرج.
لكن ليلى كانت تسير بخفّة، لم تكن تسمح لأي شيء أن يثقلها اليوم.
حتى صوت الكعب على الأرض اللامعة بدا مرِحًا بطريقة غير مناسبة لهذا المكان.
حين وصلا إلى السلالم الكبرى، كان السائق بانتظارهما عند الأسفل.
انحنى قليلًا وقال:
“هل أنتما مستعدتان للسوق يا آنستي ليلى؟”
ردت ليلى بابتسامة عريضة:
“بالطبع ،أرجو فحسب أن لا تكون هناك زحمة كثيرة عند المدخل.”
نزلت الدرجات بخطوات واسعة، بينما ماتيلدا تمسك الدرابزين بخفّة حتى لا تتعثر.
في الأسفل وقفت ليلى أمام ماتيلدا وقالت:
“سنتبع القواعد فقط خارج القصر… لا تهربي مني، لا تختفي بين الناس، ولا تحدقي كثيرًا في أحد. حسناً؟”
“لن أفعل.”
“جيد. وأنا سأحاول ألّا أبدو كالمربية الشريرة.”
ضحكت ليلى بخفّة، ثم أمسكت يد ماتيلدا وخرجتا من الباب الرئيسي للقصر.
في الخارج، كان الهواء أكثر برودة، مليئًا برائحة التراب الرطب والندى الصباحي.
أمام البوابة انتظرت العربة التي سيأخذهم إليها السائق.
كانت عربة خشبية ذات عجلات كبيرة، مطلية بلون بني داكن، مع ستائر جانبية مخملية بلون أحمر باهت.
رفعت ليلى معطفها قليلًا حين ضربتها نسمة باردة، وقالت:
“يا إلهي… كان القصر دافئًا جدًا.”
أما ماتيلدا فكانت تحدق بالعربة وكأنها تراها للمرة الأولى.
لم تكن تعرف إن كانت خائفة أو متحمّسة، لكن في عينيها خليط غريب من الشعورين.
فتحت ليلى الستارة الجانبية وصعدت أولًا، ثم مدت يدها إلى ماتيلدا التي أمسكت بها دون تردد.
كان هذا وحده شيئًا جديدًا؛ ماتيلدا لم تعتد أن تثق بسهولة.
جلستا جنبًا إلى جنب، بينما أغلق السائق الباب الخلفي ثم اعتلى مقعد القيادة.
تحركت العربة تدريجيًا، يهتزّ معها جسداهما بخفة.
التفتت ليلى نحو ماتيلدا:
“هل هذه أول مرة لكِ تركبين عربة؟”
“أظنّ… نعم.”
“إنها تجربة لطيفة، خاصة مع الهواء البارد.”
مدّت يدها إلى النافذة وفتحتها قليلاً.
هبّت نسمة باردة جعلت شعرهما يتحرك.
ضحكت ليلى:
“أشعر أنني أشبه بطلة في رواية مملة.”
“أنتِ… لستِ كذلك.”
رفعت ليلى حاجبها.
“لستُ ماذا؟”
“لستِ مملو.”
رفعت ليلى يدها إلى فمها وهي تضحك بصوت منخفض.
“أوه، شكرًا. أشعر أن هذا أفضل إطراء سمعته منذ أسبوع.”
تحركت العربة عبر طريق طويل يمر بين الأشجار العالية.
كانت أوراقها تتحرك بخفّة، وتلقي ظلالًا ضبابية على الطريق.
الضوء كان لا يزال رماديًا، لكنه بدأ يتسع شيئًا فشيئًا، وكأن العالم يستيقظ متأخرًا هذا اليوم.
كانت ماتيلدا تحدّق بكل شيء: الأشجار، الغربان التي تقف على الأسوار، المزارعين الذين يسيرون مع عرباتهم الصغيرة، وحتى الأطفال الذين يركضون خلف كرة قماشية.
قالت ليلى:
“هل يعجبك الخارج؟”
“إنه… مختلف.”
“عن ماذا؟”
“عن الداخل.”
لم تكن الإجابة فلسفية، ولا معقدة.
لكنها رغم بساطتها جعلت ليلى تصمت للحظة.
بعد دقائق، بدأت أصوات المدينة تقترب.
الضجيج كان يرتفع تدريجياً: أصوات أحذية، صياح بائع، رنين عملات، صوت امرأة تفاوض بائع سمك، ضحكات أطفال.
حتى روائح المكان تغيّرت.
كانت هناك رائحة خبز ساخن، وسمك، وبخور، وتوابل… مزيج لم يكن مألوفًا داخل القصر.
مالت ليلى نحو النافذة وقالت بانبهار:
“لقد اشتقت لهذا. السوق حيّ بطريقة… مزعجة لكن جميلة.”
أما ماتيلدا فكانت تنكمش قليلًا قرب ليلى، لكنها لم تبدُ خائفة.
كانت فقط تحاول فهم كل هذه الحركة السريعة حولها.
وصلت العربة أخيرًا إلى أطراف السوق.
توقفت عند مكان ليس مزدحمًا جدًا، حيث الأكشاك الخشبية مصطفة بجانب بعضها، والباعة يصرخون بأعلى أصواتهم لجذب الزبائن.
فتح السائق الباب وقال:
“آنستان… وصلنا.”
قفزت ليلى من العربة بحركة مرحة، جعلت معطفها يتحرك خلفها بخفّة.
التفتت إلى ماتيلدا وقالت:
“هيا. أول مهمة اليوم… إيجاد زي مناسب لكِ.”
نزلت ماتيلدا ببطء، ممسكة بيد ليلى حتى وضعت قدميها على الأرض.
كان السوق أمامهما… كبيرًا، مزدحمًا، مليئًا بالألوان والضوضاء.
وكانت هذه بداية يوم طويل…
لكن لم يكن بداخله أي شيء مريب بعد.
ولا أي سر مكشوف.
فقط بداية بسيطة…
هادئة…
حين خطت ليلى أولى خطواتها داخل السوق، شعرت أن الهواء تغيّر بطريقة طفيفة.
كان مزدحمًا بالطبع، لكنه اليوم بدا… يقظًا أكثر من المعتاد.
كأن العيون تتحرك أسرع، والهمسات تنتشر أسرع، والناس ينتبهون لأشياء ليس من المفترض أن تثير انتباههم.
لكن ليلى لم تُعر الأمر اهتمامًا في البداية.
كانت ممسكة بيد ماتيلدا بخفّة، خوفًا من أن تضيع وسط الزحام.
قالت وهي تبتسم:
“اصغي جيدًا، أول متجر سنزوره يصنع أفضل أزياء الخادمات في العاصمة.”
رفعت ماتيلدا عينيها نحوها:
“حقًا؟”
“أجل! وأنا… أعني… أنا أحتاج خادمة تبدو جيدة بجانبي، أليس كذلك؟”
ضحكت بخجل وهي تقول الجملة الأخيرة، وكأنها تشعر أنها بالغت في الحماس.
لكن ما إن تقدمتا بضع خطوات داخل الشارع، حتى لاحظت ليلى شيئًا.
النظرات.
لم تكن عابرة…
لم تكن ودودة…
ولم تكن مُزعجة جدًا…
كانت نظرات استغرابية ببساطة.
نظرات طويلة، متفحّصة، غير مريحة… وكأن الناس يحاولون معرفة من هي ماتيلدا قبل أن يعرفوا ماذا ترتدي.
ضلّت امرأة عجوز تنظر إليهما أكثر مما يجب.
وعندما مرّت بجانبهما، سحبت حفيدتها بعيدًا وقالت بصوت منخفض:
“لا تقتربي من تلك الفتاة يا صغيرة.”
تجمّدت ماتيلدا للحظة، ويدها تُطبق تلقائيًا على ذراع ليلى.
التفتت ليلى إليها بسرعة:
“لا تقلقي… الناس هنا يحبون الكلام فقط.”
لكن الصوت الذي قالته لم يكن واثقًا كما أرادته.
تابعتا المشي.
كانت الأكشاك ممتلئة بالبضائع: فساتين مطوية بعناية، قفازات، قمصان رجالية، أحذية خشبية، إكسسوارات تلمع تحت الشمس.
أشارت ليلى إلى متجر ذي واجهة خشبية جميلة:
“هذا هو المتجر! لديهم قسم خاص للخادمات.”
لكن قبل أن تدخلا، مرّت امرأتان بجانبهما.
تبادلا نظرة سريعة، ثم قالت إحداهما للأخرى بصوت مسموع تمامًا:
“منذ متى تُوظّف العائلات الكبيرة… أشخاصًا غير مُسجّلين؟”
ردت الأخرى:
“يبدو أن الأسماء الغريبة تنتشر هذه الأيام.”
توقفت ليلى.
شيء ما في قلبها انقبض.
التفتت نحوهما وقالت بابتسامة مُصطنعة:
“عفوًا… هل هناك شيء تريدان قوله بوضوح؟”
تراجع الاثنان خطوة، وكأنهما لم تتوقعا مواجهة، ثم قالت الأولى:
“لا… لا شيء يا آنستي.”
غادرتا بسرعة.
ازداد توتر ماتيلدا، لكن ليلى أمسكت يدها وضغطت عليها بخفّة.
“لا بأس… لن ندع أحدًا يفسد يومنا.”
دخلتا إلى داخل المتجر.
الجرس المعلّق عند الباب رنّ بنغمة لطيفة.
كان المكان دافئًا ومرتبًا، والأقمشة معلّقة بحسب الألوان والأنواع بدقة شديدة.
خرجت التاجرة، امرأة في الخمسينات ذات نظارات دائرية، وقالت بابتسامة مهنية:
“أهلاً بكم في متجر «أرلين». ما الذي تبحثان عنه؟”
ردت ليلى:
“زيّ للخادمات. شيء يناسبها.”
وأشارت إلى ماتيلدا.
لكن ما إن نظرت التاجرة نحو ماتيلدا… حتى اختفت الابتسامة من وجهها.
تحولت ملامحها إلى شيء يشبه… الحذر؟
أو ربما محاولة التذكّر.
اقتربت خطوة، ثم قالت:
“اسمكِ يا صغيرتي؟”
ترددت ماتيلدا.
ثم قالت بصوت منخفض:
“ماتيلدا.”
رفعت التاجرة حاجبها:
“غريب… لا يبدو مألوفًا.”
قالت ليلى بجفاء خفيف:
“ولماذا يجب أن يكون مألوفًا؟”
“آه… لا شيء. فقط… أراجع السجلات عادة. معظم الخادمات مرّرن من هنا في مرحلة ما.”
ثم التفتت نحو ماتيلدا مرة أخرى:
“من أي مدرسة تدريب جئتِ؟”
هنا، شلّ السؤال جسد ماتيلدا.
كانت عيناها تتحركان ببطء، وكأن الإجابة غير موجودة
أصلًا.
لا تذكر.
لا تعرف.
لا يوجد شيء.
قالت بهمس:
“لا… أعرف.”
رفعت التاجرة رأسها بسرعة، وكأنها حصلت على تأكيد لشيء كانت تفكر فيه.
لكن ليلى تقدّمت خطوة نحوها وقالت بلطف مصطنع:
“نحتاج زيًا بسيطًا فقط. لا داعي للأسئلة.”
حاولت التاجرة إخفاء قلقها:
“بالطبع… اعتذر على التطفل، تفضلا معي.”
أخذتهما إلى الركن الخلفي حيث كانت أزياء الخادمات.
أزياء باللونين الأسود والأبيض، بأطوال مختلفة، بعضها عملي وبعضها رسمي.
قالت ليلى وهي تُبعد الأقمشة لتختار:
“هذا جميل… وهذا يبدو مناسبًا… وهذا أيضًا—”
لكن ماتيلدا كانت ثابتة، لا تتحرّك.
كانت تحدق بالمرآة الكبيرة أمامها.
ليلى لم تنتبه في البداية.
كانت منشغلة بفحص الأكمام، وبطول الفستان، وبكيفية تعديل الخصر.
لكن حين رفعت رأسها نحوها… لاحظت شيئًا غريبًا.
ماتيلدا لا تنظر إلى الفساتين… بل تنظر إلى انعكاسهما معًا.
عيناها تتحركان ببطء… وكأنها تقارن بين وجهيهما.
اقتربت منها ليلى وقالت:
“ماتيلدا؟ ما بكِ؟”
ردّت ببطء:
“لقد… رأيت… شيئًا.”
“أين؟”
“في المرآة.”
نظرت ليلى إلى المرآة.
انعكاسهما كان طبيعيًا، لا شيء غريب.
مجرد فتاة نبيلة تقف بجانب خادمتها.
لكن ماتيلدا تمتمت:
“كأن أحدًا آخر… كان ينظر.”
ابتلعت ليلى ريقها.
ضحكت بخفة مصطنعة وقالت:
“ربما انعكاس شخص مرّ خلفنا.”
لكن الكلمات خرجت ضعيفة.
واصلت التاجرة إحضار الأزياء دون تعليق، لكنها كانت تراقب ماتيلدا…
طويلاً… أكثر مما ينبغي.
بعد أن اختارتا زيين، خرجتا من المتجر.
ما إن وطئت أقدامهما الأرض خارجًا… حتى شعرت ليلى بأن شيئًا ثقيلًا انزاح عن الهواء.
كأن الداخل كان يخفي شيئًا لا يليق بسوق مشمس.
وقفتا في منتصف الطريق.
كانت الناس تمرّ حولهما بسرعة، والأصوات تختلط ببعضها: بائع فواكه يصرخ، صوت حصان يجر عربة، امرأة تجادل بائع مجوهرات.
لكن شيء واحد فقط كان يشغل بال ليلى:
تلك النظرات.
وتلك الهمسات.
وكلمات التاجرة.
قالت لماتيلدا:
“لنذهب لمكان أقل ازدحامًا.”
بدأتا السير بين الأزقة الجانبية، حيث تقل الضوضاء قليلًا.
الباعة هنا أقل، والألوان باهتة أكثر، والهواء أبرد.
كانت ماتيلدا تمشي إلى جانبها بصمت.
قالت ليلى أخيرًا:
“هل حدث شيء في المتجر؟”
“لا أعرف… فقط…”
ترددت.
“شعرت أن المكان… مألوف.”
توقفت ليلى.
“مألوف؟”
“نعم… كأنني مررت به من قبل.”
“ولكنك قلتِ إنكِ لم تخرجي من القصر أبدًا.”
“أجل. هذا ما… أذكره.”
لكن نبرة صوتها قالت شيئًا آخر.
شيئًا أشبه بالشعور الممزق بين ذاكرة تريد العودة وذاكرة تختفي.
جلستا على درج حجري صغير، بالقرب من نافورة قديمة.
كان ضوء الشمس ينعكس على سطح الماء ويصنع شرارات تتراقص.
قالت ليلى:
“ماتيلدا… هل أنتِ بخير؟”
“نعم… أنا فقط…”
نظرت حولها.
ثم تمتمت:
“الناس ينظرون إليّ كثيرًا.”
“لأنكِ جميلة. هذا كل شيء.”
لكن ماتيلدا هزّت رأسها:
“لا… ليست نظرات إعجاب.”
توقفت ليلى.
لم تستطع نفي ذلك.
كانت النظرات… غريبة حقًا.
وبينما كانت ليلى تفكر في تفسير معقول، سقطت ورقة صغيرة من جيب معطفها.
لم تنتبه إليها في البداية، لكن هبوب الريح جعلها تتحرك أمامهما مباشرة.
مدّت ماتيلدا يدها والتقطتها.
نظرت إليها… ثم ناولتها ليلى.
فتحت ليلى الورقة.
كلمات قليلة فقط، لكنها كافية لتجعل ظهرها يقشعر:
“البند الثامن والثمانون.”
حدقت بها لحظات…
تجهل من وضعها…
تجهل لماذا…
رفعت رأسها.
عينا ماتيلدا كانتا تحدقان بها بطريقة لم تفهمها.
نظرة ما بين سؤال… وخوف… وتعرّف غامض.
ثم، عند طرف الزقاق، رأت ليلى شيئًا جعل قلبها يتوقف للحظة.
إطار لوحة قديم الذي كان فالقَصر… مستند إلى جدار متجر مهجور.
لوحة للفتاة التي تشبهها تقف وسط ظلال رمادية…
فتاة ذات شعر فضي…
وعينين بنفسجيتين…
تشبهها…
بدرجة مخيفة.
تراجعت خطوة دون أن تشعر.
“ليلى؟” قالت ماتيلدا بخوف.
لكن ليلى لم تجب.
كانت تحدق فقط…
تحدق في اللوحة التي تشبهها تمامًا.
وفي يدها…
كانت الورقة ترتجف.
‘البند الثامن والثمانون.’
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هايي ، معكم المؤلفة أليرا
يمكن فصول تكون شوي غامضة بس فالمستقبل بيتوضح كل شيء ، حاولت فذا فصل ابين ان ليلي حيوية وتعابيرها مش جامدة ، لأني تلقيت ملاحظة من قارئة انها تتخيل ملامح ليلي جامدة وشريرة ، بالنسبه ل ماتيلدا فا هي لطيفة وفي نفس وقت متوترة بدون سبب . او سبب نعرفه فالمستقبل؟
Chapters
Comments
- 2 - الزِي الجَـديد منذ 17 ساعة
- 1 - وراءَ الـلوحَة منذ يوم واحد
التعليقات لهذا الفصل " 2"
يما قرأت الفصل التاني متوقعة افهم كلشي اجىصار غموض اكبرر
اهم شي حتى بالرواية النسوان عن بفوضوا البائعين على الأسعار
اخس ماتيلدا متجسدة في رواية و يمكن هي قديسة او شي عشان تقدرتشوف للأشياء لايقدر الآحرون رؤيتها.
مش مرتاحة لذي ماتيلدا 🙂😗
في غموض بالموضوع امممم بس مش جاي عبالي شي 🤡🌚
بس عموما شكرا على الفصل 🌹💕