أدرك خافيير ذلك وعضّ شفتيه. شعر كأنّه يغرق في مستنقع.
تأمّل ثقيل و بطيء أحاط بالملك للحظات.
“أنا-“
أمسك خافيير قبضته على العرش.
ظهر العرش الذهبي تحت أصابعه النحيلة مقارنة برجل.
كان يعلم جيدًا أنّه الوحيد في ويليتان الذي يحقّ له الجلوس على هذا العرش.
لكن الرجل أمامه، الذي يهدّده بعقل “سليم ورائع” و كأنّه نسي ذلك، يبدو كأحمق.
“قلتُ لكَ أن تجد سببًا للعيش، ليس لتملك نوايا خيانة-“
رفع الدوق رأسه على هذا الكلام.
كان وجه الملك خاليًا من التعبير، وهو أمر نادر.
شفتاه لا تبتسمان بحنان، وعيناه لا تنحنيان برفق، فلم تعد ملامحه تخفي برودته.
لم يستجوب الدوق الذي يجرؤ على مواجهة عينيه.
لم يكن هناك وقاحة أكبر من هراء الدوق الحادّ.
“…هل فعلتَ؟ هه، أنا مذهول لدرجة أنّني لا أجد الكلام.”
حافظ الدوق على هدوئه دون فتح فمه. وجهه الهادئ ، لا يختلف عن وجه الوزير الذكي المعتاد ، فضحك الملك ضحكة قصيرة.
بما أنّه نطق بها، لم يعد بإمكانه تجاهل الورقة.
ورقة يتحمّل بها تهمة الخيانة ، فلن يتراجع عنها بسهولة.
لم تكن فكرة مستحيلة.
مايرامونتي ، عائلة الدوق التي حمَت العائلة المالكة منذ تأسيس البلاد، يقودها “السيد شانتارك”. بطل الحرب الذي حوّل بيليوم ، التي سحقت ويليتان لقرون ، إلى نمر بلا أنياب.
إن رفع سيفه الآن معلنًا إنشاء دوقية ، فسيتبعه مئات الفرسان …
أمسك خافيير جبهته مختنقًا للحظة.
‘دوقية في ويليتان؟’
دوقية. لا كلمة أكثر إزعاجًا له.
‘بلد آخر فوق بلدي؟’
بحث عن سيفه دون وعي. لكن ، حتّى لو أمسك شيئًا غير السيف ، هل يستطيع قطع الرجل أمامه؟ صرّ على أسنانه.
ألا ترى من يجلس أمامكَ؟
كبت الملك هذا السؤال لئلّا يبدو طفوليًا.
كبح غضبه الذي يلسع أطرافه بعقلانية.
ابتلع كتلة نارية داكنة. آلمه ذلك، لكنّه لم يعبس.
“اشرح.”
استجوب الملك الدوق بعيون ثقيلة كالحديد.
“لن تثور هكذا دون سبب. أنتَ الذي كنتَ تُجلّ وصيّة أخيكَ بالولاء لي كالسماء. اشرح. إن لم يكن كافيًا، فلن تخرج حيًا، دوقية كانت أم لا.”
صمت الدوق. لكن الملك عرف أنّ صمته لتلبية أمره ، فصبر.
بذل الدوق كلّ جهده للإجابة.
لكن لم يخرج جواب واضح. تنهّد مع الملك.
“مستحيل.”
“حلّه بمنطقكَ الرائع”
“لا يمكن حلّه بالمنطق. أعتذر، جلالتكَ.”
ردّ كطفل مطيع بأدب.
ألقى خافيير رزمة الأوراق التي في يده، مقوّسًا رقبته.
تساقطت الأوراق خفيفة، على عكس ثقل محتواها، دون أن تلمس الدوق، كالريش على الأرض.
التعليقات لهذا الفصل " 65"