“لماذا أهرب؟”

 

كانت سو تفخر بكونها مقامرة. 

 

الهروب بعد الخسارة؟

 

القمار بدون دفع ثمن ليس قمارًا بعد الآن. 

 

حسنًا، لو كان الثمن كل ثروتها أو حياتها، لكان الأمر مختلفًا.

 

“للعلم ، لا أعمل بدون أجر”

 

“ألم تخسري في اللعبة؟”

 

“قلت إنني سأعمل إذا خسرت ، متى قلت إنني سأعمل مجانًا؟”

 

ضحك الدوق ساخرًا و هو يرى سو تُشير إلى ثغرة في كلامه بنبرة واثقة.

 

“هه، إذن ستعملين.”

 

“بما أنني خسرت، يجب أن أفعل. قلت إنك بحاجة إلى محتالة، إذن هناك عملية نصب تخطط لها؟”

 

أن يحتاج ثاني أعلى رجل في المملكة إلى عملية نصب أثار فضولها قليلاً.

 

“نعم، هناك واحدة. أمر مهم يتعلق بلقب الدوق.”

 

“ما الدور الذي يجب أن ألعبه؟”

 

“الزوجة.”

 

شككت سو في أذنيها للحظة عند سماع إجابته الهادئة. 

 

ماذا يقول هذا الرجل؟

 

“أحتاج إلى زوجة.”

 

“ماذا؟”

 

“الهدف من النصب هو الملك. هل يمكنكِ فعل ذلك؟”

 

“… سيدي الدوق ، هل أنت مريض؟”

 

لم تحدد سو أن المرض في رأسه ، لكن الدوق ، الذي فهم مقصدها ، عبس قليلاً.

 

“أنا بخير. و ليس لديكِ خيار الرفض من الأساس.”

 

عضت سو شفتيها. 

 

كان محقًا. لقد لعبت معه و خسرت ، لذا يجب أن تدفع الثمن.

 

‘لكن هل هذا الرجل مجنون حقًا؟’

 

من يقوم بالنصب بشأن الزواج؟

 

ليس و كأنه مهاجر غير شرعي يحتاج إلى جنسية ويليتان.

 

حاولت سو كبح غضبها و استعادة هدوئها. إذا كان عليها القيام بهذا العمل ، فإن تعديل الأجر هو الأولوية.

 

“كم ستدفع؟”

 

فوجئ الدوق قليلاً بحيويتها و هي تبدأ التفاوض ، فرفع حاجبيه.

 

كانت سرعتها في التحكم بمشاعرها و بدء التفاوض تشبه وزير المالية في ويليتان. بالطبع ، لو قورن الوزير بمحتالة ، لقفز غضبًا ، لكن هكذا رأى الدوق الأمر.

 

“كم تريدين؟”

 

“مئة ألف ذهبية.”

 

تجعدت جبهته الأنيقة عند نبرتها الحازمة.

 

“…ألستِ مجنونة؟”

 

“سيكون من الصعب إيجاد محتالة أفضل مني في هذا المجال”

 

كانت واثقة، تعلم أن ذلك ليس صعبًا فحسب، بل مستحيل.

 

ضحك الدوق ساخرًا و أمال رأسه للخلف ، فتطاير شعره الأسود كالأبنوس بأناقة.

 

“ثمانون ألف ذهبية. باستثناء النفقات أثناء إقامتك في القصر.”

 

ليس سيئًا. 

 

و هي تنظر إلى شعره الأسود يتطاير بدون ريح ، فتحت سو فمها.

 

“اتفقنا”

 

و هكذا ، اتفقا على الزواج.

 

***

 

شعر الدوق بالضجر من أسئلة سو المستمرة حول مدة العقد ، و التعويض في حالة الإصابة أثناء النصب. 

 

بمكانته و سمعته ، لم يكن من المفترض أن يجرؤ أحد على التفاوض معه.

 

لكن كان من المثير للاهتمام أن يطالبه شخص ما بشيء بهذه الجرأة لأول مرة.

 

لو كان نبيلًا عاديًا -فيسكونت أو إيرل- لاحمرّ وجهه من وقاحة سو و صرخ دفاعًا عن كرامته ، لكن بالنسبة له ، الذي عُبد طوال حياته ، كان تصرفها منعشًا.

 

‘يا لها من فتاة صغيرة جريئة.’

 

“هل تستمع إليّ؟”

 

عبست سو عندما بدا أنه يستمع إليها نصف استماع بملل ، عيناه نصف مغلقتين.

 

“أستمع.”

 

“إذن، بخصوص المكافأة …”

 

“لا أفهم لماذا يجب أن أعطيكِ مكافأة.”

 

“ألا تملك ضميرًا ، سيدي الدوق؟ قلت إن الهدف هو جلالة الملك! عمل خطير قد يطير رأسي بسبب خطأ بسيط. إذا نجحت، ألا أستحق مكافأة؟”

 

“أليس ثمانون ألف ذهبية كافية؟”

 

“بالطبع لا! و بالمناسبة ، هناك شيء يسمى بدل المخاطر في أعمال النصب”

 

على الرغم من موقفه الفاتر ، استمرت سو بحماس في سرد قائمة بالمكافآت -التي اخترعتها للتو- التي يجب أن تُدفع عند توظيف محتالة.

 

بدل المخاطر ، المكافأة الخاصة ، تكاليف مساعدة النصب ، إلخ. كان الأجر الأساسي ثمانين ألف ذهبية ، و بإضافة كل ذلك ، سيتجاوز المبلغ مئة ألف ذهبية.

 

ضحك الدوق بدهشة من وقاحتها ، لكنه لم يجادل. هذه الفتاة ، حتى بعد كشفها كنصابة ، لا تزال تحاول خداعه.

 

“هل بدل المخاطر يعني مخاطر السلامة الشخصية؟”

 

“بالطبع!”

 

“لن تتعرضي للأذى أبدًا”

 

“كيف يمكنك أن تكون متأكدًا من ذلك ، سيدي الدوق؟”

 

عبس الدوق بتعب عند سؤالها ، و أمسك القلم لتعديل عقد النصب الذي كتبته بسرعة.

 

“من تعتقدين أن الشخص أمامك؟”

 

“دوق مايرامونتي ، بالطبع”

 

أجابت سو بثقة ، كأنها تقول: هل تظنني غبية؟ لقد حفظت اسمه بالفعل: ديونير شانتارك ديل كاسا مايرامونتي.

 

“سيف ويليتان. هذا اللقب الأكثر استخدامًا ، فاحفظيه”

 

شخرت سو بفمها عند كلامه.

 

“ما علاقة مهارتك في استخدام السيف بضمان سلامتي؟”

 

بسبب إصرارها ، ترك الدوق بند بدل المخاطر دون شطبه ، ليس لأنه اقتنع ، بل لأن عنادها أزعجه.

 

“المكافأة الخاصة يمكنك منحها لي إذا رأيت أنني أديت عملي جيدًا. لستُ فاسدة إلى هذا الحد ، أليس كذلك؟”

 

ابتسمت سو و هي ترى الدوق يهم بتمزيق العقد بأكمله.

 

“سأستبعد تكاليف مساعدة النصب. لقد استثنينا بالفعل نفقات إقامتك في القصر.”

 

“هذا شيء مختلف!”

 

“كيف مختلف؟”

 

“آه ، استبعده،  استبعده! يقولون إن الأغنياء أكثر بخلاً.”

 

تمتمت سو و هي تنظر إليه بحنق. لو رآها أحد آخر ، لصُدم من وقاحتها و عدم احترامها ، لكنها لم تكن تدرك حتى أنها تتصرف بقلة أدب تجاه دوق.

 

كيف لا ، فقد ولدت و نشأت في أزقة أرديل الخلفية. 

 

يُعتبر ذلك المكان أدنى مكان في المملكة ، لكنه خارج نظام الطبقات التقليدي. 

 

مكان لا يحميه القانون ، فكيف يمكن للقانون أن يقيده؟ في مكان يصعب فيه حماية حياة المرء ، من سيهتم بالرتب و الآداب؟

 

لم تكن تشعر بالرهبة حتى من الملك في باها البعيدة ، فكيف بالدوق؟ علاوة على ذلك ، لو كانت في موقف عادي ، لكانت انتبهت و حنت رأسها للنبلاء ، لكن موقف الدوق الهادئ تجاه تصرفاتها كان سببًا آخر.

 

علاوة على ذلك ، أليسوا الآن على طاولة المفاوضات؟

 

لا يمكنها أن تخضع و تخسر فقط لأنه دوق. 

بعيدًا عن الخسارة ، لم تسمح كرامتها بذلك.

 

“وقّع هناك. سأفعل أيضًا”

 

رأى الدوق أرنبًا صغيرًا في خانة التوقيع على العقد المكتوب بفوضوية بواسطة سو ، ثم نسخه بنص أنيق.

 

كان هذا توقيع المحتالة رولان ، لكن بما أنه عقد نصب ، رأت أنه من المناسب استخدام توقيعها كنصابة. نظر الدوق إلى توقيعها للحظة ، ثم كتب اسمه بسرعة.

 

‘حتى توقيعه طويل بشكل مزعج.’

 

فكرت سو أن العيش كنبيل قد يكون مزعجًا أحيانًا.

طوى الدوق نسخة من العقد و وضعها في جيبه.

 

فعلت سو الشيء نفسه ، حشرت النسخة الأخرى في جيبها مع مقبض الباب الذهبي الذي سرقته.

 

على الرغم من أنها وقّعت على العقد للعب دور الزوجة المزيفة ، شعرت بالحرج بعد التوقيع ، غير متأكدة مما يجب فعله. 

 

أشار الدوق بإصبعه.

 

“ماذا؟”

 

“لا أسمح بعصيان الأوامر”

 

من قال إنني لن أطيع؟ أخبرني بالسبب و قل لي اذهبي أو تعالي! هل أنا حيوان أليف؟

 

تمتمت سو داخليًا و نهضت من مقعدها.

 

كانت غرفة كبار الشخصيات واسعة ، لذا حتى و هي جالسة مقابل الدوق ، كانت المسافة كبيرة. 

 

عندما رأت سو حواجب الدوق ترتفع كأن خطواتها البطيئة لا تعجبه ، أسرعت في مشيتها.

 

عندما اقتربت ، أمسك الدوق بذراعها و سحبها نحوه.

 

فوجئت بحركته المفاجئة ، ترمش بعينيها ، عندما فُتح باب الغرفة الثقيل بصوت عالٍ. 

 

من الخارج ، بدا موقفهما غامضًا.

 

كان مركز ثقل سو يميل للأمام ، و كان وجه الدوق أمام وجهها مباشرة ، مما جعل المشهد يبدو و كأنهما يتبادلان لحظة حميمة.

 

“أوه ، يا إلهي!”

 

صاحت بعض الآنسات النبيلات ، اللواتي كن يتجسسن على الدوق و سو ، و هن يحمرّن خجلاً.

 

نظرت سو إليهن و إلى الدوق بالتناوب ، ثم دفنت وجهها في صدره كأنها خجلة ، تاركة أذنيها المحمرّتين مكشوفتين.

 

احتضنها الدوق بلطف و أدار رأسه قليلاً نحو الآنسات.

 

“هذا وقح. كنا في لحظة ممتعة”

 

بشعره و ملابسه المبعثرة قليلاً من التركيز على شاكاسبيل ، ابتسم الدوق بإغراء فاضح.

 

على الرغم من أنهما لم يكشفا عن شيء ، كان المشهد مثيرًا لدرجة أن الآنسات ، و هن يزقزقن ، هرعن للخارج. 

 

و بمجرد مغادرتهن ، دفع كل من سو و الدوق الآخر بعيدًا بسرعة كالقواقع التي تسحب عيونها.

 

‘يا إلهي، هذا أكثر رعبًا مما توقعت.’

 

كان يجب أن تطالب ببدل نفسي أيضًا! لعنت سو حماقتها.