كان بو يقول غالبًا إن عيني سو البنيتين جميلتان ، رغم أنهما لون شائع.

“رسمتَ جيدًا”

“بو يشبه أباه ، يجيد كل شيء”

صحيح ، الدوق لا يفشل في شيء. 

كبتت سو شعورًا مفاجئًا بالضيق ، و ودعت بو و هو يغادر الغرفة. رغم صغر سنه ، كان بو ، أمير مايرامونتي الصغير ، مشغولاً بتعلم واجباته ، أكثر من سو التي تقضي وقتها في التسكع.

تساءلت سو إن كان ينبغي طلب وقت فراغ أكثر لبو من الدوق. تنهدت و هي تراقب شعره الأحمر يتلألأ كبتلات الزهور و هو يبتعد. 

هل يصبح النبلاء الكبار ، حتى الأطفال ، بلا عاطفة كالدوق بسبب هذا الإرهاق؟

لكنها تذكرت الماركيز دورون ، الجار الودود ، و هزّت رأسها.

لا ، الدوق فقط غريب الأطوار.

تمتمت و هي تشتم الدوق ، ثم لاحظت رأسًا أزرق داكنًا يقترب في نهاية الرواق.

“آه!”

صرخت سو بفرح غامض. سمع الدوق صوتها ، فأمال رأسه قليلاً. لكنه عبس و أدار وجهه ببرود ، متجهًا للجهة المعاكسة.

شعرت سو بصوت انعطافه كأنه رفض قاطع ، فعبست.

ما الذي يحدث؟

“سيدي الدوق!”

توقف ظهره للحظة ، لكنه سرعان ما زاد سرعته. 

لم يكن يركض ، لكن خطواته الطويلة كانت كركض سو.

فتحت فمها بدهشة.

هل أنا وحش؟ لماذا يهرب؟

“سيدي! الدوق!”

حدقت في ظهره الذي صغر ، تصرخ. لكنه لم يتوقف.

لم يكن لديها ما تقوله ، لكن تجاهله جعلها تريد اللحاق به.

ركضت في الرواق الطويل. كانت ، كابنة الأزقة و نشالة سابقة ، سريعة جدًا. لم تكن بمستوى الدوق الفارس الطويل ، لكنها ظنت أنها تستطيع اللحاق به.

لكنها كانت متغطرسة.

كان الدوق سريعًا بشكل مذهل ، يحافظ على أناقته و هو يبتعد بسرعة. شعرت سو بالظلم و هي تلهث.

أنا أختنق! ماذا فعلت لأركض وراءك؟

تذكرت أنه تجنبها منذ زيارة قصر لانفرانكي ، فغضبت و قررت اللجوء إلى الحيلة الأخيرة.

“آخ!”

تظاهرت بالتعثر و سقطت. كان سقوطًا مدبرًا ، لكنه مؤلم.

صرخت ، تحدق في ظهر الدوق.

هل سيتجاهلني الآن؟

كان الرواق خاليًا سواهما. 

إن تجاهلها ، فهو أسوأ رجل بلا أخلاق

أمسكت كاحلها المؤلم ، تراقب. 

سمع الدوق صرختها ، فعبس و عاد إليها بسرعة فائقة.

فتحت سو فمها ، ناسية الألم.

هل له أجنحة؟ كيف يتحرك بهذه السرعة دون ركض؟

“هل أنتِ بخير؟”

أمسك الدوق كتفها و ساعدها على الوقوف.

بدا أنها أصابت كاحلها بالفعل. 

عبست ، تشفق على كاحلها الذي ضحت به. 

جسدي هو رأسمالي.

شعرت بالظلم.

“لماذا هربت؟” 

“لماذا تركضين في الرواق كطفلة مثل بو؟”

“بسبب من؟”

نظر إليها الدوق كأنها تلومه على إصابتها. 

أدار وجهه بسرعة. أمسكت سو كمه لمنعه من الهرب.

“لماذا تهرب؟”

“متى فعلت؟”

ضحكت سو بسخرية.

ماذا؟ متى؟

“هربتَ للتو!”

“لماذا أهرب منكِ؟”

“هذا ما أسأل عنه! لماذا؟”

“لم أفعل.”

نظرت سو إلى وجهه الهادئ بدهشة. بدا واثقًا من براءته.

أفلتت سو معصمه ، تشعر بالإحباط.

هل كان وهمًا؟ لكنها لم تكن متأكدة.

لكن ، بعقلانية ، لم يكن للدوق سبب لتجنبها.

هو صاحب العمل ، متفوق عليها. لماذا يتجنبها؟

“حسنًا ، تابع طريقك”

استدارت سو إلى غرفتها ، لكن الألم أوقفها.

هل يمكنني طلب تكاليف العلاج؟ لكنها هي من سقطت بغباء ، فالدوق لن يدفع.

لا أموال و جسدي مصاب.

عبست ، تنظر حولها.

كان الدوق واقفًا ، بعد أن كان يهرب كأن لديه موعد. فكرت بالزحف إن لم يرَ أحد ، لكن دوقة تزحف في الرواق؟ كارثة.

“ماذا تنظر؟ لن تساعد!”

رغم أن الحادث بسبب وهمها ، لكنها ألقت نصف اللوم عليه ، تحدق به بنزق. كان من المعجزات أنه عاد عند سقوطها.

“لا تستطيعين المشي؟”

“ألا ترى؟”

كبتت سو رغبتها في الصراخ ، و قررت الزحف. لكن رؤيتها تغيرت فجأة. بدلاً من الأرضية الحمراء ، رأت السقف العاجي.

حملها الدوق دون توقع.

“إلى غرفة الدوقة.”

لم يتفاجأ الدوق بوقاحتها في تحديد الوجهة.

اعتاد معاملتها له كعربة بشرية. 

عبس ، فدفعته سو على جبينه.

“ستظهر التجاعيد.”

“لا يهم.”

“عمرك ثلاثون فقط ، و تريد تجاعيد؟ الآخرون يستخدمون الزيوت لمنعها.”

نقرت لسانها ، تنظر إليه. كان الرواق المعتم يجعل وجهه غامضًا ، لكن خطوط وجهه الحادة واضحة. 

فكه القاطع ، كفك وحش ، لا يوحي بالنعومة. 

أحيانًا ، يذكرها أنه جندي ،  وليس موظفًا مدنيًا.

تذكرت كلام الأمير عن إرساله إلى الحرب. أرض قاحلة مليئة بالجثث. نظرت إلى وجهه الأنيق كقاتل مدرب ، وفتحت فمها.

هل يجب أن تذهب؟

لكن الكلمات لم تخرج ، بل ابتلعتها. صُدمت من نيتها قول ذلك.

لماذا أقول هذا؟ كان صوتها مليئًا بالأسى. 

حاولت تغيير السؤال.

“متى تعود من الحرب؟”

“لا أعرف.”

“حتى تقديرًا؟”

“لأنها معركة عصبية و ليست واسعة النطاق ، لن تطول”

“لم يقل جلالته شيئًا بعد؟”

لم يجب الدوق. يبدو أن الملك لا يزال متشككًا. 

عبست سو بإحباط. 

لعب دور الدوقة لفترة طويلة يجعل رأسها يختل. 

شعورها غير المقصود بالأسى كان مزعجًا و مخيفًا.

أغلقت عينيها ، تشعر بالجفاف. إن بقيت وحيدة في القصر ، ستزور الملك. تمثيلها كفيل بإزالة شكوكه.

يجب أن تهرب. لكن من ماذا؟ لم تعرف.

***

كانت استعدادات الدوق للحرب تسير بسلاسة. 

راقبت سو الخدم يركضون بفوضى ، و تنهدت بنعاس.

شعرت أن الجميع مشغولون إلا هي ، فوبخت نفسها.

يجب أن أعمل.

يداها ، بعد 24 عامًا من العمل ، كانتا متصلبين.

كان الفراغ يصيبها بالذنب. 

شعرت بالقلق من إضاعة الوقت. كانت تعلم أن القلق لا يفيدها ، لكنها لم تستطع إيقافه. عاشت حياتها بالاحتيال ، حتى أنفاسها يجب ألا تُهدر.

لكنها شعرت بالأسف لعدم وجود ما تفعله.