Aporia - 8
-“انت وغد سافل“
توقف سولفير عن السير ينظر لها بجانبية، ليؤشر لها بسبابته ان تصمت، ثم خرج
عندما استوعبت ما فعل ركضت الى الباب خلفه لكنه صفق الباب بوجهها قبل ان تصل له، لتضربها“اللعنة!! انت تستفزني!! اخرجني الان!! هذا لا يجدي نفعاً“
لم تجد منه اي جواب لذلك صرخت بغضب“اللعنة عليك!!!”
التفتت بعدم احتمال ترفع شعرها الى الاعلى لتنتبه على صينية الطعام، لم تبالي بامور الكبرياء و الاضراب عن الطعام، ما ذنب معدتها؟
اخذت تتناول الطعام و عندما اكملت استلقت على السرير، اغمضت عيناها تحاول اشغال نفسها باي شيء، لتكون اول ما تتذكره هو ضحكات شقيقها و تانيبات والدتها و دفاع والدها عنها
فيفيان:-
لا اعلم كيف لغبائي ان يثق بذلك الرجل، كيف يمكن لوجه ابي البريء ان يعرف هذه العصابات، لكنه كان خطه حقاً في تلك الرسائل، هل ارغمه على كتابة هذه الرسالة؟
ما هي حالتهم الان؟ كيف احوالهم؟ انا اجزم ان اعين امي ذابله و ان ابي قد نبت في لحيته العديد من الشيب، انه لا يحتمل هذا
يبدو ان اخي الان يرمي بغضبه على زملائه في المدرسه كما حدث عندما بقت امي في المشفى في عملية استئصال الزائدة الدودية..
عائلتي لا تتحمل هذا النوع من الاحداث انها مسالمة و بريئة، كما انني الان لا احتمل.. ام انني احتمل؟
لا اعلم.. لقد انهرت في بداية الامر لكنني الان غاضبة، كنت خائفة لكن الان غاضبة؟ لا افهم نفسي…
تقلبت على جانبي الايمن انظر الى كف يدي.. لكان من الجميل ان ياتي ابي كعادته بعد ان احضى بيوم سيء و محزن، يطرق على باب غرفتي ثم يجلس على سريري، يمسك يدي و يخبرني انني عملت بجد و انه لا باس للانسان ان ينهار لبعض الوقت.. لم يكن يعترض على بكائي كالاطفال، بل كان يمسح على رأسي عوضاً عنه…
اغمضت عيناي اتخيل وجه ابي، ذلك الوجه المريح ذو اللحية البنية، بنظاراته و شعره المصفف كانه من الستينيات على الرغم من كون عمره فقط بدايه الاربعين، هدوئه و ذكائه، كان معلماً لاحد المدارس، بالطبع سيكون شخصاً عظيماً..
نجحت بتخيل شكله فوق راسي و هو يمسح عليه، لتنقبض معدتي عندما تذكرت ذلك المشهد، عندما امسكت بيد سولفير..
فتحت عيناي ابعد تلك الصور عن رأسي، ارغب بالتقيؤ، معدتي لا تحتمل هذا الضغط، سكنت متوقفه عن التفكير للحظات، لماذا بحق الجحيم افكر في ذلك الان؟ انا لست مصابة بمتلازمة ستوكولم، و لن اصاب واللعنة على هذه الخيالات اللا طائل منها!! انا لست في رواية مراهقين مازوخيين!
اعتدلت بجلستي بغضب متجهه الى الباب اضربه بشدة “افتح لي الباب!! ارغب بالذهاب الى الحمام!!”
دقائق لاسمع صوت الاقدام يعلو شيئاً فشيئاً حتى خرخشت المفاتيح ،فتح سولفير الباب ينظر لي بنظرات ؟؟؟
لا اعلم، انها نظرات لكن لا استطيع ان اشخص ماهي..
رمقته بسخط ذاهبة الى الحمام، كان قد اتكأ على الجدار مكتفاً يداه، لم يقل شيئاً، هو لا يريد ان يفعل اي نوع من التواصل معي و انا كذلك لا اريد..ذهبت الى الحمام دون فعل شيء،
كيف اهرب؟ علي الهرب.. كيف؟
بعد دقائق توجهت الى الباب، محاولة فتحه دون اصدار اي صوت، اخرجت راسي انظر له لاراه مغمض العينين و لا يزال بنفس الوضعية تلك، خفت ان اتنهدت لذلك حبست انفاسي اخطو بعض الخطوات حتى اوقفني صوته“تعلمين انه لن يجدي، عودي الى غرفتك“
تجمدت بمكاني فرغم صوته الهادئ الا ان التهديد هذا قد فتح لي بعض الذكريات، تحديداً.. تلك التي في الشارع مع المسدس الاسود بجانب اذني
استدرت مجدداً الى غرفتي متقدمة بهدوء، لن يجدي؟ لن اهرب؟ على الاقل اذني و سمعي سيكونا سليمين..
دخلت الى الغرفة و قبل ان انظر له كان قد اغلق الباب في وجهي، اللعنة لما يلعب دور الضحية الان!!!!!!!
ضربت الباب برجلي بقوة شاتمة له
اتجهت الى النافذة انظر الى الشارع منها، شعرت وكأن هناك حجارة على معدتي، ارغب بالتيقؤ
••
حجارة على معدتي، حيث ارى من خلال تلك النافذة الاخرين الذين يمروا من امامها، اتمنى مع كل من يمر و كل من يغادر، و كل سيارة تعبر و كل دراجة تعلن عن مغادرة صاحبها، ان ياتي لي و ياخذني، ان يخرجني من ذلك الجحيم،
كان داخل صدري يحترق قرفاً و فراغاً، لا علم لي كيف اصف ما يحدث داخل صدري سوى ان الانسب هو الفراغ الثقيل، ذلك التخبط الذي تعلم انك في الهاوية دون مقدرتك على الصراخ
مسحت دموعي المتدحرجة، ربما لن يبقى هناك عطشى في جنوب افريقيا لو تم تنقية دموعي.. انا ابكي كثيراً حقاً..
••
ضحكت بيني و بين نفسي و انا انظر الى كفي المبلل بدموعي، ان الديجافو تتكرر كثيراً، حتى دموعي كانت جزءاً من هذا الديجافو
نظرت مرة اخرى الى النافذة لأرى سولفير مغادراً، حسناً.. لا يفرق فبالنهاية لا استطيع الخروج
••••
مر يومان على احتجازي و لا يزال الامر يزداد سوءاً، اما اليوم؟ فالسوء اسوء
فلدي خاطفي العزيز و دورتي الشهرية العزيزة الاخرى، و انا بينهما مثل كرة التنس يتم ضربي
اخذت اتلوى على الارض كالدودة لافة الغطاء علي، اللعنة هل سيكون هذا عشر اضعافه عند ولادتي؟ لن اتزوج اذن تباً للنسل و الولادة!! كيف استطاعت امي ان تحمل ببيتر بعد ان انجبتني!!
عندها طرق سولفير الباب، هل انهار الان؟ كلا انها فكرة مبتذلة لن امثل مسرحية الموت لاثير شفقته
دخل الى الغرفة و بيده صينية الطعام مرة اخرى، لكنه لم يخرج بعد، ظل واقفاً في مكانه ينظر لي،
-“ما بكِ؟” قالها دون ان افهم ما يشعر به من نبرته، انه يبني حاجزاً لا استطيع تخطيه، –ما بكِ– هل تقصد بها كانني دودة مثيرة للشفقة ام مريضة وضعها مقلق؟
لففت نفسي بالبطانية اكثر“تشنجات الدورة الشهرية، ارغب بمدفئة“
نظرنا الى بعضنا البعض ثوانِ حتى ردَ“كفاك دلالاً، لا تبالغي“
قالها بهدوء خارجاً..
مبالغة؟
-“انت!!!…”
اغلقَ الباب في وجهي بينما اكاد لا اعلم ما انطق به!!
لم امتلك الطاقة بالفعل للركض و الشتم كالماضي، لذلك اخذت اشتمه في عقلي بينما اتناول الطعام،
لم يتحسن حالي بل كان يزداد سوءاً ،اصبح التنفس يؤلمني و جانباي يتمزقان، تركت الطعام دون اكماله ، حتى البلع اصبح مؤلماً اكثر.. ارغب بالذهاب الى الحمام مع بخار يسلقني كالبيضة.. شعور النزف ذلك في الحمام و تحت الدش اجمل ما يكون في هذا الوقت..
توقفت عن التخيل للحظات.. انا لا املك حتى فوطاً.. الدماء!! لابد انني غارقة بالدماء!!
ابعدت الغطاء عني لارى انني بالفعل غارقة بالدماء.. ثيابي.. الهي لما ..
اتجهت الى الباب بسرعة اطرقها“سولفير! اعلم انك تسمعني! افتح الباب! ارغب بالذهاب الى الحمام“
الان رغم الالم اصبح الامر مقرفاً، مهلاً هذا.. الدورة الشهرية لم تاتيني منذ ان اتيت الى هنا.. كيف لم افكر في هذا.. لعل نسياني كان افضل لظننت انني حامل من احد الاوغاد..
اللعنة بطني تتمزق، هل رحمي ينزف ام احشائي كاملاً؟ اللعنة على كل من يقول دلالاً و اللعنة على سولفير واللعنة على الجميع.. اللعنة علي
سمعت خطى قدمه اخيراً نحوي لذلك ابتعدت عن الباب قليلاً ،عندما فتح الباب استقمت على قدمي بسرعة خارجة باتجاه الحمام، كان قد امسكني بالفعل لكن قبضته لم تمسك الا البطانية، والتي تركتها في قبضته متجهة الى الحمام
قفلت الباب متجهة الى المرحاض، عندها فقط علمت ما القرف الذي انا به بشكل مفصل اكثر،غطيت وجهي بيدي احاول تمالك نفسي، الالم لا يخف، و ثيابي ممتلئة بالدماء، من حسن الحظ انه لدي بعض الفوط الصحية هنا في الحمام
خلعت ثيابي ذاهبة ناحية الدش، فتحت الماء الحار والذي سرعان ما حول جلدي الى اللون الاحمر، لكن لا بأس، انني اشعر بالتحسن، رغم شعوري باستمرار النزيف، لكن الان انا مرتاحة حقاً، كانني اخيراً اتنفس
جلست على ارضيه الحمام ضامة ركبتاي الى صدري، دافنه راسي بين ركبتاي
••••
نظرَ سولفير الى فيفيان ليلاحظ الدماء التي طبعت على ثيابها ثم نظر الى البطانية ليرى ان بعض الدماء قد تسللت عليها
تنهد بتعب فاركاً عينيه بسبابته و ابهامه، دخل الى الغرفة يتفحصها فلاحظ انها لم تكمل طعامها ككل مرة، خرج الى الممر مرة اخرى عندما سمع صوت الدش
رمى البطانية هذه الى اسفل الدرج ثم اتجه الى المخزن الصغير بجانب الحمام، اخرج منها بطانية اخرى ، وضعها على سريرها ثم اخذ صينية الطعام، كان يعمل بهدوء و بسرعة، كان واضحاً على عيناه الكثير من الافكار تتضارب داخل راسه لكنها تخرج بانتظام على افعاله، لم يخطئ بشيء ولم يسرح، عَلَمَ ما يفعله ببساطة
اخذ المدفئة من المخزن الى غرفة فيفيان، عندها فقط نظر الى الغرفة من امام الباب، لقد غير الغطاء، و ابعد الطعام و جدد هواء الغرفة بفتحة للنافذة، ثم دفأها عبر المدفأة.
طرق باب الحمام عدة مرات لتفتح فيفيان الباب قليلاً، نظرت له بارهاق “ساخرج حالاً.. فقط احظر لي بعض الثياب “
نظر لوجهها المبلل و خصلات شعرها الملتصقة على وجهها قليلاً، اومأ لها و قد احضر لها ما ارادت بعد ان نسق قطع الثياب بالوان مناسبة، اخرجت يدها كي تلتقط الثياب ليلاحظ سولفير احمرار جلدها، رفع عينيه الى داخل الحمام عندها فكر.. كم درجة حرارة الماء بحق الرب؟
اغلقت فيفيان الباب في وجهه بينما هو انتظرها في الممر، دقائق حتى خرجت فيفيان و على كتفها المنشفة، شعر سولفير بالرضى من منظرها، فالثياب التي ترتديها تبدو دافئة و متناسقة، بقى فقط تجفيف شعرها
ذهب الى غرفته محضراً مجفف الشعر و هنا لاحظ في عودته انه ترك الباب مفتوحاً، نظر الى جانبه الايمن حيث باب المخرج، ابعد تلك الافكار من رأسه داخلاً الى الغرفة ليجدها مستلقيه على السرير تتنفس بصوت عالي، انها ليست بوضع جيد لتهرب
وضع مجفف الشعر على الطاولة“جففي شعرك“
التفت ليخرج لكنها لم تجب على كلامه بل تكاد تكون نائمة، توقف سولفير امام السرير مرة اخرى “هل سمعتيني؟“
اردف “فيفيان..؟“
وضع ظهر سبابته على جبهتها ثم اخذ يمسح برفق على وجهها دون تعبير على عيناه، ان جلدها ينضح حرارةً من الحمام الذي اخذته، اخذت يداه تنزل شيئاً فشيئاً حتى وصلت الى كفها، جلس القرفصاء امامها يتلمس كفها الدافئ
شعرت باقي اصابعه بالطمع لتلمس كفها حيث شرعت تنزل واحدة تلو الاخرى حتى اصبح ظهر كفه كله يتلمس باطن كفها، لكنه لم يتمادى برغباته ليسحب يده عن كفها
فتحت فيفيان عيناها بتعب تنظر له و ليده
-“اتشعرين بتحسن؟“
همهمت له ليستقيم بوقفته، سحب المنشفة من على كرسي المكتب، لافاً بها شعرها“جففيه عندما تستيقظين“
همهمت له مرة اخرى ليخرج من الغرفة قافلاً الباب
•••
كانت فيفيان واعية على ما فعل لكن لم تكن لديها الطاقة للتصرف، فالتشنجات اخذت نصف قوتها، و حرارة الماء اخذت الباقي، استيقظت على العشاء ظناً ان سولفيرسيكون اكثر ليناً معها لكن كل ظنونها خابت عندما وضع طعام العشاء دون ان ينظر لها كالسابق
لم تشتمه بل ظلت تنظر له، هي ليست مصابة بمتلازمة ستوكهولم، لكنها ليست مصابة ايضاً بجنون الارتياب…
هي لا تزال غاضبة منه و من افعاله لكنها لن تتركه يتصرف كما يرغب، هي ايضاً تستطيع ان تلعب على اعصابه حتى و إن حبسها بهذه الغرفة
عندما لم تلمس الفطور في اليوم التالي، ولا الغداء، بل ظلت على سريرها متقوقعة، تخرج فقط للذهاب الى الحمام ثم تعود للتكور على نفسها في السرير
و عند كل مرة تشاهده يضع او يحمل صينية الطعام كانت تلك اللحظات اللطيفة السابقة تمر من امامها، هل اعتادت عليه ام انها فقط اعتادت على لطفه؟ هي ليست غبية لتغض النظر عن لمسه ليدها بتلك الطريقة
ستعلم ان تجاوب مع ما تفعله
في العشاء وضع صينية الطعام خارجاً، دون اعطائها اي ردة فعل، لكن الامر تغير بعد ساعة، حين اتى لياخذ العشاء و شاهد انها لم تلمسه كذلك، اراد الخروج لكنه توقف واضعا الطعام في مكانه“لماذا لا تاكلين؟ اي نوع من الالعاب هذا الان؟” قالها بانزعاج
-“لا اريد هذا فقط ما في الامر” تحاشت فيفيان النظر اليه
ضرب سولفير الطاولة بكف يده“انظري لي و كرري ما قلتيه!!”
-“لا اريد“اشاحت فيفيان بوجهها بالكامل
-“فيفيان والاس!”
اجفلت فيفيان حين قال اسمها بنوع من الحدة، رفعت راسها ببطئ “لا اريد“
تنهد يحاول كبت غضبه ،هو لا يطيق تصرفاتها الطفولية اصبح الامر مزعجاً له “لا ينفع معكِ الطيب اليس كذلك؟ حسناً“
اخرج مسدسه من حافظة المسدس التي كانت مخفية اسفل سترته“لن انزله حتى تكملين العشاء“
توسعت عينا فيفيان بارتباك، لم تتوقع هذا
سحب اعلى مسدسه “لن اقتلك فعلاً انتِ تعلمين، لكنني ساخسركِ لسمعكِ، تماماً مثل اليوم الاول، لذلك هيا تناولي الطعام“
ازدردت ريقها تأخذ الصحن، تناولت بعض اللقيمات ثم ابعدت الصحن، لكنها اعادته الى حجرها عندما رات نظرات سولفير لا تبشر بالخير..
تناولت الصحن كله عندها اخذ منها الصحن و هي مطأطأة رأسها، ثم دوى صوت صفق الباب معلنا خروجه.. ماذا حدث فقط؟
تنهدت فيفيان فلم تعلم ماذا حدث و لماذا… لم تتوقع انه ليشهر بمسدسه مرة اخرى لها، هل هو للحماية ام للتهديد
شعرت برغبة عارمة للتقيؤ لكنها فقط اغمضت عينيها مسندة بظهرها على الجدار، دقائق ثم استلقت على جنبها متكورة تسمح لراسها بصنع تلك السيناريوهات الخياليه بمثابة المسلسلات و الافلام..
•••
مرت بالفعل عدة ايام و هي محتجزة في تلك الغرفة، دون ان يعطيها سولفير ادنى اهتمام باستثناء ذلك الطعام و وقت الحمام، و كلما ارادت ان تتكلم معه كان يخرسها قبل ان تكمل كلمتها الاولى
حتى شاهدته يخرج باحد الايام كما يفعل الفترة الاخيرة تاركاً اياها وحيدة، جلست على الارض تمدد جسدها بعد تناولها للغداء ،
-“اشعر بالعطش..” تمتمت فيفيان بتلك الجملة تبحث عن الماء لكنها اكملته بالفعل اثناء الغداء
جلست هذه المره على كرسي المكتب، بدأ متنها يؤلمها من النوم الكثير،
عادت للقيام و السير في ارجاء الغرفة، الان مؤخرتها ما تؤلمها، اخذت تسير تارة و تجلس تارة لفترة دون فعل شيء اخر
اليس اليوم اصبح 48 ساعه؟
لكنها اجفلت في نهاية العصر على صوت ارتطام الباب السفلي بقوة، تلاه صوت تكسر الزجاج
اسرعت فيفيان الى النافذة لكن لم يكن هنا اثرا لاحد، تنهدا مطمئنة فهو سولفير لا غيره
سكتت تتصنت الى الاصوات حتى ادركت انه سولفير و هو قادم الى الاعلى ،خرخشت المفاتيح امام بابها، تلاه صوت فتح القفل
كانت فيفيان تنظر بارتباك الى الباب، حدسها يقول ان هناك امراً سيئاً قد حدث، فُتُحَت الباب لترى جثة سولفير الضخمة امامها بملامح متعبة و انفاس متصاعدة
انهار على ركبتيه ارضاً “انتِ، فيفيان..”
فزعت فيفيان اثر مظهره حتى انتبهت الى يده اليمنى، انها تقطر دماً، ترددت لحظات قبل ان تركض نحو مسرعة“يا الهي!! يا للهول!! لماذا!!”
جلست على ركبتيها عندما رفع يده اليسرى لها“الاسعافات الاولية في الاسفل في الحمام، خلف المرآة، اسرعي” قالها بتعب و هو يلتقط انفاسه بصعوبة
ابعدت فيفيان شعرها عن وجهها تزدرت ريقها “حسنا!! حسناً! انتظرني!”
ركضت الى الاسفل حيث اخذت تبحث عن العلبة، لم تتاخر حتى وجدتها اذ همت ركضاً الى الاعلى لتجده جالساً على الارض بنفس مكانه مسنداً جسده العلوي على سريرها و راسه على ذراعه اليسرى
-“لقد اتيت!! ارني اين اصابتك!!” قالتها بتوتر
جثت على ركبتيها الى جانبه الايمن تتفحص يده دون ان تعلم من اين ينزف
-“انه كتفي” نطق بين انفاسه المتثاقلة
ازدردت فيفيان ريقها تفتح الصندوق، اخذت تبحث عن شيء تقص به قميصه حتى وجدت مقص صغير، شقت به قميصه ثم انتقلت الى امامه تساعده على خلعه“كيف حدث هذا؟ اين كنت بحق الرب!”
خرجت ضحكه خافته منه“فيفيان انه يؤلم، اخرجي الرصاصة فقط ثم ساخبرك، الان اخرجي اللعنة تلك من كتفي“
-“كان عليك ان تعلم انك ستتالم! بحقك ماذا كان سيحدث ان لم تاتي! مهلاً لماذا اصلا اتيت الى هنا ماذا عن صديقك !”
كانت فيفيان تتعمد الكلام كي تبقيه على تواصل معها، كانت خائفة جداً من ان يفقد وعيه بجثته هذه، لم تكن متاكده من الطريقة هذه لكنها تراها كثيراً في الافلام
-“ايهم فيفيان اي منهم؟ ساضطر الى نزع القناع في باقي الاماكن” قالها بنوع من السخرية على تعليقاتها و اسئلتها، ثم استرسل يرفع راسه موضحاً “ثم ليو لن اذهب له.. الم يتحرش بك ذلك الوغد؟“
سكتت فيفيان بعد جوابه لتجد بين الاغراض هذه ظروف من الملح، نظرت للظرف غير فاهمة لسبب وجودهم حتى استوعبت انه للتعقيم..اخذتها بين يديها“ساتي حالا لن اتاخر“
همهم لها و هو يرجع راسه على ذراعه اليسرى
ذهبت فيفيان بسرعة الى الاسفل تبحث عن اي شيء كبير يستطيع حمل المياه به، لتجد حوض طبخ كبير الحجم لتاخذه مع حزمة المناديل النظيفة الى الاعلى، وضعت الحوض في الحمام مع ظروف الملح و القماش و همت الى سولفير مرة اخرى
-“استند علي سولفير، اتسمعني؟“
جلست على ركبتيها امامه تاخذ وجهه بين يديها“اتسمعني!! سولفير!”
فتح عيناه بتعب “اين؟“
-“الى الحمام لاغسل لك جرحك، هيا بنا“
رن هاتف سولفير في هذه اللحظة لتشكر الرب بينها و بين نفسها، سيتكلم لبعض الوقت
-“ماذا يريد الان؟” تذمر سولفير و يبدو الالم على صوته، لم يخرج هاتفه من جيبه، بل ظل يرن لتمسك هي بذراعه اليسرى تلفها حول رقبتها، هو ثقيل لكنه لن يتركها تحمله وحدها بالتأكيد
-“اجب على الاتصال كي تتكلم، ثم استند علي قليلاً“
هربت ضحكة من بين شفتيه“لما انتِ خائفة من سكوتي؟ لن يغشى علي.. استطيع تحمل هذا“
استند قليلاً عليها يجمع شتات نفسه و توازنه بينما صوت انفاسه يتصاعد، قام على قدميه و تحركا معاً شيئاً فشيئاً الى الحمام ، حتى وصلا الى هناك
استمر الهاتف بالرنين ليفتحه سولفير بعد ان جلس على ارضيه الحمام“ما الامر الان؟ ماذا حدث؟“، كان سولفير اكثر تعباً من ان يحمل هاتفه على اذنه، ليفتح مكبرة الصوت..