Aporia - 5
اشار سولفير حركة خفيفة بيده لفيفيان بان تتراجع خلفه و هي فعلت مثلما اراد،
-“ماذا تفعلين هنا؟” سأل سولفير بهدوء
-“لماذا هناك فتاة في منزلك؟ تحديداً هذا المنزل؟” اجاب صوت انثوي، من الامرأة التي تجلس على احدى الكنبات و قد اعدت كوباً من القهوة بالفعل و هو بجانبها ،واضعة قدماً على الاخرى غير ابهة بخلع الحذاء من قدمها ام لا
تقدم سولفير و تقدمت خلفه فيفيان“لقد اخبرتك بما جرى” كان رافعاً احدى ذراعيه قليلاً الى الخلف باتجاه فيفيان، كأنه يحاول ارسال رسالة لتلك الامرأة انه هذه الفتاة لا تملك اي علاقة بالذي يحدث و انها تحت حمايتة الان
-“لم تخبرني بالحقيقة كاملة! قرابة العقد بينكما! لما تبقيها في منزلك لا افهم!! ما قلته غير منطقي اتظن اننـ..”
-“فيفيان اصعدي الى غرفتك” قاطع سولفير كلام الامرأة امراً فيفيان
تشوشت فيفيان بهذا الموقف، من هذه؟ هل كانت في منزل رجل متزوج؟ ام ماذا؟.. الامر مخزٍ
نظرت الى المرأة الاخرى لتتلاقى عينايهما، ارتاحت فيفيان قليلاً عندما ادركت ان المرأة هذه غاضبة من سولفير وليس هي، حسنا سولفير يستطيع تدبر شؤونه لكن هي لا تستطيع.. من المريح ان سولفير فقط من وقع بورطة..
صعدت الى غرفتها بسرعة بين انظارهما حتى تعالى صوت شجارهما في الاسفل..
-“إن كنت تنوي ابقائها معك لما تضع القناع الاخرق هذا؟! لا تتصرف كالسافل اد..” ارادت اكمال ما تريد قوله لكن سولفير اوقفها“كرستين لا تحشري انفك في ما يعنيني، انتِ حرة بالبحث عن خلفية الفتاة كيفما تشائين لكنكِ ستتوقفين عند الاسبوع الذي اخذتها انا.. اتفقنا؟” قالها نازعاً الجزء العلوي من قناعه ليبان شعره السرح البني،
-“انت تستغفلني! اتيت الى هنا و ساعدتك بالكثير من الامور ثم تخبرني بان لا احشر انفي؟ من انت لتدخلني و تخرجني كيفما تشاء؟ هل انت الرب؟؟“
-“لا تستفزيني بديانتي!! ، اعطيتك من المعلومات ما يكفي كرد جميل للذي ساعدتيني به، لكن غير هذا لا تحشري نفسك، عودي الى المنزل“
-“لكن لما هذا المنزل من بين كل المنازل؟! انك تسيء من الاحوال حتى لو تذكرت الفتاة تلك ما حدث..”
-“انه آمن للجميع، لن يزعج الجيران انفسهم بالبحث ماذا يفعل ابناء ال سيلفادور، ولن تاتي العائلة الكريمة للنظر الى ضيفة ابنهم.. هذا المكان معزول كما ينبغي ان يكون“
تنهدت كرستين حاملة حقيبتها“انك سافل ،سآتي غداً ابيت ليلتين عندك، اياك ان تطردني، على تلك الفتاة ان تختلط مع بعض البشر” ثم رمقته بازدراء“ان حالها مزري ان تجابه وجهك الاسود طيلة اليوم“
-“وجهي ليس اسوداً..”
-“ما الفائدة و انت ترتدي قناعك كالثياب الداخلية.. هل تتنفس حتى؟!”
-“لا.. من الجيد ان الهواء ينقى قبل ان يدخل الى رئتي، اخرجي الان“
قالت كرستين بصوت عالي“سابيت هنا غداً! و لن تمنعني!” و انهت جملتها بصفعها للباب بقوة
تنهد سولفير بتعب ناظراً الى الباب ثم حول بنظره الى الدرج، نزع سترته و اتجه ناحية غرفة فيفيان، إن لم يخب ظنه فهي الان توسوس بشأن من هذهِ و لما هي هنا..
طرق الباب كعادته، طرقتان متتالية ثم طرقة لتأذن له بالدخول، دخل عليها ليجدها كعداتها، مستلقية في وسط الغرفة على ظهرها
-“لما تستلقين على الارض؟ هل السرير غير مريح؟“
نظرت له فيفيان معكوسةً “انها تساعدني كي اسرح في افكاري“
لم تعد ببصرها الى السقف بس ظلت تنظر له، و كأنها تتفحص شيئاً جديداً.. ظلا يتبادلان النظرات دون فهم سولفير بالموقف و لما هو هكذا
لتعلق فيفيان“لديك شعر.. لماذا؟” قالتها بسهو
اخذ لحظات ليستوعب، ام ثواني؟ الامر صعب على عقله ليفهم لماذا هي متعجبة من امتلاكه لشعر، و لماذا اصلاً تسأله..
سأل سولفير رافعا احد حاجبيه “هل كان جدك اصلعاً؟“
صمتت فيفيان ثواني لتنفجر ضاحكة “هذا صحيح“
ابتسم سولفير جالساً على سريرها“الا تمتلكين اسئلة؟ كنتِ محور الموضوع“
استقامت بجلستها“بالتأكيد لدي.. ماذا حدث؟ هل انت متزوج؟”
ثم استرسلت“ليس و كأنك تخونها معي.. لكنك حقاً سافل إن كانت هي زوجتك” قالتها بنبرة مفكرة
تلعثم سولفير بسبب تشابه الالفاظ، لماذا كلتاهما يشددان على كونه سافلاً“هي اختي وليست زوجتي.. شعرت بالشك فقط عن سبب ابقائي لكِ هنا“
-“اختك… اختك!!!!$&&!” قالت الاولى بتفهم ثم الاخرى بفزع
تحول وجهها الى الاحمر فجأةً، بينما غطت وجنتاها بشعرها“الهي.. كيف ساواجهها“
تنهد سولفير دون كلام، سيترك هذه المهمة الى كرستين، فقد اكتفى بالتربيت على رأسها كعادته“خذي وقتك، ستاتي غداً“
اكمل سولفير جملته بينما يلعب بخصلات شعرها، دقائق قضت من الصمت ،اذ هي اشتغلت بوسوستها حول شقيقته، و هو كان يتأمل شعرها يلعب به..ثم غادر الغرفة بعدها
•••
اليوم التالي
ايقظ سولفير فيفيان كعادته، صباحاً على الفطور، و كان اول شيء تقوله فيفيان قبل رد تحية الصباح “هل شقيقتك هنا؟“
توقف سولفير لبرهة من الزمن، هل هي جادة بخجلها هذا؟ اومأ لها لتغطي هي الاخرى رأسها“لن آتي“
رمش سولفير عدة مرات لكنه استسلم لها“تحضري، سأتي لاتفقدك بعد عدة دقائق“،
نزل الى الاسفل ليرى شقيقته مرتدية نظاراتها الشمسية داخل المنزل، و بشعرها البني ذو الخصلات الشقراء المصبوغة، و مستحضرات التجميل والتي هو متأكد انها بسعر كلية تباع في السوق السوداء، و ثيابها لا تختلف عن مستحضرات التجميل في السعر
كانت تضع قدماً على الاخرى و هي تعلك علك النعناع خاصتها، تنظر له باشمئزاز، توجه نحو المطبخ متجاهلاً نظراتها“عليكِ بخلع الحذاء، او تنظيف المنزل“
نظرت كرستين الى حذائها ثم اليه“الان انا لا احترمك“
تنهد سولفير و هو يخرج كوبين “هل تريدين شاي ام قهوة؟“
-“قهوة، ثم اخلع قناعك“
رمقها سولفير بنظرات ممتعضة، هو يعلم انها ترغب بفرض رأيها عليه، و هي تعلم انه لن يفعل ما تريد، لذلك رفعت له احد حاجبيها“ماذا؟“
-“ان فيفيان خجلة منكِ” قالها بينما يسكب الماء على القهوة
تغيرت ملامح كرستين الى الاستماع“لماذا؟ هي لم ترى وجهي الا يوم امس“
-“لقد اخبرتها انكِ انتِ من غيرتي لها ثيابها، حين فقدت الوعي“
همهمت له“حسناً، لا اتذكر شيئاً بخصوص جسدها و تفاصيله، فقد طُبِعَ بذاكرتي شكل الكدمات، كانت كثيرة لدرجة انها لا تفارق رأسي“
ثم ابعدت نظاراتها عن عينيها“انت لم تفعل هذا اليس كذلك؟“
تقدم سولفير ناحيتها ممسكاً بكوب القهوة “اخبرتك بالفعل، احضرتها الى المنزل بسبب كدماتها، لما سأفعل هذا بربك؟“
همهمت له كرستين“دعها تنزل ،انا ساهتم بامر خجلها“
ابتسم سولفير خلف قناعه، انها جديرة بالثقة، انها اخته بالنهاية بالتاكيد ستكون كذلك
اتته رغبة كبيرة بأن يربت على رأسها لكنه يعلم انها ستغضب، فشعرها مصفف بعناية
توجه ناحية السلالم ليوقفه صوت كرستين“اخلع قناعك، على الاقل الجزء العلوي، تبدو كالوزغ الاسود“
لم يرغب بعنادها، لا بأس ان يتخلى عن بعض عاداته ان كانت لا تضر، لذلك ابعد الجزء العلوي من القناع مظهراً شعره البني
ابتسمت كرستين برضى“تبدو احسن قليلاً“
لم يرد سولفير على كرستين و اكتفى باشاحة وجهه ذاهباً الى فيفيان، طرق الباب ثم دخل ليرى فيفيان بنفس حالها،
-“لما لاتزالين نائمة؟ عليك تناول الطعام“
لم ترد عليه فيفيان لذلك تقدم نحوها، مبعداً الغطاء باصبعيه السبابة و الوسطى الى الاعلى قليلاً، شعر بالقشعريرة التي سرت بانحاء جسدها“انتِ مستيقظة!”
فتحت عيناها تسترق له النظر“لا اريد“
امسك سولفير بالغطاء لكن صوت فيفيان اوقفه“ارجوك، اعطني القليل من الوقت، فقط القليل، ارجوك” قالتها بترجي
لم يكن بيده حيلة سوى اعطائها ما ترغب به، النساء متعبات، و هو مُتعَبْ، جُل النساء اللواتي اختلط بهن، كان عليه ان يتنهد نصف ما في رئته من هواء ليصبر على افعالهن
لكن ما باليد حيلة، يتبقى عليه تحمل تعقيداتَهُنَ كما يتحملن هُنَ بروده
ترك الغطاء متراجعاً“سامهلك خمس دقائق“
اومأت له فيفيان ليعود حيث شقيقته
بعد ربع ساعة نفذ صبر سولفير، “هل تظن انها ستخدعني؟” تمتم بهذه الجملة بينه و بين نفسه بعدما كان جالساً بانزعاج على الكنبة
قام من مكانه بنفاذ صبر يخطو ناحية الدرج بسرعة بينما يتذمر بينه و بين نفسه بصوت خافت و يشتم
هذه المرة لم يطرق الباب بل صفعها بقوة“فيفيان!!” صاح بغضب و هو متوقع لهيأتها المتلفلفة بالغطاء
لاحظ اعتكافها على نفسها والذي تزايد عند صياحه باسمها لكنه لم يأبه بهذا، اذ تقدم نحوها بنفاذ صبر“اخبرتيني فقط خمس دقائق؟!!! هل تعلمتِ مفهوم الوقت من شخص غبي!! الان و حالاً قومي!”
حاول جر الغطاء منها الا انها صاحت “لا لا لا!!! ارجوك!!! لا اريد!!!”
-“لستِ من تقررين هذا!! الان هيا معي!!”
نفت فيفيان برأسها و هي تجر الغطاء نحوها، في هذه اللحظة كان فعل فيفيان كالوقود على البنزين، عندها حملها رأساً على عقب هي و غطائها“اخبرتكِ ستنزلين و هذا يعني انكِ ستنزلين!!”
ظلت فيفيان ترفس بقدمها فجعلت من توازن سولفير يختل، ليسند جسده على الحائط“فيفيان!” صرخ بها لتتوقف قدمها عن الرفس، ثم كعفت قدميها ببطئ كالنبتة الذابلة، تمالك نفسه هو الاخر و اتجه الى الاسفل“لا تتصرفي كالاطفال فيفيان! انك كبيرة بما فيه الكفاية لتتوقفين عن فعل هذه الافعال! انتِ بالفعل 18 سنة من عمرك!” قالها بصوت عالي بينما ينزل الدرج
نظرت له كرستين و هو يحملها رأساً على عقب هي و غطائها، امسكت ضحكتها بصعوبة فمشهده و هو يحملها بالمقلوب يجعلها ترغب بالضحك بقوة، وقف امام طاولة الطعام ليحكم قبضته على جسدها و بيده الاخرى رفع رأسها من الاسفل، اصبحت بين ذراعيه وهي منكوشة الشعر و فارغة المحيى
وضعها على المقعد و بحركاته و نظره بان نفاذ صبره، اخذ يعدل خصلات شعرها بينما هو مقطب الحاجبين، هي فقط ارتدت هذا القناع الفارغ لانها محرجة حد الموت، لا تنظر اليه ولا الى كرستين ولا حتى الى الطعام، تنظر الى الامام بتعبير فارغ كأنها مزهرية غير موجودة، لعل تمثيلها هذا يجعل من شقيقته تنسى وجودها
ظلت تنظر للعدم بينما اكمل سولفير ترتيب شعرها“ساجلب لكِ العصير” بدأت نبرته بالعودة لطبيعتها اما هي فقد تجنبت اي تواصل بصري ،حتى مع الجمادات، بينما كانت كرستين على وشك ثقب رأس فيفيان بنظراتها
وضع سولفير العصير امامها“اشربيه بينما اقلي البيض“
لم تحرك فيفيان عيناها، هي طبقت مقولة –اعمل نفسك ميت– بحذافيرها، و لو لا غضب سولفير كانت ستنام على الارض ممثلة الاغماء
حول سولفير بنظره من الكوب الي فيفيان ثم الى الكوب، عندها ادرك انها تتجاهل محيطها عناداً
دفع الكوب برفق نحوها مترقباً ردة فعلها، لكن لا حياة لمن تنادي، هي لن تستمع، رفع بنظره ناحية كرستين ليتبادلا النظر، انها تعظم الامر فقط
رفعت كرستين كتفها حاملة بحقيبتها “سأذهب لشراء بعض الالعاب و الطعام لنسهر بهم الليلة“
اومأ سولفير برأسه لها، وعندها دوى صوت الباب معلناً خروج كرستين حولت فيفيان نظرها من الجدار الى سولفير، تبادلا النظر لعدة لحظات حتى رفع سولفير حاجبية كأنه يقول (ماذا؟ هل تعترضين على شيء؟)
اعادت فيفيان بصرها الى الجدار، هل تظن ان بفعلتها هذه هي ستختفي؟ ام سينساها سولفير هذه المرة؟
-“اشربي العصير“
قالها مبتعداً عنها ،ثواني حتى بدأت بشرب العصير، بينما كان يقلي لها البيض و النقانق
اكملت عصير التوت بسرعة، فقد كانت تتضور جوعاً، ظنت ان حفلة ما كانت تقيم في معدتها عندما كانت في الاعلى
وضع امامها الطعام، ثم جلس مقابلها مكتفاً يده “انتِ تتعبينني بعنادك هذا” قالها بهدوء
اما هي فقد اكتفت بتناول الطعام، مرت ثواني من الصمت حتى قال“لمِ لا تصلين قبل الطعام؟ هل انتِ ملحدة؟” قال سؤاله بنبرة مازحة ،هذا اختيار فاشل لبدأ موضوع، لكن عقله اصبح كألة الحظ التي تدور و تدور حتى تعطيك ثلاث خيارات جميعها فاشلة، فقد انتهى عقله باختيار موضوع صلاة الطعام، ربما ستتم مكافأته كافشل شيء فعله في حياته،
هو يهتم للصلوات اليومية، كان سيؤنب كل من في عائلته إن بدأ الطعام دون الصلاة، و قد غض عنها النظر لبعض الوقت و يبدو انه الوقت الاسوء ليفتح معها هذا الموضوع
رفعت فيفيان عينيها له“كلا، انا مسيحية، لكن… لم افكر باداء الصلاة قبلاً” لم يخطر في بال سولفير ان الموضوع العشوائي هذا سيجلعها تتكلم، لكنها تكلمت
-“لما؟” سال لكي يطيل الحديث
-“انا فقط استمع للصلوات، لا اؤديها”
همهم لها ثم اسند بجسدة على ساعده“استمعي الان، فكري في نفسك في نعم الرب و إعطائكِ هذا الطعام، و فقط كوني شكورة، هذا يكفي لاداء الصلاة“
نظرت فيفيان له بعدم فهم“اين ذهبت جملة –ابانا الذي في السماوات؟-“
خرجت ضحكة خفيفة من سولفير“يمكنك قولها“
اومأت له فيفيان مكملة طعامها“من المحرج اداء الصلاة بعد اكمالي لنصف الطبق، سارددها عند الغداء“
ابتسم لها مبتعداً عن الطاولة“ساذهب لاستحم، ساتحقق من غرفتك عندما اكمل استحمامي، لا ارغب برؤية جسد معتكف على السرير حسناً؟“
اومأت له فيفيان بصمت ليذهب الى الاعلى
تناولت بعض القضمات ، ثم نظرت الى الطبق تفكر، ثواني التفتت حولها تتاكد من انه لا يراقبها احد
قبضت على يداها برفق مغمضة عيناها، تتمتم بخفوت“ابانا الذي في السماوات، شكراً على هذه النعم المبذلة لنا….”
صمتت تحاول ان تقول شيئاً اخر ،كيف كانت تصلي امها بحق؟ لما لا تتذكر
-“انه لذيذ ،امين“
قالتها بسرعة مكملة تناول الطعام
بعدما حملت طبقها ناحية المغسلة، سمعت صوت فتح الباب لتتجمد في مكانها
-“يا الهي لم اتوقع انني ساشتري هذا الكم من الحلويات و الالعاب!”
•••
فيفيان
سمعت خطوات حذائها على الارض تقترب نحوي، وضعت الاكياس على الطاولة واقفة بجانبي، عندها مدت لي علبة عصير“انه لذيذ، لم يعجب هذا النوع سولفير، لذلك جلبت لنا نحن الاثنتين فقط”
نظرت الى يدها و تدريجياً الى وجهها، انها حسناء، هل تنضح جمال ام كاريزما؟ لا اعلم لكنها تجعلني ارغب بالتمعن بملامحها
امالت راسها لتبان عيناها من خلف النظارات “من الجيد انكِ نظرتي لي الان” ختمت جملتها اللطيفة بابتسامة الطف
اخذت العلبة من يدها بعد تردد، انه عصير تفاح و كيوي، مدت هي الاخرى يدها الى العلبة تفتحها لي“دعيني استعرض قوة اصابعي طالما ان اظافيري قد قُصَتْ”
اومأت لها بهدوء، اخذ رشفة من العصير، استطعمته قليلاً لتتوسع عيناي قليلاً“هذا.. لذيذ“
قهقهت كرستين بخفة مربتة على رأسي“علمت انكِ تمتلكين ذوقاً، ثم يعجبني تنسيقك الى الملابس التي اخترتها“
رفعت رأسي نحوها بتساؤل“ماذا؟ هذه ثيابك؟“
نفت برأسها“كلا لم اكن لادعكِ ترتدين شيئاً مستعملاً، لقد طلب مني سولفير ان اجلب ثياباً الى فتاة شابة و بعض المستلزمات”
ثم اخفضت صوتها “شككت في بادئ الامر بهِ، هل ذلك السافل يفعل امراً ما لكِ؟ هل تريدين المساعدة؟“
نظرت لها بصمت في البداية، انها غريبة، لم اعتقد انها ستكون من هذا النوع، خرجت ضحكة لم استطع كتمها مني“إن سألتيني هذا السؤال قبل اسبوعين ربما كنت ساطلب المساعدة، لكن الان لا، هو يعاملني بإحسان“
تنهدت كرستين براحة“هذا جيد، كاد عقلي ينفجر بعد رؤيتي لكِ في البداية، في الواقع اتيت الى هنا لارى ان كان علي التدخل و تاديب اخي ام لا“
اه.. هذا صحيح.. هي رأتني قبلاً، لقد نسيت لوهلة
ابتسمت ابتسامة متكلفة غير مجيبة، لقد عاد شعور الازعاج و الاحراج
عندها تقدمت كرستين نحوي رافعة بذقني الى الاعلى ناظرة الى رقبتي“في الحقيقة انا لا اتذكر شيئاً سوى رقبتك، و خصرك، اعني.. انتِ خجلة من امر انا لا اتذكره، كدت اموت من القلق كلما تذكرت خصرك المليء بالكدمات و رقبتك“
ثم ابتعدت خطوتين“من المريح انهم اخف بكثير من السابق“
هي لا تتذكر سوى الكدمات؟ بحق؟
شعرت بان ماءً باردة انسكبت على رقبتي، كنت احترق خجلاً بينما هي لا تتذكر شيئاً..
اومأت لها “نعم.. انه يعتني بها جيداً، اما انا لا استطيع رؤيتهم جيداً“
ابتسمت بينما كانت ترتب الحاجيات“تقصدين سولفير، لابد انه يبذل جهده و يعتني بك“
همهمت لها، هذا بديهي، من الغبي الذي يأخذ بعاتقه حماية شخص ثم يهمله؟
استدرت كي اذهب الى الصالة لارى ارجله (هو) من اعلى الدرج، كان يتصنت اذاً..
•••
بعد انتهاء الحديث بين فيفيان و كرستين نزلَ سولفير، تلاقت عيناه مع شقيقته ليبتسم لها من خلف قناعه يومأ لها باشارة صغيرة، لقد استطاعت كسر الحاجز من فيفيان بشكل اسهل منه، لقد استغرق الكثير من الوقت ليتقرب من فيفيان عكس شقيقته
ضحكت كرستين تغير الاجواء“اخي العزيز ستترك لي غرفتك لانام بها اليس كذلك؟“
اشاح سولفير بنظره عنها“عندما تاتين بدعوة الى منزلي ساعطيك غرفتي، اما بهذه الحالة ستنامين في الصالة“
ثم استرسل قبل ان ترد كرستين“و انتِ كذلك فيفيان، لا تعطيها غرفتك“
نظرت فيفيان اليه ثم الى كرستين، كان سولفير مخيفاً عندما راته اول مرة، و شقيقته ايضاً تفيض جمالاً و قوة، لكن عندما يتكلمان لا يسع فيفيان الا الابتسام فشجارهم مضحك بعض الشيء، لا هو يبدو كما تصورته ولا هي تبدو كما تصورتها، انه يشبه نوعا ما علاقتها هي و شقيقها..
يتبع…