Aporia - 4
حملت الرسالة على اسم كارلوس والاس، نظرت فيفيان الى سولفير ثم اعادت النظر الى الرسالة بعدم تصديق
فتحت الظرف لتجد خط والدها على الرسالة، هي تعرف كيف هو خطة و هي متيقنة من ان هذا هو نفسه
عزيزتي فيفيان ابنتي الحبيبة،
اعلم انه من الصعب عليكِ ما يحدث الان لكن هذا اكثر اماناً للعائلة، شقيقك ايضاً في منزل احد معارفي كما انتِ الان، سولفير يكون ابن صديقي، قد وعدني بالاعتناء بكِ حتى تنتهي هذه المحنة
انا و والدتك في احد المنزال خارج المدينة، لا نستطيع التواصل معاً بالهاتف فكما تعلمين، تطور الزمن و تطورت وسائل الخطر معه و لم يبقى سوى ان ابعث لكِ برسائل ورقية
لا تلومي نفسكِ على ما حدث في الملهى، فقد دافعتي عن نفسكِ و هذا ما يجب ان يكون، ابنتي الشجاعة لم تصمت عن الحق فقط لانها خائفة، كوني آمنة ولا ترسلي لاحد
والدك الذي يحبك
قرأت فيفيان الرسالة و هي تتخيل صوت والدها و تعابير وجهه، نظرت بتمعن اكثر و هي تتمنى ان لا تنتهي الرسالة و تستمر اكثر
رفعت رأسها وعلى محياها علامات الفرح و الارتياح، كأنها رأت طوق النجاة و تشبثت به، كان سولفير متكئاً على الطاولة يسند راسه على قبضته ناظراً الى فيفيان
-“انه ابي!” قالتها فيفيان بفرح
-“حقاً؟” رفع سولفير حاجبيه ممثلاً التعجب بهدوء و كأنه لا يعلم مجارياً لها
ادارت فيفيان الرسالة الى سولفير “نعم انظر! انه خط ابي، و هو يقول بانه يعرفك“
تمعن سولفير بالرسالة“نعم، صحيح”
اعادت فيفيان الرسالة وهي تحضنها“لمَ لمْ تخبرني انك تعرف ابي؟ كان سيريحني اكثر“
-“الان علمتي بالامر” ابتعد سولفير عن الطاولة “علي الذهاب لاخذ حماماً سريعاً” تمتم يخاطب نفسه
بينما فيفيان اخذت تنظر الى الرسالة تارةً و تحضنها تارةً اخرى، شعر سولفير بالرضا عندما سمح ان تاتي هذه الرسالة، لعل ما فعله الان كان افضل شيء فعله على مدار السنوات الماضية السابقة
•••
نزل سولفير بعد ان اخذ حماماً ليجد فيفيان و على محياها ابتسامة عريضة ولا تزال الرسالة بين كفيها رغم انها تشاهد احد الافلام…
ذهب بقرب الكنبة بفضول عن الفيلم لتسأله فيفيان“ظننتك ستنزل مكشوف الوجه بعد علمنا ان عائلتنا اصدقاء..لما ترتدي القناع؟ اعني الا يخنقك؟“
حول سولفير نظره من التلفاز الى فيفيان و هو متفاجئ من تأثير الرسالة، هل كانت تحتاج الى هذا القدر من الاطمئنان؟
تاخر ثواني عن الاجابة ” هذا…. للأمان، هو لا يخنقني لقد اعتدت عليه“
همهمت له ثم اجفلت حين ادركت انه بجانبها، تبدالا النظر ليربت هو على رأسها، لم تنتبه له و هو يخطو اقرب لها، هل ارخت دفاعاتها؟
ابتلعت ريقها تنظر له بينما هو تابع تخليل اصابعه بين شعرها“لم تستخدمي اي من شامبو الشعر، اليس كذلك؟“
شعرت فيفيان بحرارة في وجنتها، قطعاً ليس فرحاً و حياءً بالطبع، هي خجلت من اشارته الى عدم نظافة شعرها
-“انت تحرجني بتعليقاتك هذه..”
-“لا استنقص منك فيفيان.. يبدو انكِ عجزتي عن غسله جيداً، دعيني اغسله لكِ” قالها بهدوء و هو يواصل العبث بخصلات شعرها
نفت برأسها“لا اظنها فكرة جيدة”
اخذ سولفير يفكر ثوانِ يحاول فهم مالذي يدور في رأس فيفيان حتى اجاب“الامر ليسَ صعباً، لن ندخل الحمام حتى، انظري الى مغسلة المطبخ” اشار الى المغسلة“فقط تميلين رأسك داخلها“
نظرت فيفيان الى المغسلة تتخيل كيف سيكون الامر، انه اهون من ما خطر في مخيلتها اولاً
استرسل سولفير“يمكن لشقيقتي ان تأتي ايضاً“
توقفت فيفيان عن التفكير لحظات تتذكر ان شقيقته رأتها عارية ليتحول وجهها الى الاحمر نافية برأسها“كلا لا بأس!”، كانت مرتاحة لفكرة ان شقيقته هي من غيرت ثيابها لكنها بدأت تشعر بالاحراج..
بانت ابتسامة سولفير الراضية من عينية ليربت على رأسها بخفة “لا يزال شعرك بحالة جيدة الان، ربما غداً“
اومأتْ له بينما تبعد ما اتى من الخصلات على وجهها، اما هو فقد اتجه الى الحديقة الداخلية يجلس بها، بينما يعبث بهاتفه
اطفأت فيفيان التلفاز فالفيلم انتهى ايضاً، اعجبها لكنها لم تحضر البداية، جابت بعيناها على المنزل، اختلف الامر بين النظرة الاولى و الان، كانت منقبضة القلب خائفة، الان هي اكثر راحة من السابق، تكاد لا تستطيع اخفاء ابتسامتها
هي ليست مُختَطَفة، هي امنة..
قامت تعرج الى الخارج، لتجلس امام المنزل تحت اشعة الشمس الخفيفة، الباب مفتوح كما قال، ضمت ركبتيها الى صدرها تنظر الى الشارع، تراقب الطيور و العصافير، تسمع حفيف الاشجار، و نسائم الهواء، في نقطة ما الان عائلتها ايضاً تفكر بها، و هي تفكر بهم، تحت سماء البلد ذاته
•••
كانت الاجساد المتعرقة تتمايل في تلك المساحة الضيقة، جميعهم يحملون الكحوليات باياديهم، يرقصون و يتمايلون مع الموسيقى، و فيفيان من ضمنهم
عندها نكزها احدهم من الخلف لتكون صديقتها ،و خلفها شاباً لا تعرف من هو، يبدو انه صديق جديد
صرخت صديقتها باذنها بسبب علو الموسيقى“فيفيان!! انه صديق حبيبي!! يرغب بالتعرف عليكِ!!”
فهمت فيفيان ما قالته صديقتها لتنظر الى الشاب الاشقر، كان جذاباً خاصة و هو يرتدى تلك السترة الجينز مع شعره المرفوع الى الاعلى كأن رساماً قد رسم خصلة خصلة منه
ابتسمت فيفيان “انه وسيم!”
ضحكت الاخرى على اطراء فيفيان ثم غادرت تاركة الاثنان مع بعضهما وسط الضجيج
تمايلت فيفيان مع الموسيقى بينما تقدم الشاب اليها “اسمي اليان!!” قالها بصوت عالي و بثغر ضاحك، اخذاً بكفها يتمايل معها
-“و انا فيفيان!! سعدت بلقائك!”
-“انتِ في الخارج..” قال سولفير و هو يقطع شرود فيفيان
رفعت بناظرها اليه بعد ان اجفلت لتجده خلف الباب، رمشت عدة مرات بتشتت، هل تذكرت بعض الاشياء من اثار الثمالة؟
قهقه سولفير“هل ربما كنتِ في احلام اليقضة و انا قطعتها؟“
ابتسمت فيفيان ابتسامة متكلفة“احلام اليقضة.. كنت شاردة اتذكر ما حدث في الملهى… تذكرت بعض من ذكريات اثار الثمالة“
رفع سولفير حاجبيه“مثل ماذا؟“
-“لقد تعرفت على احدهم، يدعى اليان“
-“شاب اذاً، هل تريدين ان ابحث عن اخباره؟“
اعادت فيفيان بصرها الى الشارع“هل تعتقد ان له يد في ما حدث؟“
هز سولفير كتفيه“لا اعلم“
-“هل يعلم ابي بما حدث سابقا؟ الا يمكنني سؤاله؟ لقد فسر الامر لي في الرسالة و كأنه على علم بما حدث حتى انه دافع عني“
اخذ سولفير نفساً عميقاً“في الحقيقة، لا نستطيع ارسال الرسائل الى السيد كارولس، لقد منعنا“
-“لماذا!” سالت فيفيان بانفعال
-“حسناً الامر هو” فتح سولفير الباب تماماً و جلس امامه “لقد ارسل السيد كارولس الرسالة الى اشخاص بنفسه، لا يعلمون موقعه، الامر بعض الشيء معقد، لكننا لا نعلم اين هو فعلاً، لكنه في احد الارياف“
همهمت فيفيان له“لابد ان الامر خطر، لم اعتقد ان يكون له هذا النوع من العلاقات، ظننته استاذاً للغة لطيف و هادئ“
-“الجميع يمتلك جانباً اخر فيفيان، هذا لا ينفي كون السيد كارولس شخصاً لطيفاً“
هقهقت فيفيان “يبدو لي انك جلست معه كثيراً“
ابتسم سولفير ابتسامة بانت من صوته“بالطبع، الكثير من المرات“
•••
بعد تلك الرسالة المطمئنة، شعرت فيفيان بخطر اقل من السابق، و كل يوم يمر عليهم كانت علاقتهم تزداد وداً، حتى ان فيفيان اعتبرته كما اراد سولفير منذ البداية، ملجئاً للامان
لم ترغب بالتخلي عن حذرها منه فهو رجل بعد كل شي، و الرجال خطيرون مالم يكن شقيقك او والدك، و قد يكونون هؤلاء ايضاً خطرون
كلما تعرضت لليأس، كان سولفير يغدقها بالكلمات المطمأنة، بانه حالما يتحسن الامر و يكون الخارج امناً لها، فهي ستعود الى منزلها الدافئ، بين احضان والديها، و تعود للشجار مع شقيقها الاصغر
•••
بعد اسبوعين
كانت فيفيان على الكنبة بشكل معكوس، حيث رجليها الى الاعلى و رأسها متدلى الى الاسفل، تحرك قدميها اماماً و خلفاً “لمَ لا تدعني ارسل رسالة!! لا تخبرني بنفس السبب السخيف !!”
بينما كان سولفير ينظف الارضية“لا يعني لا، العناوين خطرة“
انتفظت فيفيان من مكانها، و بشعرها المبعثر“اذن اعطني تعويضاً!”
توقف سولفير عن فعل ما كان يفعله ناظراً الى فيفيان بتعب“ماذا تريدين؟“
-“اخرجني بنزهة الى الخارج، اعني انت معي مالذي سيكون خطراً؟“
نظر لها سولفير لثواني بصمت ليرد“لا“
نامت فيفيان مرة اخرى على الكنبة ترفس الهواء بصراخ“هذا ليس عدلاً!!!”
ترك سولفير ما بيده جالساً القرفصان بينما يفرك عيناه بسبابته و ابهامه“فيفيان، منذ متى اصبحتي لحوحة؟” ثم نظر لها“حسناً لكن في الليل، و بدون الخروج من السيارة حتى“
توقفت فيفيان عن الكلام لتقلب نفسها على بطنها، تحولت ملاحمها الى السرور حتى كادت تطير من الفرح“يا الهي!!!!! شكراً!!!”
حمل سولفير عود المكناسة مشيراً الى فيفيان بها ثم الى الدرج“نعم، الان اذهبي الى غرفتك، لقد استنزفتي طاقتي حقاً“
لم تأبه فيفيان بما قال و علق، هي اخذت تقفز بسرور ناحية الدرج و الى غرفتها
هل بدأ يندم على مساعدته؟ قطعاً لا، لكنها تستنزف طاقته بصخبها هذا، لقد اعتاد على مدار السنتين الاخيرة ان يعيش بهدوء، و الان هو يصاحب طفلة يقدر عمرها العقلي ب15 سنة وليس 18 سنة، انها مفعمة بالطاقة والتي يدعوها سولفير الطاقة المسمومة
اكمل تنظيفه للمنزل ليصعد الى غرفتها، طرق الباب بطريقته المعتادة، طرقتين متتالية ثم طرقة واحد، اذنت له بالدخول ليراها منسدحة على ظهرها على ارضية الغرفة، نظر في ارجاء الغرفة“ماذا تفعلين؟“
“اتخيل..” اجابت ببساطة
-“ماذا تتخيلن؟” قال باهتمام
-“فقط اتخيل..” كانت اجابة مبهمة علم منها سولفير انها لا ترغب بمشاركته الامر
عندها غير الموضوع“الا تعتقدين انها جافة؟“
اعتدلت بجلستها “كلا، لا اشعر بالحر“
نظر لها سولفير ثواني ثم ضحك “هذا جيد، كنت اعني انها لا تبدو غرفة فتاة“
وضع يديه على جذعيه يجوب بعينيه على الغرفة“الا ترغبين بتغيير لون الستائر الى لون تحبينه؟ او العاب” نظر لها “او بعض مستحضرات التجميل او عطور“
-“هل سأبقى لوقت طويل هنا؟ لماذا ترغب بفعل هذا؟“
تقدم سولفير ناحيتها ثم اخذ يداعب شعرها ،بدأت فيفيان بالاعتياد على هذا الفعل“لا اعلم، لما لا نجعل هذه الغرفة ملائمة اكثر لفتاة“
ابعدت فيفيان يد سولفير عن رأسها لكي تقوم“ارغب بالاستحمام“
-“شعرك ليس بحالة سيئة، لما؟“
امسكت هي خصلة من خصلاتها“هذا صحيح، لكنه سيصبح بحالة سيئة الى المساء“
اومأ لها “حسناً، متى؟“
توجهت الى خزانتها لتخرج منها منشفه“الان“
حسنا لم يتوقع هذا، هو متعب من تنظيف المنزل والذي قلبته فيفيان رأساً على عقب، هو يتمنى ان يعود منزله الهادئ القديم في سلام
لكنه استسلم دون اعتراض
ذهب كليهما الى الحمام العلوي والذي يحتوي على حوض استحمام، جلست فيفيان على الارض و هي تدلي بشعرها و رأسها اعلى الحوض، بينما سحب سولفير احدى المقاعد جالساً عليها
اخذ يداعب شعرها باصابعه قليلاً حتى بلله و بدأ بغسله
كانوا في بادئ الامر يفعلون هذا في مغسلة المطبخ، لكن ظهر فيفيان اصبح يشبه ظهر العجائز بعد كل مره تستحم بها، حتى حاولوا في احدى المرات ان يذهبوا الى حوض الاستحمام
كان الامر اشبه بقصة رعب خيمت على فيفيان، عندها دعت لجميع الالهة حتى التي لا تؤمن بها، و قد صلت 70 مرة الى الرب ليغفر لها ذنوبها، عندها انتهى سولفير من شعرها بوقت سريع و قد اطمأنت له بعدها
قطع ذكريات فيفيان المضحكة عن اول استحمام لها هنا بوضع المنشفة على رأسها“لقد اكملت، احضري منشفتك الاخرى“
لفت شعرها بالمنشفة لتذهب الى غرفتها تبحث عن منشفة كبيرة، حالما عادت و بيدها ما تريد وجدت سولفير متكئً على الجدار امام الحمام، دخلت هي الى الحمام ثم اطفأت الانوار عليها لتصبح داخل الظلام
بعد ما حدث عندما اغتسلت اول مرة، اقترح عليها سولفير ايضاً ان تغتسل دون تشغيل الاضواء، و انه سيبقى قريباً من الحمام لكي يسمع اي شيء قد يحدث لها في الداخل و يهرع لها
اغمضت عيناها رغم انها لن تجد اختلافاً ان فتحتها ام لا، لكنها تشعر بالامان اكثر بغلقها اياهم
اغتسلت بسرعة لتلف نفسها بالمنشفة مغطية كتفها و كل جسدها
-“سأخرج” قالت قبل فتحها للباب بثواني، ثم فتحتها، لم تجد سولفير امام الحمام، خطت خطوة خارجة متفحصة المحيط لتجده يجلس على الدرجة الاول من الدرج
دلفت بسرعة الى غرفتها مغلقة الباب خلفها.
هذا ما اتفقا عليه دون كلام، حاول كلاهما ان يجد راحته متفقين تلقائياً.
تركت المنشفه تسقط على الارض، بينما كانت رافعه برأسها الى الاعلى، ارتدت ثيابها ثم حملت كيس المراهم حيث سولفير، لتجده في نفس مكانه يعبث بهاتفه ،حمحمت تجذب اتباهه ليستدار، لحظات حتى تذكر انه عليه تغطيه ندوبها
افسح لها مجالاً على الارضية، و جلست هي بدورها على الارض، “انظري يميناً” قال لتتوضع رقبتها والتي خفت اثار الاعتداء عليها كثيراً، وضع عليه المرهم البارد جاعلاً برعشة صغيرة تتسرب الى جسد فيفيان..
وضع بالاماكن المصابة ليغلق المرهم“هل تأكدتي من ظهرك؟“
اومأت له“نعم، فقط خاصرتي اليمنى“
اومأ لها ليقف علو قدميه“لقد اكملت“
بعكس السابق، لمساته ليست مخيفه، بل اقرب الى عدم الاحساس موجودها حتى.. هذا ما جعل فيفيان مطمئة له، طيلة المدة هذه لم يتأخر او يمطط بفعل شيء ما متعلق بجسدها
•••
حل المساء لترتدي فيفيان احد الثياب الجديدة والتي لم تعلم لماذا قد اشترى لها سولفير هذا النوع من الثياب إن كان سيبقيها في المنزل، تنورة فوق الكاحل باربع اصابع، عالية الخصر ذات لون نيلي، و قميص من الصوف زهري اللون
ظلت تتامل نفسها على المرآة ،تعدل من خصلات شعرها، الا تجعلها لاصقات الكمادات اقبح؟ هزت رأسها ترمي كل هذه الافكار من رأسها مرتدية البوت، في كل مره تفتح بها احد الاكياس الجديدة تنصدم من الذوق الجميل، كان عليه ان يكون مصمماً للازياء
سمعت طرقات على باب الغرفة، سمحت لصاحب الطرقات بالدخول، استدارت له تنظر ليبادلها النظرات، ثم تفحصها من الاعلى حتى الاسفل، شعرها البني متوسط الطول والذي كأنه صفف بطريقه متقنه، مدح بينه و بين نفسه هذا التصفيف المتقن، فقط لانه هو من صففه و جففه لها..
-“هذا جيد.. ان اكملتي فانزلي“
اومأتْ له ثم تبعته الى الاسفل و على وجهها ابتسامه عريضه، لم تتوقع انها ستتنزه معه
نظرت الى ظهره تتفحص لاول مرة بنيته الجسدية، هو مفتول العضلات، بارزة لكن ليس كالبالونات، تعتقد انها لو عضتها ستشعر بالرضى عنهم.. هي معتادة على عض اخيها..
ارتدى سولفير قبعته الشمسية و السترة السوداء فوق ثيابه،
-“لا توجد شمس.. لما القبعة؟” جذب انتباهه سؤال فيفيان
استدار نحوها بصمت، هي اكثر ارتياحاً معه، بالسؤال و الدردشة، اصبحت تبادر بينما كان سابقاً يبحث في محرك جوجل كيف يتحدث مع مراهقة مكتئبة
-“لماذا يغطي باتمان وجهه رغم ان عمله في الليل فقط؟” سألها بينما يفتح الباب
همهمت فيفيان تفكر“لكي لا يرى احدهم وجهه؟“
ظهر شبح ابتسامة على ثغر سولفير والذي منع القناع ظهورها“صحيح، لكن عالمنا معقد اكثر من عالم باتمان، من الممكن معرفة الشخص المقابل من عرض وجهه و فكيه و عينيه“
سار الى السيارة يفتحها بالمفاتيح، ليجلس كل منهما في مكانه في الامام، “صحيح ان قناعك ضيق بعض الشيء، لكن لا ارى انه كاشف لوجهك.. اعني حتى انا لا استطيع تخيل معالم وجهك” قالت فيفيان
اغلق سولفير حزام الامان “اغلقي حزام الامان، ثم الامر مريح اكثر، لن يلاحظ احداً القناع بينما تغطيه القبعة“
اومأت فيفيان بينما تغلق حزام الامان، لم تقتنع بما قاله او بالاحرى لم تفهم ما يعنيه، لمَ يخفي وجهه، لما هو بهذا الحرص، ايضع قناعاً للقناع؟هو كالجدار بين ساحلٍ و بحر، تمتد البحار الى مالا نهاية و الاراضِ ايضاً، لكن احدهما لا يرى الاخر، هي ايضاً مكشوفة له كأمتداد الساحل، بينما لا تستطيع إبصار بحاره ،فالحاجز اعلى و اقوى من ان تفهم ما يحوي البحر هذا.
انتظرت فيفيان ان يشغل سولفير موسيقى ما لكنه كان مكتفياً بفتحه للنافذة و اخراج يده منها، لم تكن متوقعة هذا… اين النزهة المليئة بالاغاني و المتعة؟ هل هذا جدها و يضع قناع ام ماذا؟
عبست بضجر“ألن تفتح اغنيةً ما؟“
-“صوت الهواء اجمل” اجاب دون تفكير
-“الهي.. كيف تتحمل هذا ان الامر مضجر!”
-“هذا لانكِ لا تركزين، افتحي النافذة و استمعي الى الاصوات المحيطة“
اجابت بامتعاض“لكنه ليس ممتع“
-“الاغاني و الموسيقى هي متعة مزيفة لن تدوم يا فيفيان، تدخل الى اعماقك و تقنع داخلك بان الموسيقى الحزينة او السعيدة هي ما يشعر به، ليحدث ما يحدث عادة..”
نظرت له بتساؤل منزعج“ماذا تقصد“
-“انظري الى الشارع، و استمعي الى حفيف الاشجار، لن يجعلكِ تفكرين بشيء، فقط سيطرد افكاركِ الحالية.. جاعلاً من داخلكِ هادئاً.. الموسيقى سيئة انها تجعل الشباب غير مسؤلين عن مشاعرهم، اما تعظم من مشاعرهم او تغطيها بمشاعر مزيفة اخرى“
ردت فبفيان بسخرية“أ انت جدي؟“
نظر لها من جانب عينيه بجدية مزيفة“هل علي تربيتك؟“
سكتت فيفيان لثوانِ ثم ضحكت بشدة “الهي !! انك تمزح بنبرة تجعلني اتاخر في الفهم!!!”
قهقه سولفير بخفة“لكنني لست بصغيرٍ ايضاً، سأدخل الثلاثين قريباً“
توقفت فيفيان عن الضحك تدريجياً لتستدار بسرعه نحوه ،هي لم تفكر بان تخمن عمره، لكن ثلاثين؟! هذا كثير!
سألت مره اخرى بتفاجؤ“هل انت جدي!!!!”
اجاب سولفير بنفاذ صبر و تفاجؤ“فيفيان إن والدك يبلغ 41 عاما!!”
حالما قال ذلك عادت الى مكانها بهدوء“ااه..هذا صحيح… اعتذر“
••••
انتهت نزهتهم التي قضياها بالحديث و الدردشة في هذا و ذاك، و لو طال الامر كانوا سيتحدثون عن اصل الانسان و هل كان قرداً ام لا
اقفل سولفير السيارة بالمفتاح ثم توجه ليفتح باب بينما فيفيان تتبعه،
فتح الباب لكنه لم يدخل، فكان هناك احدهم في المنزل بالفعل..
•••
يتبع…