اكمل ليو مساعدة سولفير في ارتداء ثيابه، وضع بعض لفافات الصوف لكي يتدفئ سولفير بها عند وصوله الى روسيا، الجو ابرد بكثير هناك
لم يرتدي سولفير قناعه، سيعود الى روسيا كادوارد سيلفادور، تزوير الدخول و الخروج سهل للغاية عليه، خاصة و كرستين هي شقيقته، بينما يبقى ليو اليوم في روما، و يغادرها غداً او بعد غد
سيعطي انطباعاً ان سولفير لا يزال في روما، وسفره بالطائرة الخاصة يستطيع تجنب الكثير من التدقيق الامني، كذلك شقيقته كرستين لها دور مهم في وصوله سالماً امناً و سرياً، عملها مع السلطات و الاستخبارات الروسية يسهل له الكثير
و هوية سولفير، ستبقى في ايطاليا غير معلومة، ثم سيظن الجميع انها تبخرت كالعادة عند عودة ليو الى روسيا،
خرج ادوارد سيلفادور من غرفته، بعد توديعه لليو، او سولفير المزيف
ضربه ليو ابرة مسكنة بالفعل لكي يتحمل الالم في الطريق، مع اقراص مسكنة ان شعر بالالم، على الرغم من وجود فيفيان معه في روسيا، ستستطيع بالتاكيد ضربة للابر المسكنة و الاعتناء به،
كان شارد الذهن طيلة الطريق، حتى نظر الى كفه الايمن، اشتاق للعب بخصلات فيفيان و المسح على رأسها، لم يظن أنه سيشتاق لها بسوء حاله
•••
جلست فيفيان بجانب فريدريك ترتعش من البرد “هل فعلاً غادرت كرستين؟ كيف حالها؟ لم تتح لي الفرصة لتوديعها”
-“عملها مهم، حتى عندما تكون في اجازة قد تضطر للمغادرة لتلبية ندائهم”
-“هذا صعب..” قالتها بينما تربط حزام الامان
-“جميع الاعمال صعبة، وإلا لما اكتسب البشر منها المال”
همهمت فيفيان بموافقة، سيدربها مجدداً اليوم، اعطاها راحة يوم امس فقط
نظرت له عندما تكلم مرة اخرى “سأطلب من كاترينا تعليمكِ كيف السير مع سكين حول الفخذ، الامر ضروري للغاية خاصة للنساء، احياناً يكون المسدس ليس الخيار الامثل”
همهمت فيفيان، لما لم يعلمها سولفير اي من هذا؟ لم يبدو حتى مهتما لتعليمها الدفاع عن نفسها، يبدو فريدريك حريصاً على تعليمها كيف تحمي نفسها اكثر
-“هل ادوارد لا يرغب بتعليمي هذه الامور؟ لما تخفي الامر عنه؟” سألت فيفيان دون ازاحة حدقتيها عن الطريق
-“اقتراحي الامر اليه لن يجعله سوى ثور هائج، كما انني لا اضمن موافقته على تعليمكِ، كذلك اكتشافه للامر الان سيء، لذا لا خيار لنا سوى اخفاء الامر عنه”
-“لما؟” سألت فيفيان حينما حركت بحدقتيها الى فريدريك،
نظر لها الاخر للحظات ثم قطع تواصل بصريهما لمتابعة الطريقة، بعض الثواني الصامته مرت، الثقل في هذا السؤال كان على كلاهما، عليها التي على وشك الانفجار من هذا السر الذي يخفونه، و عليه، رأس بلاء هذا الامر و مصدر سوئه
-“هذا كان حينما بلغ ادواد السادسة عشر سنة، كانت هديتي له هي اخذه معي لأول مرة الى العمل”
لم يعلم ادوارد نوع العمل بالضبط، كان يحسب انه سيدخل وسط الرجال و العقود الفخمة على الورق و كنبات من الجلد الاسود الطبيعي، كان متحمساً للغاية لدخول حياة الرجال الاقوياء، كما يرى والده القوي،
بالفعل كان ادوارد مع والده في هذه الاجواء، و كان والده فخوراً به لكونه متحمساً لدخول هذا العالم القبيح بروح الحماسة، كل شيء كان جيداً
لم يعترض ادوارد كثيراً، فقد ربى على الصفقات و الحراس و الخطر و التهديد، لكنه لم يتقبل فكرة ان والده ليس منخرطاً في هذا فقط، لقد غفل عن فكرة ان سلب الارواح لا يحدث بالسهولة هذه
فقط ادرك الامر و هو اعلى السطح ممسكاً بمنظاره، يراقب كيف والده سيقتل احدهم، لقد شاهد الامر و لم يسمع عنه، شاهد كيف انفجرت جمجمة ذلك الرجل، كيف سقط، كيف انتثر جزءاً من مخه، كيف الدماء اغرقت الارضية، كيف صرخت زوجته، على الرغم من عدم وصول اي صوت له، لكنه استطاع تخيل تلك الصرخات
سقط المنظار من يده و اخذ يتقيء ما تناوله في تلك الغرفة الفاخرة، رغب ان يتقيء ذاكرته ايضاً، و سعادته و حماسه، فقط كيف استطاع الابتسام بسبب اقبال والده على قتل احدهم
ظل فريدريك ينظر له دون حراك، هذه الخطوة مر بها، و والده، و جده، التقيوء عند رؤية احدهم يموت هكذا، عليه تقبل الامر، من كانوا مبتسمين في وجهه داخل الغرفة الفاخرة، لن يترددوا في قتله او نحره إن شاهدوا عليه هذا الضعف
ظل ينظر له يحاول قدر الامكان اظهار الاستصغار و الدونية على نظراته، ليجبر بهذا ولده الصغير على القيام
-“استقم هيا، لن تظل كالفرخ ترتجف اليس كذلك ادوارد؟” كان يحذره اكثر من سؤاله
استقام ادوارد بارجل مرتجفة، تابعاً والده الى الاسفل
-“ستذهب الى الحمام، و تغسل وجهك، ان وجدت بقايا خوف على محياك هذا لن يرحمك احد” ثم اردف بحدة “انه ظهورك الاول”
اومأ ادوارد بوجهه الشاحب، شعر برغبة للتيقؤ مرة اخرى لذلك هرع الى الحمام
غسل وجهه بعد ان افرغ معدته تماماً، يحاول شطف تلك الذكرى من خياله، رأسه المنفجر، الدماء، الدماء التي اغرقت جثه الرجل سابقاً
اراد التقيؤ مرة ثالثة لكن لا يوجد ما يتقيئه، لذلك شرع بالبكاء بحرقة بينه و بين نفسه، حتى احمر بياض عينه
تنفس الصعداء بعد اخراجه لمشاعره بالدموع، عليه الخروج بجانب والده، نشف وجهه، لم يبقى سوى احمرار عينيه، عليه الصمود، اجل عليه البقاء صامداً، لديه متسع الوقت للانهيار بالمنزل،
نفى برأسه يبعد منظر الدماء و الرأس المنفجر مجدداً
خرج بصمت و هدوء، واقفاً بجانب والده، لو لم يكن فريدريك هو والد هذا الفتى، لضحك الجميع عليه، اخذيه اضحوكة، ذلك الفتى التي شقت الابتسامة وجهه الان يقف بصمت و اعين دموية جانب والده، كفرخ البط
-“الهي عيناه محمرة جداً يا سيلفادور، مالذي شهده!!” قال احد الرجال والذي يدعى ايفان، رجل شاب بعمر العشرين سنة
ابتسم فريدريك بوجهه، هذا الرجل يرغب بالسخرية من ابنة، على الرغم من هدوء ملامح ابنه بطريقة جيدة لكن احمرار عينيه قد يجده البعض فرصة للسخرية، لم يكن يتوقع استمرار بسمته بعد رؤية جمجمة اليكساندر تتهشم، هذا الذبول تعرض له الجميع
-“ايفان.. لقد حكى لي والدك انه اضطر لشطف مكان عمله عندما احضرك اول مرة” ثم استرسل و هو يضع كفه على رأس ابنه “ادوارد شهد سقوط اليكساندر كاملاً، و ها هو ذا على قدميه”
ابتلع ايفان لسانه ببسمة متكلفة، لقد نسى انه تبول على نفسه حين اخذه والده معه اول مرة، لقد كان صغيراً بما يكفي ليتبول على نفسه، عشر سنوات فقط
تدرب ادوارد تحت يدي فريديك لثلاث سنوات، استطاع عدم البكاء و الارتجاف اثناء القتل في سن السابعة عشر، بعد ان كان خده لا ينشف من البلل، و اسمرار مدمعيه اثر البكاء، ارتجافه، استطاع تخطي هذا كله بسنة واحدة، بعد ادراكه ان النجاة لن تاتيه، مهما فعل و بكى لن تاتيه
على الرغم من ذلك، كانت عيناه اكثر شحوباً و احمراراً في السنتين الباقيتين، ساعد والده، و بنى لنفسه اسماً، ثم هدم منزله بهذا العلو
كلما ارتفع شأناً في هذا العمل، كان يعود للمنزل ليهدم ذلك العز و الفخر الذي ارتقى به بين الرجال
كان ينهار في كل مرة يبتسم بها خارجاً، يحرق بنان اصابعه بعد استلامه لتلك الاموال القذرة، يصرخ في وجه كل من والده و والدته على خراب حياته، كل ما اراده هو ان يصنع بعض الالات، اراد فقط افتتاح متجراً لصنع الالات و اصلاحها
كيف انتهى به الامر لاراقة الدماء، كيف انتهى به الامر لشراء طعامه من الدماء، رائحة الدماء تلك، التي تفوح من والده و اصبحت تفوح منه ايضاً، هو لا يطيق نفسه
لا يطيق احد، لا احد في هذا العالم يفهمه، حتى والده الذي استمر بالقاء جملة انه سيعتاد، لم يعتاد على شيء، لا شيء يتغير سوى حقده على نفسه و قرفه من ذاته، لا شيء يتغير سوى رغبته بالتقيؤ فقط لادراكه انه ابن فريديرك سيلفادور
حينها، اجبره فريدريك على زيارة طبيب نفسي، و تم تشخصية باضطراب الشخصية الحدية، لم يخضع ادوارد للعلاج، رفض الامر لدرجة تهديدهم بالانتحار، لا يستحق ان يعالج و يعيش كانسان طبيعي بعد قتله بعض البشر.
ليحترق في هذا الجحيم! ، حتى و ان خضع للعلاج، كيف له ان يعطي تلك الاموال الغارقة بالدماء، دماء الضحايا، و دماء من جعلوه مريضاً، و يتعالج بها
هذا جنون
حينها استسلم كل من فريدريك و كاترينا، ملتزمين بتعاليم الطبيب، ان يعطونه مساحته الخاصة للتعبير، ان لا يعترضوا طريقه، ان يسمعوا ما يقوله، فقط الوقوف و تقبل تلك الشتائم و الاتهامات حتى يعود الى صوابه هادئاً، و مع هذا، لا يوجد ادنى تحسن
لكن الامر انقلب عندما بلغ ادوارد التاسعة عشر من عمره، حينها جلس مع والده و اخبره انه لا يرغب باكمال العمل على نهجه، سيصرح للاخرين ان ادوارد اعتزل هذا العمل و سيفتتح لنفسه شركة للالات، لن يجرؤ احداً على المساس به، فقد تدرب على يد والده بعد كل شيء، و اعتزاله لا يعني التخلي عن معرفته
و بالمقابل سيتابع عمله كقاتل بهوية سرية، سولفير و قناع اسود، هذا كله حدث حين ذهب للكنيسة، لا علم لفريدريك مالذي ثرثر به القس في اذن ابنه، لكن يبدو ان ادوارد مقتنع تماماً بعدم امكانيته بالخروج من هذا العالم القذر
وافق فريدريك على هذا الامر، ليشهد تحسناً في حال ابنه، تحسناً ملحوظاً، اصبح قادراً على اتمام محادثة هادئة و لائقة مع والده، الابتسام في وجه والدته
في ما بعد، اتضح انه يقتل بعد ان يقتنع ان ضحيته تستحق للقتل، لا يعلم جميع التفاصيل منذ ان ادوارد اخرجه من عمله و تفاصيله تماماً، لكنه يعلم بما فيه الكفاية ان فكرة ابنه قد ارضت ضميره للقتل دون الشعور بالذنب،
ظلت فيفيان صامته، بينما غطت دموعها وجنتاها بصمت، لقد تحدد مصيره السيء دون رغبته، شاهد حياته تتخذ مسيراً لا يناسبه، تفهمه هي، تفهمه اكثر من اي شخص اخر في عائلته
اوقف فريدريك سيارته في محطة الوقود، قائلاً بينما يفك حزامه “افتحي حزام الامان ايضاً، ان حدث مكروه ستستطيعين الخروج بسرعة، اما انا ساذهب لشراء بعض الامور”
اومأت له فيفيان تمسح دموعها، هل عليها كره فريدريك؟ هو يعاملها كأنها ابنته، دوماً ما يوجهها و يعملها، لقد برر لها الامر بالفعل، قسوته كانت لحمايته من قسوة العالم الخارجي، قسوته تجاه ابنه هي ردع لقسوة العالم القذر، كان يحاول حماية ابنه
تشعر بالتشتت الان، بين فهمها لكلاهما،
لكن عاملاً خارجياً شتت افكارها فوق تشتتها، طرقات على نافذة السيارة، من رجل على دراجته النارية، ظلت تنظر بحيرة له لم تعرف هويته فالخوذة على رأسه
لم تفتح النافذة بل استمرت نظرات الحيرة و الاحتراز تنبع منها، حتى ابعد الخوذة عن رأسه، عدل من شعره الاشقر يتفحصها بعينيه الزرقاء، لقد كان اليان
اخفضت النافذة قليلاً دون كلام، ليبادر هو “فيفيان؟”
صمتت دون رد ليردف “الهي لا تعلمين كم بحثت عنكِ ، اين كنتِ؟ مع من انتِ الان؟”
لم تكن مرتاحة بالكلام، لم تدري ما تقول
-“لقد هربت، و نجوت” قالت فيفيان تحاول عدم النظر في عينيه
-“عند احتراق الملهى، الهي لقد بحثت عنكِ في كل مكان، حتى بين الجثث” ثم امال رأسه الى الاسفل يحاول النظر الى داخل السيارة “مع من انتِ؟”
ارادت الكذب عليه و اخباره انه خالها، لكن لم تستطع، لا يجدر بها اعطاءه الامل، لقد اخذت حياتها منحدراً اخر، و هو كان ينتظرها، عليه الاستمرار في العيش و البحث عن فتاة تناسبه، عليها قطع الامل عنه باخباره الحقيقة
عيناه تفيض راحة، متأملاً بحديث لائق معها، هي لم تعد حبيبته، هي زوجة رجل اخر الان،
-“هذا…، انا مع والد خطيبي..” قالت فيفيان تنظر في حدقتاه، انهدمت معالم الراحة و الامل، و اخذ الانكسار مكانه على عينيه، تحركت شفتاه دون صوت
ليحك على قفاه، ضحك بتوتر “هذا.. منذ متى؟”
-“اسبوعان تقريباً” لم تكذب
-“ابنتي؟” اتى صوت فريدريك، و كيس المشروبات و المياه في يده، وضع الكيس داخل السيارة و هو ينظر الى اليان “من انت؟”
اضطرب اليان اثر التوتر، ماذا عليه القول؟ الحبيب السابق لخطيبة ابنه؟
لكن فيفيان انزلت من رأسها لتنظر الى فريدريك عبر النافذة “انه احد معارفي القدامى يا أبي.. هل تسمح لي ببعض الوقت معه؟”
اخفى فريدريك تفاجؤه من نعته بـ (ابي) ،لكنه اومأ لها “بينما اضع بعض الوقود اجل، اذهبي”
ترجلت من السيارة، ابتعدا قليلاً عن السيارة، بعض الخصوصية لهما لكن تحت انظار فريدريك،
-“حدث كل شيء بسرعة، لن اكذب عليك يا اليان، لقد ساعدني احدهم و حماني، و عرض علي الخطبة بعد عدة اشهر، فوافقت” شرحت فيفيان كل شيء
-“انا اسف لتدخلي..لكن هل انتِ مرتاحة معه؟”
اومأت فيفيان “كثيراً..”
طأطأ اليان رأسه، لم يستطع تخطيها بعد، تبدو اكثر قوة و نضجاً الان، لكنه لا يزال نفسه، لا يستحق حتى التفكير في اعادتها، كان ينتظرها بينما انتشلها احدهم من عالمها السيء، لا يحق له حتى النطق امامها، لم يكن رجلها المناسب
ابتسم بتكلف “اتمنى لكِ زواجاً سعيداً فيفيان..”
بادلته الابتسامة “انتَ ايضاً اليان، عش حياتك كما يجب”
مدت يدها تصافحه، ليبادلها المصافحة، افترقا لتجلس هي بجانب فريدريك، غير ابهة باليان القريب، لم تنظر له بعد افتراقهما، على الرغم من ملاحظة فريدريك لنظرات الفتى على خطيبه ابنه
استطاع معرفة نوع العلاقة، لذلك لم يسالها، اكتفى بالجلوس جانبها “لقد احضرت بعض الاطعمة، و الكحول كذلك، هل تشربين؟”
نفت فيفيان “لا”
————
-“قدميك اقل بعداً من كتفيكِ، فرجي بينهما كالمسافة بين كتفيك” علق فريدريك، لتنفذ فيفيان تعاليمه، لا تزال تعاني لكي تصوب بثبات، السلاح يرتد و قبضتها ليست قويه كفاية، لكنها تحرز تقدماً ملحوظاً مع تعليقات فريدريك،
عدة طلقات ليسأل فريدريك بأستنكار “هل تحبسين انفاسك؟؟”
اخفضت فيفيان السلاح تلتفت له “الا يجب علي؟”
تنهد بفقدان صبر، ذهب ليقف جانبها “عليكِ الاستمرار بالتنفس يا ابنتي!! التنفس وليس قطعه الهي العزيز!!”
رفعت فيفيان كتفيها تخفي رقبتها، قوست شفتيها و هي تطبق اسنانها، ترغب بالهرب، لابد ان فريدريك فقد صوابه
هدأ فريدريك نفسه ليسترسل “حسناً لا عليكِ، كان يجدر بي شرح الامر سابقاً، لدينا عدة مراحل لاجل التنفس و التصويب، اولاً” رفع سبابته “الاستعداد، عليكِ بأخذ شهيق عميق ثم تطلقين زفيراً اثناء التصويب”
قاطعته فيفيان بعدم اقتناع “اليس هذا مضيعة للوقت؟”
اغمض فريدريك عينيه يحاول تمالك نفسه، “ليس في حالتك، عليكِ ضبط التصويب ثم بعدها استثمار الوقت” استرسل يرفع اصبعه الثاني متجاهلاً تخريبها للشرح “ثم التنفس الطبيعي، لماذا تنظرين لي؟ طبقي ما اقوله لك!”
رمشت فيفيان عدة مرات لتدرك انها كالحمقاء تنظر له، لذلك اعاد لها النقطة الاولى، و هي الاستعداد، وقفت كما يجب عليها ثم اخذت شهيقاً و صوبت اثناء الزفير، ليلقي عليها تعاليم النقطة التالية، و هي التنفس الطبيعي، ان تتنفس بهدوء اثناء التصويب
وضع كفيه خلف ظهره “المرحلة الثالثة، نقطة التوقف المؤقتة، و هو اخراج نصف زفير، و التوقف للحظات، في هذا الوقت سوف تطلقين”
اطلقت فيفيان لتكون رصاصتها لاول مرة قريبة من المنتصف، توسعت عيناها بفرح تنظر الى فريدريك، والذي نظر لها برضى و ابتسامة مليئة بالثناء
لمعت حدقتاها “كان جيداً للغاية!!”
اومأ فريدريك لها “التوقف عن التنفس لن يساعدك، بل سيجعل من تصويبك اقل دقة، سترتعش اطرافك، و ضربات القلب ستزداد، تعلمين نقص الاوكسجين ما يفعله”
اومأت له فيفيان،
ليعود فريدريك للجلوس “أكملي تدريبك” سكب لنفسه بعض الكحول
————
بعد ساعة من التدريب الشاق، جلست فيفيان بعد ان ترجت فريدريك بذلك، قدم لها بعض الكحول لكنها رفضتهم
رفعت فيفيان رأسها قليلاً “هل لها فائدة الان؟ لا اعتقد”
-“إن كنتِ ترغبين، لا تفكري بالفائدة فهي موجودة، تعلم شيء لا يعود لك بالفراغ، لكن هل تحبين اكمال ما توقفتي عنه؟”
فكرت فيفيان للحظات “ليس عندي اهتمام، لن ارفض ان عرضه ادوارد علي”
هي تخبره ان كان ادوارد هو من يرغب منها اكمال هذا العمل، فهي ستفعله من اجل ادوارد
ابتسم فريدريك برضى، لقد اعجبته هذه الفتاة، لم ينزعج حتى حينما نادته بأبي، يعلم ان الامر تظاهرت به امام ذلك الفتى، لكن ايقاع الكلمة منها قد راق له،
-“مناداتكِ لي بأبي سابقاً، لقد اسعدتني” هز فريدريك الكحول في يده، ثم شربها
بينما فيفيان ظلت صامته، كانت تحاول منع نفسها من مناداته بأبي، مشاعر الابوة منه قد نضحت منذ البداية، لقد شعرت بالمقربة منه، و جاهدت لعدم افلات هذه المفردة منها، استغلت ذلك الموقف لمناداته على الاقل لمرة واحدة بأبي
اومأت تأخذ قنينة مياه “سأفعل منذ الان.. يا أبي”
ابتسم فريدريك على كلامها، ساكباً لنفسه الكحول من جديد
-“الان يا ابنتي، ماذا عن حوار خفيف؟” سأل فريدريك يحاول خلق الحديث بينهم، الدردشة معها تعجبه
-“لما لا؟ عن ماذا؟” سألت فيفيان بابتسامة، ان اراد الالتفاف و الدوران حولها ستكسر دورانه فقط
-“ايهما افضل، التضحية بخمسة و انقاذ من تحبين، او التضحية بمن تحبين و انقاذ خمسة؟”
صمتت فيفيان، لم تتوقع هذا الموضوع، فلسفي تماماً
فكرت لثواني حتى ردت “التضحية بمن احب، للخمسة احباء سيسعدون بهم ايضاً”
ابتسم فريدريك “بينما ينعم هؤلاء الخمسة بحياتهم، و بعد تلاشي شعور الفخر بالتضحية، هل ستندمين على انقاذهم؟ بعد نسيانهم لكِ و تركك وحيدة دون من يدفئ جانبك، انا كنت سأختار انقاذ من احب و اضحي بالخمسة”
اخذت فيفيان نفساً عميقاً تتجهز للغوص في هذا النقاش الفلسفي، والذي لن يملك حقاً او باطلاً داخله “هل سيبقى محبوبي هو من احب بعد انقاذي له؟ قد اندم على اختياري له بعد الشجار او الخصام او حتى الانفصال”
-“هل العتب على اختياركِ انقاذه، ام اختياركِ اياه كمحبوب منذ البداية؟ قد تزول مشاعر الحب يا ابنتي، لكن الاحترام لن يذهب ان كان اختياركِ صحيحاً منذ البداية”
-“ماذا إن تغير يا ابي؟ ألن يكون الرضى ما يظهر بعد رؤيتي لهؤلاء الخمسة يتمتعون بحياتهم بسببي، بينما استطيع العثور على محبوب اخر لن اندم على قتلي لخمسة من اجله إن حدث و تغير لي، و احتفظ بحسن من ضحيت به”
فكرتها معقدة، تركز على التخطي وليس النظر الى الفقدان، هي نفسها التي اقامت الحداد على عائلتها لاكثر من سنة ونصف، هل تعي انها لا تمتثل لاقوالها، ام ان من وضعت عليه المثال لم يرق لتضحي من اجله؟
-“ماذا عن ادوارد مقابل خمسة؟ اين ستبحثين عن شخص مثل ادوارد، ماهو الشيء الذي سيجعلك تندمين على انقاذ ادوارد؟”
انخفظت حدقتها فيفيان بتفكير، تتخيل الامر، لتدرك ما يرمي اليه، لقد فتح لها باب ادراك اخر، حتى و إن وقعت هذه المقارنة، لن تفكر بالنظر الى هؤلاء الخمسة حتى، ستهرع له فقط
ابتمست بضحك “لقد خسرت النقاش”
بادلها فريدريك الابتسامة، خسرت النقاش، وليس انها على خطأ، خسرت النقاش و هو اختيار جانبه، وليس مغلوطية جانبها
لكن ابتسامتها سقطت حين وجدت ادوارد من بعيد، امام باب الدخول، بعيون ساخطة دون حتى قناع، بذراع مجبرة، وقوفه بصمت و كأنه على وشق قلب الطاولة التي يجلسان عليها
التفت فريدريك ليرى ابنه، الذي يكبح نفسه من ان يكون كالثور الهائج، تمتم بخفوت “سيء”
وقفت فيفيان تنظر له، هالته تؤكد ما قاله فريدريك سابقاً، يكره ان يرى والده يتدخل في شؤونه، ليس ان يرى والده و زوجته في قاعة التدريب، بروز فكه اثر الضغط على اسنانه بقوة، عروقه التي ظهرت على صدغيه، واقفاً بلا حراك
اراد فيفيان الذهاب له لكن فريدريك اوقفها “افعلي فقط ما يقوله لكِ، طالما لم يأتي فلا تتحركِ”
توقفت فيفيان تنظر له بقلق، لقد اشتاقت له، كيف لها ان لا تذهب و تضمه؟
توقفت على مضض، بملامح متألمة، تنتظر قدومه،
تقدم بخطوات ثقيلة، حتى وقف امامهم “لماذا انتِ هنا؟”
صمتت فيفيان دون جواب، ليمط شفتيه بانزعاج شديد “لما لا تجيبين؟ لما انتِ هنا؟” اعاد السؤال بنبرة هادئة غاضبة
انزلت فيفيان حدقتيها “كنت اشعر بالملل.. لذلك طلبت من ابي تعليمي بعض الامور…” لقد كذبت
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 26"