Aporia - 10
فيفيان:-
اخذت اتقلب في سريري بعدم راحة، لا احتمل ما يحدث لا احتمل..
لا استطيع الاستمرار في هذا انا في صراع مع نفسي، تكورت على نفسي في السرير و اخذت اتقلب حتى سقطت عن السرير،
لم اتحرك بل ظللت على نفس الوضع، لقد اكلت ثم ذهبت الى الحمام و اخذت اسير داخل الغرفة، لكن تلك الحجارة التي على معدتي لا تنفك عن التثاقل..
لا امتلك شيء سوى النوم، رغم ان متني يصيح الماً من كثر النوم و الجلوس، لكنه افضل طريقة ليتقدم الوقت بها..
•••
اجفلت مستيقظة من النوم عندما اغلق سولفير الباب خارجاً منه، لماذا لم اعد اشعر بدخوله؟ هل لهذه الدرجة انا متعبة؟
نظرت الى صينية الطعام من فتحة الغطاء، لا شهية لي، لا ارغب بالاكل.. ارجعت الغطاء على وجهي اكمل نومي و سرحاني و هروبي من هذا العالم
لكن رأسي و عقلي ابوا النوم، بدا نبض قلبي يزعجني و قشعريرة جسدي اسوء، تلك الافكار السيئة لا تغادر راسي
ابعدت الغطاء عني جالسة على السرير، بشعري المنكوش والذي غطى اغلب ملامح وجهي، استقمت بوقفتي اتجه ناحية الباب، وقفت دون فعل شيء
اسندت براسي عليه اطرقه “سولفير هل انت هنا؟“
طرقت مرة اخرى لاسمع صوت خطوات قدمه و هو يقترب، طرقت الباب مرة اخرى“سولفير اخرجني من هنا ارجوك“
•••
كان التعب و الذبول واضحاً على صوت فيفيان، بينما لم تلقى رداً منه، اغمضت عينيها التي بدأت تحرقها“انا اسفة، لم يكن علي نعتك بالخاطف، انا اسفة سولفير، انا اسفة“
اخذت تتمالك نفسها لكي لا تهرب شهقة من بين شفتيها، ثم استرسلت بصوتها المهزوز“انا ارغب بالخروج من هذه الغرفة، لقد تعبت، انا حقاً منهكة من الجلوس مع نفسي التي لا اعرفها، ارغب ان اكون بجانبك..”
فشلت في الحفاظ على رباطة جأشها و اخذت دموعها تجري بهدوء، دون نحيب، فقط ما بان منه بكائها هو صوتها الهادئ المهزوز“انا.. اشتقت لك حقاً، انا اسفة، لن ادعوك بشيء اخر، انك اماني.. انا اعترف بذلك.. انت اماني…، سامحني سولفير ….رجاءاً، اخرجني من هنا“
لم تكمل كلامها و اخذت تبكي بصمت، بينما تهرب شهقاتها بين شفتيها، غسلت الدموع وجنتيها و احمر انفها و جفنيها، بقت تبكي امام الباب و سولفير في الجهة الاخرى، يسمعها بسكوت، يسمع شهقاتها الخفيفة، يعيد و يكرر كلامها بينه و بين نفسه، عدة دقائق استمرت على هذا الصمت، الصمت الذي لا يزعزعه سوى شهقات فيفيان الخافتة بين الحين و الاخر، ادخل سولفير المفتاح في باب غرفتها لترفع فيفيان عينيها المبتلة الى الاعلى، بعد ان فقدت الامل في ان يفتح لها الباب و ينظر في وجهها
تراجعت عدة خطوات الى الخلف ليُفتَح الباب داخلاً سولفير عبره ينظر لها بصمت، اغلق الباب خلفه واضعاً يديه بجيبه ثم تقدم نحوها، اما هي تحاشت نظراته
وقف امامها بينما هي مطأطأة الرأس، اخرج يده اليسرى من جيبه يبعد خصلات شعرها عن وجهها الى خلف اذنها“اذن.. انتِ اسفة؟” سألها بهدوء دون سخرية، كانت نبرته عادية لم تعلم منها فيفيان ان كان ينظر للامر باستصغار ام ماذا..
ظل يرتب خصلات شعرها “قوليها امامي فيفيان.. انتِ ماذا؟“
كان يشتهي لأن يرى وجهها المتأسف، كأنه يرغب بان ينغمس اكثر بحزنها و اسفها، يرغب بان يتلمس ندمها
تنقل كفه من خصلات شعرها الى وجهها، حوط كفه خدها و مسح بابهامه على طرف عينها “لما انتِ صامتة؟“
لمعت عينا فيفيان دمعاً، و تورد انفها و عيناها مجدداً، اخذت دموعها طريقها مرة اخرى “انا… اسفة..” قالتها بنبرة باكية و اخذت تبكي بحرقة
بهت وجه سولفير بعد رؤيته لها و لنبرتها المهزوزة، تلك الغصة التي اخرجها هو من حنجرتها، لم تكن تبكي بحرقة خلف الباب.. ماذا دهاها الان؟ بكائها بهذه الطريقة اصعب عليه من فيفيان، لانت نظراته لها و ارتخى كتفه بينما هي تبكي بصمت
كان يرغب برؤية وجهها الباكي المتأسف، كان متاكداً ان رضاه ياتي من بكائها باسف، لكن لما.. ما خطبه؟ بدأ الندم يتسلل من اطرافه كما تتسلل اطراف الصقيع داخل الماء
اخرج يده الاخرى من جيبه لتاخذ طريقها الى وجهها، طوق وجهها بكفيه يمسح دموعها عن خدها لتنظر له بعينيها الدامعة و معالمها المحمرة، نظرت الى عينيه ثم الى كتفه الايمن و اعادت النظر له بوجهها الباكي
سحبها سولفير الى صدره محتضناً لها، احتضنها بكلتا ذراعيه لتشد فيفيان قميصه بقبضتها، لم ينطق احداً منهما، فقط تلك الشهقات الصغيرة الخارجة من فيفيان هي ما يسمع، بعض الوقت لتخور رجلا فيفيان، لم يستطع سولفير حملها من ان لا تسقط فكتفه الايمن لم يشفى بعد
جلس على الارض معها اخذاً لها بين احضانه، احتضنها بذراعيه و اخذ يمسح على راسها تارة و يقبل راسها تارة اخرى بهدوء، لم يرغب بقول شيء تحديداً في هذه اللحظة، حتى بادلته فيفيان الحضن متشبثه بقميصه
-“انا ايضاً اشتقت لكِ فيفيان، كان صعباً علي ان اسمع تلك الكلمات منكِ، انا الذي احتضنتك و اعتنيت بكِ كجزء من عائلتي، كان صعباً علي فيفيان” قالها سولفير بهدوء و هو يمسح على راسها
-“اسفة.. انا اسفة.. ” نطقتها فيفيان بين بكائها
وضع سولفير كفه الايسر على ظهر فيفيان ساحباً لها اكثر ناحيته هامساً “تعالي“
افلتت فيفيان قبضتها عن قميصه لتلف ذراعيها حول رقبته، تدفن راسها في عنقه، و هو كذلك احتضنها دافناً وجهه في شعرها
دقائق كثيرة لم يحسب احدهما كم استغرقت و هما يحتضنان بعضهما البعض، حتى رفع سولفير راسه ناظراً الى الطاولة، لاحظ انها لم تتناول طعامها لياخذ الصينية من الطاولة “هل انتِ جائعة؟“
لم ترد فيفيان بل تابعت دفن وجهها في عنقه، حتى انه استطاع الشعور بدموعها على رقبته، تسلل كفه الى مؤخرة عنقها، و بكفه الاخر محوطاً جسدها “الا كفى؟ لمَ لا تتناولين الطعام؟ لن اذهب الى مكان اخر“
ابعدت راسها قليلاً تنظر له، لفت انتباهه رموشها المبتلة بدموعها ليمسح على عينيها برفق بابهامه، مد ذراعه اليسرى ياخذ صينية الطعام امامه على الارض
امسك بالملعقة يخلط الطعام ثم ملأها حاملاً اياها نحو فمها “تناولي هيا“
رفضت بوصتها المبحوح“لا اريد.. لا اشعر بالجوع“، ،شدت قبضتها على قميصه، ستفضل احتضانه لبعض الوقت اكثر على ان تتناول الطعام..
لانت نبرته“القليل فقط“
نظرت فيفيان الى الملعقة بتردد لكنها فتحت فمها في النهاية، تناولت اللقمة و تتالت اللقمات حتى اكملت الصحن
كانت فيفيان بالفعل بين احضانه جالسه، و ظهرها عليه، عندما ابعد سولفير الصينية بعيداً امسك بوجهها بكفة ليديره نحو، قبل خدها عبر قناعه“احسنتِ“
زمت فيفيان شفتيها، انه دافئ كالسابق او اكثر دفئاً؟ هل نست حنانه ام انه ازداد حناناً؟ ، رفعت رأسها له “جسدي يؤلمني، لقد نمت كثيراً“
نظر سولفير الى النافذة، انه الليل، هي تقول له ان يسهر معها، عاود النظر لها “هل نذهب الى الاسفل؟“
اومأت له مبتعدة عن حضنه، ليستقيم هو الاخر واقفاً، ربت على راسها قليلاً،
سارت فيفيان الى خارج الغرفة، تنظر الى المنزل، الغرفة تلك خانقة جداً
جلست على الكنبة قبله ضامة رجلها الى صدرها، ليرتمي سولفير الى جانبها ثم حوط كتفها بذراعه اليسرى ساحباً لها اليه، حضن اخر.. لما لا؟
تسللت ذراع فيفيان له حتى احتضنته، دفنت راسها في صدره تستنشق رائحته، ذلك العطر الخفيف المنعش، بينما هو شدها اليه اكثر،
رفعت فيفيان عينيها له تنظر، بادلها النظرات بصمت، تلك العيون التي لم تستطع فيفيان معرفة ما خلفها، عرفت الان ان خلفها تعباً جماً، اخفى عنها تعبه الى حين ارتخاء عيناه، لم يكذب من قال ان العيون فاضحة، فعيناها تنضح حزناً و اشتياقاً، و عيناه تصبُ تعباً و اشتياقاً
سألت تكسر صمتهما“انت لم تاخذني يوم ميلادي اليس كذلك؟“
سكت سولفير يتامل معالم وجهها حتى اجاب“اجل، لم يكن يوم مولدك، لقد عدتي ذلك اليوم الى المنزل بامان“، عضتْ على شفتيها بارتباك، كل ما لامت نفسها عليه، كان على لا شيء،
-“لماذا انا هنا؟”
لانت عينا سولفير ليغطي وجهها بكفه مداعباً لها“ساشرح لك في يوم اخر، ليس الان“
صمتت فيفيان لم ترغب بالالحاح عليه، لذلك بادلته المزح وهي تعض يده التي على وجهها، انتفضت يد سولفير اثر عضها له“مهلا!! من اين تعلمتي هذا!!”
ضحكت فيفيان عليه“منذ الصغر“
————
مر الوقت حتى اشرقت الشمس و ساعتان اخرى لتشعر فيفيان اخيراً ببعض النعاس، اما سولفير؟ فاصبح تركيزه اضعف من تركيز نملة حديثة الولادة
قام سولفير عن الكنبة يفرك عيناه بسبابته و ابهامه، تقدمت فيفيان بالسير و هي تصعد الى الاعلى، و هو كان خلفها بخطواين فقط، عندما وصلا الى الممر العلوي التفتت فيفيان تودعه قبل ان يفترقا الا انه امسكها من عضدها برفق ساحباً لها معه
اندهشت فيفيان من فعله ثم اخذ الارتباك يخيم عليها، حتى علل سولفير موقفه سائلاً“ماذا عن ترك تلك الغرفة الخانقة لليوم؟“
صمتت فيفيان دون رد و هي تقرض جلد شفتيها، دخلا غرفته لتجوب عينا فيفيان في المكان، ان تصميم الغرفة كل البعد عن تصميم المنزل، كأن الغرفة جزء اخر لا ينتمي الى هذا البيت
ذلك البيت الدافئ الخشبي، الاقرب الى الكلاسيكي القديم قد ذهب كله و تلاشى هنا في هذه الغرفة الحديثة، التي لا يبدو عليها غير اللون الابيض و الاسود و بعض الرمادي المزرق، هل هي تعبر عنه؟
ظنت ان غرفته ستكون دافئة ايضاً لكن لم تتوقع ان تكون بهذه المثالية و التصميم الفريد
جلس على حافة السرير “غرفتكِ.. خانقة جداً، الا ترغبين بالبقاء هنا؟“
ثواني حتى اردف“لا يزال ممنوعاً عليكِ الدخول الى هنا، لكن اليوم استثناء..”
شعرت فيفيان ببعض الارتياح عندما سالها عن رغبتها، لذلك اومأت له، تقدمت الى داخل الغرفة بعد ان اغلقت الباب خلفها، رغم انها غرفته الا انها لا تحوي على صور خاصه به،
-“انت لا تقطن هنا” قالت بينما تنظر الى جدران الغرفة، هي لم تكن تسال، هي عرفت ببساطة
-“انتِ لا تسألين”
-“نعم، انا لا اسأل“
-“تعالي عندي” قال سولفير و هو يمد ذراعه لها، توجهت نحوه ممسكه بيده ،ليسترسل هو“ذكية.. نعم انا لا اقطن هنا“
ابتسمت فيفيان اثر مديحه هذا ليستلقي على السرير جاراً فيفيان معه، ما يفعله غريب جداً، دعوته لها لغرفته، و لمساته لها، هو لا يفعل ذلك لانه يحبها بطريقة اخرى، هو يرغب بالتمسك بها فقط، يرغب بأن يبقيها بجانبه، علمت ذلك لانه من يرغب بشيء من فتاة، لم يكن ليحتضنها بذلك الدفئ، لم يكن ليتوقف الامر عند الاحتضان
بادلته الحضن “كتفك..”
-“لا يؤلمني الان..”
همهمت له دون اضافة شيء، لم تستطع النظر الى وجهه فهي بمستوى كتفه و رأسها اسفل ذقنه،
-“ماذا عن قناعك؟“
-“لا بأس به..”
همهمت له مرة اخرى.. الامر غريب، انها المرة الاولى التي تنام بجانبة، شعرت ببعض الدغدغة في قلبها، لم تتغير علاقتهما بسبب ما حدث، يبدو انه كان يعاني ايضاً
-“الجو بارد..”
ابعد سولفير راسه قليلاً ليتسنى له النظر في وجهها، كان الارتياب واضحاً على عيناه المتعبة“ماذا تريدين بالضبط؟“
رمشت فيفيان عدة مرات “غطاء..؟“
لحظات حتى ضحك سولفير، لم يتوقع هذا الجواب، لقد تفادت سؤاله بطريقة اضحكته، ابعد جذعه عنها جاراً الغطاء، غطاها ثم عاود وضع ذراعه اليسرى اسفل رقبتها“هل هناك ما تبقى من التذمر لم تقوليه؟ هل ننام براحة؟” قالها بمزاح
اجابت فيفيان ممثلة الانزعاج“هاي!! لم اكن اتذمر!!”
ربت سولفير على رأسها “اجل اجل.. هيا نامي..”
•••
استيقظت فيفيان عصراً، اوقات نومهم اصبحت فوضويه للغاية، تقلبت في السرير لتفتح عينيها فجأة..
هذا صحيح، هذه غرفة سولفير، لكن اين سولفير؟!
اعتدلت بجلستها تنظر في ارجاء الغرفة، هو ليس هنا، قامت من السرير ثم خرجت بعد ان نظمت الغطاء
سارت عدة خطواتها من الممر لترى ضوء الحمام مشتعل، اقتربت الى الباب اكثر “سولفير؟ انت هنا؟“
وقعت بعض الحاجيات من داخل الحمام ثم اتى صوته متلخبطاً “اجل!”
سألت فيفيان بقلق“ما هذه الفوضى.. هل استطيع القدوم؟”
-“اجل..”
نظرت فيفيان عبر الباب لتراه عاري الصدر، بجرحه المكشوف، ماذا يفعل بحق الرب؟
فيفيان:-
دخلت الى الحمام انظر الى الفوضى التي افتعلها، نظرت له و يبدو انه في وضع صعب
-“ماذا تفعل؟” سالت باستنكار
-“اضع المرهم” نظر لي ثم اعاد بنظره الى المرأة
“دعني افعلها لك” دخلت الى الحمام اغسل يدي ثم جففتها بالمناديل، اخذت المرهم من يده“دعني
لم يعترض و لم يتكلم، فقط فرج قدميه لكي يكون بنفس مستوى طولي و يتسنى لي رؤية كتفه، “هل ذهبت الى الطبيب؟“
-“كلا“
-“لما ؟” نظرت له عبر المرأة
بادلني النظرات دون رد، اكملت تضميد جرحه ثم اتجهت الى المغسلة لاغسل يدي من المرهم، بينما هو تراجع عدة خطوات ليرتدي قميصه
-“متى سوف يشفى؟“
-“ليس اقل من اربعة اشهر..”
همهمت له، هذا كثير..
خرجت من الحمام متجهة الى الاسفل، جلست الى طاولة الطعام التقط تفاحة في يدي، بدات بتناولها انظر الى اللا مكان
دقائق حتى شعرب بيد على راسي تبعثر شعري، رفعت راسي الى الاعلى لارى سولفير و قد بانت خطوط عينيه الضاحكة عبر قناعه
-“فطورك في الفرن، ساخرج لبعض الوقت“
نظرت الى الفرن و انا اعدل خصلات شعري التي بعثرها“حسناً، هل ستتاخر؟“
-“ربما، اقلبي المنزل ان كنتي ترغبين..”
هو يقول بان اخذ راحتي..
-“و إن احترق المنزل؟” سالت مازحة له
-“اتصلي علي قبل ان تهربي“
رمشت عدة مرات حتى سالت بتفاجئ“استطيع الاتصال بك!!؟“
اومأ برأسه ثم اشار الى الهاتف في تلك الغرفة الزجاجية“هناك هاتف، اضغطي على الرقم 1 و سيتصل علي، او على الرقم 2 و سيتصل بكرستين“
همهمت له بتعجب، لم احسب انه قد هيأ طريقة لاتصل به..
لقد نسيت حتى انه توجد طريقه للتواصل، الهي من كان يتوقع انني سانسى العالم الحديث بعد ان كنت مدمنة على هاتفي
ودعني ثم خرج، تناولت فطوري و جلست على الكنبة اشاهد التلفاز و اخذت اقلب القنوات، تارة شاهدت بها نهاية احد الافلام و تارة اشاهد بها رياضات معادة.. حتى وصلت الى قناة الموسيقى و اللعنة انها رائعة!!
خطرت عندها فكرة برأسي قد اثارت اعجابي، ركضت الى غرفتي و قلبت بين الثياب لاجد اخيراً فستاني الازرق!
ارتديته و صففت شعري بمجفف الشعر الذي تركه سولفير عندي في الغرفة، وضعت بعض مستحضرات التجميل و نزلت الى الاسفل
اغلقت الاضاءة الساطعة و ابقيت تلك الاضاءة الخافتة، و قد وضعت الموسيقى اعلى ما يمكن و بالتاكيد اخذت ارقص..
حتى اشتعلت احدى الاغاني التي احبها..
•••
صرخت فيفيان بحماس مع ايفي“الهي الهي انها الاغنية التي احبها!!”
اومأت صديقتها مع نفس حماسها تتمايلان مع ايقاع الموسيقى، حتى اتى حبيب صديقتها مقبلاً لها، تراجعت فيفيان بعض خطوات عنهما تعطيهما مساحتهما الخاصة، لن يرغب احد بالتمايل مع عاشقان يقبلان بعضهما البعض
عندها جرها اليان يجذب انتباهها له، صرخ لكي تسمعه من بين هذا الضجيج“اراكِ وحيدة!”
تسلل كفه الى كفها ثم اخذا يتحركان مع ايقاع الموسيقى“ليس الان!” اجابت فيفيان الفتى
ظلا يتمايلان حتى انتهت الاغنية و بعض الاغاني الاخرى، جف ريق فيفيان اثر الرقص و الغناء، حيث تركت يد اليان“ساذهب لاشرب شيئاً بارداً!!”
-“لا تتأخري!! سأنتظر مجيئك“
اومات له فيفيان تاركة له
________
ابعدت فيفيان خصلات شعرها عن وجهها، لقد تذكرت بعض الذكريات من مولدها، لكن الامر اكثر راحة لها الان، فلم يكن يوماً سيئاً كما ظنت
هي تشعر بالعطش كما تذكرت، الامر مزعج لها ان تتذكر ذكرى مبهمة فجأة دون سابق انذار، لكن يبدو ان ذاكرتها عزمت على استرجاع ما فقدته
توقفت عن الرقص و وطت من صوت الموسيقى قليلاً، ذهبت صوب الثلاجة تخرج لها عصيراً ما، اخذته ثم جلست الى الطاولة، حالما ارتشفت منه سرت قشعريرة على كامل جسدها، انها كحول!
قربت فوهة العلبة من انفها تشمه لتتاكد، لكن عيناها قد اغبشت لجزء من الثانية ثم عادت، رائحة سجائر؟ نظرت الى العلبة، انها كحول بالفعل لكنها ليست بطعم السجائر.. اعني من بالرب سيصنع كحولاً بطعم السجائر؟
اكملت فيفيان شرب العلبة بعد تردد، لكنها طمأنت نفسها بان الذي كانت تخاف منه ليس بموجودٍ، فاليوم الذي ثملت به عادت الى المنزل بامان،
في كل مرة ترتشف بها فيفيان كانت رائحة السجائر تزداد، حتى صرخت بنفاذ صبر“من اين اتت هذه الرائحة بحق الجحيم!!!!”
تجرعت العلبة مرة واحدة ثم اسندت براسها على الطاولة، مفعول الكحول اخذ نصيبه منها و الرائحة تلك لا تكف عن الذهاب، لا احد يدخن في المنزل من اين اتت بحق الجحيم
بدات تفتر في المنزل و هي تشتم كل زاوية به لكن لا يوجد اثر للسجائر سوى رائحتها، حتى تعبت و ارتمت على الكنبة بتعب ثمل“انها تزعجني.. ارغب بالبكاء لما لا تذهب!!”
••••
دخل سولفير الى المنزل ليرى بعض الفوضى مبعثرة و الكثير من الفوضى متمركزة في مجسم يدعى فيفيان، فتح الاضواء ليرى فيفيان في البيت الزجاجي تمسك الهاتف قريب من وجهها، هل هي تحاول الاتصال به؟ اطفال هذا الجيل لا يعرفون طريقة استعمال الهاتف القديم؟ لما تحمل الهاتف بكامله؟؟!
انتبهت له لتخرج بسرعة نحوه“سولفير!!! منذ متى و انت تدخن؟!”
رفع احد حاجبيه على الموقف، هو اخبرها ان تقلب المنزل.. لكن ليس هكذا.. لم يعني بهذه الصورة ابداً..! ثم ما بالها انقلبت هي ايضاً مع المنزل؟ الفستان و مستحضرات التجميل و صوت الموسيقى و… ما هذه الفوضى؟
انزعاجها منه لانه يدخن و هو اصلا لا يطيق السجائر.. و الاضاءة الخافتة.. مالذي كان يحدث في منزله بحق الرب..