كفّي عن الكتابة وانتظري قليلاً، وإلا فلن أستطيع كتابة ما كنت أنوي كتابته أصلاً.
ملاحظة: رغم الضغوط التي أعانيها، بدأت أحب هذا الصندوق السحري لأننا نستطيع تبادل الرسائل بسرعة.
ملاحظة ثانية: على أية حال، انتظري بهدوء لمدة ساعة.
مساء اليوم التاسع من القمر الأخضر الشاحب، سنة 1314 – آرتشي الجائع في قصر آرلي.
—
إلى الأمير آرتشي،
.
(كورديليا الصامتة في الانتظار)
ملاحظة: وضعت نقطة فقط، هل تراها؟
6/9– كورديليا الصامتة.
—
إلى الآنسة العنيدة كورديليا،
أعتذر عن تأخر الرد.
إن “قمر وندسور الأخضر الشاحب” يشير إلى الشهر السادس من السنة. كورديليا، بما أنكِ كتبتِ يونيو، فيبدو أن طريقة حساب الفصول لديكم لا تختلف كثيراً عن وندسور.
في هذا الوقت من السنة، تتزين وندسور بالخُضرة في كل مكان. الحفل الذي يفتتح موسم النشاط الاجتماعي الصيفي يُقام دوماً في قصر آرلي، فيزداد القصر حلةً خضراء.
إنه منظر جميل، لكنني لا أحب القصر الملكي في هذا الموسم، فهو أكثر ازدحاماً من أي وقت آخر.
إن بقيتَ في مكانك، ستجد نفسك مجبَراً على المشاركة في رحلات صيد الثعالب، والرقصات، وألعاب الورق، وغيرها، دون أن تجد وقتاً لالتقاط أنفاسك. وبعد أن قضيت 25 سنة في قصر آرلي، صرت أعرف جيداً كيف أتفادى هذه الأمور.
سري هو أن أقول إنني ذاهب إلى مكتبة دير ليثي.
وحيث إنني تهرّبت من الدراسة منذ الصغر، فإن أمي توافق فوراً ما إن تسمع أنني سأحمل كتاباً. هي تظن أنني أحدّق في الجدران وأتأمل حقاً، بينما رهبان الدير من أوقح المهرّجين.
ولهذه الأسباب كنت في رحلة إلى الدير في اليومين الماضيين. أعتذر لعدم ردي على رسالتك بانتظام. ومع ذلك، أرى الآن أن من حسن الحظ أنني لم أعد إليك المخطوطة فوراً. ولماذا أقول ذلك؟
كورديليا، المخطوطة التي أرسلتِها تصف أحداث العائلة الملكية في وندسور. لقد سميتها “مخطوطة”، لكنها ليست قصة خيالية.
الأشخاص المذكورون فيها هم عائلتي، أشخاص حقيقيون. وقد كففت عن محاولة فهم كيف قُدِّمت لكِ هذه المخطوطة، إذ جاء في نصها:
“لم يكن الأمير آرتشي معروفاً بعمق التفكير.” (وهذا صحيح تماماً).
فبعد تفكير سطحي، خلصت إلى أن كاتبة تُدعى “آن سيلين” ساحرة تستطيع التنقل بين عالمك وعالمي. ربما كتبت عن مملكتنا وسلمتك إياها كعمل روائي. وربما أيضاً قدرتنا على تبادل الرسائل بهذه السرعة بفضل سحر آن سيلين.
وبعد أن فكرت بهذا القدر، بدا الأمر غير خطير. فما الضرر من نشر كتاب عن أحوال مملكتنا في عالم آخر؟ خاصة وأن الكاتبة كانت في بعض المواضع تؤلف أحداثاً.
أولاً، هناك حقائق ناقصة في المخطوطة. أمي ليست ابنة عم الأميرة إدويِنا، بل هي ابنة دوق فِيلَوم وصديقة مقربة للأميرة نشأتا معاً كابنتي عم. وبعد اختفاء الأميرة، تبنتها العائلة المالكة رسمياً، وبموافقة مجلس الشيوخ أصبحت ملكة رغم أنها ليست من سلالة ملكية، وهو أمر لا يزال محل انتقاد كثيرين. آن سيلين أغفلت هذه الحقيقة المهمة.
كذلك، قصة تقدم السير آرثر غيلن لخطبة الأميرة إدويِنا ليست صحيحة، فقد كانت مخطوبة آنذاك إلى تشارلز وِلسلي، دوق إلينغتون، في زواج سياسي كما هو شائع بين الملوك.
كان تشارلز وسيماً، محبوباً في المجتمع، يكبر الأميرة بعشر سنوات، وكان حبها الأول، لكنه لم يكن يهتم بها كثيراً. حتى حين أُسرت بعد الحرب الإمبراطورية، لم يزر الإمبراطورية قط، ما يثبت أنهما كانا شبه غريبين رغم خطبتهما.
لهذا، ربما بدت كلمات السير آرثر للأميرة ذات أثر بالغ: “حياتي بلاك لا معنى لها.”
كلمات يستحيل أن يقولها تشارلز وِلسلي، لكنها صدرت من غريب عند اللقاء الأول، فلا بد أنها هزت قلب فتاة في العشرين.
لكن أمي، الملكة أديلايد، وكانت تكبر الأميرة بسنوات قليلة، منعتها من التسرع، وقالت لها: الوقوع في الحب من النظرة الأولى لا يتطلب جهداً، فلا تراهنِي بحياتك على مجرد كلمات شاعرية.
فسألتها الأميرة: كيف أعرف صدق مشاعره؟
قالت أمي: – كلّفيه بأمر بالغ الصعوبة والمشقة، ولا معنى له، كأن تطلبي منه الانتظار أمام شرفتك مئة يوم مكتفياً بالنظر إليكِ. إن فعل ذلك، كان حبّه صادقاً.
نعم، كانت تلك نصيحة أمي السيدة أديلايد، التي ظلت طوال حياتها تعتقد أن ذنب كل ما جرى يقع عليها.
رأيت أن الكاتبة ليست من أهل القصر الملكي، إذ فاتتها هذه القصة المهمة.
وفوق ذلك، الفصل الثاني من المخطوطة اختلق أحداثاً لم تقع أبداً. فمنذ اختفاء الأميرة والفارس، لم يُعثر عليهما. ولا أحد سمع عن بحث الأميرة عن الفارس مئة يوم، ولا عن لقائهما مجدداً، ولا عن البيت الذي سكنوه. وفكرة أنهما ماتا أو أنجبا ابناً محض خيال روائي.
كنت أراه عملاً جريئاً لكنه يدعو إلى الابتسام، وكنت على وشك إعادة المخطوطة لك.
إلى أن وقع “ذلك الحدث” أمس…
في المساء، مللت من التأمل في مكتبة الدير، فأخذت حصاني “شيرلوك” ليرعى قليلاً، ودخلت الغابة. بدا الحصان سعيداً بالخروج بعد مدة طويلة، فأخذ يعدو بلا توقف، حتى إذا انتبهت أننا ابتعدنا كثيراً، كان الظلام قد حل. والغريب أن الجهة الشرقية وحدها بقيت مضاءة. اندفع شيرلوك نحو النور قبل أن أوقفه.
وفي عمق الغابة، وجدنا كوخاً صغيراً دافئاً. في الحديقة الأمامية أزهرت الأقحوانات الصفراء، وفي الخلفية قبر واحد كبير، نقش على شاهدته:
[هنا ترقد الأميرة إدويِنا آن ماري وينترتون وفارسها آرثر سيلين غيلن]
نعم، كان بيت الأميرة والفارس.
وجود القبر والشاهدة يعني أن أحدهم دفنهما ونصب القبر. دخلت الكوخ، فوجدت في إناء عند المدخل زهوراً برية ذابلة، وفي المطبخ كأس عصير برتقال ترسبت رواسبه منذ أيام، وبصلة ذابلة. لم يكن هناك أثر لأحد، ولا رائحة تحلل. لكن أحدهم كان يعيش هنا قبل أيام قليلة فقط.
بدأت أفتش الكوخ الصغير، حتى وجدت في غرفة علوية لوحة كبيرة، تصور الأميرة إدويِنا، والفارس الأشقر آرثر، وصبياً بشعر أحمر كالأميرة وعينين خضراوين كالفارس.
نعم، كان كل شيء تماماً كما وصفته آن سيلين في مخطوطتها.
أنا الآن في حيرة شديدة، وأجد نفسي – ولأول مرة منذ زمن – أغرق في “تفكير عميق”.
ما الذي يجري، كورديليا؟ من تكون هذه الكاتبة آن سيلين التي أعطتك هذه المخطوطة؟
أعتذر، لكن حتى تخبريني بذلك، سيكون من الصعب أن أعيدها إليك.
ليلة اليوم الثامن من القمر الأخضر، سنة 1314 – آرتشي ألبرت ويليام ريندايك، يحاول التحلي بالحذر لأول مرة منذ زمن.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات