بالطبع، ذهبت في اليوم التالي مباشرة لأسأل فلوريان عمّا همس به في أذن سيسيل بالضبط.
كنت أريد أن أعرف ما الذي قاله لها وجعلها ترفض استدعاء المعالج وتكتفي بالمغادرة، ولماذا أسرعت إليه وحملته وغادرت بعد أن تبادلت معه حديثًا غامضًا،
وما الذي سمعته منه حتى صارت تحميه بهذا الإخلاص منذ ذلك الحين؟
…كانت لدي أسئلة كثيرة، لكن بما أن سيسيل تفضل الإيجاز والاختصار، قررت أن أطرح سؤالًا بسيطًا:
«هل أنتِ غاضبة؟»
وكان الرد الذي تلقيته:
«اغرب عن وجهي»
ومع ذلك، واصلت الإلحاح، ألاحق سيسيل مثل جرو صغير يرفض أن يترك بنطالك.
فسألتها مجددًا:
«هل فقدتِ عقلكِ، يا سيسيل؟»
لكن الجواب كان نفسه:
«قلت لك اغرب عن وجهي، يا آرتشي. أيها الأحمق.»
لقد أصابتني هذه الإهانة المفاجئة لشخصي وذكائي بصدمة، ويبدو أن ملامحي أفصحت عن ذلك، إذ بدا أن سيسيل، وقد اشتد حماسها لإهانتي أكثر، أضافت:
«وماذا تعلمتَ من التغيب عن المناسبات الملكية، وقراءة الكتب، ومقابلة النساء؟ إنك مثير للشفقة بحق.»
وما حطّم قلبي أكثر من هذه الكلمات القاسية هو وجه سيسيل الذي انقلب إلى ابتسامة رقيقة بمجرد أن نظرت إلى فلوريان، كأنها لم تسبّني لتوّها.
«استرح جيدًا، لا تخف.»
في هذه المرحلة، أكاد أشك حقًّا فيما إذا كانت سيسيل وأنا شقيقين حقًا، لكن ذلك الشعر الأشقر المشترك وتلك العينان الزرقاوان اللتان تُعدّان دليل نسب عائلتنا يجعلاني أستبعد الأمر.
لماذا تتصرّف سيسيل على هذا النحو يظلّ لغزًا، حتى الآن، بعد مرور عدة أيام.
والآن، عندما أفكّر في الأمر، يا كوكو، ربما قد تنفعني نصيحتك، لكنني لا أرغب في مقاطعة شؤونك العاطفية.
سأقضي أمسياتي في غرفة الدراسة أقرأ الكتاب الذي أهديتني إياه، هاملت، فاذكريني بردّكِ حين تعودين، يا صديقتي العزيزة.
لو كنتِ تعلمين كم أعتمد عليكِ، لشعرتِ فجأة بثقل على كاهليك.
في نهاية القمر الأخضر الشاحب.
– من وسط الحيرة، صديقكِ آرتشي
* * *
إلى كوكو، التي يبدو أنها تعيش لحظات حلوة على عكس حالي،
أنتِ دائمًا رائعة، لكن عندما ترسلين إلي كتبًا كهذه، أشعر برغبة في أن ألكم الصندوق وأغدقكِ بألف قبلة. أليس الأمر غريبًا؟ كيف تتمكّنين دائمًا من منحي الكتاب المثالي في الوقت المناسب تمامًا؟
أيمكن أن تكون هناك في مخطوطة آن سيلين جملة تقول:
«في هذا الوقت، يبدأ الأمير آرتشيبالد بالمعاناة من مأزق أسوأ من الحياة أو الموت، مثل الأمير هاملت في أرض بعيدة»؟
بصراحة، كان في ذهني الكثير مؤخرًا. الأمر أشبه برمي كرة صوف متشابكة على مكتبي، وأنا أعلم أن عليّ فكّها في النهاية، لكن لا أرغب في فعل ذلك الآن، ومع ذلك أظل أحدّق فيها باستمرار.
لقاء صديق يشاركك نفس العذاب في مثل هذه الأوقات أمر يبعث على الراحة حقًا. يجعلك تدرك أنك لست الوحيد في العالم الذي يشعر بهذا الشكل.
ورؤية ذلك الصديق وهو يكابد مشكلة أكثر خطورة ويتخبّط بشكل مثير للشفقة، أمر يطمئن القلب أكثر. (نعم، الأمير هاملت مثير للشفقة حقًا. لكن هذا يجعله أكثر إنسانية، أليس كذلك؟)
ومن هذا وحده، يمكنكِ أن تدركِ أنني لست نقيّ السريرة كما قد تظنين، أليس كذلك؟
وطبعًا، الشخص الذي جعلني على هذه الحال ليس سوى فلوريان، ابن الأميرة إدويـنا.
هذه الأيام أجد نفسي في حالة توتر دائم مع سيسيل، وكل ذلك بسبب فلوريان.
لكن من الجانب الإيجابي، يبدو أن الأمر الذي كنا نقلق بشأنه في البداية—محاولة سيسيل قتل الفتى ذي الشعر الأحمر—لن يحدث أبدًا. يكفي أن تنظري إلى ما جرى اليوم.
فاليوم كان أول يوم من المفترض أن تعلّم فيه سيسيل فلوريان فنون المبارزة بالسيف.
ويبدو أن فلوريان قد استعار درع السلاسل الخاص بسيسيل، لكن بما أنه أطول منها بكثير ولا يملك عضلات تذكر، بدا الدرع فضفاضًا عليه، ومع ذلك كان شكله لطيفًا للغاية.
وكما نصحتِني، ذهبتُ إلى ساحة التدريب لأراقبهما عن قرب، وما رأيته لم يكن تدريبًا على المبارزة بالسيف—بل كان أقرب إلى علاقة غرامية.
فعندما تتبارز معي سيسيل، لا تفوّت فرصة لطرحي أرضًا بعنف، أما معه فكانت رقيقة كنسيم عليل.
وفي كل مرة تتحدث فيها، كان فلوريان ينفجر ضاحكًا وينظر إلى أختي بعينين مليئتين بالإعجاب، حتى شعرت بشيء من الغيرة.
أليس هذا غريبًا؟ لم أشعر قط بالغيرة من قرب سيسيل من أي شخص، لكن بعد أن راقبتهما قرابة الساعتين، ومع اقتراب التدريب من نهايته، ووجهه الشاحب قد احمرّ وقطرات العرق تتساقط من شعره، ذهبت لأعرض عليه بعض الماء.
أحيانًا، في مثل هذه الأيام الحارة من الصيف، كانت سيسيل تؤنبني وتطلب مني أن أجلب الماء إذا لم أكن مشغولًا، وهي تطرح درع السلاسل جانبًا.
لذلك، وكالعادة، حاولتُ بلا تكلف أن أسكب عليه بعض الماء، لكن سيسيل دفعتني فجأة بعيدًا.
انسكب الماء على الأرض، وصرخ فلوريان وسقط أرضًا كأنه رأى حشرة مروّعة.
أسرعت سيسيل نحوه لتطمئن عليه، وهي تزيل الغبار عن مؤخرته وتنظر إلى يديه بقلق بالغ.
أعني، هيا الآن، حتى لو كانا معلمةً وتلميذًا، فإن تنظيف مؤخرة فتى بالغ أمر مبالغ فيه، أليس كذلك؟ لم أستطع الوقوف مكتوف اليدين، فتقدمتُ عارضًا أن أقوم بذلك بنفسي.
لكن، وكأنه يحمل ضغينة ضدي، تراجع مبتعدًا عني، وصاحت سيسيل بي مرة أخرى:
«ابتعد، يا آرتشي. أيها الأحمق البائس.»
يا كوكو، لم يُعاملني أحد بهذه الطريقة في حياتي.
وكما قلتِ أنتِ ذات مرة، لقد وُلدت محظوظًا.
وأنا أعلم ذلك أيضًا. لذا، كان الرجال والنساء على حد سواء يعاملونني دائمًا بلطف، وحاولت أن أردّ ذلك اللطف بقدر استطاعتي.
لا ألومكِ إن ظننتِ أنني بائس كما تظن سيسيل، لكن في تلك اللحظة، شعرت فجأة بخيبة أمل عميقة من الحياة.
تساءلت إن كنتُ قد آذيته إلى هذا الحد عندما حاولتُ نزع قميصه وكدتُ أن أسقطه من النافذة دون أن أدرك حقًا ما كنت أفعله.
ولهذا، حاولت أن أكون ألطف معه.
ظننت أنه من المؤسف ألا يكون لديه حتى درع سلاسل مناسب، فحاولت أن أجعله يذهب لقياس واحد جديد، لكنه أصيب بالذعر وتجنبني مرة أخرى.
وخشيت أن يواجه صعوبة مع الحر في قصر آرلي، الذي هو أشد حرارة بكثير من الغابة،
فحاولت أن آخذه إلى البحيرة التي لا يتمتع بها سوى العائلة المالكة لويندسور، ظننت أنه قد يستمتع بالسباحة، لكنه رفض بإصرار وهو يهز رأسه.
أخبرته أن الأمر سيكون ممتعًا وأمسكت بيده، لكنه بدأ يرتجف وينادي: «الأميرة سيسيليا!»
وكما تعلمين، أجابت أختي بقولها:
«ابتعد، يا آرتشي. أيها الأحمق البائس.»
لقد بدأت أرتبك في ما إذا كان اسمي هو آرتشي ألبرت ويليام أيًّا كان…أم «ابتعد يا آرتشي أيها الأحمق البائس».
المشكلة أنني لم أعد أكره هذا الفتى على الإطلاق. لا يضايقني عندما يهرب صارخًا، أو عندما يتسلل إلى غرفة الكتابة لدينا، يطلّ منها وكأنه فضولي.
إنني فقط أشعر بالفضول. عقلي يقول لي أن أكشف أسراره، بينما جزء آخر مني يقول فقط إن عليّ كسب قلبه. أما كبير خدمي، إدموند، فيضيف بابتسامة ساخرة:
«يا صاحب السمو، عليك أن تتقبل سريعًا أن ليس كل الناس سيحبونك، بمن فيهم أنا.»
نعم، يا كورديليا، قد يبدو الأمر متعجرفًا، لكن باستثناء سيسيل، لم يسبق أن كرهني أحد هكذا قط!
في اليوم الأخير من القمر منتصف الخضرة،
—آرتشي، الذي أصبح مكروهًا من قبل ثلاثة أشخاص في المجموع.
* * *
أميري البائس،
ألستَ تناديني دوماً بصديقتك الحكيمة؟
غير أنّه، حتى حين أطير فرحاً بثنائك، أعلم… أعلم أنك أذكى مني بكثير.
نعم، أعلم ذلك، لكنني الآن بدأت أشك في هذه الحقيقة قليلاً.
فحتى من دون أن أقرأ مخطوطة الآنسة آن سلين، يكفيني ما جاء في رسائلك لأدرك تمام الإدراك ما يجري. فلماذا لا تدركه أنت؟
ولو صرّحت لك به مباشرة لفقد الأمر متعته، لذا سأصمت وأكتفي بمراقبتك وأنت تمرّ بأكثر لحظات حياتك بؤساً.
أرجوك أن تكتب إليّ كثيراً، ولا تُسقط من رسائلك أدقّ التفاصيل عمّا يحدث مع فلوريان.
في اليوم الأخير من القمر منتصف الخضرة،
— كورديليا، التي تؤمن أن الأصدقاء أحياناً ينبغي أن يمازح بعضهم بعضاً.
ملحق: لقد كانت الرحلة مع ليام ممتعة، بخلاف الرحلة مع مارك. فبعد أن شاهدنا هاملت،
سألني: «ما المشهد المفضل لديكِ؟»
واقترحت، بدلاً من الإجابة الفورية، أن نعدّ حتى ثلاثة ثم ننطق الجواب معاً. وبالطبع اخترنا المشهد نفسه.
وبدل أن أحتفظ بذلك المشهد سرّاً بيني وبين ليام، سأرسل إليك جملة من هاملت:
«ثمّة أوقات يتعيّن عليك أن تلوذ فيها بالصمت، حتى وإن كان قلبك يتفتّت ألماً».
نعم، هذا تماماً ما أشعر به الآن أيضاً! فابحث أنت عن الجواب بنفسك، يا آرتشي الحكيم.
* * *
إلى مستشارتي العزيزة، الآنسة كورديليا،
حسناً، سأحاول أن أُبقي بيننا شيئاً من المسافة، فأخاطبكِ بهذا الأسلوب.
بدلاً من أن أستند إلى صداقتنا، سأطلب منكِ رسميّاً، آملاً أن تمنحيني الإجابة:
ما سرّ فلوريان، ذاك السر الذي لمحته أنتِ؟
اليوم، وجدت نفسي أُبكيه.
كل الأمور كانت على ما يرام حتى البارحة.
إنه حقاً شخص مدهش؛ يتبعني كل يوم كما كانت نويل تفعل في صغرها، مردّداً دوماً:
«الأمير آرتشي، الأمير آرتشي».
ما عدا تلك اللحظات التي ينسحب فيها فجأة بخجل، فهو غاية في المودّة.
حتى عندما أعلّمه شيئاً تافهاً أو أقول له عبارة بسيطة، تتلألأ عيناه الخضراوان ويقول:
«أيها الأمير آرتشي، لطالما رغبت في أن أفعل هذا معك… كأنه حلم تحقق».
وحتى حين أكتفي بأخذه في جولة في الحديقة، أو أطعم شيرلوك ــ حصاني ــ أو نتناول الشاي معاً، يكون في غاية السرور…
وأحياناً، حين أراه على تلك الحال، أشعر بوخزة في قلبي، كأنني قد أصبحت عالمه كله، مثلما ترى جرواً صغيراً يئنّ طلباً للدفء.
اليوم، كنت في مزاجٍ رائق وأنا أراقب فلوريان، حتى كدت أشرع في كتابة رسالة إليكِ.
كنا قد اتفقنا أن أبدأ اليوم بتعليمه الرقص. وبما أن حرارة الطقس قد تُنهكنا، امتطينا الخيل وغادرنا القصر، حتى بلغنا مسافة بعيدة.
هناك كهف صغير في الطريق المؤدي إلى الغابة، في الجهة المعاكسة للدير. حتى في ذروة الصيف، تهبّ منه نسمة باردة، وأحياناً تبلغ حدّ القشعريرة.
وفي هدوء ذلك الكهف، حيث انسابت ريح لطيفة، رقصت مع فلوريان طويلاً. وكما تعلمين يا كوكو، فإن الخطوات التي تعلمتها من سيسيل في أيام الصبا كانت خطوات النساء، لذا كنت المعلّم الأمثل لفلوريان.
لكن حين عرضت أن أؤدّي دور المرأة وطلبت منه أن يتّبع خطوات الرجل، أصرّ هو على تعلّم خطوات المرأة بدلاً من ذلك. وكما كان حين طلب أن يتعلّم المبارزة على يد سيسيل، بدا فتى طيباً لا يعرف العناد في غير موضعه.
وبقلب ممتلئ بالرضا، أمسكت بيد فلوريان وعلّمته الرقص زمناً طويلاً. وعندما انعكسَت خُضرة الأوراق خارج الكهف في عينيه، راودني شعور بأن المشهد غاية في الجمال، حتى خُيّل إليّ أن العالم بأسره قد غمره اللون الأخضر.
كورديليا، أتساءل… هل تمتلئ عيناكِ الخضراوان أحياناً بمثل هذا الاخضرار الصافي؟ وبينما كنتُ أستغرق في هذا التفكير، ارتسمت على وجهي ابتسامة وادعة من تلقاء نفسها.
بعد ساعتين تقريباً، بدأ هطول مفاجئ للمطر في الخارج. ظننّا أنه مجرّد زخة عابرة، فانتظرنا، لكن السماء ازدادت قتامة، والمطر لم يبدُ أنه سيتوقف.
وحين تسلّل البرد شيئاً فشيئاً، التفتُّ إلى فلوريان أتحقق من حاله. كان لا يرتدي سوى قميص أبيض خفيف، وبما أن جسده نحيل، فقد أيقنت أنه أرهف إحساساً بالبرد مني.
سألته: «هل تشعر بالبرد؟»
قال: «أنا بخير».
لكن بعد هذا التبادل المهذّب، لاحظت ارتجاف جسده، فسارعت إلى جذبه نحوي واحتضانه.
في البداية، قاومني كما يقاوم قطّ صغير يمسكه صاحبه، لكن سرعان ما هدأ.
قلت له: «أعلم أنك لست من النوع الذي ينفر من عناق رجل آخر، يا فلوريان».
عندها نظر إليّ صامتاً، ثم فجأة اقترب أكثر، كحَمَل صغير يبحث عن دفء أمّه.
كورديليا، قد تضحكين، لكن لم يكن أمامي خيار آخر؛ فالبرد الذي لفّ الكهف بأسره كان كفيلاً بأن يصيبه بالزكام لو لم أفعل شيئاً.
وبعد برهة، كان هو من بادر بالكلام:
«لنغادر الآن يا صاحب السمو، المطر لن يتوقف. إن تأخرنا أكثر، سيحلّ الظلام».
كوكو، كما قلتِ، لست غبياً، وقد كنت أراقب فلوريان بعناية وأبني تصوّراتي الخاصة.
فعندما حاولت أن أرشّ عليه الماء، أو حين اقترحت أن نذهب إلى البحيرة، تراجع بخوف.
كانت خلاصة استنتاجي أنّ لدى فلوريان شيئاً يريد إخفاءه، ولا بد أن له صلة بالماء.
لذا سألته بحذر عمّا إذا كان الأمر على ما يرام.
نظر إليّ وكأنه يحاول النفاذ إلى أعماق أفكاري، ثم أومأ برأسه.
وقال: «نعم، يا صاحب السمو. فقط اركب، وحين نصل إلى قصر آرليه، أرجوك… لا تنظر إليّ».
لم أستطع منع نفسي من التفكير فيما إذا كان قد أصيب بلعنة سحرٍ أسود تظهر حين يبتلّ جسده، لكنني اكتفيت بهزّ رأسي موافقاً. كان فلوريان يتكلم بوجه تكسوه الجديّة والعزم.
وانطلقنا نمتطي الخيل تحت المطر، وكان فلوريان، امتثالاً لأمري أن يتمسّك بي جيداً لئلا ينزلق في الطريق المبتل، يضمّ ذراعيه حولي بإحكام حتى إن ظهري لم يحظَ بفرصة ليبرد.
وحين بلغنا القصر سالمين، وفي وفاء مني بوعدي، لم ألتفت لأنظر إليه.
كل ما سمعته هو وقع خطواته المسرعة وهو يتجه إلى غرفته.
بدا أن اليوم انقضى بلا مزيد من الأحداث، غير أنني في صباح اليوم التالي سمعت اسمي الجديد كاملاً يتردّد مجدداً. أجل، لقد جاءت سيسيل لتوبّخني.
قالت، بطبيعة الحال: «آرتشي، يا لك من أحمق بائس».
وحين سألتها عمّا أغضبها هذه المرّة، انطلقت توبّخني على أخذي فتىً ضعيف البنية لمسافة بعيدة تحت المطر.
وما إن أدركت أنها تعني فلوريان، حتى سألتها كيف لي أن أعرف إن كان ضعيفاً أو قويّاً، فتلعثمت قليلاً قبل أن تقول إنه كان ينبغي أن أدرك ذلك من النظرة الأولى. ثم ما لبثت أن نادتني باسمي مرة أخرى.
«اخرج من هنا، يا آرتشي، أيها الأحمق البائس.»
«… سيسيل، هذه غرفتي.»
احمرّ وجه سيسيل غيظاً، ثم صرخت مجدداً:
«ومع ذلك، اخرج من هنا، أيها الأحمق البائس!»
فكّرت أنه ربما يجدر بي مساعدة أختي على تنمية خيالها في اختراع الإهانات، لكنني، كأخٍ أصغر مطيع، غادرت الغرفة كما رغبت. وبينما كنت أنظر إلى المطر الذي ما زال يهطل في الخارج، خطر ببالي فلوريان، مبللاً ومرتجفاً تحت المطر.
قررت أن أطمئن عليه لأرى إن كان بخير، فتوجهت إلى غرفته.
وكما توقعت، لم يكن هناك خادم يرافقه، وكان غارقاً في العرق، يتقلب في نومه.
كانت جبهته تتوهج حرارة، وملابسه قد ابتلت من العرق. فكّرت أنه يجب أن أبدّل ملابسه سريعاً وأضع على جبينه منشفة باردة، فمددت يدي لرفع قميصه.
لكنّه قال:
«أرجوك… لا تفعل. آرتشي، لماذا تعذّبني هكذا؟»
قالها وهو على وشك البكاء.
فاكتفيت بإغلاق الباب بهدوء ومغادرة الغرفة.
ذهبت أبحث عن سيسيل، وأوضحت لها الموقف، ثم جلبت منشفة باردة، واستعملت تعاويذ الشفاء اللازمة في مثل هذه الحالات.
هذا كل شيء، يا كورديليا.
لماذا يكرهني فلوريان إلى هذا الحد؟
ماذا فعلتُ من خطأ؟
ولماذا، حين أراه مريضاً باكياً، يؤلمني قلبي بهذا الشكل؟
كورديليا، أجيبي عن سؤالي.
في اليوم الأول من شهر القيظ،
— صديقكِ الوحيد بعض الشيء، آرتشي.
__
ت. م: هههههههههههههههه تأكدت شكوكي، الوضع واضح وضوح الشمس ان فلوريان بنت بس الأمير ارتشي مو مستوعب الفكرة لان ما جات في باله اصلًا، حتى كورديليا فهمتها وهي بعيدة 😂
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات