عدتُ إلى غرفة النوم. 

لا أتذكر حتى كيف صعدتُ إلى الطابق الرابع من القصر الرئيسي. 

كنتُ ألهث، لكنني لم أكن متأكدة إن كان ذلك بسبب صعودي السريع أم بسبب الفوضى في ذهني التي جعلتني في حالة توتر. 

“نحيي سيدتنا.” 

كان الخدم الذين يفسحون الطريق بسرعة أثناء مروري يراقبونني بحذر. 

وكان عملاء المخابرات، على وجه الخصوص، يراقبونني بعناية. 
“…….” 
كان سبب تطلعهم إليّ واضحًا. 

لا بد أنهم كانوا يعلمون بوجود فيرو الحقيقية. 

على الرغم من أنهم أخفوها بأمر من الأعلى، لم أستطع إلا أن أشعر بالخيانة. 

―طق. 

جلستُ على كرسي أمام الطاولة. كان تنفسي ثقيلًا، لكن ذهني بدأ يهدأ تدريجيًا. 

كان خطتي أنا ودييلو تقوم على إزالة زنابق دييلو لتبدو كما لو أن إمكانية استيقاظ فيرو قد اختفت.
 
وخلال تلك الفترة، كنا سنبحث عن فيرو الحقيقية، نُكمل استيقاظها، ثم نهزم دوق ألروس الذي سيقلل من شأننا ويهاجمنا. 

…لكن، 

لقد انهارت الخطة منذ البداية. 

“لماذا فيرو…؟” 

كانوا يقولون إن فيرو الحقيقية لم تأتِ عندما كان من المفترض أن تأتي، ولم تأتِ حتى عندما بحثنا عنها. 

لكن من كان يظن أنها كانت في قبو المبنى الملحق؟ 

كنتُ أنا الوحيدة التي كانت تحاول تنفيذ الخطة. 
والأكثر من ذلك، 

“لو أن دييلو قد أكمل استيقاظ فيرو هذه المرة…” 

…كنتُ قلقة عليه ومشدودة الأعصاب. 

شددتُ قبضتي. 

“كروا.” 

تذكرتُ صوته الحلو وهو يناديني. 

دييلو، وكذلك خدم أرجنتا الذين يراقبونني الآن بحذر، 

لم يكونوا يحاولون خداعي أو تضليلي. كانوا يعاملونني بصدق شديد بحيث لا يمكنني أن أعتقد ذلك. 

“…ابقي هكذا، كروا.” 

كان قلبي المكبوت يفيض بما يكفي ليُرى. 
فلماذا إذن؟ 

هل ظن أنني سأغادر فور علمي بوصول فيرو الحقيقية؟ 

بالطبع، لو حدث ذلك بعد زواجنا بوقت قصير، لكان الأمر مفهومًا، لكن الآن، الآن لم يكن الأمر كذلك. 
“…….” 
متى وصلت فيرو بالضبط؟ 

نظرتُ إلى الطاولة. ثم، وأنا أشد قبضتي، نقرتُ على الطاولة كنوع من الإشارة. 

―طق طق طق، طق، طق. 

كانت إشارة لاستدعاء ريك. هل يمكن أن يسمعها حتى من داخل الغرفة؟ 

لكن بعد وقت قصير، سمعتُ صوت ريك من خارج الغرفة. 

“هل طلبتِ سيدتي؟” 

بدا صوته منخفضًا، كما لو كان يدرك تمامًا ما يجري. 

“ادخل.” 

عند كلامي، دخل ريك بحذر إلى الغرفة. 

لاحظتُ أن جسده مغطى بالضمادات، ربما بسبب الإصابات التي تعرض لها سابقًا. 

ضيّقتُ عيني، فخفض ريك رأسه. 

“لم أُصب بجروح خطيرة. لا داعي للقلق، تفضلي بسؤالك.” 

كان وجه ريك، الذي بدا مبالغًا فيه في احترامه، خاليًا من الابتسامة. 

نظرتُ إليه وفتحتُ فمي. 

“لدي الكثير لأسأله، السير ريك. لكن،” 

هل سيجيب بصدق إذا سألت؟ 

كأنه سمع شكوكي، أجاب ريك: 

“لقد أمرني سيدي أن أجيب على أي سؤال تطرحينه دون إخفاء شيء.” 

كان من السهل توقع أنني سأستدعي ريك. 

تذكرتُ وجه دييلو. آخر وجه رأيته كان يبدو مرتبكًا، محرجًا، وحزينًا. 

تذكرتُ وجهه في القبو، ثم نظرتُ إلى ريك. 

“متى وصلت فيرو الحقيقية؟” 

عند سؤالي، خفض ريك رأسه بعمق وأجاب: 

“……بعد ظهور وحش يستخدم السحر في القطاع الرابع، وبعد عودتكِ مباشرة من زيارة عائلة ألروس.” 

“في ذلك الوقت…” 

حسبتُ تسلسل الأحداث في القصة الأصلية في ذهني. 

…كان ذلك بالضبط الوقت الذي توقعتُ فيه وصول فيرو. 

لم تكن القصة الأصلية هي التي اختلت، بل كان دييلو يخفي فيرو. 

أطلقتُ تنهيدة قصيرة. 

“لماذا أخفاها؟” 

أردتُ سماع وجهة نظر قسم المخابرات، وليس وجهة نظر دييلو. 

دييلو سيجيب بالتأكيد أنه لم يرد أن يتركني أغادر. 

لكن ماذا عن قسم مخابرات أرجنتا؟ 

لماذا ساعد كبار أرجنتا، الذين كانوا ينتظرون استيقاظ فيرو لرئيسهم، في إخفاء فيرو؟ 

عند سؤالي، أخبرني ريك بشيء غير متوقع. 

“في ذلك الوقت، كانت بينيا كارتا تمتلك قدرة غريبة على التحكم بالماء.” 

“……غريبة؟” 

هل يقصد القدرة على الماء التي استخدمتها؟ كانت بالتأكيد غريبة. 

“نعم. في الأصل، كانت بينيا كارتا تستخدم قوة أرجنتا. كانت تُعتبر مرشحة محتملة لتصبح رئيسة العائلة بعد سيدي. لكن سيدي سلب قوتها قبل طردها.” 

ثار تساؤل عند كلامه. 

“طردها؟ لماذا؟” 

“لأن بينيا كارتا كانت الخائنة التي كشفت موقع الدوق والدوقة السابقين لألروس، مما أدى إلى موتهما.” 

سقطت كلمات ريك بثقل. 

كلمة “خائنة” حملت وزنًا جعلني أغلق فمي. 

“في الأصل، كان يجب إعدامها فور اكتشافها، لكنها دخلت أرجنتا معلنة أنها فيرو…” 

نظر إليّ بحذر وواصل: 

“وطالبت فورًا بمنصب سيدة أرجنتا. وأيضًا،” 

نظر إليّ للحظة. 

“طالبت بإيذائكِ.” 
“…….” 

…بالطبع، توقعتُ أن فيرو الحقيقية ستكون منزعجة من فيرو مزيفة. 

كنتُ أعلم من القصة الأصلية أن شخصية فيرو الحقيقية لم تكن طيبة، لذا لم أرد التورط معها.

لكن أن تطالب بقتلي فورًا؟ 

“وزعمت أن دوق ألروس يدعمها.” 

ضيّقتُ عيني عند سماع ذلك. 

“لا يمكن أن يكون دييلو لم يدرك أن ذلك كذب.” 

كان دوق ألروس قد أرسلني كفيرو مزيفة لعرقلة استيقاظ دييلو. 

فكيف يرسل فيرو الحقيقية إلى أرجنتا فجأة؟ 

أومأ ريك بأدب وقال: 

“نعم، أدرك سيدي أنها كذبة، لكن كان من الصحيح أن بينيا كارتا تستطيع استخدام قدرة ألروس.” 

واصل: 

“لذا، استخدم أداة سحرية خاصة لمنعها من استخدام قدرة الماء، وحرص على عدم تعريضها للماء، بينما أمر بالتحقيق في كيفية حصولها على تلك القدرة.” 

قال إنهم فشلوا في التحقيق في مصدر قدرة الماء لأنهم ركزوا أولاً على شروط صنع فيرو، ثم انفلتت بينيا. 

واصل ريك حديثه: 

“كان سيدي يخشى أن تعرف بينيا كارتا خطتكما، وأن تُسرّب ذلك إلى دوق ألروس عبر قدرة الماء.”

ضيّقتُ عيني عند سماع ذلك. 

“هذا…” 

قد يكون صحيحًا. 

لكن هل كان عليه إخفاء وجود فيرو عني تمامًا؟ 
بينما كنتُ أعض على شفتي، 

―طق طق طق، طق، طق. 

سمعتُ صوت استدعاء ريك من مكان قريب. 

رفعتُ رأسي، فرأيتُ ريك ينظر إلى الباب بحرج.

“……يبدو أن هناك تقريرًا قد وصل إليّ.” 

“أحضره.” 

خططتُ لتنظيم أفكاري في هذه الأثناء. 

لكن التقرير الذي أحضره العميل بعد إذني كان، للأسف، متعلقًا ببينيا. 

بدقة أكثر، 

“……بلورة القوة التي كانت تملكها بينيا؟” 

“نعم. لا يبدو أنها بلورة قوة عادية، هل ترغبين برؤيتها؟” 

مرر ريك التقرير، الذي لم يقرأه بعد، إليّ. 

أخذتُ التقرير ونظرتُ إليه. 

كانت هناك رسمة للؤلؤة البيضاء التي رأيتها، نصفها ذائب. 

ومن بين التفاصيل المكتوبة، كان هناك شيء لافت للنظر بشكل خاص. 

[…أثناء التحقيق، شعر من تعاملوا معها لفترة طويلة بأن قوتهم تُستنزف، لذا تم تقصير وقت التحقيق لكل شخص إلى خمس دقائق.] 

“تُستنزف قوتهم؟” 

كان أول ما تبادر إلى ذهني هو مظهر بينيا الخالي من الحيوية. 

[تذكر بعض الأشخاص رؤية سجل عن شيء مشابه في السجلات القديمة تحت اسم “الكارثة”، وتم البدء في تحقيق منفصل في الوثائق…] 

كارثة؟ الاسم وحده كان مشؤومًا. 

أعدتُ التقرير إلى ريك. 

“أنتم تحققون في تلك اللؤلؤة، أليس كذلك؟” 

“نعم. يُقال إن تلك البلورة الغريبة تحمل قوة ألروس.” 

شعرتُ بغرابة عند سماع ذلك. 

“هل كانت مع بينيا عندما وصلت؟” 

فهم ريك على الفور ما كنتُ أسأل عنه. 

“نعم. يُعتقد أنها كانت إحدى الخرزات في سوارها. لكن في ذلك الوقت، لم نشعر بأي قوة ماء منها.” 

بالطبع، لو شعروا بقوة الماء، لكانوا اكتشفوها. 

“من الطبيعي ألا تُحس قوة البلورات المتبلورة بسهولة، لكن بلورة تحمل قوة باهتة لدرجة أن سيدي لم يشعر بها هي شيء لم يواجهه قسم المخابرات من قبل…” 

خفض رأسه. 

―طق طق طق، طق، طق. 

سمعتُ صوت استدعاء ريك مرة أخرى. 

بما أنني كنتُ أتحدث معه، كان بإمكاني أن أطلب منه تجاهله، لكنني أشرتُ له. 

“اخرج.” 

بعد الفوضى في قبو المبنى الملحق، كان على ريك الكثير ليفعله، خاصة أننا على وشك خوض معركة مع ألروس. 

على أي حال، كنتُ قد سمعتُ كل القصة. 

“…….” 
ضيّقتُ عيني. 

لتلخيص الأمر، دخلت بينيا إلى أرجنتا وهي تحمل قوة غريبة من تلك اللؤلؤة. 

وزعمت أنها تحت حماية دوق ألروس. 

أدرك دييلو أن ذلك كذب، لكنه لم يخبرني وحظر التواصل بيني وبين بينيا. 

من أجل سلامتي. 

أطلقتُ تنهيدة قصيرة. 

كان ذهني مليئًا بالفوضى. 

كلما فكرتُ أكثر، شعرتُ وكأنني أغرق في أفكاري، وكأنني أختنق. 

* * *

بعد وقت طويل مليء بالتفكير، وفي تلك الليلة، 
رنّ صوت طرق على الباب في الغرفة. 

“……كروا.” 

كان صوت دييلو. 

“دييلو…” 

كنتُ جالسة على السرير، ونظرتُ إلى الباب البعيد.
 
ترددتُ. هل يجب أن أسمح له بالدخول؟ 

وإذا سمحتُ له، هل سأتمكن من حل كل هذه التساؤلات؟ 

المترجمة:«Яєяє✨»