أومأت فيلي برأسها عند كلامي، كما لو أنّه أمر بديهي. 

“بالطبع. هل أستدعي السّير ريك؟” 

من اقتراحها استدعاء رئيس إدارة المعلومات مباشرة، بدا واضحًا أنّ أهل أرجنتا لم يكونوا يمانعون كثيرًا أن أتحكّم بإدارة المعلومات رغم كوني من الخارج. 

ربّما، كما قالت فيلي، لأنّني خضتُ “المعركة الأولى” سابقًا. 

“نعم، استدعيه.” 

كان ذلك لصالحي. 

فكّرتُ في عدّة طرق لإزعاج كارتيل في ذهني. 

رغم أنّنا لم نفقد حياتنا، إلا أنّ الصورة التي حافظ عليها دييلو حتى الآن كانت على وشك الانهيار. 

‘……كروا.’ 

تذكّرتُ نظرة دييلو إليّ بعينيه المتلألئتين بالضوء الأزرق. 

التفجّر العاطفي يختلف عن التفجّر العادي، فهو لا يؤدّي إلى الموت، لكنّه يشترك معه في إيقاظ القوى المرتبطة بالمصدر. 

بمعنى آخر، استمراره لفترة طويلة يرهق الجسد. 

يجب أن تدفع كارتيل ثمنًا لانتزاعها السلام من دييلو. 

وبالطبع، ثمنًا لتعريضي للخطر أيضًا. 

―طَقْ طَقْ. 

بعد وقت قصير من إرسال فيلي، تردّد صوت طرق على الباب. 

“ريك، سيدتي.” 

جاء ريك بسرعة، كما يليق برئيس إدارة المعلومات الذي يظهر ويختفي بمهارة.

“ادخل.”

عند كلامي، تقدّمت فيلي أولاً وسحبت ستارة السرير المظلّة. 

“……؟” 

غطّت الستارة السرير، فظهرت صورة ريك من خلفها. 

كانت هذه الستارة مصنوعة خصيصًا، بحيث يمكن رؤية الخارج بوضوح نسبيًا من الداخل، لكن من الخارج لا يظهر سوى ظلّ خافت. 

آه، صحيح، لسنا في المكتب. 

بما أنّنا في غرفة النوم، فمن الطبيعي سحب الستارة عند دخول رجل غريب. 

……لكن، ألم يحدث ذلك في المرة السابقة؟ 

علاوة على ذلك، لم أكن أرتدي ملابس خفيفة محرجة. كانت ملابسي مناسبة تمامًا للتنقل خارج الغرفة. 

هل كان هناك أمر خاص من دييلو؟ 

أيّ أمر؟ ألا يُعرض العروس الجديدة أمام رجل غريب؟ 

……على أيّ حال، أهل أرجنتا في الطابق الرابع يعرفون الوضع، فلماذا الاحتياطات؟ 

نظرتُ إلى فيلي باستغراب، لكنّها كانت خلف الستارة ولم تلحظ نظرتي. 

“هل لديكِ أوامر، سيدتي؟” 

سأل ريك بابتسامة مشرقة. 

“هناك شيء أريد التحقّق منه.” 

في النص الأصلي، عندما أصبح سيتي كارتيل ربّ العائلة، حصلت كارتيل على عدّة أشياء. 

مثل خطوط إمداد جديدة وشبكة معلومات تمتد عبر الإمبراطورية بأكملها. 
كنتُ أنوي قطع بعض هذه الخطوط. 

بل شيء حاسم منها. 

“سمعتُ أنّ قوة كارتيل الاستخباراتية تطوّرت بشكل كبير بعد أن أصبح سيتي دوكًا.” 

عند كلامي، أنحى ريك برأسه. 

“صحيح. لقد زادت بشكل كبير مقارنة بالجيل السابق.” 

عند كلامه، ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيّ. 

“لتحقيق ذلك، لا بدّ أنّ كارتيل قد وسّعت نفوذها بسرعة في أماكن معيّنة، ليس فقط داخل كارتيل، بل في القارة بأكملها.” 

بالطبع، لم يكن ذلك تحت اسم كارتيل مباشرة. 

مثلما تدير أرجنتا تجارة الظلال الخاصة بها تحت اسم تجاري مستعار وليس باسم العائلة. 

“صحيح، لكنّنا لم نحدّد مواقعهم بعد.” 

كان وجهه متردّدًا. لكن لا بأس. 

“صحيح. لن يكون من السهل معرفة مواقعهم. لذا، ماذا لو غيّرنا النهج قليلاً؟”

“……؟” 

رأيتُ ريك يرفع عينيه نحوي. 

بالطبع، من خلف الستارة، لن يرى سوى ظلّي، لذا لم أكن بحاجة للتحكّم في تعابير وجهي. 

“قبل فترة، عندما ذهبتُ إلى ممر تيلا لإنقاذ نيرآ، شعرتُ بشيء غريب.” 

في الحقيقة، لن يشعر بهذا إلا شخص حسّاس للغاية. 

لكنّني كنتُ أعلم من النص الأصلي. 

قوى العناصر تزداد في الأماكن التي يكثر فيها المصدر. 

ألروس الماء تكون أقوى بالطبع في الأماكن الغنيّة بالماء، وأرجنتا النار تكون أقوى في الأماكن الحارّة أو المشتعلة. 

“شعرتُ بقوة التحكّم بالماء داخلي تهتزّ استجابة للنهر.” 

“……؟” 

توقّف ريك لحظة، فتحدّثتُ بثقة. 

“كذلك شعرتُ أمام البحر. بالقرب من مصادر كثيرة، كان الشعور مختلفًا تمامًا.”

شعرتُ بثقة أكبر وقوة أعظم. 

عند كلامي، اتّسعت عينا ريك. 

“ربّما تشعر أرجنتا بشيء مشابه إذا ذهبت إلى مكان حار مثل صحراء كارتيل.”
 
نظرتُ إلى يدي. 

إذا كانت كارتيل تعلم بهذا. 

“إذا كان هذا صحيحًا، فإنّ كارتيل، التي تتحكّم بالرياح، ربّما شعرت بتغيّر في قوتها في أي مكان تتحرّك فيه الرياح بحرّية، وربّما علمت بهذا منذ وقت مبكر.”
 
“إذن…” 

بدأت ابتسامة تتشكّل تدريجيًا على وجه ريك. 

كان من الواضح أنّه لا يحبّ الجلوس دون فعل شيء تجاه كارتيل. 

“ابحث عن الأماكن التي تهبّ فيها الرياح بحرّية، حيث يمكن لمصدر كارتيل أن يتحرّك بسهولة. من بينها، ركّز على الأماكن التي نمت فيها تجارة أو منظمة بشكل مفاجئ.” 

هناك، على الأرجح، توجد إدارة معلومات كارتيل. 

“لا تزال مجرّد فرضية، فلا تتحرّك بثقة تامّة. لكن إذا تأكّد أنّ هذا هو مقرّ كارتيل…” 

مددتُ يدي. 

“فلنُظهر لهم طريقة أرجنتا، سير ريك.” 

عند كلامي، ابتسم ريك بإشراق. 

“حسنًا، سيدتي!”

بدت نبرته وهو يناديني “سيدتي” أكثر صدقًا من أي وقت مضى. 

* * *

بعد أن غادرت كروا المكتب، عاد دييلو للعمل. 

كان الصوت الخافت لقلم الريشة يتردّد في المكتب الهادئ، حتى دخل ليدياس أرجنتا بعد ساعات. 

“……سيدي.” 

توقّف قلم دييلو عن الحركة أخيرًا. 

منذ أن أُصيبت كروا، قضى أيامًا ولياليَ في المكتب تقريبًا. 

كان يشعر أنّه لن يتحمّل غير ذلك. 

كأنّه سيشعل النار مجدّدًا، كما كان قبل وصولها. 

‘اعمل وأنتَ مرتاح قليلاً.’ 

كانت كروا تقول ذلك فقط عندما يرتاح. 

عندما يقضي الليل معها. 

لكن حتى في تلك اللحظات، لم يستطع دييلو الراحة بسهولة. 

كان ذلك متوقّعًا. 

كيف يمكن للمرء أن يرتاح أمام من يجعل قلبه ينبض كأنّه سيتفجّر؟ 

‘…….’ 

ما جعله يفقد صوابه أكثر هو أنّ عروسه، التي تتحكّم به، كانت تنام بهدوء في حرارته. 

‘ربّما بسبب كونك من أرجنتا، أشعر بدفء أكبر عندما أنام بجانبك، دييلو.’ 

هل هذا هو سبب انتشار شائعة الشريرة؟ 

لأنّها تستطيع جعل الناس يفقدون صوابهم بوجه هادئ؟ 

إذا كانت هذه الشريرة، فإنّ دييلو يحبّها. 

لا، سواء كانت كروا شريرة أم لا، لا يهمّه. 

عندما مرّر يده في شعره، تحدّث ليدياس. 

“لقد هدأت النيران منذ زمن، لكنّك لا تزال تتصرّف هكذا؟” 

تردّد صوت ليدياس أرجنتا الهادئ في المكتب. 

التفت دييلو إليه. 

اختفى الوهج الأزرق في عينيه كما لو كان كذبة. 

لم يعد التألّق في عينيه ناتجًا عن التفجّر العاطفي. 

‘يتظاهر بالتفجّر العاطفي عمدًا.’ 

لم يلاحظ الآخرون ذلك، لكن ليدياس أرجنتا أدركه بسرعة. 

“……لا يمكنني خداع معلّمي.” 

تردّد صوت دييلو الهادئ. 

“لماذا تفعل هذا؟” 

سأل ليدياس أرجنتا. 

كان يعرف الإجابة وهو يسأل. 

كان، أكثر من أي شخص في الطابق الرابع من أرجنتا، يعرف الطباع الحقيقية لدييلو أرجنتا. 

كان ذلك متوقّعًا. 

فهو من علّم دييلو إخفاء ما بداخله. 

“إذا كان ذلك للحفاظ على صورة الضعف، فما فعلته حتى الآن كافٍ. إرسال بلورات القوة نظيفة يكفي لجعل كارتيل لا تشكّ فيك.” 

حتى لو كان غاضبًا، حتى لو كشف عن طباعه بالتفجّر العاطفي، فإنّ إعادة بلورات القتلة نظيفة تجعل ربّ العائلة يبدو متردّدًا. 

كانت خطة ناجحة لجعل الآخرين يرون دييلو أرجنتا أضعف مما هو عليه. 

لكن دييلو استمرّ في التظاهر بالتفجّر حتى بعد ذلك. 

بل عمدًا إلى إضفاء قوة سحرية على عينيه. 

ضحك دييلو بصمت رداً على كلام معلّمه. 

اتّجهت نظرته العميقة كالبحر إلى ليدياس أرجنتا. 

“لأنّ عروسي تريد ذلك.” 

كان صوته وهو يقول “عروسي” ناعمًا للغاية. 

شعر ليدياس بانزعاج من تلك النبرة. 

حتى لو كان الجميع يعتقدون أنّ دييلو أرجنتا شخص ناعم، كان ليدياس يعرف. 

هذا الشاب هو تجسيد لنار أرجنتا المتّقدة. 

لكن أن يتحدّث بنبرة ناعمة كهذه، كما لو أنّ الاسم نفسه ثمين؟ 

لم تكن تمثيلية. كانت تسمية صادقة مليئة بالمشاعر. 

“عروسي تريد منّي أن أكون خروفًا ناعمًا.” 

ارتفع زاوية فم دييلو أرجنتا بابتسامة مائلة. 

تمتم، كأنّه يجعل الناس يفقدون صوابهم. 

في تلك اللحظة، شعر ليدياس بقوة سحرية تتّقد كأنّها ستتفجّر، فتوتر. 

لكن الأمر توقّف عند هذا الحد. 

“بما أنّها تحبّ دييلو أرجنتا الناعم، يجب أن أظلّ هكذا.” 

المترجمة:«Яєяє✨»