في لحظة، تقاطعت عيناي مع عينيّ خادمة كانت الدّموع تترقرق في عينيها.
دون أن أدرك، تقدّمتُ بخطواتي نحو قلب النّيران المشتعلة.
شعرتُ أنّ عليّ فعل ذلك.
“هل تنوي إحراق أرجنتا بالكامل؟”
أوقف تدفّق قوّة الماء في جسدي نيرانه.
―بابات!
تردّد صوتٌ قاسٍ لتصادم القوى. “…!”
كانت قوّة دييلو السّحريّة قويّة بلا شكّ. بما أنّها قوّة ربّ العائلة، حتّى لو كان الماء متفوّقًا على النّار من حيث الطّباع، كان هناك حدّ لقدرتي على كبح قوّته.
هل كان هذا هو السّبب؟
―بات!
بدأت شرارة زرقاء تنتشر على ملابسي، تلتهم أطراف ثوبي.
في تلك اللحظة، عضضتُ على أسناني.
“…كروا؟”
ناداني دييلو، وقد اتّسعت عيناه دهشةً.
―شانغ!
سقط السّيف الذي كان يحمله على الأرض.
في الوقت ذاته، اختفت النّيران التي كانت تحيط بالمكان كأنّها لم تكن موجودة.
كذلك النّيران التي كانت تتراقص وكأنّها ستلتهم الخدم.
لم يبقَ سوى الحرارة.
―بوك!
وقبل أن أتمكّن من رؤية المشهد جيّدًا، احتضنني دييلو.
كانت بشرته التي تلامس جلدي العاري، ونَفَسه المتسارع، كلّ شيء فيه ساخنًا.
“هل أنتِ بخير؟”
سألني دييلو بلهفة.
“نعم، قال السّير نياس إنّني لستُ في خطر.”
بالطّبع، لم أستطع منع صوتي من الخروج متشقّقًا قليلًا.
لكن، هل كان صوتي هو ما أثّر في دييلو؟
زادت قوّة ذراعيه وهما يحتضنانني.
“كنتُ أحاول معرفة من الذي جعلكِ هكذا، كروا.”
بدت نواياه واضحة.
لكن، هذه لم تكن طريقة دييلو.
[‘اندفاع العواطف يكشف الطّباع الحقيقيّة لمن يفقد السّيطرة.’]
لكن، في العمل الأصلي، كُتب ذلك بوضوح.
هل هذه هي طباع دييلو الحقيقيّة؟
هذا الجوّ القاسي الذي لا يمكن تصديقه؟
كانت حرارته التي لم تبرد بعد تحيط بي.
“بصدق، كنتُ قلقًا عليكِ.”
كان صادقًا، لا يتصنّع.
في تلك اللحظة التي فتحتُ فيها عينيّ على اتّساعهما بسبب صوته الخافت الذي كان موجّهًا لي وحدي، قال:
“أنا سعيد لأنّكِ بخير.”
ثمّ، كما لو أنّه لا يبالي بالخدم المرتجفين، رفعني فجأة بين ذراعيه.
“دييلو!”
ارتجفتُ مفاجأةً، لكنّ دييلو ابتسم بلطف.
كان هناك بريق غريب لا يزال يتراقص في عينيه الزّرقاوين.
“لنذهب للرّاحة.”
* * *
“هل أنتِ بخير حقًا، كروا؟ ماذا حدث؟”
بينما كنّا في طريقنا إلى غرفة النّوم، سألني دييلو هكذا، وقد بدا أكثر هدوءًا.
إذا كان يبدو متلهّفًا قبل قليل، فالآن كان هادئًا للغاية.
لكن، عيناه كانتا لا تزالان تلمعان بلطف.
كان ذلك دليلًا على أنّه لا يزال في حالة اندفاع عاطفي.
“بالتّأكيد، قال نياس…”
قال إنّ كروا في خطر.
كان صوته يرتجف قليلًا وهو يتحدّث.
ربتّ على كتفه لأطمئنه.
―بوك.
أضجعني دييلو بحذر على السّرير، ثم وقف إلى جانبي، موجّهًا نظراته نحوي.
لو لم تكن عيناه تلمعان بهدوء، لما صدّقتُ أنّه في حالة اندفاع عاطفي، فقد كان هادئًا للغاية.
“كان الأمر متعلّقًا بنوع من السّمّ الذي ينتشر عبر الدّم.”
هكذا هي معظم أنواع السّموم، أليس كذلك؟
أومأ دييلو برأسه قليلًا ردًا على كلامي.
“نعم، لهذا قال إنّه أكثر خطورة.”
ابتسمتُ بثقة لكلمات دييلو.
“لكن، الدّم في النّهاية سائل، أليس كذلك؟”
لمع في يديّ قوّة ألروس السّحريّة.
“سائل تحت سيطرة ألروس.”
اتّسعت عينا دييلو.
“آه…”
أطلق تنهيدة طويلة، كأنّه اطمأنّ أخيرًا.
“أن تتمكّني من عزل المواد الضّارة من الدّم، حتّى لو كان سائلًا…”
جلس على السّرير النّاعم كما لو أنّه استسلم للإرهاق.
ثمّ، بعد أن فرك وجهه، تمتم:
“قدرة مغرية.”
كان على وجهه، بعد أن كشف يديه، ابتسامة متشنّجة.
“المشكلة أنّني لستُ الوحيد الذي سيطمع فيها.”
تردّد صوت دييلو في الغرفة.
توقّفتُ لحظة.
“…ماذا؟”
عاد إليّ بنظراته الغريبة اللامعة.
كانت نظراته معقّدة، لكنّ قلقه عليّ كان واضحًا.
‘آه، إنّه يتصرّف هكذا بسبب اندفاعه العاطفي.’
كان دييلو، بعد أن كشف طباعه الحقيقيّة، أكثر… جرأة في تعبيره.
تنهّد دييلو في تلك اللحظة.
“كنتُ أتمنّى لو كنتِ حقًا فيرو الخاصّة بي.”
كان صوته يحمل أسفًا عميقًا.
بما أنّه لا يكذب عادةً في حالة الاندفاع العاطفي، فهذا بالتّأكيد صادق.
كما لو كان يثبت ذلك، كانت نظراته تلتفّ حولي بإحكام.
كأنّه لا يريد حقًا أن يتركني أغادر هذا المكان.
نظرتُ إليه، ثمّ فتحتُ فمي:
“…لا تتعلّق بي كثيرًا، دييلو.”
شعرتُ أنّ عليّ قول هذا بوضوح.
ردّ دييلو على الفور:
“لماذا، لأنّكِ ستغادرين قريبًا؟”
كان ردّه سريعًا، كأنّه فكّر في هذا السّؤال مرّات عديدة.
كانت رموش دييلو المرتجفة تلفت انتباهي بشكل خاص، واهتمامي بردّة فعله كان يعني أنّ علاقتنا التجاريّة قد تحطّمت.
لكن، كان لا بدّ من وضع حدود.
لأنّ هذا هو الطّريق الأفضل لنا.
في النّهاية، سيحصل دييلو على فيرو، ووجودي بين شخصين يجب أن يتشاركا الحبّ الحقيقي سيكون مشكلة.
كلّما طالت المدّة التي يحتاجها فيرو ليتعلّق بدييلو، تأخّر وقت ازدهار دييلو.
“….” نظر إليّ دييلو طويلًا.
رمش بعينيه ببطء.
ثمّ فتح فمه بنبرة ناعمة:
“عندما كنتُ صغيرًا، أمسكتُ أرنبًا.”
كانت قصّة أرنب مفاجئة.
لكن، نظرات دييلو وهو يروي القصّة كانت تملك قوّة تأسر النّاظر.
“في ذلك الوقت، كان جسدي ضعيفًا، فلم أستطع التّحرّك بسرعة.”
أمسك دييلو يده وفردها ببطء وهو يتابع.
“كنتُ أفقده كلّما اقتربتُ من إمساكه.”
بدت تعابير وجهه الممتعضة غريبة.
“كان الأرنب الذي يبدو وكأنّه سيقع في يدي يفلت دائمًا بفارق ضئيل، فكنتُ أشعر بالجنون.”
نظر إليّ.
دون أن يرمش، قال بعينين تلمعان:
“فكّرتُ في التّخلّي عنه، لكنّني شعرتُ أنّني سأندم إذا فعلتُ.”
ابتسم بجمال.
“فأحرقتُ ذلك الجبل بالنّيران.”
حتّى يركض الأرنب إليّ مفزوعًا.
اتّسعت عيناي لهذا الكلام.
لم أكن غبيّة لدرجة ألّا أفهم معنى كلامه.
عيناه، اللّتان كانتا دائمًا تشبهان بحيرة هادئة، بدتا للحظة كأنّهما أعماق بحر مظلمة.
تذكّرتُ محادثة سابقة معه.
عندما قلتُ إنّ عينيه جميلتان.
‘اللّون الأزرق الفاتح يشبه البحر، إنّه جميل.’
أجاب حينها:
‘البحر الذي ليس أعماقًا، نعم.’
كنتُ قد تجاهلتُ تلك الكلمات آنذاك.
ماذا كان يعني؟
هل قصد أنّ الأعماق داكنة؟
أم أنّ الأعماق ليست جميلة؟
بينما كنتُ أنظر إلى عينيه اللتين بدتا سوداوين، تابع دييلو بنعومة:
“لكن…”
مال نحوي وأنا مستلقية على السّرير.
―هووك.
خفتت إضاءة الغرفة التي كانت تعتمد على قوّته، كأنّها انطفأت.
تحت الإضاءة الخافتة التي كانت تكفي فقط لتمييز وجوهنا، همس:
“مثل تلك اللحظة، أريد أن ألعب بالنّار مرّة أخرى.”
أدركتُ.
الحرارة المنبعثة منه لم تكن من أرجنتا.
كانت ملكه وحده.
رغبته.
جفّ فمي من تلك الحرارة.
<عائلات الدّوقات الثّلاث>.
العمل الأصلي لهذه القصّة. رواية لا يظهر فيها سوى المجانين.
هل كان دييلو أرجنتا أيضًا أحد شخصيّات تلك الرّواية المجنونة؟
أم أنّ اندفاعه العاطفي هو الّذي يجعله هكذا؟
“ماذا أفعل، كروا؟”
كانت عينا دييلو، وهو يسأل، تحملان ابتسامة جميلة.
حتّى بين نظراته الهادئة، كان البريق يزداد عمقًا بدلًا من أن يخفّ.
يا إلهي.
مع ذلك، بما أنّه لم يلجأ إلى سفك الدّماء أو الحبس، هل يجب أن أعتبره لطيفًا نسبيًّا؟
…أم أنّني رأيتُ الدّم بالفعل؟
تذكّرتُ السّيف الذي كان يحمله.
سواء كان ذلك بسبب الاندفاع أم لا، كان هناك بالتّأكيد جانب من دييلو لا أعرفه. “….”
كنتُ أعلم أنّ دييلو لا يريد أن ينفصل عنّي.
حتّى لو أردتُ تجاهل مشاعره والمضيّ قدمًا، لم أستطع.
لقد كان يقول إنّه سيحرق كلّ شيء.
إنّه يريد أن أركض إليه كالأرنب، وأنّه لن يتركني أبدًا.
كان عليّ الآن أن أجد طريقة لتهدئته.
―دوم، دوم، دوم.
كنتُ أسمع دقّات قلبي في أذنيّ.
على الرّغم من التوتّر، حاولتُ الحفاظ على هدوئي.
“اللّعب بالنّار قد يكون ممتعًا.”
رفعتُ إصبعي السبّابة لأضعها على شفتيه.
“لكن، لا تنسَ الهدف.”
ضيّقت عينا دييلو عند كلامي.
“علينا القضاء على دوق ألروس.”
لم ينكر دييلو كلامي. كان ذلك يعني أنّه لم يفقد عقله تمامًا.
قلتُ له ببطء ووضوح:
“لا يمكننا أن نموت ونحن نحاول إمساك الأرنب، أليس كذلك؟”
لم تكن علاقتنا قد بدأت من أجل إمساك أرنب.
نظر إليّ دييلو طويلًا.
ثمّ فتح فمه ببطء.
كما لو كان يحاول إثارة إصبعي، فرك شفتاه جلد إصبعي النّاعم.
بينما كان ينظر إليّ دون أن يرمش، شعرتُ برعشة غريبة تنتقل من أطراف أصابعي.
“تقصدين القضاء على دوق ألروس، وعلى من استهدفكِ، كروا.”
تناثر نَفَسه السّاخن أمامي مباشرة.
أومأتُ برأسي ببطء.
“نعم.”
يجب أن نبقى على قيد الحياة لنفعل أيّ شيء، أليس كذلك؟
صمت دييلو للحظة.
ثمّ، سرعان ما ارتسمت على وجهه ابتسامة ناعمة ولطيفة.
كانت الابتسامة التي أعرفها.
لكن، عينيه كانتا لا تزالان تلمعان باللّون الأزرق الفاتح. كان ذلك يعني أنّه لا يزال في حالة اندفاع عاطفي.
“حسنًا.”
على الرّغم من ذلك، كان صوته هادئًا ومطيعًا.
كخروفٍ مروّض.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 51"