“إذا أعطيتني القياسات الدقيقة، سأنقلها إلى الخياط فورًا.”
هكذا قال المساعد، أو بالأحرى، جاسوس كارتيل، الذي بدا مصرًّا على عدم مغادرة باب غرفة دوق أرجنتا وزوجته.
أما الخياط ذو السبعة وأربعين عامًا من الخبرة، فقد غادر منذ زمن ووجهه يحمرّ كالجمر.
“أنا، حسنًا، الوقت يضيق، لذا سأبدأ العمل.”
“النوم ذهب من عيني! هههه!”
بينما اختفى الخياط وهو يتمتم، لم يلتفت ريك، رئيس قسم المعلومات في أرجنتا، إليه حتى بنظرة.
كانت عيناه مركزتين على جاسوس كارتيل.
“سيدي، هل يمكنني الذهاب؟ أنا لست مساعدًا في هذا العمل، لكنني أقوم بأعمال مشابهة.”
كان ريك يعرف نواياه منذ اقترابه بهذا الكلام.
يعرف ما يخطط له.
“أمم، أنت تتأخر…”
لكن جاسوس كارتيل، الذي يتظاهر بأنه مساعد ويصغي إلى ما يحدث داخل الغرفة، لم يكن يدرك أن الرجل خلفه يفكر فيما إذا كان يجب أن يقطع رقبته أم لا.
من الواضح أن هذا الرجل ينوي استخدام قدرة كارتيل على الرياح لسماع الأصوات من الداخل. “…”
تفتّحت ابتسامة جميلة على وجه ريك.
ومن الواضح أن الدوق نفسه قد أدرك نوايا هذا الجاسوس.
‘لكن، هل تعرف السيدة؟’
خدش ريك خده.
بصفته رئيس قسم المعلومات في أرجنتا ومن الطابق الرابع، كان يعرف خطة فيرو المزيفة.
كان يعرف أن الاثنين لم يقضيا ليلة حقيقية معًا.
لكن…
“آه…!”
الصوت الذي سمعه بحاسته السمعية الحادة كان حقيقيًا.
“؟”
بدت تعابير ريك مرتبكة.
‘حقيقي؟ أي شخص يسمع هذا سيظن أنه بداية ليلة ساخنة!’
‘هذه النبرة لا يمكن أن تكون تمثيلًا!’
تحوّلت نظرة ريك إلى جاسوس كارتيل.
كان الجاسوس نفسه، ووجهه محمّر قليلًا، يصغي باهتمام.
‘انظر إلى هذا الوقح!’
من المؤكد أنه جاء فقط ليتأكد من حقيقة علاقتهما، لكنه ظل يصغي لدقائق بعد أن سمع أصواتًا مشبوهة.
يا للجرأة!
“سأحضر بقية المواد ذات الصلة.”
أخيرًا، فتح ريك فمه.
التقت عيناه الضاحكة بعيني جاسوس كارتيل المذعور.
أما جاسوس ألروس، الذي كان يتظاهر بأنه مساعد آخر، فقد غادر بالفعل بعد أن حصل على ما يريد من معلومات.
وهكذا، بقي ريك وجاسوس كارتيل وحدهما في الرواق.
“آه، حسنًا، الوقت يضيق، لذا سأنتظر هنا، أم…”
تلعثم جاسوس كارتيل وهو يرد على كلام ريك.
ازدادت ابتسامة ريك الجميلة عمقًا. وبالطبع، كانت الأصوات من داخل الغرفة تزداد غرابة.
“أقوى قليلًا.”
“هكذا؟”
كانت أصواتًا نشطة لدرجة أنها أربكت حتى ريك، الذي يعرف الخطة.
‘مهلًا، كيف سيتعاملان مع إيقاظ فيرو إذا استمرا هكذا؟’
لكن شكوكه لم تدم طويلًا، إذ سيطر إيمانه كالدين على عقله.
‘لا يوجد شيء يفعله سيد أرجنتا يكون غير صحيح.’
―*طق*.
وضع ريك يده على كتف المساعد بحسم.
“هيا، لنذهب.”
“لكن، هذا…”
في هذه الأثناء، بدت الأصوات من الداخل أكثر شبهة.
يبدو أنهما يخططان لإظهار أنهما “في علاقة عميقة”.
‘…هذه خطتهما، أليس كذلك؟ صحيح؟’
الأصوات التي أربكت ريك كانت بالتأكيد أوضح لجاسوس كارتيل.
“…عميق جدًا.”
“حتى لو آلم، تحمّلي قليلًا. سيصبح… أفضل قريبًا.”
صوت ناعم وتأوهات. “…”
“…” احمرّ وجه جاسوس كارتيل أكثر فأكثر.
على النقيض، تفتّحت ابتسامة ريك بمرح أكبر.
‘أقتله فحسب؟’
نظر ريك إلى وجه الجاسوس المحمّر وهو يفكر في مئة طريقة قد يموت بها شخص “عن طريق الخطأ”.
حاول ريك بجهد ألا يسمع الأصوات القادمة من الداخل.
‘يجب أن تكون مزيفة.’
‘يجب أن تكون تمثيلًا.’
‘هل هي حقيقية؟’
‘هل رب العائلة يستقبل الربيع؟’
“هيا، لنذهب، هيا.”
سواء كان ربيعًا أم لا، كان من الواضح أنه لا يجب ترك هذا الرجل هنا لفترة أطول.
عندما خرج ريك بحزم، استسلم جاسوس كارتيل أخيرًا.
“حسنًا، حسنًا.”
وأخيرًا، استدار جاسوس كارتيل ليغادر.
* * *
وعدنا. أن نمسك بالأيدي فقط أثناء النوم.
بعبارة أخرى، أن نضمن عدم اختفاء زنبقة دييلو.
كلام دييلو كان بالتأكيد تأكيدًا على التمسك بهذا الوعد.
لكن…
―*فراش*.
وجدتُ نفسي ممددة على السرير فجأة.
من المؤكد أن هذا الصوت تردّد بقوة حتى الخارج. هذا القصر مليء بالأشخاص ذوي السمع الحاد.
لم أجد وقتًا للذعر، إذ صعد دييلو فوقي.
وضعت ذراعاه القويتان على جانبي رأسي، فغطّى ظله رؤيتي. “!” التقى نظري المذهول بنظره الهادئ.
لم تكن نظرة شخص يحتجز آخر بذراعيه، بل كانت نقية كبحيرة صافية.
‘هل رأسي فاسد؟’
في هذا الوضع، قد يكون الحديث العادي ممكنًا… أليس كذلك؟ أم أن رأسي هو الفاسد؟
كانت نظرته نقية لدرجة أنها جعلتني أشكك في نفسي.
في تلك اللحظة، مال نحوي.
―*قبلة*.
لمست شفتاه جبهتي، ثم أنفي، ثم تركت حرارة أكبر على عنقي.
‘مهلًا.’
“لحظة―”
“أرجنتا لا تنكث وعودها.”
همس وكأنه يطمئنني، وهو يرتب شعري.
“أعرف ذلك، لكن…”
لو أراد فعل شيء، لفعله منذ زمن.
كانت لديه فرص عديدة حتى الآن.
لكن، على عكس تصرفاته الخرقاء السابقة، كان الآن طبيعيًا للغاية، مما أذهلني.
“ظننتُ أنه… حقيقي.”
تلقّى دييلو كلامي بابتسامة غريبة، ثم أطلق ضحكة خفيفة.
خشية أن يُسمع من الخارج، همس في أذني بهدوء:
“لقول الكذب، يجب أن أخدع حتى نفسي أولًا.”
“حسنًا… هذا صحيح.”
هذا صحيح، لكن…
كان يهمس وهو يحيط خدي بيده الكبيرة.
انتشرت الحرارة من أذني إلى عنقي، كأن شيئًا ساخنًا وُضع هناك.
لم يكن يستخدم قدرته على التحكم بالنار، لكن…
“لكن، هل يجب أن تكون نشيطًا لهذه الدرجة؟”
ربما بسبب تلك الحرارة، سألتُ مرتبكة دون قصد.
مالت رأسه قليلًا كأنه يسأل عما أعني.
“أنا، حسنًا، لقد اشتهرت كشريرة بالفعل، فلا بأس.”
لكن دييلو… قد يتغير رأي الناس عنه كثيرًا.
“أنتِ قلقة أن يُشاع عني أنني رجل لا يستطيع كبح رغباته، فيضع عروسه على السرير أمام الخدم.”
قال دييلو كأنه يقرأ أفكاري.
كلماته المباشرة جعلت وجهي يحمرّ أكثر، بينما بدا هو غير مبالٍ.
“لا بأس.”
“…قد يظن الناس أن دييلو أصبح أكثر نشاطًا.”
كنتُ سأقول إن هذا قد يفسد خطتنا لإبقاء الناس في غفلة، لكن كلماتي غرقت في قبلته.
“هل نسيتِ، كروا؟”
عندما فتحتُ عينيّ على اتساعهما بسبب حرارة القبلة على أنفي، همس:
“أنا أبدو مغرمًا بكِ تمامًا، لا شيء يمنعني.”
كنتُ أظنه رجلًا نقيًا كالبحر الصافي، لكن ابتسامته الآن كانت كشعلة تأسر في ليلة مظلمة.
ثم قبّلني مرة أخرى.
نظر إليّ للحظة، ثم ابتعد. “…” بينما أرمش بعينيّ، أحضر صندوق الإسعافات من ركن الغرفة.
كأن شيئًا لم يكن، أمسك يدي بلطف.
―*سحب*.
فُكت الضمادة عن يدي.
ظهر جرح عميق، لا يزال يحتاج إلى تطهير يومي وضمادات، لم يلتئم جيدًا.
“…آه.”
أطلقتُ صوتًا خافتًا، وغطيتُ فمي دون قصد.
خشيتُ أن يسمعني الناس بالخارج ويسيئون الفهم.
‘…لا، لحظه.’
توقفتُ للحظة وأنزلتُ يدي.
‘يجب أن أتركهم يسيئون الفهم.’
فكرتُ في نوع السوء فهم الذي سيحدث، فاحمرّ وجهي، لكن هذا كان ضروريًا.
وكانت الأصوات الطبيعية في مثل هذا الموقف مثالية.
في هذه الأثناء، قال دييلو:
“الجرح… عميق جدًا.”
أمسك مطهرًا وابتسم بإحراج.
“حتى لو آلم، تحمّلي قليلًا.”
همس بهدوء وهو يضع المطهر على جرحي.
“آه…!”
كم مرة أطلقتُ تأوهات كهذه؟ كنتُ على وشك أن أعض شفتيّ اللتين كادت تنزف.
“لا أريد أن أرى شفتيكِ الجميلتين تتأذيان.”
ابتسم دييلو بلطف وهو يتفحّص يدي مجددًا.
بعد انتهاء التطهير، أمسك الضمادة وسألني:
“ألفّها برفق قليلًا؟”
أومأتُ برأسي.
“نعم.”
‘شدّها بقوة سيوقف الدم، أليس كذلك؟’
أومأ دييلو برأسه.
في تلك اللحظة.
―*طق طق*.
سُمع صوت طرق على الباب.
―*طق طق طق*.
ثم طرق آخر، ليس كأنه ينتظر ردًا، بل كأنه ينقل رسالة.
‘آه.’
“يبدو أنهم ذهبوا.”
كان ريك يرسل إشارة من الخارج.
ضحك دييلو بهدوء، كأنه أدرك ذلك أيضًا.
“سمعوا… كل شيء، أليس كذلك؟”
عند كلامي، أومأ دييلو وهو يرتب صندوق الإسعافات.
“نعم.”
“هذا محرج، فجأة.”
أمام الناس، كنتُ أتصرف بجرأة، لكن الآن… عندما غطيتُ وجهي بيدي، أعاد دييلو الصندوق إلى مكانه وأمسك بشيء.
“نعيد القياس؟”
كان المتر.
“أين؟”
سألتُ دون قصد، ولا أزال أشعر بحرارة لم تتلاشَ، فأشار دييلو إلى فخذه.
“…”
“…” بعد صمت، تذكرتُ أمرًا هامًا.
‘…آه، صحيح، طردنا الناس لأخذ قياس محيط الفخذ!’
“أنا سأفعلها.”
انتزعتُ المتر من يده بسرعة.
‘هذا سيكون محرجًا جدًا!’
لوّحتُ بيدي له.
“غطّ عينيك.”
بدلاً من تغطية عينيه، استدار دييلو بطاعة.
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 43"