2
**الحلقة الثانية**
نظرت خلفي قليلًا، فهزّ دييلو رأسه برفق.
“أتطلبين مني، في لقائنا الأول، أن ألمس فستان الآنسة؟”
“لقد سمحتُ لك. والأهم من ذلك…”
استدرتُ نحوه.
ثم جذبتُ يده المرفوعة قليلًا نحوي.
رأيتُ نفسي تنعكس في عينيه الزرقاوين.
“هذه مسألة تتعلّق بمصيرك ومصير أرجنتا، ألا يجب أن تتحقّق منها بنفسك؟”
“…”
توقّف دييلو لحظة عند كلامي، ثم ساد الصمت لبعض الوقت.
وفي النهاية، نهض من مكانه.
―طق.
عندما استدرتُ لأعطيه ظهري مجددًا، تردد صوت حذائه بقوة في الغرفة.
“…”
ثم اقتربت يده ببطء، حتى لامست ظهري أخيرًا.
على الرغم من أنها لمست الأزرار فقط عبر القماش، شعرت بحرارة غريبة تتصاعد على طول ظهري.
لم أعرف إن كانت هذه الحرارة ناتجة عن التوتر، أم بسبب قدرة النار التي يتحكّم بها دييلو أرجنتا.
―طق.
فكّت يده الزر.
شعرتُ بمنطقة الرقبة على ظهري، حيث يُفترض أن يكون اسمه منقوشًا، تتعرّى للهواء.
“انظر جيدًا. هذا دليل على أنني مزيفة.”
عضضتُ شفتي. كان عليّ أن أنجح في هذا مهما كلّف الأمر. قبضتُ يدي بقوة دون أن أدرك.
كروا ألروس تستطيع التحكّم بالماء.
قيل إن قدرتها ضعيفة جدًا، لا تكاد تستطيع التحكّم حتى بالماء المسكوب، لكن لا يمكن أن تكون عاجزة عن تحريك الدم داخل جسدها.
حتى لو كان الأمر صعبًا، يجب أن أحرّكه!
―وميض!
في تلك اللحظة التي فكّرتُ فيها، انبعث ضوء أزرق خافت من يدي.
وكدتُ أتوقّف.
أهو… بهذه السهولة؟
هل قدرة كروا أقوى مما وُصفت في القصة الأصلية؟
كان تحريك الدم داخل جسدي بسيطًا كتحريك إصبع.
هل تغيّر شيء بسبب انتقالي إليها؟
“!”
في هذه الأثناء، كانت تعابير دييلو تتغيّر لحظة بلحظة.
وهذا متوقّع.
فالجرح المنقوش في منتصف ظهري، بين عظمي الكتف حيث يبدأ خط العنق، كان يتلاشى.
“هذا…”
لو كانت علامة “فيرو” الحقيقية، لما اختفت بهذه الطريقة.
استدرتُ نحوه.
لم يكن لديّ وقت للقلق بشأن الفستان الذي أصبح فضفاضًا قليلًا.
في هذه اللحظة، كان عليّ إقناع دييلو أرجنتا مهما كلّف الأمر.
“دوق ألروس نقش اسمك على جسدي بالقوة.”
بما أنه يستطيع التحكّم بالماء، فلا يمكن أن يكون عاجزًا عن تحريك الدم.
“هذا دليل على أنني مزيفة.”
استدرتُ إليه.
التقت عيناي بعينيه الزرقاوين المضطربتين كعاصفة.
“الآن، هل أصبح لديك بعض الرغبة في التعامل معي؟”
هل يمكنك الوثوق بي؟
―طق.
اتكأتُ على الطاولة وأنا أسأله.
تسبّب تحريك الدم المتجمّع تحت جلدي على شكل اسمه بألم كبير.
لكن هذا الألم الحاد ساعدني على استعادة تركيزي، وكان ذلك للأفضل.
“دوق ألروس أمرني فقط بأن أخدع سموك وأصبح ‘فيرو’. هذا العرض هو تصرّفي التلقائي.”
بسطتُ يدي.
“بمعنى آخر، لا يوجد شخص واحد في ألروس، بما في ذلك الدوق، يعرف ما أفكّر به.”
حدّق دييلو بي وكأنه يحاول قراءة أفكاري، ثم فتح فمه ببطء:
” ‘فيرو’ مزيفة… كنتُ أعلم أن أرجنتا تُحتقر، لكن لم أتوقّع أن يصل الأمر إلى هذا الحد.”
نظر إليّ بعينيه الزرقاوين.
“هل تعتقدين أن أرجنتا ستترك من حاول خداع رئيسها؟”
“لا، لن تتركوه حيًا.”
حتى لو كان دييلو أرجنتا معروفًا بلطفه.
“لذلك أقترح هذه الصفقة. لأنني أريد العيش.”
عند كلامي، نظر دييلو إلى فنجان الشاي الذي برد قليلًا.
“هل تقصدين أن هناك سببًا للإبقاء على هذا الزواج حتى لو كنتِ ‘فيرو’ مزيفة؟”
“نعم، هناك سببان.”
أجبتُ بثقة على سؤاله. رفع دييلو حاجبيه قليلًا.
“أولًا.”
نظرتُ إلى دييلو أرجنتا مباشرة وتابعت:
“يُعرف أن أرجنتا هي الأضعف بين العائلات حاليًا من حيث قوة رئيسها. لذلك، يحتقرها ألروس، التي تتحكّم بالماء، وكارتيل، التي تتحكّم بالرياح. لدرجة أنهم يحاولون خداعك بـ‘فيرو’ مزيفة.”
وأنا أنظر في عينيه الزرقاوين، واصلت:
“إذا تزوّجتني، يمكنك التظاهر بأنك خُدعت. هذا يعني أنك ستكسب وقتًا حتى تجد ‘فيرو’ الحقيقية وتستيقظ على قوتك، بينما يظلّون في غفلتهم.”
سيعتقد دوق ألروس، إذا تزوّجتني، أنك وقعت في فخ ‘فيرو’ المزيفة لا محالة.
“ثانيًا.”
نظرتُ إلى أطراف أصابعي.
“هذا هو أرجنتا، حامية البحر اللانهائي. سمعتُ أن تأخر ظهور ‘فيرو’ جعل الدفاع عن المناطق الحدودية للبحر اللانهائي صعبًا.”
وجهتُ نظري إليه مباشرة.
“حتى تأتي ‘فيرو’ الحقيقية، إذا كنتُ أنا، التي أمتلك قوة ألروس، هنا، أعتقد أنني سأكون مفيدة في حماية البحر.”
في القصة الأصلية، قيل إن كروا ألروس لم ترث قدرة التحكّم بالماء بشكل كامل.
لكن وفقًا لما كشفت عنه الكاتبة، تتضخّم القدرة في الأماكن المليئة بمصدر القوة.
إذن، أمام البحر المليء بالماء؟ حتى لو استطعتُ تحريك جزء صغير من الماء، سأكون قوة كبيرة.
نظرتُ إلى فنجان الشاي أمامي.
لو استطعتُ تحريك هذا الماء بحرية أكبر، لكان ذلك مفيدًا في إقناع دييلو.
في القصة الأصلية، قيل إن قدرة كروا ضعيفة جدًا، لا تستطيع حتى التحكّم بماء فنجان مسكوب.
لكن عندما استخدمتُ قدرتي قبل قليل، تحرّك الدم بحرية تامة.
ماذا عن الآن؟
―بلّش!
قفز الماء داخل الفنجان للأعلى، وتحوّل إلى شكل مطابق للفنجان الذي كان يحتويه.
…هذه تُسمّى قدرة ضعيفة؟
لم يكن تحريك فنجان مملوء بالماء صعبًا، لا بل كان أسهل من الماء المسكوب.
لكن لم يكن لديّ وقت للدهشة.
في هذه اللحظة، كان عليّ أن أكون شريكة صفقة موثوقة.
نظرتُ إلى دييلو مباشرة.
“…”
عندما حرّكتُ الماء، تحوّلت نظرة دييلو إلى الفنجان المصنوع من الماء.
بالنسبة له، الذي يتعامل مع النار ويواجه بحرًا ممتدًا بلا نهاية، لا بد أن تكون قدرتي على تحريك الماء مغرية.
هل سيقتنع؟
في اللحظة التي التقت فيها أعيننا، فتح دييلو فمه:
“حسنًا، دعينا من قدرتك، لكن كما قلتِ، أنا لست رئيس عائلة قويًا. التعامل معي لن يوقف ألروس.”
ابتسامة حزينة.
لكنها تمثيل.
كذب.
“لا، يمكنك إيقافهم.”
نفيتُ كلامه بثقة. لم أحتج إلى الاستناد إلى القصة الأصلية، فالأدلة كافية.
“يُشاع أنك ضعيف، لكن لو كانت قوتك ناقصة حقًا، لكان معظم أرجنتا قد انشقّوا عنك.”
لكن قادة أرجنتا ما زالوا في مكانهم.
هذا يعني أن القوة المنبعثة من رئيس أرجنتا ليست ضعيفة.
ومع ذلك، يُعتبر رئيسًا ضعيفًا لأنه لا يستطيع التحكّم بقوة رئيس العائلة بمهارة.
لكنني، بعد قراءة القصة الأصلية، أعرف.
إنه ينتظر الوقت المناسب لقلب الطاولة، مختبئًا، لكنه في الحقيقة أقوى رئيس في تاريخ أرجنتا.
حتى لو لم أكمل القراءة، كنتُ أعرف.
ما لم تكن مقدمة القصة والمراجعات كلها كاذبة.
بمعنى آخر، إذا غيّرتُ مجرى القصة الأصلية من جهتي.
إذا لم أمحُ زنابقه بدلاً من ‘فيرو’ الحقيقية، فسيستطيع أن يستيقظ كأقوى رئيس عائلة.
المشكلة هي كسب الوقت حتى ذلك الحين.
“دوق ألروس يشكّ في سموك بالفعل.”
كما يعرف من مارس الأفعال السيئة كيف يمارسها، لم يتجاهل دوق ألروس شعوره بالريبة تجاه دييلو، رغم احتقاره له.
رئيس عائلة يُعرف بضعفه، لكن معدل انشقاق أتباعه صفر.
بسبب شكوكه، تجرّأ دوق ألروس على فعل مجنون مثل إرسال ‘فيرو’ مزيفة.
لو كان دييلو ضعيفًا حقًا، لكان استغلّ هذه الفرصة لسحق أرجنتا تمامًا.
اقتربتُ منه أكثر.
اقتربتُ من خط فكه الحاد وأنفه المنحوت بعناية كتمثال إلهي.
دييلو أرجنتا. منذ طفولته، كان يُلقّب بالوسيم بسبب ملامحه البارزة.
كان مترددًا. الآن حان وقت إعطائه اليقين.
“أنا حقًا لا أنوي إغواء سموك.”
تحوّلت نظرة دييلو نحوي.
“إذا سلبْتُ قوتك وإمكانياتك وفق خطة دوق ألروس، سأصبح شخصًا غير مرحّب به لا في ألروس ولا في أرجنتا.”
في ألروس، سأكون ورقة لم تعد ذات فائدة. وفي أرجنتا، سأكون الخائنة التي سلبَت قوة رئيس العائلة.
“ماذا لو لم أثق بكلامك، لماذا جئتِ هكذا؟”
فحصني دييلو بنظرة حذرة مجددًا.
“لأنني اعتقدتُ أنك حكيم بما يكفي لقبول هذا العرض.”
أخرجتُ نفسًا قصيرًا.
إذا فشلتُ في الصفقة، سأموت. لذا، يجب أن أكون واثقة قدر الإمكان.
اعتدلتُ في وقفتي.
“كما قلتُ، لنتزوّج.”
الزواج لن يتغيّر.
“وكما يريد ألروس، لنقضِ الليالي معًا.”
في اللحظة التي بدأ فيها تعبير دييلو يتصلّب، واصلتُ بلطف:
“―لكن.”
مددتُ يدي إلى يده البيضاء النقية.
“نمسك الأيدي فقط.”
نتظاهر بقضاء الليالي معًا، حتى تأتي ‘فيرو’ الحقيقية.
اتسعت عينا دييلو عند كلامي.
“حتى تظهر ‘فيرو’ الحقيقية لسموك، دع ألروس وكارتيل في غفلتهما، ثم اكتسحهما بقوتك المستيقظة مع ‘فيرو’.”
في القصة الأصلية، تظهر ‘فيرو’ الحقيقية بعد حوالي شهرين من دخول كروا كـ‘فيرو’ مزيفة.
حتى ذلك الحين، يجب إبقاء الخصوم في غفلتهم.
بسطتُ يدي.
“سموك… لديه القدرة الكافية لذلك.”
هذه صفقة لا يستطيع دييلو أرجنتا رفضها.
فالذين يتربّصون به كُثر، بينما لا يوجد من يريد أن يكون حليفًا له.
والحليفة التي جاءت إليه هي، بالصدفة، كروا ألروس، الورقة الخفية للخصم.
“هل هذه شروط صفقتك؟”
فحصني دييلو بعينيه الزرقاوين. أومأتُ برأسي برفق.
“نعم. مقابل هذا الزواج التعاقدي، دمّر ألروس وحمِني، سمو الدوق دييلو أرجنتا.”
عند كلامي، لمس دييلو شفتيه كأنه يفكّر.
صمت طويل. تفكير طويل.
في اللحظة التي بدت فيها عيناه الزرقاوان، الشبيهتان ببحر هادئ، كأنها أعماق المحيط، فتح دييلو فمه.
ظهرت ابتسامة ناعمة على شفتيه.
“حسنًا. من الآن، ناديني دييلو.”
مدّ يده نحوي.
“كما أُعلن للعائلتين، سأتزوّج الآنسة كروا. وفي حفل الزفاف القريب، سيكون لدينا ليلتنا الأولى…”
أغمض عينيه الزرقاوين.
“ومنذ ذلك اليوم، سأبدأ بفقدان فرصة استيقاظ قوتي تدريجيًا.”
تردد صوته الحزين.
“―أو بالأحرى، سأتظاهر بفقدانها.”
قال دييلو ذلك واقترب مني.
تراجعتُ دون وعي من المفاجأة، لكنه اقترب أكثر ووضع يده على ظهري.
في لحظة التردّد.
“اسمحي لي أن أحترم الأدب ولو متأخرًا، أيتها الآنسة.”
ابتسم بخفة.
“…آه.”
استرخى توتري فجأة، وأرخيتُ كتفيّ.
―طق.
أغلق بيده الأزرار التي فتحها من فستاني.
بينما كنتُ أرتجف من الحرارة الغريبة والتوتر اللذين اجتاحا ظهري ورقبتي، حدث شيء.
―هفّة.
خلع جاكيت زيه الرسمي ووضعه على ظهري المكشوف.
غمرني الدفء.
ابتسم لي. الصفقة تمت.
بدأت القصة الأصلية تنحرف.
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 2"