«هذا ما أطلبه منك مقابل أن أنقل لك نقاطاً في التقييم: أن تذهبي معي في المهمة.» قالت “سيو جون” بصوتها الثابت المعتاد.
«يا أنتما الاثنتين، انسجمتما جيداً من البداية، فما كل هذا التسلل والهمس؟» توقّف الحديث عند هذا الحد، بعدما نبّهنا المعلّم المسؤول عن الصف، وهو يوزّع الإعلانات المختلفة، أن نلتزم الصمت.
«سنتحدث عن التفاصيل بعد انتهاء الحصة الإدارية.» قالت “سيو جون” ذلك ثم وضعت رأسها على الطاولة.
لم أستطع سوى التحديق بالسبورة، لكن عقلي ظل مشغولاً بالمحادثة السابقة. «المهمة… وأنا؟» كان عليّ أن أتحقق من أذني لأتأكد أنني سمعت بشكل صحيح.
***
المهمة مشروع جماعي يختار فيه الفريق أحد التوجيهات المقدّمة من “جمعية طاردي الأرواح” ويحاول حله ضمن فترة زمنية محددة.
ومع العرض النهائي في اختبارات يونيو وسبتمبر ونوفمبر العملية، تُعتبر من أهم المكوّنات في مسيرة أي طارد أرواح مبتدئ.
وهكذا، أخبرتني “سيو جون” للتو أنها ستأخذني، أنا التي بالكاد تعرفها، معها في تلك المهمة شديدة الأهمية.
أليس من الطبيعي أن يختار المرء زملاء ذوي خبرة لهذه المهمة؟
في نظر “سيو جون”، أنا مجرد طامحة، لم أدخل حتى إلى مركز التدريب. إنها تعلم أنني مبتدئة، بلا خبرة ولا مهارات.
«لماذا أنا…؟» خرجت الكلمات من فمي بذهول.
حتى لو كان لديّ تصور تقريبي عن مستوى موهبتي في وقت التقييم، فلا أجد الأمر منطقياً الآن.
من الأفضل دوماً أن تختار من يتقنون العمل فعلاً، لا من يملكون مجرد “إمكانية”.
لهذا السبب، تُؤخذ نتائج الاختبارات العملية السابقة بعين الاعتبار عند تشكيل الفرق للمهمة. كنت أريد أن أحقق سجلاً جيداً كي يرغب الناس بالانضمام إليّ.
ربما كان بمقدور “سيو جون” الحصول على شركاء أفضل لو لم تمنحني نقاطاً. حتى تلك النقاط بحد ذاتها كانت أمراً كبيراً.
«ما الفائدة التي ستجنيها “سيو جون” من إشراكي معها في المهمة؟»
فكّرت أن الأمر كان ليبدو أقل غرابة لو أنها طلبت مالاً بدلاً من ذلك. ثم انتظرت بصبر حتى أنهى المعلّم الحصة الإدارية.
وما إن انتهت، حتى نهضنا معاً مسرعين، نجرّ بعضنا بعضاً إلى الخارج.
حتى أننا لم نجد وقتاً لنمرّ بذلك المشهد التقليدي حيث يحيط بنا الزملاء الفضوليون بوابل من الأسئلة.
«هل يعرفان بعضهما من قبل؟» تساءل أحدهم.
«هل “سيو جون” تتنمر على الطالبة الجديدة أم العكس؟» تمتم آخر بين الحشد.
خرجنا من الصف، تاركين وراءنا أصوات التساؤلات.
***
بعد أن ابتعدنا قليلاً عن الصف، التفتُّ إليها وسألت: «لماذا تفعلين هذا؟ إنه أمر خاسر مهما نظرتِ إليه.»
«هل تشتكين من أنكِ ستكونين في فريقي؟» ردّت بسؤال على سؤالي.
«لا، لست أشتكي. أعني، ما الذي يمكن أن أشتكي منه؟ كنت أخشى من أن يتم إقصائي لو لم أجد فريقاً، والآن أنتِ بنفسك طلبتِ مني الانضمام… فكيف لي أن أقول: مستحيل!»
«إذن، هل تريدين ذلك؟ هل أصبحنا في الفريق نفسه؟» سألت مجدداً.
«بالطبع… آآآه!» انحنيتُ بجسدي كأنني على وشك أن أضرب رأسي بالأرض. ثم رفعت عيني إليها وقلت: «لا أعلم إن كان ذلك شيئاً جيداً أم سيئاً.»
لم أستطع تحديد الأمر بالضبط. لاحظت منذ أول لقاء بيننا أنها لا تغيّر تعابير وجهها كثيراً.
وبينما تلاقت أعيننا، بدت وكأنها تفكّر، ثم قالت: «لا أريدك أن تظني أنني أفعل هذا بدافعٍ من روح التضحية.»
كان صوتها هادئاً بلا نبرة عاطفية، يصعب معه قراءة مشاعرها أو مقاصدها.
«ذلك لا يليق بطاردة الأرواح، في حال لم تكوني تعلمين.»
أدركت أنها كانت تنصحني. وما قالته مألوف جداً بالنسبة لي من أيام الفتاة السحرية.
«التضحية ليست من شأن طاردة الأرواح.»
الفرق الجوهري بين الفتاة السحرية وطاردة الأرواح لا يكمن في محاربة الوحوش أو الأشباح، ولا في استخدام السحر أو القوى الروحية.
الفرق أعمق من ذلك: هوية.
الفتيات السحريات بطلات. أما طاردة الأرواح، فلسنا بطلات. لذلك، ففكرة التضحية ليست مناسبة له.
«هاها… “في حال لم أكن أعلم”.»
«أعلم.»
إنها فكرة حفرت في ذهني منذ قررت أن أصبح طاردة أرواح.
أعلمها جيداً… لدرجة أن ذلك زاد شكوكي أكثر.
قلت في نفسي: لا، لكن ما طلبته مني “سيو جون” يبدو على النقيض تماماً مما يُفترض بطاردة الأرواح أن تكونه.
فلتكن… نطقت بأول نظرية خطرت ببالي: «”سيو جون”، هل ستتوقفين عن الطرد قريباً؟»
فالطريقة الوحيدة لجمع التناقض بين تصرفها “الطيب” ورفضها للتضحية، أن تكون في سبيل القول: «سأتوقف قريباً، فلا يهم!»
«قريباً لن تعودي طاردة أرواح، لذلك لا بأس أن تمنحي كل شيء لشخص غريب. ليس تضحية، بل مجرد بقايا.» قلتها بجدية، فلم أحصل سوى على نظرة باردة.
«ما الخلل في دماغك حتى توصّلت إلى هذا الاستنتاج؟» قالت بضيق.
«بالعكس، دماغك يعمل جيداً! أن تمنحي نقاطك لشخص مبتدئ لم تطأ قدماه مركز التدريب، وأن تتخذي منه شريكاً… يشبه محاولة أخيرة يائسة، كأنك تقولين: “لنخرج بانفجار أخير!”.» شرحت لها.
«هاه!؟» لم أعرف إن كان ذلك تنهيده أم سخرية، لكنها لم تبدُ وكأنها تعتبرني مخطئة تماماً.
ثم شبكت ذراعيها وتمتمت: «متأكدة أنها فهمت منطقي.»
«حسناً، قد تعتقدين ذلك. بعد…»
أطلقت “سيو جون” تنهيده هزّت الهواء من حولها، بنبرة غير معتادة عليها. «إن جاز لي أن أقول…»
«نعم…؟» حثثتها.
«… فلأنني لا أملك أصدقاء.»
رمشت بدهشة. «هاه؟».
«لا أملك أي أصدقاء يرغبون بالانضمام إليّ.» تمتمت.
«أوه.» لم أكن لأتوقع ذلك أبداً!
ساد صمت محرج لبرهة، قطعه صوتها أولاً.
«هل فهمتِ الآن أن الأمر لا يتعلق بتضحية أو ما شابه؟»
«أ- أجل.» أجبتها.
«ليس لدي ما أخسره بوجودي في هذا الفريق. الخسارة الكبرى أن أبقى بلا فريق، وأُحرم من المهمة.»
وكانت محقّة تماماً. إن لم أستطع حتى المشاركة في المهمة، فالأجدى أن أصنع فريقاً عشوائياً وأفعل به شيئاً ما.
حين أومأتُ موافقة، ارتسمت على شفتيها ابتسامة جانبية: «ولا داعي لأن تشكريني.»
كانت إشارة إلى تحية سابقة.
أوه، ها أنا أشعر بالذنب.
«سأتدحرج كالكلب في هذه المهمة.»
***
«لا.» تذكّرت حينها كم كنت غبية وأنا أفكّر في الأمر داخل الصف. لكن… أعتقد أنني أستحق أن “أتدحرج” قليلاً لقاء حماية هذه الموهبة. مجرد فكرة أنني أدين لها بشيء ما كانت مريحة.
لكن كلمات “سيو جون” لم تنتهِ هناك.
«آه، ولن أسمح لكِ بالذهاب للمهمة بهذا المستوى أيضاً. “بايك إيري”، كم مجموع مهاراتك؟»
«أم… لحظة.»
استدعيت نافذة مواهبي واطلعت على المجموع.
【الموهبة: طاردة أرواح (طامحة)】
【الاسم: بايك إيري】
【الرتبة: S】
【مجموع المهارات: 22】
【اللقب: – 】
【المهارات: – 】
بعد يوم التقييم، تدربت قليلاً على فتح السجل بنفسي، فارتفع المجموع قليلاً.
«إنه 22.» قلت.
«حسناً، لدينا أكثر من ثلاثة أسابيع حتى المهمة. لنجعلها 66.» قررت “سيو جون”.
«دعيني أنبهك: الانتقال من 1 إلى 20 مختلف تماماً عن الانتقال من 21 إلى 40. لقد وصلنا إلى 20 في يوم واحد فقط، ألا تكفي يومان أو ثلاثة لنبلغ 66؟» قلت وكأن الأمر بديهي.
«نعم اولا.» بدا واضحاً أن “سيو جون” تخطّط لدفعي إلى أقصى الحدود قبل المهمة.
***
بعد فوضى الصباح، كان يوماً اعتيادياً لطالبة جديدة.
الزي المدرسي الغريب جعلني أشعر بالحرج كلما نظرت في المرآة، وضعتُ في متاهة من جغرافية المدرسة غير المألوفة، وفزعت من رنين الجرس الغريب.
يوم طبيعي يعيشه أي طالب جديد، يضطر فيه إلى تقديم نفسه مراراً أمام الآخرين الفضوليين.
لكن، بحكم أن المدرسة هي مدرسة طاردي الأرواح، فقد كانت فضولياتهم مختلفة قليلاً. بدأت بزملائي في الصف.
«هل سمعتِ شائعات مدرستنا؟»
«انتقلتِ إليها وأنتِ تعرفين؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟»
«يا طالبة التحويل، ليس لديكِ فكرة عما مررتُ به الأسبوع الماضي هنا.»
«إذا كنتِ خائفة من الشائعات، هل ترغبين أن أرافقك إلى الحمام؟»
كان الوضع جنونياً، لكن الاهتمام لم يكن مزعجاً، لذا اكتفيت بالابتسام والضحك.
وبعد أن هدأ الصف قليلاً، جاءت الصفوف الأخرى ليتفقدوا “الطالبة المسكينة” التي انتقلت إلى هذه المدرسة العجيبة.
والطريف أن زملائي الذين كانوا قبل قليل مصدر الضوضاء، تصدّوا لهم قائلين: «توقفوا عن الإزعاج وغادروا! هل تظنون أننا في حديقة حيوانات؟»
مع أنهم هم أنفسهم تصرّفوا قبل قليل وكأننا فعلاً في حديقة حيوانات.
هاها، كان فيهم بعض خصال طاردي الأرواح، ومع ذلك لم أشعر بالسوء، بل أحسست بنوع من الانتماء.
وتكرّر الأمر ذاته مع الحصص التالية، حتى الأساتذة بدوا متحمسين لرؤية الطالبة الجديدة.
«أيتها الطالبة، هل رأيتِ الشبح في ساحة اللعب؟ إنه يطاردك إن حاولتِ الهرب.»
«كيف تبدو مدرستنا مقارنة بمدرستك السابقة؟ أليست أكثر برودة ورعباً؟»
«هيهي، لا تفكري بالنوم في الصف الأول. إن فعلتِ، ستتعرضين “للقطّاعة”.»
وكأنهم كانوا ينتظرون وصول طالبة جديدة ليمطرونها بهذه القصص.
ابتسمت بأدب وأنا أستمع من أذن وأُفرغ من الأخرى. وهذه المرة، تبرع الصف بالرد نيابة عني.
«أنتِ تأخرتِ اليوم أيضاً. ألم يطاردك المعلّم؟»
«واو، يطارد الطلاب فقط؟ حتى الأشباح تمارس التمييز.»
«كنتَ تتهوّى قبل قليل لأن الجو حار.»
«هل تقول هذا كتمهيد لأن المدرسة لا تملك تكييفاً في الصيف؟»
«لقد نمتُ طوال الليل، وأنا بخير.»
«ههه، هو فقط لاحظ لأنك دوماً تتمدد كالجثة في المقعد الأمامي.»
وفي خضم كل هذا الهرج، قال أحد الطلاب الجالسين في الصف الأمامي، على بُعد ثلاثة مقاعد: «لكن حقاً… لا يجب أن ينام أحد قرب المقاعد التي بجوار الأبواب الأمامية أو الخلفية.»
نظر حوله بارتباك، وقد ارتسم على وجهه خوف لا رجعه فيه. للحظة، خيّم الصمت.
«أوه؟ لماذا؟» سألت.
«… لأن الشبح سيقطعك.»
«ماذا؟ حقاً؟ لا أصدق… أليس هو نفسه ذاك الذي عند الباب؟» تعجب طالب آخر.
حاول بعضهم الضحك على الأمر كما فعلوا مع مزاح المعلمين، لكن مجموعة ثالثة بدت جادة.
«يا رجل، فسّر لنا جيداً.»
«ما المختلف؟ هل أنت شبح ام شيء من ذلك القبيل؟»
كانت الحصة قد بدأت، والجميع في مقاعدهم.
الطلاب، قد ضجروا من الدرس، ألحّوا بالأسئلة، بينما المعلّم الذي كان قد بدأ الحديث عن “شبح المقص” انتظر أن يستمر السرد.
«أشباح؟ لم أر شيئاً.» قال المعلّم.
ارتجف الطالب الجالس قرب الباب قليلاً، ثم قال: «لقد سمعتُه… بكاء طفل، ثم طرقاً على الباب.»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"