✼  ҉  ✼  ҉  ✼ 
 
“إِذَا نَشَأَتْ مِنْ أَعْلَى الْهَرَمِ مِثْلُ هَذِهِ الأَجْوَاءِ الاجْتِمَاعِيَّةِ، حَيْثُ لَا يُفَكَّرُ إِلَّا فِي كَفَاءَةِ الْمَالِ وَزِيَادَتِهِ، فَقَدْ يتحول ولاء النَّاسُ إلى الْمَالَ بَدَلَ الْحَاكِم. سَيَظُنُّونَ أَنَّ الْمَالَ هُوَ الَّذِي يُطْعِمُهُمْ لَيْسَ جَلَالَته. سَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمَالَ هُوَ أَيْضًا مَا يُبْقِي جَلَالَتَك عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ. أَنَا أُعَارِضُ مِنْ دَافِعِ الْوَلَاءِ لِجَلَالَتِهَا.”
 
رَأَى رَايْنَرُ تَعَابِيرَ الملك تَهْتَزُّ عَلَى الْفَوْرِ، فَشَعَرَ أَنَّ الْأَمْرَ مُثِيرٌ لِلسُّخْرِيَةِ. مَا السَّبَبُ فِي الْخَوْفِ مِنْ مَنْطِقٍ بَدِيهِيٍّ؟
 
جَمِيعُ الْبَشَرِ يَعِيشُونَ بِفَضْلِ الْمَالِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ وَالثَّرَاءِ. لَيْسَ هُنَاكَ اسْتِثْنَاءٌ لِهَذَا الْمَبْدَأِ. كُلُّ شَخْصٍ، مِنَ الْإِمْبَرَاطُورِ إِلَى الْمُتَسَوِّلِ، يَعِيشُ مِمَّا يَمْلِكُ، وَلَمْ يَعُدْ عَصْرًا يُضَمَنُ فِيهِ الْمَنْصِبُ الثَّرَاءَ بِشَكْلٍ دَقِيقٍ.
 
وَلِذَا، فَإِنَّ طَرِيقَةَ سَيْطَرَةِ الْحَاكِمِ بَسِيطَةٌ أَيْضًا.
 
إِنَّهَا مَسْأَلَةُ الْحِفَاظِ عَلَى ثَرْوَةٍ تَكْفِي لِوَضْعِ الْآخَرِينَ جَمِيعِهِمْ تَحْتَ سُلْطَتِهِ. وَالطَّرِيقَةُ الَّتِي يَقْتَرِحُهَا رَايْنَرُ تُسَاعِدُ عَلَى تَحْقِيقِ سَيْطَرَةِ الْحَاكِمِ هَذِهِ بِشَكْلٍ أَكْثَرَ سُهُولَةٍ.
 
“إِذَا أَلَحَّ جَلَالَته عَلَى تَنْفِيذِ ذَلِكَ، فَمَاذَا يُمْكِنُ لِي أَنْ أَقُولَ أَنَا الْمُجَرَّدُ مِنْ خَدَمِ جَلَالَتِه. وَمَعَ ذَلِكَ، أَطْلُبُ مِنْ جَلَالَتِه أَنْ تُفَكِّرَ بِعُمْقٍ فِي نَصِيحَتِي الْأَخِيرَةِ.”
 
بِسَبَبِ الْمُعَارَضَةِ الْعَنِيدَةِ للدوق، لَمْ يَتَمَكَّنِ الْآخَرُونَ مِنْ إِبْدَاءِ آرَائِهِمْ.
 
أَدْرَكَ الملك عَلَى الْفَوْرِ أَنَّ الْمُنَاقَشَةَ لَنْ تَكُونَ مُثْمِرَةً أَبَدًا، فَطَرَدَ الْجَمِيعَ مَا عَدَا راينر، وَأَخَذَ يَتَنَهَّدُ بِوَجْهٍ مُتْعَبٍ، ثُمَّ نَظَرَ بِطَرْفِ عَيْنِهِ إِلَى راينر.
 
“لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ الدوق إِيبرهاردت سَيُعَارِضُ بِشِدَّةٍ إِلَى هَذَا الْحَدِّ. كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ بَسِيطَةٌ جِدًّا لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِقَاشٍ.”
 
“إِنَّهَا فِي الْوَاقِعِ مَسْأَلَةٌ بَسِيطَةٌ، يَا جَلَالتك. أَنَا، بِصِفَتِي خَادِمَ جَلَالَتِك، أُدِيرُ الْمُمْتَلَكَاتِ، وَأَتَأَكَّدُ مِنْ أَنْ لَا تُهْدَرَ أَيُّ أَمْوَالٍ، وَأَعْمَلُ عَلَى زِيَادَتِهَا إِذَا لَزِمَ الْأَمْرُ. لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَقَلَّ.”
 
لَمْ يُصِبْ وَجْهُ الملك الْجَامِدُ أَيُّ تَغْيِيرٍ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ جَوَابِ راينر.
 
“إِيبرهاردت هُوَ مُسْتَشَارُ الْعَائِلَةِ الْمَالِكَةِ. هَلْ تَعْلَمُ مَا مَعْنَى ذَلِكَ، أَيُّهَا الكونت؟”
 
“يَعْنِي أَنَّ إِيبرهاردت هُوَ الْخَادِمُ الْأَكْثَرُ وَفَاءً لِجَلَالَتِه.”
 
بِطَرِيقَةٍ هَادِئَةٍ، شَرَحَ رَايْنَرُ اللَّقَبَ الْبَغِيضَ، الَّذِي يَنَاسَبُ الْعَائِلَةَ الْبَغِيضَةَ.
 
“لَا، أَنْتَ مُخْطِئٌ.”
 
أَجَابَ الملك بِصَوْتٍ مُتَبَرِّمٍ.
 
“إِنَّهُ تَعْبِيرٌ لَطِيفٌ عَنِ الْقَوْلِ ‘الْمُتَذَمِّرُ فِي الْعَائِلَةِ الْمَالِكَةِ’. إِيبرهاردت دَأَبَ عَلَى إِزْعَاجِ حُكَّامِنَا بِتَذَمُّرِهِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ. إِنَّهُ أَمْرٌ مُرْهِقٌ جِدًّا.”
 
أَغْمَضَ الملك عَيْنَيْهِ بِشِدَّةٍ، وَكَأَنَّهُ مَلَّ مِنْ الْأَمْرِ فِعْلًا، وَأَطْبَقَ عَلَى شَفَتَيْهِ. كَانَ مِنْ الْوَاضِحِ كَمْ كَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِمَا.
 
لَمْ يَكُنْ هَذَا الشُّعُورُ غَيْرَ مَفْهُومٍ بِالْكُلِّيَّةِ. لِأَنَّ رَايْنَرُ أَيْضًا كَثِيرًا مَا شَعَرَ بِهَذَا الشُّعُورِ بِسَبَبِ برجيت، عُضْوِ الْعَائِلَةِ الْوَحِيدِ الْمُتَبَقِّي لَهُ.
 
لِذَا، اسْتَطَاعَ رَايْنَرُ أَنْ يَتَوَقَّعَ بِسُهُولَةٍ مَا سَيَقُولُهُ الملك.
 
“وَمَعَ ذَلِكَ، أَيُّهَا الكونت…”
 
خَرَجَ صَوْتُ الملك مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ الْمُطْبَقَةِ، وَهُوَ يُحَاوِلُ جَاهِدًا قَمْعَ كُلِّ الْمَشَاعِرِ.
 
“التَّذَمُّرُ يَأْتِي مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْقَلَقِ. لَيْسَ مِنْ أَجْلِ مَصْلَحَتِهِ الْخَاصَّةِ. لَا أَشُكُّ أَبَدًا فِي مَدَى قَلَقِ إِيبرهاردت عَلَيَّ. فَإِذَا كَانَ يُعَارِضُ بِهَذِهِ الشِّدَّةِ…”
 
أَخَذَ الملك نَفَسًا، وَكَانَ راينر يَعْرِفُ بِالْفِعْلِ مَا سَيُتَمِّمُهُ.
 
“يَجِبُ أَنْ أُعِيدَ التَّفْكِيرَ. بِالطَّبْعِ، إِذَا أَصْرَرْتُ حَتَّى النِّهَايَةِ، فَسَيُطِيعُ. وَلَكِنْ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا، أَرْغَبُ فِي الْحُصُولِ عَلَى مُوَافَقَةِ الدوق إِيبرهاردت.”
 
عِنْدَمَا سَمِعَ راينر كَلَامًا لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْ تَوَقُّعَاتِهِ بِأَيِّ حَالٍ، أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ خَفِيفًا فَقَطْ.
 
“أَنَا أُطِيعُ أَمْرَ جَلَالَتِك فَقَطْ. لَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا لَا تَرْغَبُ فِيهِ جَلَالَتك.”
 
رَايْنَرُ، الَّذِي كَتَمَ غَضَبَهُ الْبَارِدَ بِشَكْلٍ مُعْتَادٍ، أَعْطَى الملك الْجَوَابَ الْوَحِيدَ الْمُتَاحَ لَهُ.
 
كَانَ خَادِمًا لِلْملك وَفَرْدًا مِنْ حَاشِيَتِهِ.
 
كَانَ مِنْ الْمُضْحِكِ أَنْ يُظْهِرَ رَغْبَتَهُ الْمُتَسَرِّعَةَ فِي إِدَارَةِ أَمْوَالِ الملك. كَانَ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ سَيُزْعِجُ الملك أَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ أَثَارَ الدوق إِيبرهاردت حَيْرَتَهُ، وَسَيُضِيفُ حَطَبًا عَلَى شُكُوكِهِ الَّتِي أَوْقَدَهَا إِيبرهاردت.
 
كَانَ مِنَ الْأَفْضَلِ التَّرَاجُعُ عِنْدَ هَذِهِ النُّقْطَةِ وَاسْتِخْدَامُ الْمَلِكَةِ. لِأَنَّ طَمْأَنَةَ الْحَاكِمِ مِنْ قَلَقِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ إِلَّا عَلَى لِسَانِ شَخْصٍ فِي مَكَانَةِ سُلْطَةٍ مِثْلِهِ.
 
تَمَنَّى راينر أَنْ تَحْمِلَ الْمَلِكَةُ بِسُرْعَةٍ وَتَحِلَّ مَحَلَّ إِيبرهاردت. ذَلِكَ الْمَكَانُ الْبَغِيضُ لِـ ‘الْعَائِلَةِ’.
 
“أَنَا مُنْتَنٌ لِتفهمك، راينر.”
 
نَظَرَ الملك إِلَى راينر الَّذِي أَجَابَ بِهُدُوءٍ، وَامْتَلَأَ صَوْتُهُ بِاللُّطْفِ.
 
اسْتَمَعَ راينر إِلَى اسْمِهِ الَّذِي نَادَاهُ بِهِ الملك بِشَكْلٍ خَاصٍّ وَأَدْخَلَهُ مِنْ أُذُنٍ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْأُخْرَى، وَهُوَ يُفَكِّرُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي سَيَنْقُلُهُ عَبْرَ الْمَلِكَةِ.
 
“الْأَمْرُ لَيْسَ عَدَمَ ثِقَةٍ بِكَ. عَرَفْتُ أَنَّكَ مُتَمَيِّزٌ مُنْذُ أَنْ رَأَيْتُكَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ فِي الْأَكَادِيمِيَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ. وَتَوَقُّعِي كَانَ صَحِيحًا، لَقَدْ بَدَأْتَ مِنْ لَا شَيْءَ وَوَصَلْتَ إِلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ الْآنَ.”
 
كَانَ وَلِيُّ الْعَهْدِ ألبرخت الَّذِي زَارَ الْأَكَادِيمِيَّةَ الْعَسْكَرِيَّةَ قَدِ اقْتَرَبَ مِنْ راينر الَّذِي كَانَ يَتَهَامَسُ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ ابْنُ مُرَابِي، وَكَانَ دَافِعُهُ مُجَرَّدَ فُضُولٍ. كَأَنَّهُ كَانَ يَبْحَثُ عَنْ شَخْصٍ لِيُضِيعَ وَقْتَهُ مَعَهُ.
 
أَخْبَرَ وَلِيُّ الْعَهْدِ راينر أَنَّ مُسْتَكْشِفًا مَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أَبِيهِ، الْحَاكِمِ جِيورج الثَّالِثِ، يَطْلُبُ دَعْمًا مَالِيًّا لِاسْتِكْشَافِ الْعَالَمِ الْجَدِيدِ، وَأَنَّهُ تَلَقَّى الْعَارَ فَقَطْ وَطُرِدَ، وَسَأَلَهُ بِلَا مُبَالَاةٍ: “لَوْ كُنْتَ مَكَانَهُ، هَلْ كُنْتَ سَتُعْطِيهِ الْمَالَ؟”
 
لَمْ تَكُنْ نَبْرَةُ سُؤَالِهِ تُوحِي بِأَنَّهُ يُرِيدُ سَمَاعَ رَأْيِ راينر. بَلْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْقَوْلِ: “بِمَا أَنَّكَ ابْنُ شَخْصٍ مَشْهُورٍ بِأَنَّهُ يَفْتَحُ لُعْبَةَ الْأَمْوَالِ، هَيَّا أَعْطِنَا رَأْيَكَ.” لِأَنَّ لُعْبَةَ الْأَمْوَالِ كَانَ لَهَا نَفْسُ نَوَاحِي الْقِمَارِ.
 
أَجَابَ راينر أَنَّهُ سَيَدْعَمُهُ إِذَا كَانَ لَدَيْهِ الْمَالُ، وَبَعْدَ سَنَتَيْنِ، عَادَ وَلِيُّ الْعَهْدِ إِلَى الْأَكَادِيمِيَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ لِيُشِيدَ بِتَخَرُّجِ راينر الْمُتَفَوِّقِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَكْشِفَ فَتَحَ طَرِيقًا تِجَارِيًّا جَدِيدًا جَلَبَ ثَرْوَةً هَائِلَةً لِمَمْلَكَةِ برانت.
 
“نَعَمْ، فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، لَا أُنْكِرُ أَنَّنِي سُحِرْتُ بِكَلَامِ الكونت. الْمُسْتَقْبَلُ الَّذِي تَكْشِفُهُ الْمَعْلُومَاتُ، وَتَكْوِينُ الثَّرْوَةِ، وَالثَّرْوَةُ تَجْلِبُ الثَّرْوَةَ، وَبِذَلِكَ تَصِيرُ الْأُمَّةُ قَوِيَّةً. إِنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ أَكْثَرُ حِكْمَةً مِنْ مُسْتَقْبَلِ أَبِي.”
 
مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ، أَصْبَحَ ألبرخت الْخَامِسُ كَثِيرَ الزِّيَارَةِ لِراينر وَكَثِيرَ السُّؤَالِ عَنْ رَأْيِهِ.
 
بِمُجَرَّدِ أَنْ أَكْمَلَ راينر خِدْمَتَهُ الْعَسْكَرِيَّةَ وَحَقَّقَ انْتِصَارَاتٍ عَسْكَرِيَّةً، أَعْطَاهُ الملك لَقَبَ بارون وَلَقَبَ فَارِسٍ كَمَا لَوْ أَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ ذَلِكَ.
 
“لَمْ يَقُلْ لِي أَحَدٌ، إِلَّا أَنْتَ يَا راينر، إِنَّنِي سَأَصْبِحُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي وَأَفْضَلَ مِنْ أَخِي. كَيْفَ لَا أَثِقُ بِكَ؟ أَنْتَ شَخْصٌ جَعَلَ الْأُمُورَ الَّتِي تَبْدُو كَالْقِمَارِ تَبْدُو مُؤَكَّدَةً، حَتَّى أَنَّكَ تَوَقَّعْتَ مُسْتَقْبَلَ ذَلِكَ الْمُسْتَكْشِفِ.”
 
أَصْبَحَ صَوْتُ الملك الَّذِي يَتَذَكَّرُ الْمَاضِيَ الطَّوِيلَ أَخْفَتَ تَدْرِيجِيًّا.
 
“وَلَكِنِّي لَسْتُ مُسْتَكْشِفًا، أَنَا ملك الْمَمْلَكَةِ. رُبَّمَا لَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أَفْتَحَ طُرُقًا جَدِيدَةً…”
 
“لَا حَاجَةَ لِجَلَالَتِه لِشَرْحِ ذَلِكَ لِخَادِمِه. سَيْفُ جَلَالَتِه سَيُسْتَخْدَمُ فَقَطْ كَمَا يشَاءُ جَلَالَتُه.”
 
“يَا لَهُ مِنْ كَلَامٍ جَمِيلٍ. هَلْ سَتَقِفُ فِي مُقَدِّمَةِ هوبسباش إِذَا أَمَرْتُكَ بِذَلِكَ؟”
 
“أُطِيعُ إِذَا أَمَرْتَ.”
 
ضَحِكَ الملك بِشِدَّةٍ، وَكَأَنَّ مِزَاجَهُ قَدْ تَحَسَّنَ.
 
“لَا بَأْسَ. لَا أُرِيدُ أَنْ أَخْسَرَكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَرْبِ. إِذَا كُنْتُ مَعَ إيستوران، فَسَأَتَمَكَّنُ مِنَ الْفَوْزِ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَيْكَ.”
 
ابْتَسَمَ راينر ابْتِسَامَةً مُهَذَّبَةً.
 
كَانَ هُوَ أَيْضًا لَا يَنْوِي الذَّهَابَ إِلَى الْحَرْبِ مَعَ هوبسباش. لَمْ يَكُنْ قَلَقًا مِنْ أَنْ يَمُوتَ فِي الْحَرْبِ. لَقَدْ كَانَ جُنْدِيًّا جَيِّدًا، وَالْجُنْدِيَّةُ كَانَتْ مُنَاسِبَةً لَهُ.
 
عِنْدَمَا تَخَرَّجَ مِنْ الْمَدْرَسَةِ، فَكَّرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ. لَوْ أَنَّ وَالِدَهُ لَمْ يَمُتْ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَلَوْ أَنَّ الكونت أولدن لَمْ يُدَمِّرْ حَيَاتَهُ، لَرُبَّمَا كَانَ قَدِ اخْتَارَ مَا يَرْغَبُ فِيهِ.
 
<راينر، لَا أَتَمَنَّى أَنْ تَعْمَلَ فِي الْمُرَابَاةِ. يُمْكِنُكَ اسْتِخْدَامُ مَالِي.>
 
ذَاتَ مَرَّةٍ، قَالَ لَهُ وَالِدُهُ وَهُوَ يُجْلِسُهُ عَلَى رُكْبَتِهِ. كَانَ قَلِقًا جِدًّا حَتَّى وَهُوَ يُعَلِّمُ ابْنَهُ عَنْ الْمَالِ، لِأَنَّ هَذَا كَانَ كُلَّ مَا تَعَلَّمَهُ طَوَالَ حَيَاتِهِ.
 
<أَتَمَنَّى أَنْ تَصِيرَ مُحَامِيًا أَوْ جُنْدِيًّا رَائِعًا. أَنْتَ ذَكِيٌّ جِدًّا… إِذَا كَانَ لَدَيْكَ مِثْلُ هَذِهِ الْوَظِيفَةِ، سَيَحْتَرِمُونَكَ. سَيَحْتَرِمُونَكَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ نَبِيلًا. وَلَكِنْ لَا تَصِرْ رَاهِبًا مِثْلَ عَمِّكَ بيتر. أُرِيدُ أَنْ أَرَى ابْنِي يَتَزَوَّجُ مِمَّنْ يُحِبُّ. وَلَكِنْ لَا بَأْسَ مِنْ أَنْ تُخَفِّضَ مَعَايِيرَكَ قَلِيلًا.>
 
كَانَتْ الْكَلِمَاتُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي أُضِيفَتْ كَنَوْعٍ مِنَ الْمُزَاحِ فِيهَا مَرَارَةٌ.
 
أَرَادَ راينر أَيْضًا أَنْ يُحَقِّقَ رَغْبَةَ وَالِدِهِ. لَيْسَ فَقَطْ لِأَنَّ وَالِدَهُ أَرَادَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لِأَنَّهُ هُوَ أَيْضًا أَرَادَ ذَلِكَ.
 
مُسْتَقْبَلٌ سِلْمِيٌّ يَعْمَلُ فِيهِ كَمُحَامٍ أَوْ جُنْدِيٍّ وَيُظْهِرُ فِيهِ قُدُرَاتِهِ فَقَطْ، بَدَلًا مِنْ أَنْ يُنَاضِلَ بِكُلِّ قُوَّتِهِ ضِدَّ مَنْ يَحْتَقِرُونَهُ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَلِكَ مَا يَمْتَلِكُ.
 
وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَقْبَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ. لَقَدِ انْسَلَّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ.
 
الْآنَ، كَانَ عَلَى رَايْنَر أَنْ يَفْعَلَ فَقَطْ مَا يُفِيدُهُ وَيَنْفَعُهُ، وَلِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَاعٍ لِفِعْلِ أَيِّ شَيْءٍ لَا لُزُومَ لَهُ بِسَبَبِ سَبَبٍ طَائِشٍ وَصَبِيَانِيٍّ كَمَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَرَادَ ذَلِكَ.
 
إِنَّ فِعْلَ شَيْءٍ لَا لُزُومَ لَهُ كَالْمُشَارَكَةِ فِي حَرْبٍ لَيْسَ بِحَاجَةٍ إِلَيْهَا، وَالشُّعُورِ بِالِانْتِمَاءِ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْهِ حَتَّى وَلَوْ لِفَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، وَتَحْقِيقِ إِنجَازَاتٍ يَحْتَرِمُهَا الْجَمِيعُ لِيَنَالَ التَّقْدِيرَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ.
 
أَوْ.
 
غَزَا شَعْرٌ أَشْقَرُ لَمْ يَخَفْ مِنْ الضَّوْءِ وَلَاحَ بَرِيقُهُ فِيهِ بِشَكْلٍ طَبِيعِيٍّ أَفْكَارَهُ. ذَلِكَ اللَّوْنُ الْوَاضِحُ الَّذِي تَدَخَّلَ فِي حَيَاتِهِ الْمُبْهَمَةِ وَالَّتِي لَمْ يَعُدْ فِيهَا شَيْءٌ سِوَى الْانْتِقَامِ أَوِ الطَّمَعِ الَّذِي اعْتَادَهُ. تِلْكَ الْخُصَلُ الذَّهَبِيَّةُ الَّتِي تَتَمَايَلُ بِهُدُوءٍ فِي الْهَوَاءِ فَوْقَ جَبِينِهَا الْأَبْيَضِ.
 
إِنَّ فِعْلَ شَيْءٍ لَا لُزُومَ لَهُ كَالِاسْتِجَابَةِ بِحُمْقٍ لِهَذَا الطَّمَعِ السَّخِيفِ الَّذِي تُظْهِرُهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ بِوَضُوحٍ وَتَكَبُّرٍ فِي عَيْنَيْهَا الزَّرْقَاوَيْنِ الْمُطَابِقَتَيْنِ لِعَيْنَيْ الدوق إِيبرهاردت.
 
يَجِبُ أَنْ يَتَوَقَّفَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا لُزُومَ لَهَا.
 
عَنْ أَنْ يَصِيرَ أَكْثَرَ لُطْفًا مَعَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا، وَأَنْ يَنْسَى حِسَابَاتِهِ أَحْيَانًا.
 
كَانَتْ عَائِلَةُ إِيبرهاردت عَائِلَةً تَمْتَلِكُ مَا يَفُوقُ الْحَاجَةَ. لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ النِّيَّةُ فِي تَسْلِيمِ جَسَدِهِ لِتِلْكَ الْعَائِلَةِ كَغَنِيمَةٍ.
 
حَقِيقَةُ أَنَّ إِلكَه إِيبرهاردت جَعَلَتْهُ ماتيوس لَا تَعْنِي أَنَّهُ أَصْبَحَ شَخْصًا يُمْكِنُهُ مُوَاجَهَةُ إِيبرهاردت.
 
نَعَمْ، لَمْ يَكُنْ لَدَى رَايْنَرُ وَقْتٌ لِيُضِيعَهُ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا لُزُومَ لَهَا.
 
✼  ҉  ✼  ҉  ✼ 
 
             
			
			
		
		
                                            
التعليقات لهذا الفصل " 60"