—–
«إِذَا كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا، فَتَحَدَّثي مَعَ جَلَالَةِ الْمَلِكِ عَنْ اسْتِيرَادِ حَدِيدِ إِسْتُورَانْ. »
«حَدِيد؟ أَلَيْسَ قَدْ رَفَضَ ذَلِكَ مُسْبَقًا أَثْنَاءَ مُنَاقَشَةِ الْخُطْبَةِ؟»
«كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ جَلَالَةَ الْمَلِكَةِ شَخْصِيًّا. الْآنَ، إِذَا تَحَدَّثْتِ مَعَهُ، قَدْ يَتَغَيَّرُ الْأَمْرُ. »
«لَيْسَ لَدَى إِسْتُورَانْ الْوَقْتُ الْكَافِي لِتَصْدِيرِ الْحَدِيدِ إِلَى برانت. لِأَنَّهُ يَحْظَى بِشَعْبِيَّةٍ كَبِيرَةٍ فِي بِلَادٍ أُخْرَى. »
«الْحَدِيدُ الَّذِي تُنْتِجُهُ برانت لَيْسَ جَيِّدَ الْجَوْدَةِ، وَيَنْكَسِرُ بِسُهُولَةٍ فِي الشِّتَاءِ. بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كُنَّا نُفَكِّرُ فِي الْحَرْبِ الَّتِي سَتَنْشُبُ مَعَ هوبسباخ، فَاسْتِيرَادُ حَدِيدِ إِسْتُورَانْ لِتَطْوِيرِ الْأَسْلِحَةِ أَفْضَلُ. »
«إِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا، فَلَا بُدَّ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ ذَلِكَ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ. »
أَطْرَقَتِ الْمَلِكَةُ بِعَيْنَيْهَا كَأَنَّهَا مُنْغَمِسَةٌ فِي التَّفْكِيرِ.
«حَسَنًا. »
بَعْدَ قَلِيلٍ، جَاءَ جَوَابُ الْمَلِكَةِ الْإِيجَابِيُّ، وَفِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، عَادَ رَاينر لِيُفَكِّرَ إِذَا كَانَ مُتَسَرِّعًا قَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ تَجَاهَلَ هَذَا الشَّكَّ بِسُرْعَةٍ.
عَلَى أَيِّ حَالٍ، إِذَا أَصْبَحَتْ إلكه كَاهِنَةً، كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُزِيلَ صامويل رودنمارك إِلَى مَكَانٍ مَا كَمَا وَعَدَ. لِذَلِكَ، كَانَ هَذَا أَمْرًا ضَرُورِيًّا بِالْفِعْلِ.
△▽△
إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَذْكُرَ شَخْصًا وَاحِدًا دَفَعَ رَاينر ميشيل إِلَى الْهَاوِيَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ الْكَوْنْتُ أولدن. وَلَكِنْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا وَاحِدًا سَيُعِيقُ حَيَاتَهُ، فَهُوَ بِلَا شَكٍّ إيبرهاردت.
لَقَدْ كَانَ رَاينر يَتَوَقَّعُ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ أَنْ يُصْبِحَ إيبرهاردت حَجَرَ عَقَبَةٍ فِي طَرِيقِهِ. خَاصَّةً إِذَا لَمْ يُسَافِرْ إِلَى الْخَارِجِ وَيُسَبِّبَ لَهُمْ الْإِزْعَاجَ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ سَيَتَغَيَّرُ حَتْمًا إِذَا عَادَ إِلَى برانت وَبَدَأَ يُحْدِثُ فَوْضًى كَمَا يَفْعَلُ الْآنَ.
وَلَكِنَّ التَّوْقِيتَ كَانَ مُخْتَلِفًا عَمَّا تَوَقَّعَهُ رَاينر.
لَقَدْ كَانَ مُبَكِّرًا جِدًّا.
«لَا يُمْكِنُ أَبَدًا يَا جَلَالَةَ الْمَلِكِ. »
سَرِيعًا مَا هَيْمَنَ صَوْتُ الدُّوقِ إيبرهاردت الْحَادُّ عَلَى قَاعَةِ الِاجْتِمَاعِ.
«إِعْطَاءُ مَنْصِبِ وَزِيرِ الماليةِ للكونت شتيرن فِكْرَةٌ خَطِيرَةٌ. »
لَمْ يَتَوَقَّعْ رَاينر أَنَّ إيبرهاردت سَيُعَارِضُهُ مُنْذُ مَنْصِبِ وَزِيرِ الْخَزَانَةِ. إِذَا كَانَ يَتَصَرَّفُ هَكَذَا بِالْفِعْلِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأُوا فِي هُجُومٍ حَقِيقِيٍّ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ يَتَطَلَّعُ بِحَقٍّ لِمَا سَيَحْدُثُ لَاحِقًا.
«الْكَوْنْتُ شتيرن خَبِيرٌ يَا دُوقُ. أَيْنَ فِي برانت يُوجَدُ شَخْصٌ يُمْكِنُهُ إِدَارَةُ الْمَالِ مِثْلَهُ؟»
«جَلَالَتُك لَا يَقُولُ الْآنَ إِنَّهُ سَيُعْطِي الكونت شتيرن مَنْصِبَ وَزِيرِ الماليةِ. بَلْ إِنَّك تَقُول إِنَّهُ سَيَتِمُّ دَمْجُهُ مَعَ قِسْمِ الْجِبَايَةِ فِي وِزَارَةِ الماليةِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ، سَيَتِمُّ دَمْجُهُ مَعَ الْقِسْمِ الْعَسْكَرِيِّ. لَقَدْ قُلْت إِنَّك سَتَجْعَلهُ مُنَظَّمَةً مُوَسَّعَةً وَتُدِيرُونَ السِّجِلَّاتِ الْمَالِيَّةَ بِشَفَافِيَةٍ. الْعِبْءُ سَيَكُونُ كَبِيرًا جِدًّا، وَخَطَرُ تَسَرُّبِ الْمَعْلُومَاتِ سَيَكُونُ أَيْضًا أَعْلَى. »
«لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الَّتِي تُدِيرُ الْمَالَ مُنْفَصِلَةٌ، فَلَا يَتِمُّ التَّوَاصُلُ بَيْنَهَا وَتَكُونُ الْأُمُورُ مُعَقَّدَةً. بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ أَمْوَالَ الْجَيْشِ ذَاتُ أَهَمِّيَّةٍ كَبِيرَةٍ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ الْآنَ، عَدَدُ الْجَيْشِ الدَّائِمِ يُجَاوِزُ سَبْعِينَ أَلْفًا يَا دُوقُ. هُنَاكَ حَاجَةٌ لِإِدَارَةٍ أَكْثَرِ فَعَالِيَّةٍ. وَالكونت شتيرن هُوَ الشَّخْصُ الْوَحِيدُ الْمُؤَهَّلُ الَّذِي يَعْرِفُ كِلَا الْأَمْرَيْنِ: الْمَالُ وَالْجَيْشُ. »
«أَعْرِفُ الْأَهَمِّيَّةَ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْخَطِيرِ أَنْ يُسَيْطِرَ الكونت شتيرن عَلَى جَمِيعِ مُمْتَلَكَاتِ جَلَالَتِك، وَحَتَّى جَيْشِك. »
نَظَرَ رَاينر إِلَى الدُّوقِ الَّذِي كَانَ يُقَدِّمُ مُعَارَضَةً مُمِلَّةً، ثُمَّ قَاطَعَهُ بِمَلَلٍ.
«أَنْتَ تَعْتَبِرُنِي خَائِنًا وَشِرِّيرًا، يَا دُوقُ. أَنَا أُدِيرُ الْمَالَ لِأَجْلِ إِثْرَاءِ جَيْشِ جَلَالَةِ الْمَلِكِ، وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَهُمْ. »
«أَلَا نَقُولُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَزْمَانِ، يَا كونت، إِنَّ الْمَالَ يَكُونُ فَوْقَ النَّاسِ؟»
لَمْ يَنْظُرِ الدُّوقُ إِلَى رَاينر وَهُوَ يَرُدُّ، بَلْ كَانَ نَظَرُهُ مُوَجَّهًا إِلَى الْمَلِكِ فَقَطْ.
«مَا يَسْتَخْدِمُهُ الْمَلِكُ، كُلَّمَا كَانَ أَقَلُّ عِلْمًا بِهِ الْمُدَبِّرُونَ، كَانَ أَفْضَلَ. كُلَّمَا زَادَ عَدَدُ مَنْ يُدِيرُ مُمْتَلَكَاتِ جَلَالَتِكَ، وَكُلَّمَا كَانَتِ السِّجِلَّاتُ الْمَالِيَّةُ مُفَصَّلَةً بِشَكْلٍ لَا دَاعِيَ لَهُ، كُلَّمَا كَانَ ذَلِكَ خَطِيرًا. لَا أَحَدَ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ مُمْتَلَكَاتِ جَلَالَتِك بِهَذَا الْقَدْرِ. هَذِهِ هِيَ الْمَلَكِيَّةُ. »
«الْآنَ، أَنَا لَا أَعْرِفُ مُمْتَلَكَاتِي بِشَكْلٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ! »
ارْتَفَعَ صَوْتُ أَلبْرِيخت الْخَامِسْ بِشُعُورٍ بِالْإِحْبَاطِ.
«هَلْ نَسِيتَ، يَا دُوقُ، كَيْفَ كَانَ وَضْعُ هَذَا الْبَلَدِ عِنْدَمَا اعْتَلَى الْمَلِكُ السَّابِقُ الْعَرْشَ؟ كَانَتِ الْبِلَادُ تُدَارُ فِي حَالَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ الْإِفْلَاسِ لِأَنَّ الْمُمْتَلَكَاتِ وَالْدُّيُونَ لَمْ تُسَجَّلْ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ. »
«أَتَذَكَّرُ ذَلِكَ يَا جَلَالَةَ الْمَلِكِ. وَلَكِنَّ مَا جَعَلَ الْبِلَادَ مُسْتَقِرَّةً لَمْ يَكُنْ مُحَاسِبًا بَلْ كَانَتْ حُكْمَ جَلَالَةِ الْمَلِكِ السَّابِقِ الْمَبْنِيَّ عَلَى رُوحِ الِاقْتِصَادِ. »
«أَنْتَ تَتَذَكَّرُ الْأُمُورَ بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ عَنِّي. أَعْتَقِدُ أَنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لِيُضْطَرَّ لِلْعَيْشِ فِي هَذَا الْبُؤْسِ لَوْ كَانَ لَدَيْهِ مُحَاسِبٌ وَاحِدٌ فَقَطْ. »
سَخِرَ الْمَلِكُ بِحِدَّةٍ.
«هَلْ مَنْعُ جَمِيعِ الْمَرَاسِمِ، وَتَقْلِيصُ الْأَحْدَاثِ الْمَلَكِيَّةِ، وَمُعَاقَبَةُ الْمَلِكِ لِأُسْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ، وَعَصْرُ الْبِلَادِ بِأَسْرِهَا كَأَنَّهَا قِطْعَةُ قُمَاشٍ يَبْدُو لَكَ “اقْتِصَادًا” و”حُكْمًا” يَا دُوقُ؟»
أَطْلَقَ الْمَلِكُ عِنَانَ غَضَبِهِ وَوَجْهُهُ يَحْمَرُّ. عِنْدَمَا يَأْتِي ذِكْرُ وَالِدِهِ، يُصْبِحُ الْمَلِكُ دَائِمًا حَسَّاسًا.
«وَلَكِنْ يَا جَلَالَةَ الْمَلِكِ. بِفَضْلِ ذَلِكَ، أَصْبَحَ بِإِمْكَانِ جَلَالَتِك أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ الْجَيْشُ الدَّائِمُ الْوَحِيدُ فِي الْقَارَّةِ الَّذِي يَتَجَاوَزُ خَمْسِينَ أَلْفَ جُنْدِيٍّ. »
تَنَهَّدَ الْمَلِكُ الْغَاضِبُ بِإِحْبَاطٍ دُونَ أَنْ يَرُدَّ، فَقَاطَعَهُ الدُّوقُ بودن الَّذِي كَانَ يُرَاقِبُ الْوَضْعَ.
«صَحِيحٌ يَا دُوقُ إيبرهاردت. أَنْتَ مُبَالِغٌ. حَتَّى لَوْ أَدَارَ السّير رَاينر الْمَالَ، فَهَلْ سَيُصْبِحُ مَالَهُ؟ هُوَ مُجَرَّدُ خَادِمٍ لِجَلَالَةِ الْمَلِكِ. أَلَا يَفْعَلُ الْعَمَلَ الْقَذِرَ بَدَلًا مِنْهُ؟»
نَظَرَ الدُّوقُ إيبرهاردت إِلَى بودن بِحَاجِبَيْنِ مُنْزَعِجَيْنِ قَلِيلًا.
«يَا دُوقُ بودن، بِمَا أَنَّهُ أَصْبَحَ كونتا، فناديه بِاسْمِ الكونت شتيرن. بِالِاسْمِ الْمُنَاسِبِ لِلْوَقَارِ. »
ثُمَّ أَعْطَى تَوْبِيخًا بِصَوْتٍ لَا يَزَالُ صَارِمًا.
سَمِعَ رَاينر ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ إِخْفَاءَ ضَحْكَتِهِ السَّاخِرَةِ.
كَانَ يَعْرِفُ جَيِّدًا أَنَّ الدُّوقَ بودن لَمْ يَتَدَخَّلْ لِأَجْلِ رَاينر. كَانَ لَا يَزَالُ يَنْظُرُ إِلَى رَاينر عَلَى أَنَّهُ ابْنُ مُقْرِضٍ رِبَوِيٍّ، وَلَيْسَ كونتا. وَمِنْ هَذَا الِاحْتِقَارِ جَاءَ هَذَا الْمَوْقِفُ الْمُتَسَامِحُ.
مَوْقِفٌ يَقُولُ: مَا الْمُشْكِلَةُ فِي أَنْ يَقُومَ الْعَامِلُ بِالْعَمَلِ الْمُخَصَّصِ لَهُ؟
بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، كَثِيرٌ مِنَ الْأَشْخَاصِ فِي قَاعَةِ الِاجْتِمَاعِ دَخَّنُوا سِيجَارَ رَاينر فِي بَيْتِ البهجة، وَاسْتَمْتَعُوا بِالْكَثِيرِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُمْكِنُ الْحُصُولُ عَلَيْهَا مِنْ خِلَالِ صَدَاقَتِهِمْ مَعَ رَاينر. لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَخْصٌ كَبِيرٌ يُعَارِضُ أَنْ يُصْبِحَ وَزِيرَ الماليةِ، لِذَلِكَ لَمْ يُبْذِلْ بودن أَيَّ جُهْدٍ.
كَانَ مَوْقِفُ بودن هَذَا أَفْضَلَ، وَأَسْهَلَ فِي التَّعَامُلِ مَعَهُ.
مِنْ نِفَاقِ الدُّوقِ إيبرهاردت الَّذِي يَرْفُضُ وُجُودَ رَاينر ميشيل بِجَسَدِهِ كُلِّهِ، وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ يَدَّعِي بِتَعَالٍ أَنَّهُ يَنْبَغِي إِعْطَاؤُهُ مُعَامَلَةً رَسْمِيَّةً لِمُجَرَّدِ أَنَّهُ حَصَلَ عَلَى لَقَبٍ نَبِيلٍ.
«أَعْتَقِدُ أَنَّ الدُّوقَ إيبرهاردت مُبَالِغٌ أَيْضًا. أَلَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّ للكونت شتيرن فَضْلًا كَبِيرًا فِي حَلِّ الدُّيُونِ الَّتِي وَرِثْنَاهَا عَنِ الْأَسْلَافِ؟ لَوْلَا اتِّصَالَاتُهُ، لَمَا كُنَّا لِنَتَمَكَّنَ مِنْ سَدَادِ الدُّيُونِ بِتَحْوِيلِ الْأَمْوَالِ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ وَتِلْكَ. »
أَضَافَ الدُّوقُ باخمان كَلِمَاتِهِ بِمَوْقِفٍ مُسْتَرْخٍ.
تَسَاءَلَ رَاينر عَمَّا إِذَا كَانَ دَعْمُهُ غَيْرُ الْمُتَوَقَّعِ يَنْتُجُ عَنْ خُطْبَتِهِ لِـ أولدن، أَوْ أَنَّهُ مُجَرَّدُ مُحَاوَلَةٍ لِكَبْحِ جِمَاحِ إيبرهاردت. لَمْ يَكُنْ باخمان مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَزُورُونَ قَصْرَ رَاينر لِتَدْخِينِ السِّيجَارِ.
بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، كَانَ يَشْغَلُ مَنْصِبَ وَزِيرِ الدِّفَاعِ، لِذَلِكَ إِذَا أَصْبَحَ رَاينر وَزِيرَ الماليةِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَقَاسُمُ السُّلْطَةِ مَعَهُ.
«لَقَدْ أُثْبِتَتْ كَفَاءَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَجَالِ، وَوَلَاؤُهُ أُثْبِتَ بِخِدْمَتِهِ الْعَسْكَرِيَّةِ، وَمَهَامِهِ كَسَفِيرٍ. مَاذَا تَقْلَقُ مِنْهُ بَعْدُ يَا دُوقُ إيبرهاردت؟»
لَمْ يَكُنْ رَاينر يَعْرِفُ سَبَبَ دَعْمِهِ، وَلَكِنَّهُ تَقَبَّلَهُ بِتَرْحِيبٍ.
«لِأَجْلِ الْحَرْبِ، الْمُؤَنُ لَا تَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنِ الْجَيْشِ. يَنْبَغِي أَنْ نَعْرِفَ بِالضَّبْطِ مَا لَدَيْنَا وَمَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، لِنَحْصُلَ عَلَى أَكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ الْكَفَاءَةِ بِأَقَلِّ التَّكَالِيفِ. وَأَنَا سَأَضْمَنُ أَنْ تَظَلَّ هَذِهِ الْبِلَادُ مُزْدَهِرَةً حَتَّى بَعْدَ الْحَرْبِ. »
لَمْ يُصَدِّقْ رَاينر أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَشْرَحَ هَذَا الْمَبْدَأَ الْبَسِيطَ.
«لَا أَعْرِفُ لِمَاذَا نَحْتَاجُ لِتَسْجِيلِ السِّجِلَّاتِ بِتَفْصِيلٍ لِلْحِفَاظِ عَلَى أَقْصَى قَدْرٍ مِنَ التَّكَالِيفِ. هَلْ سَيَظْهَرُ الْمَالُ مِنْ الْعَدَمِ، أَوْ سَيَزْدَادُ الْمَالُ الَّذِي يُمْكِنُ إِنْفَاقُهُ، إِذَا قُمْنَا بِتَسْجِيلِ مُمْتَلَكَاتِ وَدُيُونِ جَلَالَتِك وَتَرْكِهَا كَوَثَائِقَ؟ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ، الْحِكْمَةُ الْقَدِيمَةُ هِيَ أَنْ نُوَفِّرَ حَيْثُ يُمْكِنُ التَّوْفِيرُ، وَنَجْمَعَ الْمَالَ عِنْدَمَا تَظْهَرُ الْحَاجَةُ. »
بِالطَّبْعِ، الْمَالُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا قَدْ يَظْهَرُ، وَالْمَالُ الَّذِي يُمْكِنُ إِنْفَاقُهُ قَدْ يَزْدَادُ. حَقًّا، لَمْ يَكُنِ الدُّوقُ يَعْرِفُ شَيْئًا عَنِ الْمَالِ أَوِ الْمُحَاسَبَةِ.
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُدْهِشًا. لَقَدْ كَانَ لَدَى إيبرهاردت إِقْلِيمٌ غَنِيٌّ وَإِيرَادَاتٌ ضَرِيبِيَّةٌ وَافِرَةٌ لَا يَعْرِفُ مَعَهَا مَعْنَى النَّقْصِ، مَهْمَا أَنْفَقَ.
نَظَرَ رَاينر إِلَى الدُّوقِ إيبرهاردت الَّذِي كَانَ يُقَدِّمُ كَلَامًا عَتِيقًا وَفَكَّرَ.
حَقًّا إِنَّهُ عَقَبَةٌ.
كَانَ الْمُسْتَقْبَلُ الَّذِي سَيُعِيقُ فِيهِ الدُّوقُ كُلَّ شَيْءٍ بِسُهُولَةٍ يُمْكِنُ تَصَوُّرُهُ.
لَا يُمْكِنُ إِطْلَاقُ اللَّوْمِ عَلَى رَاينر فَقَطْ لِأَنَّ هَذَا الْإِغْرَاءَ الَّذِي يَسْتَهْدِفُهُ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّ أَبْسَطَ طَرِيقَةٍ هِيَ قَتْلُهُ، كَانَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ.
«يَا جَلَالَةَ الْمَلِكِ. يَا دُوقُ باخمان. أَنَا لَا أَعْرِفُ الْكَثِيرَ عَنِ الْمَالِ أَوِ الْمُحَاسَبَةِ مِثْلَ الكونت شتيرن. وَلَكِنَّنِي أَعْرِفُ السِّيَاسَةَ، وَلِذَلِكَ اسْتَطَعْتُ دَعْمَ دينبورغ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ. »
أَحَسَّ الْمَلِكُ أَنَّ غَضَبَهُ يَهْدَأُ وَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ بَعْدَ لَهْجَةِ الدُّوقِ إيبرهاردت الْمُحْتَرَمَةِ.
«فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُسَيْطِرُ فِيهَا التِّجَارَةُ عَلَى الْبِلَادِ، يَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى حَاكِمٍ. تُوجَدُ بِالْفِعْلِ جُمْهُورِيَّاتٌ فِي الْقَارَّةِ. فِيمَاذَا يَعْبُدُ النَّاسُ وَمَنْ يَطِيعُونَ فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهَا حَاكِمٌ؟ كَيْفَ لِشَخْصٍ مِنْ نَسْلِ الكونت شتيرن أَنْ يَدْخُلَ قَاعَةَ الِاجْتِمَاعِ هَذِهِ فِي هَذَا الْقَصْرِ؟»
كَانَتْ مَهَارَتُهُ فِي إِخَافَةِ الْمَلِكِ مُمْتَازَةً حَقًّا. بِالنَّظَرِ إِلَى كَلِمَاتِ الدُّوقِ الْأَخِيرَةِ، يَبْدُو أَنَّ سَبَبَ مُعَارَضَتِهِ لِتَوْلِيَةِ رَاينر وَزَارَةَ الماليةِ هُوَ لَيْسَ فَقَطْ قَضِيَّةَ السِّجِلَّاتِ، بَلْ أَيْضًا قَلَقُهُ بِشَأْنِ شَخْصٍ مِنْ نَسْلِ رَاينر يَتَوَلَّى مَنْصِبًا مُهِمًّا.
التعليقات لهذا الفصل " 59"