Chapters
Comments
- 3 منذ 8 ساعات
- 2 منذ يومين
- 1 - تراب أور 2025-11-10
- 0 2025-11-09
عرض المزيد
الفصل الثالث
كان العالم يقوم على السحر، على تلك القوة التي وُلدت مع البشر أو صنعوها بأنفسهم. فمن دونها لا يمكن مقاتلة الوحوش ولا السيطرة عليها. وقد كان السحر نوعين:
السحر الروحي الذي يولد مع الإنسان ويتحدد بنوع العنصر الذي يمتلكه — الهواء أو الماء أو النار أو الأرض — وغالبًا لا يملك الشخص سوى عنصر واحد… أما امتلاك عنصرين فكان نادرًا جدًا.
والسحر المادي… ذلك السحر المنسي الذي لا يأتي من الروح بل من الإرادة، من قدرة العقل على تشكيل العناصر الأربعة وإعادة خلقها بشكل آخر. وبسبب ندرته ونسيانه، كان من يملكه يُعامل كمن لا يملك سحرًا أساسًا.
حين أنهت إستريا قراءة هذه الحقائق في المكتبة، شعرت بأن شيئًا ما داخلها ينغلق وآخر ينفتح. فهمت أخيرًا ما يحدث معها، ما جرى في الغابة، وما وقع على تلك النبيلة المتغطرسة. كانت قوتها حقيقية… ونادرة.
ابتسمت بخفة، ابتسامة صغيرة لا تخلو من اعتزاز:
«إذاً أنا مميّزة حقًا…»
إلا أن الحيرة لم تفارقها.
«لقد تخيّلت سقوط الرف عليها… لماذا سقط فعلاً؟»
كانت تعرف أن قوتها لا تستطيع إسقاط مكتبة كاملة، لكنها تستطيع تغيير الأشياء… ومع ذلك، ما حدث بدا وكأن السحر استجاب لرغبتها دون تردد، كأنه يعرف ما تفكّر به.
وقفت، أعادت الكتابين إلى مكانهما، ثم لفتها ركن معين في المكتبة جعلها تتوقف. شعور غامض مرّ في داخلها… لوهلة كأن شيئًا هناك يناديها، لكنها تجاهلته وخرجت بعد أن ودّعت لارين واعتذرت منها.
في وقت الظهيرة، وصلت إلى المنزل وقالت:
“لقد عدت.”
فوجئت بوجود والدها وأخيها في الداخل رغم أن هذا الوقت غالبًا ما يكونان فيه في العمل. أدركت أنّ الفرصة جاءت من تلقاء نفسها، وأنه ليس عليها التردد أكثر. جلست عند المائدة، والدها يطالع الصحيفة بصمت، وعندما رفعت صوتها قليلًا قالت بوضوح:
“أريد أن أكون صيّادة.”
توقّف والدها عن القراءة، طوى الصحيفة ووضعها أمامه، ونظر إليها بنظرة ثقيلة أربكتها.
“وكيف؟”
سألها مارك بجدية:
“من أين ستأتين بالسحر لتصبحي صيّادة؟”
أجابت بثقة لم تتوقعها من نفسها:
“أنا… لديّ سحر.”
أطلق ريك ضحكة قصيرة بلا جديّة:
“ما زلتِ تعيشين في أوهامك.”
رفعت رأسها بحدة:
“ليست أوهامًا.”
وقفت، واتجهت إلى المطبخ وهي تقول:
“سأريكم.”
عادت وهي تحمل كوبًا فارغًا، وقفوا جميعًا متسائلين عمّا تنوي فعله. وضعت يديها حول الكوب، أغمضت عينيها قليلًا، ثم… بدأ الكوب يتغيّر.
تشقق السطح أولًا، ثم ذاب ببطء كما لو أن حرارة خفية تعصف به، حتى تحوّل إلى مادة سائلة ثقيلة تتدلى من أطراف أصابعها.
وضعت السائل على الطاولة وقالت:
“هذا كل ما أستطيع فعله الآن.”
عمّ الصمت المكان، تحدّق أعينهم فيها بدهشة، قبل أن يقترب مارك ويسألها بدهشة صادقة:
“كيف فعلتِ هذا؟”
جلست واستجمعت أنفاسها، ثم روت لهم ما حدث في المكتبة، وما قرأته، وما أدركته عن نفسها. كانت كلماتها واضحة ومترابطة، دون أن تشير من قريب أو بعيد إلى حادثة النبيلة التي أسقط عليها السحر رفًّا كاملًا.
وهكذا… تغيّرت مفاهيم العائلة كلها في لحظة.
فإستريا لم تعد الفتاة الهادئة التي نشأت بينهم فحسب… بل أصبحت شيئًا أكبر، شيئًا مختلفًا، شيئًا لم يدركوا بعد مدى أهميته.
يتبع…
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 3"