كان لوسيون يستعدّ للانطلاق إلى المعركة بعد أن قال إنّ الأجواء الشرّيرة تشتدّ.
حتّى تلك اللحظة، كنّا نحن الغالبين بوضوح، فحاولتُ ثنيه عن ذلك.
لكن سرعان ما حدثت مفاجأة.
بدأ الجنود الأموات الذين كنتُ متأكّدة من أنّنا قضينا عليهم في النهوض مجدّدًا.
وفي مركز هذا كلّه، كان هناك راينهارت، مُحاطًا بهالة من الطاقة الشؤمية تكسو جسده.
نظر إليه هيتاروس وقال بصوتٍ مظلم: “هذا … يكاد يكون ليتش.”
“ليتش؟”
* ملاحظة المترجم: (ساحر شرير استغل قوته للبقاء على قيد الحياة بعد الموت)
“نعم، ألم أخبركِ من قبل؟ من بين الأموات الذين يمكن استدعاؤهم، فإنّ فرسان الموت هم الأقوى. أمّا الليتش فهو كائن أعلى منهم.”
“يبدو أنّ هذا لا يتّسق مع ما تقول.”
“نعم، هذا لأنّ …”
بينما كان هيتاروس يحاول الردّ على ملاحظتي، مدّ يده فجأة وهو يتلو تعويذة: 《الحاجز!》
رفعتُ رأسي، فرأيتُ كرة سوداء داكنة تتّجه نحو بوّابة القلعة.
بانغ—!
بفضل حاجز هيتاروس الدفاعي، تمكّنا من صدّ الهجوم، لكنّ القوّة لم تُبدَّد بالكامل، فاهتزّ الجدار بأكمله.
تحدّث هيتاروس وهو يلهث: “نعم، لأنّ الأمر لا يتعلّق بالاستدعاء، بل بتحوّل الساحر نفسه إلى كائن خالد باستخدام طاقة الظلام السحريّة.”
“خالد؟”
“نعم، لكن يبدو أنّ هذا الشخص لم يصل إلى مرحلة الليتش بحقّ عبر إدراك ذاتي، لذا فهو ليس خالدًا تمامًا. لكنّ طاقته السحريّة تقترب بالتأكيد من مستوى الليتش.”
“ألم يكن في الأصل بمستواك؟”
“نعم، لكن إذا ازدادت قوّته بهذه السرعة، فمن المحتمل أنّه وضع علامات التضحية على حلفائه، فيستمدّ قوّة الحياة منهم كلّما مات أحدهم.”
بمعنى آخر، كان راينهارت يضحّي حتّى بأتباعه من أجل مقاومته الأخيرة.
‘ويظنّ أنّه سيصبح إمبراطورًا يحكم الإمبراطوريّة بهذا الشكل…’
“ها هو يهاجم مجدّدًا!”
رفعتُ رأسي عند هذا الصوت، فإذا به يخلق كرة سوداء ضخمة أخرى.
‘هذا المجنون، يزعجني حتّى النهاية!’
نظرتُ إلى الماركيز فيليب وقلتُ: “ليبدأ القنّاصين بالإطلاق!”
“صوّبوا!”
عند أمر الماركيز فيليب السريع، رفع الجنود على السور بنادقهم وصوّبوا على الأموات وعلى راينهارت.
“أطلقوا!”
دوّت فوهات البنادق بالنار معًا.
طاخ—! طاخ—! طاخ—!
لكن الكرة السوداء التي كوّنها راينهارت ابتلعت الرصاص بسهولة واستمرّت في التقدّم.
هذه المرّة، لم تتّجه نحو البوّابة، بل نحو السور نفسه.
بانغ—!
لو لم يتصدّ لوسيون وهيتاروس بسرعة لهذا الهجوم، لكان الجنود على السور قد لقوا حتفهم بشكلٍ مروّع.
في خضمّ ذلك، جاءت أخبار سيئة: “لم يبقَ سوى القليل من الذخيرة!”
‘اللعنة، هذه مشكلة كبيرة …’
في تلك اللحظة، اقترب لوسيون وقال: “إذا استمرّ الأمر هكذا، فسينجح راينهارت في اختراق الحاجز. وسيذبح بالتأكيد سكّان العاصمة. لذا يجب أن نخرج ونوقفه قبل ذلك. سأذهب وأوقفه.”
كان كلامه منطقيًّا بالتأكيد.
لكنّني لم أستطع أن أطلب منه الانطلاق بسهولة.
‘إذا كان ذلك الرجل قد أصبح بهذه القوّة، وإذا أصيب لوسيون أو سقط …’
فجأة، قال: “هل لديكِ منديل؟”
“ماذا؟ منديل؟”
“نعم، لديّ جرح تمزّق منذ قليل.”
“كان يجب أن تقول ذلك منذ البداية!”
فوجئتُ بكلامه، فأخرجتُ منديلًا على عجل وسلّمته إليه.
“ها هو!”
فأخذ لوسيون المنديل وربطه بسيفه.
“لماذا تربطه بالسيف…؟”
“كنتُ أكذب بشأن الجرح.”
عند كلامه الهادئ، عبستُ، وفي تلك اللحظة، مسح على خدّي.
“قال الجنود إنّ من يأخذ منديلًا من حبيبته سيعود سالمًا. كنتُ أفكّر في المنديل الذي أعطيتني إيّاه كلّما واجهتُ موقفًا صعبًا في ساحة المعركة.”
ثمّ قال: “لكنّني حقّقتُ حلمي الآن، لذا سأعود سالمًا بالتأكيد. فلا تقلقي وانتظريني. سأعيد المنديل إليكِ بالتأكيد.”
عند هذا الكلام، أومأتُ برأسي وأنا أشدّ قبضتي.
“حسنًا، أعده بالتأكيد. إذا لم تفعل، سأكرهك طوال حياتي.”
قبّل خدّي برفق ثمّ استدار.
كدتُ أبكي، لكنّني تماسكتُ.
‘نعم، سيعود بالتأكيد. سأجعل ذلك يحدث!’
***
بانغ—!
رغم القصف المستمرّ، كان راينهارت لا يزال يهاجم.
‘الآن، قليلٌ آخر فقط.’
كان ذلك الساحر اللعين يصدّ هجماته الآن، لكنّ القوّة كانت بوضوح لصالحه.
بعد بضع محاولات، لن يتمكّنوا من الصمود.
كوّن راينهارت كرة سوداء أخرى وأطلقها نحو السور.
بانغ-!
نظر إلى الحاجز الدفاعي المتصدّع وابتسم بمكر.
‘نعم، مرّة أخرى فقط وسينهار.’
في اللحظة التي كان يستعدّ فيها لصنع كرة أخرى، هوووش—!
جاء شيءٌ ما بسرعة، يحمل نيّة قتل من الجانب.
‘مزعج.’
استدار راينهارت ومدّ يده لصدّه.
كوابوم—!
رغم أنّه صده، إلّا أنّ راينهارت هو من تراجع إلى الخلف.
‘اللعنة!’
نظر إلى الجاني الذي هاجمه.
‘الدوق برانت.’
عدوّه القديم الذي سرق منه الشيء الوحيد الذي تمنّاه، الدوق برانت.
كان هجومه عبارة عن شفرة هالة.
نظر راينهارت إلى الأرض المحفورة بعمق وصرّ على أسنانه.
‘أنا أُهزم في القوّة؟ لا تمزح!’
كلّما مات أتباعه، كان يصبح أقوى.
لقد حدث هذا لأنّ عددًا كافيًا من أتباعه لم يمت بعد.
‘لن أخسر أبدًا!’
صرّ على أسنانه و كوّن راينهارت كرة سوداء أخرى.
“هذه المرّة سأرسلك إلى العالم الآخر!”
كوابوم—!
بينما كان الهجوم المشحون بالطاقة السحريّة القويّة يندفع نحوه، ابتسم لوسيون بسخرية.
‘نعم، إنّه قويّ بالتأكيد. لكن … مهما كان، إنّه مجرّد قوّة الأموات.’
من خلال تجاربه المتكرّرة في القتال ضدّ الأموات قبل عودته، أدرك لوسيون نقاط ضعفهم واكتسب القوّة للتغلّب عليهم بسهولة.
تحوّلت هالة سيف لوسيون الزرقاء تدريجيًّا إلى ضوء الشمس.
التعليقات لهذا الفصل " 171"