في الفندق الواقع على قمة التل ، كانت دافني تنتظر باقي المجموعة عندما لاحظت وجود ثنائي غير متوقع ، الأمر الذي أثار استغرابها ،
سيليستيان وناريد ..
كانت ناريد تجمع المعطف البيج الذي خلعه سيليستيان وتنظمه ، بينما كانت عيناها محمرتين قليلاً ..
كيشا ، الذي كان يزعج ميشا بشد لحيته ، تركه واقترب سريعاً نحو ناريد ، وهكذا اختفى الثلاثي بسرعة …
اقترب سيليستيان بشكل طبيعي وجلس بجانب دافني على الطاولة ، تحديدًا بجوارها
“سيل ، ماذا قلت لناريد؟”
“لم أقل شيئاً.”
أخفى سيليستيان شيئاً بجانب فخذه ، نظرت دافني بعينين مشككتين نحو الشيء الذي كان يخفيه ..
‘ما الذي يحاول إخفاءه؟ ..’
لكنها سرعان ما تخلت عن محاولة معرفة ما يخفيه ، وأراحت مرفقيها على الطاولة وأسندت ذقنها ، تحدق في وجه سيليستيان النظيف ..
لم تعد الأقراط المزعجة التي كانت على شحمة أذنه تظهر ، كان هناك فقط ثقب لم يلتئم بعد ، وبالرغم من مرور أقل من 24 ساعة ، إلا أن تصرفاته في ذلك الوقت جعلتها تشعر بالإحراج كلما تذكرتها …
“أخيرًا توقفتِ عن التهرب مني …”
تمتم سيليستيان بينما كان يجلس متقاطع الساقين ، متعمدًا سد أي طريق يمكن أن تهرب منه دافني …
‘…لماذا يبدو هذا الرجل هكذا؟’
على الرغم من أنها لم تراه لبضع ساعات فقط ، بدا لها مختلفاً مجددًا ، دون أن تشعر ، حركت نفسها قليلاً لتبتعد عنه …
عادت بينهما مسافة محددة من جديد ، نظر سيليستيان نحو المسافة التي ابتعدت بها وكأنه يحسبها ، ثم رفع رأسه بتعبير غاضب وعبوس ..
“إذا كنت قد ارتكبت خطأ ، أخبريني …”
“أي خطأ ارتكبته؟”
“لم أرتكب أي خطأ ، إذن أمسكي بي ، مثل الأمس …”
رفع يده وكأنه يطلب منها الإمساك بها ، نظرت دافني إلى يده النظيفة والناعمة للحظة ، ثم عادت لتغير الموضوع ..
“ماذا قلت لناريد؟”
“أخبرتكِ إنني لم أقل شيئًا.”
“لكن استغرقتما عشرين دقيقة للصعود ، بقيتما صامتين طوال الوقت؟”
كان من المعروف أن سيليستيان قليل الكلام ، وناريد أيضًا لم تكن تبادر بالحديث إلا للضرورة ..
“لماذا أنتِ مهتمة بذلك إلى هذا الحد؟”
لم ينتظر سيليستيان أكثر وسحب يده ، تزامن سحب يده مع شعور دافني باهتزاز قلبها …
“وماذا قلت أنتِ لمساعدكِ؟”
“لم أقل شيئًا…”
“حقاً؟”
سألها سيليستيان بشك ، رمشت دافني بعينيها
فما الذي يمكن أن تقوله هي وميشا وهما معاً؟ كل ما فعلوه كان الحديث عن أمور تافهة مثل وزن الترام الزائد أو اقتراح إنشاء تلفريك برسوم دخول ، دون أي مضمون حقيقي ..
شعرت دافني أن هناك شيئًا غريبًا لكنها لم تستطع سوى أن تقطب جبينها ، لو استمرت على هذا النحو ، ستتفاقم الأمور بلا داعٍ ..
‘لم يكن الوضع هكذا من قبل …’
في الماضي ، كانت دافني تستمتع بمشاعر الإزعاج أو الغضب التي تظهر على سيليستيان
لكنها الآن لم تعد تستطيع التعبير عن مشاعرها المختلطة ، التي كانت تطفو كسخط داخلي ..
نهضت فجأة من مكانها ..
“سيليستيان ، أبعد ساقيك ، سأذهب للنوم.”
“لا.”
“قلت أبعدها.”
“لا.”
رد بنبرة هادئة دون أن ينظر إليها ، متصرفاً وكأنه لا يبالي ، إذا كان لا يريد الاستجابة ، فلماذا يكلف نفسه عناء الرد؟ شعرت دافني بالدهشة ، وراحت تحدق في جانبه الجميل وثقب شحمة أذنه ..
‘يا إلهي …’
مرة أخرى ، شعرت دافني بمعدتها تضطرب ، فقبضت على يديها بإحكام ، كلما فكرت في الأمر ، كانت ترى أن هذه الساقين الطويلتين كان يجب أن تُقطع منذ البداية ..
“إذا كنت تعتقد أنني لن أتمكن من الخروج لأنك لا تريد إبعاد ساقيك ، فأنت مخطئ ..”
كانت تفكر في كيفية العبور فوق فخذيه بطريقة غير محرجة عندما فتح باب الفندق الكبير ببطء ، مما أحدث بعض الضوضاء ..
مع تلك الضوضاء ، ظهر حشد كبير من الناس ، وكل منهم كان يرتدي فساتين أو بدلات ملونة أنيقة ..
“أوه…”
واحد من بين هذا الحشد استدار ، وكأنه شعر بنظرات دافني ، عندما اكتشفها ، أضاء وجهه بابتسامة عريضة مليئة بالفرح ..
كانت ملامح الشخص بسيطة وغير رسمية ، مما جعله يبدو بعيدًا عن طبقة النبلاء العليا ..
عند التدقيق أكثر ، عرفت دافني أنه الشخص الذي رأته مرارًا في الصحف …
‘جيرينيسيس هيربون …’
إنها الدوقة الشابة لدوقية هيربون ، المعروفة بسياساتها الجريئة والحكيمة التي جلبت لها شهرة حتى في الخارج ..
دفعت دافني بركبتيها فخذ سيليستيان ، مشيرة له ، في محاولة لجذب انتباهه ، رفع الأمير رأسه نحوها ، وما زال وجهه غاضباً ..
لوّحت له بيدها مرة أخرى ، كأنها تطلب منه الوقوف ، لكن بدلًا من الاستجابة ، أمسك سيليستيان بيدها وسحبها بقوة ناعمة ، مما جعلها تلتصق به عن غير قصد …
“… ألست أنت من قال لي أن ألتزم بالآداب؟”
انتقدته دافني بحدة ، لكنه تجاهل كلامها وأدخل أصابعه بين أصابعها المتشابكة ، كان قد أمسك بيدها المغطاة بالقفاز بإحكام ، مما جعل دافني تشعر باضطراب في معدتها مرة أخرى …
“ليس عليكِ أن تنهضي ..”
“هل تعرف من هذا الشخص؟”
“بالطبع أعرف.”
“إذن قف…”
بينما كانا يتجادلان بلا طائل ، اقتربت الدوقة بالكامل منهما ، وضعت دافني ابتسامة رسمية على وجهها بسرعة …
“دوقتي العزيزة…”
“ومن لدينا هنا؟ أليس هذا دوق تيريوسا؟”
لكن الدوقة تجاهلت دافني تمامًا ووجهت تحيتها مباشرة إلى سيليستيان ، كانت نبرة صوتها مليئة بالمرح ، وكأنها تلتقي بزميل قديم …
“هل يعرفان بعضهما؟ آه.”
تذكرت دافني أن سيليستيان كان ذات يوم أميرًا ، ورغم أنها تناديه بهذا اللقب يوميًا ، شعرت بشيء من الحيرة عندما سمعت شخصًا آخر يناديه بذلك ..
كان سيليستيان قد ألقى نظرة واحدة فقط على وجه الدوقة وأومأ برأسه دون أن يرد بكلمة ، أثار هذا التصرف الجريء دهشة دافني ، التي نظرت إلى جيرينيسيس بنظرة فضولية …
“سمعت عن معاناتك ، وأعلم الكثير عن صبرك وجهودك ، ومع ذلك ، ما زلت تبدو رائعًا يا دوق …”
على عكس مخاوف دافني ، تحدثت الدوق بلطف مع سيليستيان ، ربما كانت تشير بـ”المعاناة” إلى الخيانة التي تعرض لها؟
“همم…”
استعادت دافني ذكرياتها حول الجهد الكبير الذي بذلته للحفاظ على سمعته في الخارج من خلال رشوة الصحف ، رؤية دوقة هيربون تعامله كشخص مهم جعلها تشعر بنوع من الرضا ، وظهر ذلك على شفتيها التي ارتسمت عليها ابتسامة خفيفة ..
“كل ذلك بفضلكِ ، جيرينيسيس.”
“هاها، لا تقل ما لا تعنيه.”
رد سيليستيان بابتسامة صغيرة وعينيه تلمعان ، بينما كان ما زال يمسك بيد دافني ويضع ساقًا فوق الأخرى ، ثم أشار إليها بنظرة عابرة ، وكأنه يدعوها لتحية الدوقة ..
‘ما هذا الغرور؟ ..’
نظرت إليه دافني بحاجبين مرفوعين بامتعاض ، لكنها استدارت نحو الدوقة لتقديم تحيتها ، عندما فتحت شفتيها لتتحدث ، قطعتها الدوقة بابتسامة مشرقة ..
“يا إلهي ، أليست هذه آنسة بوكاتور؟”
فوجئت دافني عندما وجهت الدوقة كلامها إليها مباشرة ، محركًة عينيها بين سيليستيان ودافني قبل أن ترسم ابتسامة متفهمة على وجهها …
“مر وقت طويل منذ آخر لقاء لنا ، أليس كذلك؟”
كادت دافني أن تقفز من مكانها دهشة ، لم تستطع استيعاب فكرة أن شخصًا بإنجازات دوقة هيربون قد يقدم لها تحية بكل هذا الاحترام ، متجاوزًا كل الفوارق الطبقية ..
حاولت دافني الوقوف مرة أخرى لتقديم يدها للمصافحة ، لكن سيليستيان منعها من ذلك ..
شعرت بالارتباك ، لكنها اكتفت بتعديل وضع كتفيها وظهرها لتبدو أكثر أناقة وابتسمت قائلة:
“سيدتي الدوقة ، أنا دافني من عائلة بوكاتور ، هل كنتِ بخير طوال هذه الفترة …”
ابتسمت جيرينيسيس بلطف وقالت:
“كما ترين من مظهري ، أنا الآن في وقت فراغ ، لذا يمكنكِ مناداتي جيرينيسيس ، أو حتى جيرين ، كما تفعلين مع حبيبكِ …”
فتحت دافني شفتيها دون أن تخرج أي كلمة ، إذ أربكها حديثها المفاجئ ، بما أنها أكدت أنها في وقت فراغ ، بدا واضحًا أن الأوراق التي طلبها والدها يجب أن تُسلم في وقت لاحق …
تابعت جيرينيسيس حديثها قائلة بابتسامة مرحة:
“أما عني ، فأنا بخير بفضلكِ ، آخر مرة التقينا كانت أثناء عرض باليه شاي ، أليس كذلك؟ لقد نضجتِ لتصبحي شابة جميلة حقًا.”
“هل تذكرين ذلك؟ شكراً لاهتمامكِ بي ، سواء حينها أو الآن. ..”
باليه شاي … كان ذلك منذ أكثر من عشر سنوات ، شعرت دافني بتوتر طفيف يسري في وجهها ..
“لا بد أن هناك من يقول كثيرًا إنكِ تشبهين روز …”
“نعم ، هاها…”
“حتى الدوق هنا حدثني عن ذلك مرارًا ، لكن لم أكن أعلم أن تلك الفتاة الجميلة التي سمعت عنها هي الآنسة دافني بوكاتور ، على الجزيرة…”
“جيرين …”
قاطعها سيليستيان بنبرة ودودة ، مما دفع دافني للنظر إليه بدهشة ..
‘جيرين…؟ هل اختصر اسمها للتو؟
كان سيليستيان يضع إصبعه أمام شفتيه كإشارة للصمت ، وفهمت جيرينيسيس الإشارة فورًا وتوقف عن الحديث …
‘هل يتحدث عني كثيرًا؟ متى؟ هذا كذب ..’
رغم محاولات جيرينيسيس لجعلها تشعر بالرضا ، بدا واضحًا أن كلماتها مجرد مجاملات خالية من الصدق ، وبينما كانت دافني تنقل نظراتها بين سيليستيان وجيرينيسيس ، شعرت بخيبة أمل طفيف تُثقل قلبها ..
ترجمة ، فتافيت …
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 89"