أغلقت ماريل شفتيها بإحكام بعد أن أكدت كلامها ، فلم تكن من النوع الذي يكرر ما تقوله مرتين ، الندبة التي عبرت شفتيها بشكل مائل أضافت صرامة إلى مظهرها ..
“حتى بعد أن أخبرتها أنني أريد التحدث معها هذا الصباح؟ هل غادرت فجأة؟ إلى أين؟”
تجعد وجه سايكي الجميل ، المزيج بين الغضب والارتباك واضح عليه ، لكن رغم استفسارها اليائس ، لم تأتِ ماريل بأي إجابة ..
“لا أريد ملاحقتها ، هل أبدو مجنونة لألحق بصديقتي إلى هناك؟ ليس هذا ما أعنيه ، أنا فقط فضولية …”
“لا يمكنني إخباركِ ..”
“هل يبدو الأمر وكأنه طلب؟ إذاً ، دعيني أغير صياغة كلامي ، إنه أمر ، أخبريني إلى أين ذهبت دافني …”
خرج صوتها مبحوحاً إلى حد ما ..
منذ أيام قليلة ، وتحديداً منذ أن علمت بخبر حمل دافني ، كانت مشاعر سايكي متقلبة بشكل غريب ، لكنها بررت ذلك بأن كل
هذا بسبب تجاهل دافني لها …
لم يكن من المفترض أن تظهر مشاعر سيئة تجاه شخص آخر ، خاصة ممن لا يعرفون العلاقة المتوترة بينها وبين دافني ، ومع ذلك ، كانت تشعر بالغثيان كلما رأت ماريل تتعامل معها بتجاهل …
“أنا آسفة ، صاحبة السمو ، لكن لدي سيدة أخرى أعمل تحت أمرها …”
“حتى لو كانت تلك السيدة هي صديقتي؟”
حدقت عينا ماريل الخضراوان بثبات في سايكي دون أن تتزعزع …
“… الهدايا التي أحضرتها؟ هل وصلت إلى دافني؟ كيف كانت ردة فعلها؟”
“صاحبة السمو …”
ارتفع صوت سايكي أكثر ، ونَفَسها بدأ يتسارع ، شعرت ماريل بالتغيرات في حالتها …
“سأجهز عربة لإعادتكِ إلى القصر ، هل يمكن أن تنتظري في غرفة الاستقبال قليلاً؟”
“أنا بخير ، فقط أخبريني بسرعة إلى أين ذهبت دافني…”
“من فضلكِ ، تفضلي …”
اقتربت ماريل وأخذت سايكي إلى غرفة الاستقبال ، لم تكن سايكي تتوقع أن تستجيب ماريل لطلبها بهذه السهولة …
مرت بضعة أشهر فقط منذ أن قالت لها دافني إنها تعتبرها أقرب صديقة لها ، بل كأخت ..
كان وعدهما أن تصبح سايكي ملكة محبوبة مثل دافني ، تعيش حياة سعيدة مع روميو ، زوجها ، محاطة بالحب ..
حين نظرت إلى أسفل قدميها ، لاحظت سايكي صورة ساقطة تحت الأريكة ، لكنها لم تهتم بالتقاطها ..
كانت الصورة لدافني وسيلستيان يتحدثان ويبتسمان أمام عربة ..
“هذا الرجل اللعين… إنه من تدخل ، لقد استغل ضعفي ليخطط لأمر ما مع دافني…”
ضغطت سايكي على أسنانها بشدة وداست على الصورة ، الورق الرقيق تمزق تحت قدميها ، ممزقاً بين الشخصين في الصورة ..
ولأول مرة منذ فترة ، شعرت بالدموع تسيل على وجنتيها ..
“لماذا أبكي؟ هذا ليس موقفاً يستحق البكاء …”
في الأيام الأخيرة ، كانت تقلبات مزاجها شديدة ، راحت تفرك يديها المنتفختين بوعي ..
إن كان سبب تغير دافني هو الحب ، فلا خيار لديها سوى قبول ذلك ..
سايكي نفسها اختارت أن تتغير من أجل حب روميو ، حصلت على مكانة كانت من المفترض أن تكون لدافني ، فقط لأنها كانت محبوبة منه …
كانت دافني دائماً تدعمها ، وتعلمها أشياء مفيدة ..
“قالت لي أن أكون مثلها ، أن أعيش بالطريقة التي تريدها ، وكأن ذلك سيكفي …”
تذكرت سايكي ما حدث قبل أيام في حديقة المتاهة …
منذ وقت ليس ببعيد ، كانت ترى روميو ودافني دائماً معاً أمام عينيها ، والآن أدركت أن ما كانا يفعلانه لم يكن سوى محاولة لإثارة غيرتها …
كم مرة كان عليها تهدئة نفسها حتى لا تشعر بالخيانة من قِبلهما ، من أجل الحب الذي تعتقد أنه يجمعهما؟
“كنت أعرف كل شيء ، ومع ذلك ابتسمت ..”
كل ما حدث في الأيام القليلة الماضية كان دليلاً على أن صديقتها بالغت في التعامل معها ، لذلك ، كان من المنطقي أن تغفر دافني لسايكي عدة مرات على الأقل مقابل تلك الوعود التي خرقتها ..
ـ “قومي بالرد على كل ما تلقيته ، لا تبقي صامتة وكأنكِ عاجزة.”
ـ “سأتحمل المسؤولية.”
“إنها غلطة دافني…”
نهضت سايكي من مكانها دون انتظار ، كان الممر المؤدي إلى المبنى الرئيسي فارغاً تماماً ، دون تردد ، توجهت بخطوات سريعة نحو غرفة دافني …
❖ ❖ ❖
كانت دافني تختبر بنفسها مدى قدرة مسافة ست ساعات بالقطار على إفساد مزاج الشخص …
‘حتى إلى سيريناد كان يكفي ساعتين فقط ..’
ما وصلها من والدها عبر ميشا كان تذكرة لخط مباشر لا يتطلب التبديل إلى قارب في المنتصف ، ومع ذلك ، كانت التذكرة لقطار سريع عادي لا يوفر درجات متفاوتة من الراحة ….
كان قد مر بالفعل خمس ساعات منذ ركوب القطار ، وبما أنه كان متجهاً نحو الغرب ، لا يزال المشهد من النافذة يعكس ضوء النهار المشمس ..
“يبدو أنني بحاجة إلى طائرة.”
“طائرة؟ ما هذا الشيء؟”
التقط ميشا كلماتها العفوية ورد عليها ، حاولت دافني كتم ضحكتها بالضغط على شفتيها ..
‘لقد كان مضحكاً حقاً في وقت سابق ..’
كان سيلستيان يرغب بأن يجلس الى جانبها لكن ميشا الذي كان مشغول بترتيب الأمتعة ، منعه من ذلك …
“ابتعد فوراً!”
وبدا الأمر وكأنه ألقى بجسده كله لمنعه ..
وجه ميشا ، الذي كان يائساً لدرجة دفع سيلستيان بعيداً ليجلس بجانب دافني ، كان يجب أن يُلتقط في صورة تُستخدم للتهكم عليه طيلة حياته …
“هل ما زلتِ تضحكين؟”
“لا، لا… آه ، لا أستطيع التوقف عن التفكير في الأمر.”
حدقت في عيني ميشا الرماديتين ، التي أظهرت ظلماً واضحاً ، وحاولت السيطرة على مشاعرها قبل أن تجيبه …
“الطائرة شيء يشبه سفينة الركاب ، لكنها تطير في السماء ، لا بد أن هناك من سيخترعها يوماً ما …”
“هل تقصدين منطاد الهواء الساخن؟ هذا موجود بالفعل في الإمبراطورية …”
“لا، لا ، تخيّل قطاراً مثل هذا يطير في السماء …”
“ماذا؟ سيدتي…”
تحولت نظرة ميشا إلى تلك التي يوجهها لشخص مجنون ، فكرت دافني للحظة في ضرب أنفه بسبب وقاحته ، لكنها تمالكت نفسها ، كانت تعلم أن ما قالته يبدو سخيفاً لشخص لا يعرف شيئاً عن الأمر …
“سأعطيك فكرة مربحة.”
“فكرة مربحة؟”
اقتربت بشفتيها من أذنه وهمست بهدوء ، عندما سمع كلمة “استثمار”، تركزت نظرات ميشا على الفور …
“إذا تمكنت من العثور على المخترع والاستثمار فيه أولاً ، ميشا…”
أضافت بصوت خافت:
“يمكنك أن تصبح أغنى شخص في العالم ، وليس فقط في المملكة …”
منذ أن استعادت ذكريات حياتها السابقة ، كانت دافني تبحث بنشاط عن أشخاص يمكنهم تحويل “تقنيات العالم الحديث” التي تعرفها إلى اختراعات مفيدة ومربحة …
كانت معظم الأجهزة التي تعتمد على الكهرباء موجودة بالفعل في هذه المملكة ، لكن بالنسبة للطائرات ، التي لم يرَ أحد مثلها من قبل ، كانت محاولاتها للعثور على مخترع مجدية ، لكنها لم تحقق أي تقدم يُذكر …
تقلبت في مقعدها مرة أخرى ، هذه المرة شعرت بخدر في ساقيها ..
“استندي قليلاً إلى ظهر المقعد ، الجلوس بهذا الشكل المستقيم لمدة ست ساعات لا بد أنه متعب للغاية. ..”
“إذا فعلت ذلك ، قد يتقوس ظهري وأخسر طولي …”
تذكرت دافني سايكي ، التي رأتها الليلة الماضية بظهر مستقيم وكتفين مرفوعتين ، مما جعلها تبدو أطول منها ، التفكير فيها جعل دافني تشعر بضرورة الجلوس بشكل أكثر استقامة ، لم يكن أمام ميشا خيار سوى تقليدها …
‘آه ، صحيح ، سايكي …’
منذ الصباح ، شعرت بشيء يزعجها ، وكأنها نسيت شيئاً ، فجأة ، تذكرت كلمات سايكي من الليلة الماضية ، حين قالت إنها ستنتظرها …
ومع ذلك ، كانت سايكي دينفر التي تعرفها دافني شخصًا يلتزم بكلمته مهما كانت الظروف ، سواء كانت السماء تمطر أو تثلج ، حتى الليلة الماضية ، كانت سايكي تنتظر بهدوء أمام غرفتها ، مُصرّة على الوفاء بوعدها مع دافني ..
“ما المشكلة إذن؟”
بدأت تتداخل في عقل دافني الصور: اثنان بشعر أشقر يتبادلان نظرات غامضة ، ولورين ديلفينيوم التي أنكرت بشدة أي علاقة بينهما ، اختلط الثلاثة في ذهنها بصورة فوضوية ..
انحنت دافني قليلاً ونظرت إلى الجهة المقابلة من الممر ، حيث كان سيلستيان يجلس وحده ، كان يجلس بصعوبة ، مثنيًا ساقيه الطويلتين في مساحة ضيقة ..
شعر سيلستيان بنظراتها فالتفت نحوها ، حاولت دافني التلويح له بإحراج ، لكن ظهر ميشا الذي نهض فجأة حجب الرؤية عنها ..
“لا تنظر إلى سيدتي ..”
“وكأن النظر سيؤذيها ..”
ردّ سيلستيان بامتعاض ، كان صوته ، الذي سمعته بعد ست ساعات ، خافتًا قليلاً وكأنه متعب ..
“نعم ، النظر إليها يؤذيها ، لذا لا تنظر ..”
“يا إلهي ، ما خطبك اليوم؟ حقًا؟”
ضربت دافني ظهر ميشا بخفة وحوّلت نظراتها إلى النافذة ، بدأت ترى من بعيد المنازل الملوّنة في هيربون ، التي زارتها عندما كانت طفلة مرتين أو ثلاث مرات ، شعرت أن لحظة نزولها من القطار باتت قريبة وأطلقت تنهيدة ارتياح …
‘ما الذي يحدث معها؟…’
لم تكن سايكي ضعيفة نفسيًا ، صحيح أنها عندما تصاب بالذعر ، كغيرها من الناس ، تستغرق عدة ساعات لتستعيد توازنها ، لكنها لم تكن تعرفها تستمر في ذلك لأكثر من يوم ،
بالإضافة إلى ذلك ، لم يسبق أن رأتها تُظهر توترها علنًا أو تتصرف بشكل متقلب أمام الآخرين ، بدا واضحًا أن هناك شيئًا ما يحدث مع سايكي …
‘ما الذي يجعلها قلقة؟… لم أرَها تخدش يديها بهذا الشكل منذ مدة ..’
كانت سايكي ، في نظر دافني ، فتاة مستقيمة لكنها غريبة الأطوار ، لطيفة لكنها غير متوقعة ..
لم يكن هناك أي خلل واضح في علاقتها العاطفية مع روميو ، لو كان هناك خلل ، لكان روميو هو أول من يلاحق دافني ليبث شكاواه ..
‘هل للأمر علاقة بسيلستيان؟ مستحيل ، أممم ..’
واصلت دافني التفكير في هذا اللغز الذي
بدا وكأنه بلا حل ، وهي تخدش خدها بتردد …
ترجمة ، فتافيت …
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 86"