لم تدم دهشة دافني طويلاً من مظهر سكرتيرها السابق ، الذي بدا وكأنه منقوع في الكحول ، إذ سرعان ما جاء كيشا وسحبه بعيدًا كما لو كان يجره معه ..
في الورقة ، كان هناك عنوان منزل قرب القصر الملكي ، وبما أن خط اليد كان مألوفًا ، ولم تكن لتخطئ بأنه خط روميو ، لم تشك دافني بالأمر كثيرًا ، فتوجهت إلى العنوان المذكور …
عندما رأت السور المنخفض ، تذكرت أنها زارت هذا المنزل سابقًا؛ كان منزل الأمير في المدينة وكما في المرة الماضية ، تجاوزت الحراسة شبه المعدومة ووصلت حتى غرفة النوم ، حيث كتمت أنفاسها من رائحة الكحول
النفاذة ..
بجانب النافذة التي تسطع منها أشعة الغروب البرتقالية ، كان هناك رجل مألوف ممدد على السرير الكبير ..
كان هو الرجل الذي اختفى طوال اليوم وترك دافني وحدها ..
تقدمت دافني ببطء نحو السرير ، ووقفت أمامه وذراعاها متشابكتان ، وعيناها نصف مغمضتين ..
رغم أن الفراش بدا وكأنه لم يترك له مجالاً للراحة ، إلا أن وجه سيليستيان النائم بدا جميلاً بما يكفي ليُمتع النظر ..
أنفاسه المتقطعة وغير المنتظمة كانت دليلاً على الكمية الكبيرة من الكحول التي شربها ،
تنهدت دافني وجلست بخفة بجانبه على السرير ، تفكر في تبريد خده بلمسة لطيفة لإيقاظه ، لكن ، وقبل أن تلمس وجنته المتوهجة ..
“دافني …”
ناداها صوت مبحوح ..
“نعم ..”
أجابت مباشرة ، لكنه لم يفتح عينيه ..
انتظرت قليلاً ، لكنه عاد يتنفس بهدوء منتظم ، وقد غرق في نوم عميق من جديد ..
“هل كان ذلك حديث نوم؟”
لم تستطع دافني إخفاء سعادتها ، وارتسمت ابتسامة على شفتيها ..
لذا ، عدلت عن إيقاظه ، واستلقت بجانبه ، مستندة بذقنها إلى يدها ..
“يبدو أنه كان يحاول تفريغ ما بداخله قبل الرحيل ، أليس كذلك؟”
تساءلت عن نوع الكحول الذي شربه لدرجة أن يفقد كل طاقته هكذا ..
“هل شرب من ذلك النبيذ الذي كان روميو يتفاخر به ، الذي صنعه القراصنة؟”
رائحة الكحول الحلوة التي تنبعث من أنفاس سيليستيان كانت شيئًا لم تختبره من قبل ، فتجمعت قطرات من اللعاب في فمها بسبب الفضول عن مذاقه ..
“سيل ..”
“…؟”
“لن تستيقظ؟”
لو فتح تلك الخيوط الذهبية المتشابكة ، كانت عيناه الخضراوان الجميلتان ستستقبلان دافني بنظرتهما ..
ومن هذا الزاوية بالذات ، كانت نظراتهما تلتقي بطريقة مثالية ..
وهو أمر أدركته خلال أشهر من تشارك السرير نفسه ..
لكن سيليستيان ، وبشكل مفاجئ ، لا، بل بشكل واضح ، كان كسولاً ، هذا الأمير المزعج لم يكن يستيقظ بسهولة بمجرد أن ينام ، وخصوصًا إذا كان قد شرب ..
أما دافني ، التي لا تعرف النوم في الصباح ، فقد اضطرت مرارًا لترك السرير بعد أن ملت من انتظاره ليستيقظ ، ومواساة الأمير الغاضب بعدها أصبحت من طقوسها اليومية تقريبًا …
مكان إقامة دافني حُدد ليكون في “تيريوسا”. ربما كان ذلك أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا ، فهي لم تكن تملك مكانًا تذهب إليه على أي حال ..
والآن ، إذا أرادت ، فيمكن أن تُعقد مراسم زواجها بسهولة وفي وقت قصير ..
زحفت دافني بمرفقها واقتربت منه أكثر ، كان لديها الكثير لتقوله اليوم …
عن أولئك الذين جاءوا لتوديعها ، أو عن الصديقة التي قررت عدم مقابلتها مجددًا ، وعن الخاتم المختوم بشعار “أركاس” الذي أهدته بنجاح إلى شقيقها ..
رفعت دافني الجزء العلوي من جسدها ، وأسندت يديها على جانبي رأس سيليستيان ، شعرها الأحمر كان لا يزال مربوطًا كما صففه لها هو في الصباح ، ولم يتفكك ..
“لقد قلت لك أن تستيقظ ..”
كان سيليستيان ، غير المدرك لما حوله ، الآن تحت سيطرتها تمامًا ..
رمشت دافني بعينيها وهي تتفقد ملامحه بهدوء: الرموش المغلقة بهدوء ، والنقطة الصغيرة فوق حاجبه الذهبي المسطح ، ثم انخفضت ببطء ، وطبعت قبلة على شفتيه الحمراوين ..
كانت لديها حجة جاهزة — كل ما في الأمر أنها أرادت أن تعرف طعم الكحول ..
صدر صوت خافت عند انفصال شفتيها عنه ، لكنها سرعان ما عادت لتقبّله ، هذه المرة وهي تمسك بخديه الدافئين بكلتا يديها ..
خفق قلب دافني بقوة ، بشكل غير معتاد ، حتى أنها خشيت أن يسمعه هو ..
لكن ألامير النائم لم يفتح عينيه ، تمامًا كما كان قبل سنوات ..
وعندما أغمضت دافني عينيها بطمأنينة ، إذا بيده الكبيرة تسحب خصرها وتضمها بقوة ..
“آه.”
ارتطمت أسنانهما الأمامية أسفل الشفاه ، فأصدرا معًا أنينًا خافتًا ، لكنهما لم ينفصلا ، بل تابعا ما اعتادا عليه — عضّ الشفاه وتبادل القبلات بلسانهما ، لسانه الطويل والأحمر غزا فم دافني بالكامل ، مكتسحًا كل شيء …
“هممم…”
كان جسد دافني الآن تحت جسده ، بينما ساقاها تستقران على جانبي فخذيه ..
فجأة ، شعرت وكأنها اكتشفت طريقة مباشرة جدًا لإيقاظه ، ففتحت عينيها بابتسامة صغيرة وابتعدت قليلاً …
عندها ، فتح سيليستيان عينيه ببطء ، عيناه الخضراوان ، المشبعتان بالنعاس أو الكحول أو كليهما ، التقت بعيني دافني مباشرة …
“لقد مزّقت كل اللوحات.”
“هاه؟”
“…في الحلم.”
يبدو أنه كان يحلم حلمًا رائعًا ، فصوته كان متشققًا ومتعبًا ..
“لم يكن حلمًا ، فعلت ذلك في أول مرة جئت فيها إلى غرفتي ، لماذا فعلت ذلك؟”
“لأنكِ وحدكِ كنتِ الحقيقة.”
نطق بها وهو يضمها إليه أكثر ، وكانت كلماته غامضة ، ممزوجة بشيء من الحرج أو الضعف
حاولت دافني أن تمسح أثر أحمر الشفاه الذي انتقل إلى وجه الأمير ، لكنه أدار رأسه فجأة ، فأخفقت في محاولتها ..
صدره الدافئ ، الذي ازداد ميلاً نحوها ، لم يترك لها مهربًا ، بل استلقى واضعًا خده بجانب خدها ، كانت رائحة الكحول تفوح بقوة من شعره ، وبما أنه كان يئن بصوت خافت ، يبدو أن رأسه يؤلمه ..
“يا أمير ، هل قضيت وقتًا ممتعًا من دوني؟”
“لا…”
أجاب وهو يهز رأسه بنعومة ، كمن يدلل ..
“علينا أن نشاهد انفجار ساكراديون الليلة… لقد وعدتني …”
“انفجار؟”
“الألعاب النارية.”
“آه.”
هز سيليستيان رأسه كأنه يؤكد ، وملامح وجهه وخده استمرت بالاحتكاك بخدها عدة مرات ..
أدركت دافني متأخرة أنه كان يتعمد هذا الفعل ، ولا تزال رائحة الخمر الحلوة المنبعثة منه تشتت تركيزها ..
أدخلت أصابعها في شعره الذهبي وبدأت تفتله وتبعثره ، كأنها تحتج على تأخيره وتطالبه بأن ينهض ليذهبا معًا في موعدهما ..
لكن سيليستيان لم يتحرك ، واستمر في استلقائه كأن شيئًا لم يكن ..
ثم ، فجأة ، أسند جسده بالكامل عليها ، وكأنه أفرغ كل توتره وزفر بعمق ..
“أنت ثقيل.”
رغم أن دافني كانت تستمتع بهذا القرب ، إلا أنها تظاهرت بالتأفف وأصدرت صوت تذمر ،
لكنه تجاهلها ، وراح يعبث بجيبه ..
وعندما رفع جسده ، تلاقت عيناهما مجددًا — بتلك النظرة المميزة لشخص استيقظ لتوه ، أو ربما بنظرة حاسمة تدل على عزيمة …
أمسك بخفة بخنصر يدها اليمنى ، وثبّت شيئًا فيه .
“ما هذا؟”
“قلتِ إنه كان ناقصًا.”
رفعت يدها ، لترى خاتمًا دافئًا من أثر حرارة جسده ، يلمع تحت الضوء ..
قلبت يدها هنا وهناك تتفقده ، واندهشت للحظة من مدى ملاءمته ..
وحين لم تُبدِ دافني أي ردة فعل واضحة ، نهض سيليستيان وسحبها إليه ، حتى جلست فجأة على فخذيه ، ومع ذلك ، ظل تعبير وجهها غامضًا ..
“لا يعجبكِ؟”
“سأتجاهل أنك سكران الآن… لكن الألماسة صغيرة بعض الشيء.”
“…قلتِ إنكِ لا تحبين الفخامة ، ولا تحبين لفت الأنظار ، وإن الخواتم ذات الحجارة الكبيرة مبتذلة وتكرهينها ….”
بدت على وجهه علامات الظلم والخذلان ، حاجباه انخفضا كما لو أنه قد أُسيء فهمه ..
بعد لحظات فقط ، أدركت دافني أن هذا الخاتم بالتحديد هو نتيجة تفكير طويل منه في ما تحب وما تكره ..
وبالمقارنة مع زواجها القسري السابق دون حتى عرض بسيط كهذا ..
شعرت دافني أن وجهه العابس كان لطيفًا بشكل لا يُحتمل ، وحتى المسؤولية المرموزة في هذا الخاتم بدت محببة لها ..
“كنت أمزح ، أعجبني حقًا.”
ابتسمت بخبث ، ثم بدأت تمطر سيليستيان بوابل من القبلات السريعة والمفاجئة ..
بانغ!
صوت انفجار الألعاب النارية الذي أعلن بداية المهرجان دوى في الأفق البعيد ..
❖ ❖ ❖
تم تعديل الخطة التي كانت تقضي بمشاهدة انفجار ساكراديون معًا ..
فالألعاب النارية يمكن رؤيتها من الطريق المؤدي إلى الميناء على أية حال ، كما أن القلق من احتمال لقاء شخص مزعج مجددًا دفعها لاتخاذ هذا القرار ..
«كأننا نهرب ليلًا»
فكّرت دافني ، وهي تختار عربة سوداء بدلًا من سيارة تلفت الأنظار كوسيلة نقل ..
فبمغادرتها بهذه الطريقة… من المرجح ألا تعود إلى هذا المكان مجددًا ..
وقفت دافني نصف واقفة على العتبة الصغيرة للعربة ، وغمرها فجأة تساؤل:
هل قلت له أنني أحبه؟ ..
بعد أن تلقت عرض الزواج الذي تمنته طويلًا ، كان لا بد من أن تردّ له الجميل بكلمات بسيطة
وحين نظرت خلفها ، كان سيليستيان يقف عند نفس مستواها ، يحدّق بها بنظرات لا تشوبها شائبة …
“سيل… أنا أُحـ…”
لكن كلمة “أحبك” تجمدت على طرف لسانها ، لم يخرج الصوت ..
ترددت طويلًا ، كأن ذاكرتها تعطلت للحظة ..
في هذا التوقيت بالذات ، طفت إلى السطح ذكريات الماضي اللعينة ، فبعثرت أفكارها …
شعرت أنه لو اعترفت له الآن بحبها ، قد يبدو الأمر كخداع موجّه له ..
“دافني …”
مدّ سيليستيان يده التي تغطيها ندوب عميقة
وحين وضعت يدها في يده ، طبع قبلة طويلة على إصبع الخنصر لديها ..
ابتسامته كانت واثقة تمامًا ، وكأنها تقول إنه سيكون مخلصًا لها الآن فقط ، بغض النظر عن كل ما حدث سابقًا ..
“وأنا كذلك …”
خلفه ، انفجرت إحدى الألعاب النارية في السماء ، وأصدرت دويًا عاليًا وهي تضيء أعالي الليل ..
وعادت عيناه الذهبيتان اللامعتان — اللتان تبعتا الضوء للحظة — لتنظران إليها من جديد
دافني ، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة خجولة ، فتحت ذراعيها وعانقته بشدة .
ثم همست له بكلمات صغيرة عند أذنه — كلمات كان يحلم بها عبر حيوات متكررة ، والآن فقط أصبح هو الوحيد في هذا العالم من يسمعها ..
كلمات مشبعة بالصدق ..
النهاية!
بعد النهاية: أنقذت الشرير بالمال ..
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 129"