النار التي بدأت من غرفة دافني امتدت تدريجياً حتى وصلت إلى المبنى الرئيسي ، وفي النهاية اندفع الخدم المذعورون إلى الخارج ، نزلوا إلى حيث انقطعت ألسنة اللهب عبر النهر ، وبعد أن خرجتا إلى اليابسة ، احتضنتا بعضهما البعض ..
‘كيف عرفت سايكي…؟’
كانت سايكي تحاول أن تبدو هادئة بينما تحتضن دافني وتأخذ أنفاساً عميقة ، أما دافني ، التي بدت أكثر هدوءاً ، فقد كانت تفرك يديها بتركيز وتلمس بطنها ..
سرعان ما هرع رجال الإطفاء إلى المكان وسط ضجيج عالٍ ..
في ذلك الوقت تقريباً ، تحطمت النوافذ ، وبدأت جميع المواد التي بُني بها القصر تحترق وتنهار ، كان المبنى حجرياً ، ولم يكن من السهل أن ينهار إلا تحت قوة كبيرة ..
نظرت دافني إلى سايكي التي كانت ترتجف من شدة الخوف ..
امرأة أحرقت القرية بأكملها لتنجو من والدها المسيء ، التي بحثت عن الفندق الذي كان يقيم فيه الأمير وعرضت عليه علاقة تعاقدية ، والتي رغبت في أخذ مكان دافني ،
سايكي ، التي لم تتم دعوتها لكنها جاءت بنفسها ، والتي كانت تشتت الانتباه حينما تحدثت عن رائحة غريبة في الغرفة ..
‘آه ، كفى …’
لكن الشك الذي بدأ في التكون تلاشى سريعاً ، على أية حال ، لم يسبق لاختيارات سايكي أن أضرت دافني ، وحتى الآن ، لم تفقد حياتها ، فقد أمسكت سايكي بكاحل دافني بإحكام ، والآن بعد أن اختفت الغرفة التي كانت دائماً ما تعود إليها…
كان هذا يعني أنه يمكنها الذهاب إلى أي مكان الآن ..
❖ ❖ ❖
رانون ، الطبيبة المسؤولة عن سايكي ، جاءت في مهمة إلى “ساترن ميريال” لتجري فحصاً لها ..
قالت بدهشة إن الجنين لا يزال بصحة جيدة ، ونظرت دافني أيضاً إلى بطن سايكي بدهشة ، وبعد أن أدركت أنها حامل ، بدا لها البطن أكثر وضوحاً ..
“لكن يجب أن تنتبهي جيداً ، أرجوكِ ، يا سموكِ …”
“حسناً، شكراً جزيلاً لكِ ، الآنسة كالي.”
أومأت رانون برأسها ، ثم نظرت إلى دافني ، تلاقت أعينهما ، لكن لم تبادلا التحية ، جمعت رانون أدواتها وغادرت بسرعة ..
“سايكي ، كيف عرفتِ قبل أن تأتي؟”
“هاه؟”
حاولت دافني أن تتحدث بنبرة خالية من أي اتهام ، لكن بدا أنها بدت وكأنها تستجوبها ، فبدأت سايكي تدير عينيها بتوتر ..
“بفضلكِ نجوت… لم أكن لأستيقظ في ذلك الوقت أبداً …”
“نعم ، لقد ركل للتو قبل قليل ، إذا لمستِ هنا ، يتحرك …”
قالت سايكي وهي تمسك بيد دافني وتضعها برفق على بطنها الدافئ ، بدا الأمر وكأن الجنين يعبّر عن انزعاجه من اللمس بركلاته ، سحبت دافني يدها بسرعة وبدت على وجهها نظرة ذهول قبل أن تصفق بيديها كفقمة سعيدة …
“آنسة؟”
ناريد ، التي طرقت الباب مرتين قبل الدخول ، اقتربت من دافني مباشرة ..
“وصل طرد من ماركيز بوكاتور ، يبدو ثقيلاً بعض الشيء …”
كانت دافني قد أرسلت برقية في الصباح بسبب أمر يخص والدتها ، وها هو الطرد قد وصل بالفعل من الجهة المقابلة من العالم ..
وقفت على الفور ومزّقت الطرد الذي سلّمته ناريد ..
“دافني ، تعالي إلى إيرين …”
“كنت أعلم أنه سيفعل هذا.”
أغلقت دافني الورقة فوراً بعدما رأت الخط الحازم لوالدها ، كانت هناك تذكرة سفر بحرية باسمها ، وأسفلها كومة من الأوراق النقدية الجديدة ..
لم يكن ماريُوس ليتجاهل دافني ، فهو ، بطريقته الخاصة ، كان يحبها كأب ، وأمره لها بالقدوم إلى إيرين يعني على الأرجح أنه سيتكفّل بكل شيء حالما تصل ..
صراحة ، فكرت دافني للحظة في قبول العرض ، فوالدها كان ثرياً بجنون ، ولا يتزعزع حتى في مثل هذا الموقف ، لكنها ، لو كانت تنوي الهروب فعلاً ، لكانت قد اختفت إلى مكان مجهول مثل “تيريوسا”، حيث لا أحد يمكنه العثور عليها ..
“دافني ، لطالما رغبتِ في زيارة إيرين.”
“نعم… لاحقاً ، ليس الآن.”
نظرت سايكي إلى تذكرة السفر الملقاة ، ثم عادت بنظرها نحو دافني ، تمنّت لو تقول لها دافني كلمة واحدة فقط ، أن تطلب المساعدة كانت سايكي مستعدة …
أخذت نفساً عميقاً ، وكأنها تهيئ نفسها لما هو قادم ..
❖ ❖ ❖
بعد عشرة أيام ، أرسل روميو برقية سرية مباشرة إلى دافني ، لم يكن من الصعب فهم محتواها ..
إذا مات ليفونسو ، فإن جميع امتيازاته ستزول ، وسيتم تنفيذ تغيير شامل في السلطة ، وفي هذا التوقيت بالضبط ، سيُعلن روميو عن حلّ العائلة الملكية ..
كما أشار إلى أن كل الضرائب التي لم تُدفع منذ عقود ، وكل الجرائم التي تم التهرب منها بفضل الحصانة الملكية ، ستتم محاسبتها بأثر رجعي ، وقد تصل العقوبات إلى الإعدام في أسوأ الحالات ..
وافق البرلمان بالإجماع على الاقتراح الذي تقدم به روميو ..
وهكذا ، وبكلمات بسيطة ، أصبحت دافني في ورطة كبيرة ..
حتى لو باعت “ساترن ميريال”، فلن يغطي ثمنها سوى ثلاث سنوات من الضرائب المستحقة ، وإذا باعت “سيريناد” أيضاً ، فستصل بالكاد إلى عشر سنوات ، كانت تعابير دافني وميشا قاتمة عندما اكتشفتا ذلك …
“كيف يمكنهم التهرب من الضرائب وهم بهذا الغنى الفاحش؟!”
تنهدت دافني بعمق وهي تحدق بصورة والدتها المثبتة على أحد المستندات ، ولسوء الحظ أو لحسن الحظ ، فإن مدخراتها الخاصة ، التي خزّنتها سراً تحت أسماء مستعارة ، تكفي لنصف سنة إضافية ..
“لا أصدق أنني وصلت إلى هذا الحال بسبب المال…”
احمرّ وجه دافني من الخجل ، لم تستطع أن تطلب المساعدة من أحد ، فهي كانت تدرك تمامًا أن الشيء الوحيد الذي جعلها محط اهتمام الناس عند تكوين العلاقات… هو المال ..
لم تستطع البقاء في مكتب المدير أكثر ، فخرجت تتجول في الممر قبل أن تصل إلى البهو العلوي ، عندما انتشرت شائعة حملها ، كان الزبائن ينهالون على المكان ، ما رفع المبيعات بشكل جنوني ، لكن الآن عاد كل شيء إلى طبيعته ، لم يعد أحد يهتم إن كانت قد أجهضت ، أو أنجبت ، أو حتى وُلد الطفل ، طالما لم يكن “الأمير” أو “الأميرة” ..
أمسكت دافني بالسياج الذهبي ، ونظرت إلى الردهة ، القطعة المركزية التي تتغير كل ثلاثة أيام ، السجاد المستورد من الغرب الذي يتغير كل فصل ، والإضاءة التي تتبدل كل ساعة ، كانت الغرف أكثر فخامة من هذه الردهة حتى ..
نظرت إلى الخدم الذين كانوا يتحركون بنشاط ..
“لكن المشكلة الأكبر هي…”
إذا باعت المكان ، فلن يبقى لهؤلاء مأوى ، كانوا جميعًا أيتامًا ، وبعضهم حتى من قصر سيريناد ، ومع ذلك ، تبعوا دافني إلى العاصمة البعيدة لأنهم وثقوا بها فقط ..
شعرت بغضب مجهول المصدر يتصاعد في صدرها كالنار ..
“آه ، المنجم.”
لو كان المنجم ما زال موجودًا ، لما شعرت بهذا الضيق ، قبل عام فقط ، كانت دافني بوكاتور بحق مجنونة ، كانت تساوم الملك على حياة الخائن ، هذا شيئًا سيدخل كتب التاريخ ، نعم، كانت خطوة فعّالة لقلب كل شيء ، لكنها كانت مجنونة بكل المقاييس ..
نظرت بلا مبالاة إلى الرجل الضخم الذي دخل الردهة لتوه
‘لماذا فعلتُ تلك الحماقة مع ذلك الرجل تحديدًا؟ ..’
نعم ، الرجل الذي يلتفت الآن وينظر حوله ، وسيم جدًا ، لدرجة أن الأمر لا يُندم عليه ..
“هم؟”
عادت إلى وعيها فجأة ، سيلستيان رآها أيضًا، وعبس على الفور وهو يتجه نحوها ..
بدأ يصعد الدرجات الرئيسية بخطوتين في كل مرة ، وكانت هالته مرعبة لدرجة أن دافني تراجعت تلقائيًا ، ولما بدا أنها تحاول الهرب ، اندفع نحوها بسرعة وأمسك بذراعيها بقوة ..
كانت عيناه محمرتين بعض الشيء ، وغاضبًا بشكل واضح ..
“لماذا…!”
فتحت دافني عينيها بدهشة ، وضع سيلستيان يده أمام فمه وسعل قليلاً—ربما خرج صوته مرتفعًا من فرط الانفعال …
“لماذا لم تطلبي مساعدتي؟”
“هاه؟”
“هل لم يعجبكِ اللقب؟ هل كان سيئًا لهذه الدرجة؟ كيف يمكنكِ أن ترحلي بهذه القسوة؟”
“…”
“لقد مرت أسبوع منذ أن وعدتِ بالعودة ، وأنتِ…”
حاول أن يبدو لطيفًا قدر الإمكان ، لكن الغضب كان واضحًا في نبرته ، شعرت دافني بالارتباك من هذا الهجوم المفاجئ بالأسئلة ، خاصة من سيلستيان ، لم يعاتبها يومًا بهذه الطريقة ..
“هل أنا غير موثوق إلى هذه الدرجة؟”
“لا، بل العكس تمامًا.”
وضعت دافني يدها على خصره ، فبادلها العناق بقوة وكأنه سيكسرها ، لم تستطع أن تطلب منه التوقف أو أن تخبره بأنها تختنق ، لكنها شعرت براحة خفيفة ، ولو للحظة ..
الواقع أنها لم تكن قادرة على حل هذه المشكلة وحدها ، مهما كابرت ، الأيام الماضية كانت كأنها تصطدم بجدار فولاذي لا يتحرك ، مرارًا وتكرارًا ، وحدها ..
عانقته بقوة ، وهمست له كما لو كانت تهدئه:
“أحتاج إلى مساعدتك.”
“…”
“هل ستساعدني؟”
أغمض عينيه ببطء ، وأومأ برأسه… كما لو أنه كان ينتظر هذه الكلمات طوال الوقت ..
ترجمة ، فتافيت ..
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 126"