اقتلتهم جميعًا . .
اندفع نسيم عليل إلى داخل حديقة المتاهة ،
وفي منتصفها ، أُضيئت أضواء ملونة كأنها قاعة حفلات ..
تحت هذه الأضواء الجميلة ، كانت دافني تتعرض للجلد بسوط بينما كانت ترفع فستانها الأبيض حتى فخذيها ..
شعرها الأحمر ، الذي ربطته سايكي بعناية ، لا يزال مثبتًا بشكل جيد على مؤخرة رأسها ، لحسن الحظ ، لم تبدُ في هيئة مخزية ..
“عندما كنتِ صغيرة وقلتِ إنكِ ستصبحين راقصة باليه ، كنت أضربكِ دون أن أترك آثارًا، دافني …”
“لكن لم تصبحي راقصة باليه ، ولا حتى ولية عهد ، حقًا، أنتِ فشل أمبر غرين الوحيد …”
نظرت دافني إلى ساقيها المخدرتين ..
المثير للدهشة أن الجلد الذي تمزق بالفعل ، كان لا يزال يتألم بشدة كلما لامسه السوط الجديد وكأنه يلسع كامل جسدها ..
ومع ذلك ، لم تنهَر دافني ، بل فتحت عينيها على وسعهما ، بقوتها الحالية ، كانت واثقة أن الدوقة ستنهار قبل أن تُضرب هي مئة مرة ..
“نظراتكِ لا تعجبني ، لا تعرفين كيف تكونين مطيعة ..”
“لا أعرف كيف أتعامل مع هذا المديح ، سيدتي …”
ابتسمت دافني بلطف وأخرجت صوتًا مليئًا بالدلال ، كان صوتها يرتجف من الألم ..
انهمرت دموع أو ربما عرق بارد ، لا يمكن تمييزه ، على خديها …
“أعتقد أن من فقد عقله هو أنتِ. ..”
“آه ، سيدتي ، أنا لم أكن عاقلة يومًا …”
“دافني ، من أين تعلمتِ الرد بهذه الوقاحة؟”
تدخلت الليدي إلتا ، التي كانت واقفة بجانبها.
“جسدكِ كله سيمتلئ بالندوب ، سيكون ذلك عارًا أبديًا …”
“لقد التقطنا صورة أيضًا ، سنرسلها إلى الصحيفة الملكية…”
“هاها، لا؟ بل أرجوكم ، بلّغوا عني ، لأني عندما أخرج من هنا ، سأقول إن العائلة الملكية قتلت طفلي …”
وعند هذه الكلمات ، ضربت إندايوين ساق دافني مرة أخرى ، فتحطم السوط الجديد الذي لم يُستخدم إلا لبضع دقائق ..
استغلت دافني هذه اللحظة الصغيرة لتلتقط أنفاسها وتواصل:
“الشعب يحبني كثيرًا ، أنا دافني بوكاتور …”
“…”
“أتدرون كيف كانت ردة فعل الشعب عندما أعلنت حملي؟ لقد قالوا: لماذا العائلة الملكية الحقيرة لا تفعل شيئًا سوى مضايقة فتاة صغيرة؟! فإذا فقدت طفلي بسبب العائلة الملكية ، من سيتحمل العواقب؟”
“دافني ، هل تجرؤين على إهانة العائلة الملكية؟”
“يا إلهي ، أنا فقط أقول الحقيقة ، على عكسكم ، أنتم النبلاء الذين تعيشون من أموال الضرائب التي يدفعها الشعب ، أنا…”
وسقطت دافني من فوق الكرسي ..
فقد ركلت إندايوين رجل الكرسي ، ووجهها أصبح محتقنًا من شدة الغضب رغم أنها لم تقل سوى بضع كلمات ..
ووقفت سايكي أمامها لتمنعها ..
“كفى …”
“سموكِ ، لماذا تهتمين كثيرًا بنفايات تنبت منها الأعشاب؟”
“يدي… سأتعامل بها بنفسي ..”
“أوه ، سموكِ ، ما الذي تقولينه؟ ألم أقل لكِ أنا؟”
اندفعت دافني واقفة ودَفعت سايكي بعيدًا ، كانت قد تلقت أكثر من ثلاثين جلدة ، وإن قالت سايكي الآن إنها المسؤولة ، فذلك سيكون كمن يصب الزيت على النار ..
“رجاءً لا تهتمي بي كثيرًا ، نهاية الشريرات دائمًا ما تكون بهذا الشكل …”
“دافني…”
“ادخلي لترتاحي ، ألين ، هل ترافق سمو الأميرة؟”
أشارت دافني بيدها ، فتحرك ألين مترددًا خطوة للأمام ، لكن إندايوين رفعت يدها لتوقفه ..
“من تظنين نفسكِ لتصدرين الأوامر في حضرة سيدة؟”
“ويبدو أن سمو الأميرة تنوي الاستمرار في المشاهدة أيضًا.”
ما هذا ، هل نحن في عهد جوسون أم ماذا؟
نظرت دافني بعينين مليئتين بالغضب إلى أولئك النبلاء المتجمعين حولها ، أولئك الأشخاص المنغلقون في مجتمعهم الصغير يعتقدون دومًا أنهم على صواب ، لا أحد من النبلاء الكبار سيدافع عنهم أصلًا ..
الجميع يتصرفون وكأنهم يقولون: “نحن نبتعد لأننا نقرف ، لا لأننا نخاف …”
“عندما تعلن ولية العهد حملها… أليس من المفترض أن تبدؤوا بالتهنئة ثم تسألون عن التفاصيل؟ لا أن تحللوا الحقائق وتثيروا الجلبة.”
“دافني ، يكفي ..”.
نادتها سايكي وكأنها تطلب منها أن تتوقف ، لكن دافني ، بعد أن تنحنحت ، تابعت حديثها بعيونها الذهبية اللامعة
“ابن عمتي هو الوصي على العرش ، وبكلمة واحدة من زوجته العزيزة يمكن أن يتحول إلى طاغية ويفنيكم جميعًا.”
رفعت كتفيها وظهرها باعتزاز ، غير قادرة على كبح أسلوبها القديم في الكلام ، ثم ربّتت على كتف سايكي المرتجف وهمست لها بأنها بخير ..
وفجأة ، تساءلت دافني عما كان يفعله روميو هذه الأيام ، قالت لها سايكي إنه “ليس الوقت المناسب لتخبريه”، لكن إذا كان سيترك زوجته بين هؤلاء النبلاء المتغطرسين ، فلماذا أوقعها في شباكه أصلاً باسم الحب؟
“سمو الأميرة طيبة لدرجة أنها تلتزم الصمت… لكن ، هل تظنونها ضعيفة لهذا السبب؟”
اقتربت الليدي إيلتا بخطى سريعة وصفعت دافني على خدها ، ثم بصقت عليها ، أصدرت سايكي صوتًا يدل على الذهول ..
“دافني ، لقد تنازلتِ عن لقب ولية العهد بنفسكِ ، فلماذا لا تزالين تترددين على القصر؟”
“آه ، سمو الأميرة هي من دعتني ، كيف لي أن أرفض؟ سيكون ذلك عصيانًا لأمر ملكي ، أليس كذلك؟”
حاولت دافني أن تتخيل أقسى الصور ، لكنها بذلت جهدًا كبيرًا حتى لا تظهر ذلك ، لو أنها تصرفت كما تخيلت ، لكان جميع من في هذا الحفل البهيج قد لقوا حتفهم بصورة مروعة ..
أفعالهم مشوهة ، غير صحيحة ..
ولذلك ، من تعرف الصواب مثل دافني ، عليها أن تتحمّل ، كما قال لها العرّاب ..
❖ ❖ ❖
مرّت عدة دقائق وهي تُجلد كما لو كانت دمية ، وحين بدأت دافني بالبكاء أخيرًا ، ظنوا أنهم انتصروا ، فتوقفوا عن الضرب وهم يضحكون بسخرية …
أما سايكي ، فقد تورم وجهها من كثرة البكاء ،
أما فستان دافني الأبيض ، فقد تلطخ ببقع بنية داكنة وحمراء من الدم ..
صدر صوت خافت في رأسها ، كأن فيوزًا انقطع ، لم تكن تسمعه إلا نادرًا ..
سمعته عندما دهستها عربة ، وعندما استيقظت لترى ساقيها محطمتين ، عندما رأت كيليان وهو يحمل السلاح ، وعندما رأت تابوته ، وعندما أدركت أنه لن يعود أبدًا ..
ظلت دافني ممددة كالميتة لبضع دقائق ، ثم قامت مترنحة ..
كان أفراد العائلة الملكية قد انتقلوا للاحتفال والشراب ، غير مكترثين بها ..
فأخذت دافني زجاجة وسرقت منها رشفة ، ودخلت المتاهة ..
ربما لأن جسدها قد أُنهك تمامًا ، فقد بدأ تأثير الكحول يتصاعد بسرعة ..
“هاه…”
ماذا لو كسرت هذه الزجاجة وانتقمت من أولئك الذين بالداخل؟ هل سأُعدم؟ إذًا لا يجب أن أفعلها ، ولكن ، حتى لو استخدمت أفضل العلاجات ، ستترك هذه الجروح ندوبًا بشعة ، أليس كذلك؟؟
“آه، لماذا تدخلتُ بالأصل…”
في اللحظة التي شعرت فيها دافني بالندم ، سقطت شجرة أمامها بصوت تصدّع مدوٍ ، تبعتها رجة قوية ..
“دافني …”
من بين الحطام ، ظهر رجل مألوف لها ، كان سيليستيان تيريوسا ، وقد كان ظهره مضاءً بضوء القمر البارد ، وعندما نظرت خلفه ، رأت جدران المتاهة قد دُمّرت تمامًا …
للحظة ، اعتقدت دافني أنها تهلوس من السكر ، فأطلقت شهقة صغيرة ، لكن سيليستيان لم يكن وهماً …
كان قد شق طريقه عبر شجيرات المتاهة بسيفه ، بدا ذلك مستحيلاً بالنسبة لقوة بشرية ، لكن بالنسبة له – الذي كان يمزق أبواب العربات كما لو كانت من ورق – لم يكن ذلك غريبًا …
“سيل…”
ابتسمت دافني بارتياح لرؤية وجه مألوف ، خرج صوتها مشوشًا ومكسورًا وهي تناديه ،
اقترب سيليستيان بسرعة واحتضنها ، لكنه تجمّد عندما شعر بالدم يلطخ يده ..
“دافني …”
“همم ، أهلًا ، مرحبًا ، الكبار ضربوني قليلًا.”
“…”
“لكنني ، رغم ما أبدو عليه ، بخير تمامًا…”
انخفض قليلًا كما لو كان يستعد لحملها ، لكنها ابتعدت خطوة كبيرة عنه ، رافضة لمسه ..
حينها وقعت عيناها على سيفه المغروس في الأرض بزاوية ، سيفٌ ضخم بما يكفي لقطع شجرة ..
“أحضرت سيفًا؟ أنت متمرد ، وتحمل سلاحًا في القصر؟”
“…”
“جيد جدًا ، بما أنك أتيت ، ادخل واقتلهم جميعًا ، لقد سئمت ، لم أعد أطيق رؤية أحد منهم.”
كان كلامها اندفاعيًا تمامًا ..
نظر سيليستيان إلى الفستان الأبيض الملطخ بدم دافني ، ثم أمسك سيفه بقوة ، وتحرك بخطى حازمة إلى الأمام ..
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 114"