همست دافني في أذن سيلستيان بنبرة حنونة جداً ، ثم أخذت يدها بيده ورفعتها لتضعها على عنقه ، خفقانه الخافت وصل إلى بشرتها ..
“وإن قتلتك؟ ماذا سيحدث لي بعدك؟”
“…….”
“هل تود أن أعرف إلى الأبد كملكة مجنونة قتلت الملك؟ أن يُشار إلي بالأصابع حتى اموت؟ وحيدة؟”
نزعت دافني يدها من يده وتراجعت بضع خطوات ببطء ، خلفها كانت هناك نافذة كبيرة.
“أهذا ما تريده؟ أليس ذلك ممتعاً لك؟ أن أموت ، فتعود إلي ، وتغرقني في اليأس ، ثم تظهر كمنقذ ، لتخرب كل شيء من جديد …”
“أنتِ في خطر ، تعالي …”
“سئمت من جوارك ، وماذا بعد؟ لماذا أنا؟ لماذا تحبني؟”
شعرت دافني بالبرودة تلامس نبض عنقها ، وفهمت أن ما يلامسها ليس يده بل نصل خنجر ، حاولت إغماض عينيها ..
إذا انتهى هذا الحلم بالموت ، فستبدأ دورة جديدة على أي حال ..
لكن هذا الحلم المقيد جعلها تحدق في عينيه مباشرة ..
“سيليستيان تيريوسا ، أنا لن أحبك أبداً.”
ولسوء الحظ ، كانت يدها أسرع من منعه ..
❖ ❖ ❖
أمسكت دافني بهاتفها بانفعال ، بدا أنها عادت إلى المكان الذي كانت تظنه “حياتها السابقة” الوحيدة ..
وأول ما فعلته ، كإرادة حرة ، هو حذف حساباتها على مواقع التواصل ..
كان المشهد خارج نافذة الحافلة يمر بسرعة ، غريبًا ومألوفًا في آن ..
ركبت أي حافلة بلا هدف ، فقط لتبتعد عن المكان الذي استعادت فيه وعيها ..
وبينما كانت تعبث بهاتفها ، فكرت ..
تدفقت الذكريات دفعة واحدة ، بعضها بدا كأن الزمن قد أكل من أطرافه ونسيه ، لكن بعضها ظل واضحًا ..
مثل أن روميو وسايكي كانا “زوج الكوارث”، وأنها دائمًا كانت الشريرة الغبية التي تموت وسط الفوضى ..
“لم أكن أجهل هذا.”
حتى في المرة الماضية ، حين استعادت ذكريات حياتها السابقة ، كانت أول شروطها حين واجهت ابن عمها:
“ألا يقتلني ، مهما حدث.”
— كان يبدو أن ابنة عمتي تعرف كل النهايات ، ومع ذلك تأبى أن تختار الطريق السهل وتفضل الالتفاف ..
روميو كان يملك حاسة ملاحظة خارقة ،
منذ أن أظهر علاقة غير متوقعة مع سيليستيان، كان عليها أن تشك في نواياه بدلاً من السخرية منه ..
لكنه كان بلا فائدة ..
هل كان من الصعب عليه أن يقول فقط:
“سيليستيان يراقبكِ ويحبكِ”؟
ولو واجهته ، لردّ:
— “أنتِ لا تصدقين إلا ما ترينه …”
“انتهى الأمر ، فات الأوان…”
أسندت دافني رأسها إلى نافذة الحافلة بإرهاق ، نظرت إلى هاتفها ، فرأت نفسها تحدق بها بنظرة شفقة ، فقط بعينين وشعر مختلفين …
بعد أن رتبت أفكارها ونزلت من الحافلة ، كان الغروب قد حلّ ..
فتحت الصفحة الأخيرة من كتاب كانت تقرأه ، صفحة لم تكتمل بعد ، وراحت تتأمل فيها ..
<كان يؤمن برسالة مجهولة المصدر ، رغم أن كل شيء كان مجرد فخ نصبته سايكي ، إلا أنه كان يبحث طوال حياته عن شخص غير موجود في هذا العالم ، لذا خاطر بحياته من أجل هذا الأمل الصغير.>
<سقطت أنقاض المغارة عليه ، وسحقت ساقيه بالكامل ، ومن بين بصيص ضوء خافت ، ظل حيًا دون أن يموت ، يحدق بعينيه الخضراوين في الضوء ، منتظرًا أحدهم…>
رغم أنها نزلت من الحافلة ، شعرت بدوار كأنها لا تزال على متنها ، فأعادت الهاتف إلى الحقيبة ، وأخذت نفسًا عميقًا
لكي تعود إليه ، عليها أن تموت ..
وعلى أي حال ، دافني ستموت صغيرة حتى في هذه الحياة ..
تحت عجلات سيارة مستطيلة حادة الزوايا…
<ينتظرها وسط العجز،>
نعم ، يبدو أن هذه الجملة تحديدًا كانت آخر ما رأته قبل أن تموت …
<ينتظرها طويلاً…>
“آه ، يا غبي! يا ابن الـ… أحمق حقيقي!”
❖ ❖ ❖
فتحت دافني عينيها فجأة ..
كانت تحت الماء هذه المرة ، وكأنها غارقة ، لكنها لم تشعر بضغط على رأسها أو ظهرها ، فحاولت أن تثبت قدميها على الأرض وتقف بالكامل ..
“…وأين أنا الآن؟”
بدأت موسيقى الحفلة تصل إلى أذنيها المبللتين شيئًا فشيئًا ..
رفعت رأسها نحو مصدر الصوت ، فرأت فندق هيربون يلمع كالمدينة الترفيهية في الليل ..
كانت في قاع شلال من ثلاث طبقات ، عند بركة يتدفق منها جدول ماء ..
تمامًا في المكان الذي نزلت فيه من العربة لتصعد إلى أعلى هيربون ..
“كيف لا زلت حيّة؟”
سخرت دافني من نفسها وهي تصفع خدها.
كانت يدها مبللة ، فشعرت بالألم مضاعفًا ..
نظرت إلى ملابسها ، فوجدت أنها ترتدي فستانًا فاخرًا من درجات الزهري والأزرق الفاتح ، متناغم كألوان الغروب ..
امتص الفستان الماء وأصبح ينسدل كفستان كوكتيل ، يلمع كزهرة زجاجية ..
ومع عودة الإحساس إلى جسدها ، أدركت كم كان الماء باردًا جدًا ..
“آه…”
“هل أفقتِ من السكر قليلاً؟”
قال ذلك رجل بصوت يملؤه المرح وهو يقترب منها ، ممسكًا خصرها ليساعدها على الوقوف جيدًا ..
لكن دافني ردت فورًا بصفعة موجهة إليه ، والتي تفاداها برشاقة ..
“لماذا تهرب؟ قف مكانك …”
“هم؟”
صفعة!
نجحت هذه المرة ، يد دافني صفعت خده بقوة ..
ألمَت بأصابعها البرودة والوجع ، وكأنها قد تتكسر من شدة الضربة ..
لابد أنه شعر بألم مشابه ..
سيلستيان أدار وجهه ببطء ، وكأنه يحاول استيعاب ما حدث ..
عينيه لم تحملا أي غضب ، فقط ذهول وحيرة.
“هذا ليس حلمًا ، صحيح؟”
“…دافني ، للتأكد من أنكِ لا تحلمين ، عادة يصفع الشخص نفسه…”
“حسنًا ، اضربني أنت ..”
أغمضت عينيها ومالت بخدها نحوه ..
تردد سيلستيان قليلاً ، ثم قرص خدها برفق ،
كانت اللسعة حادة كفاية لتجعل دموعها تفر من عينيها ، لكنها لم تكتفِ ، بل صفعت نفسها مرة أخرى ..
“توقفي …”
“آه… مؤلم بجنون…”
“هل هذه طريقتكِ في التصرف وأنتِ مخمورة؟”
ربما كان سيلستيان مرتبكًا هو الآخر ، فقد أمسك بمعصميها ليمنعها من إيذاء نفسها أكثر ،
وبينما نظرت إلى وجهه الصافي ، اندفعت مشاعر غير مفهومة كغصة في حلقها …
إذن ، ماذا فعلت طوال هذا الوقت؟ وماذا يجب أن تفعل الآن؟
أغمضت دافني عينيها ، تحاول تهدئة اضطرابها الداخلي …
لم يُلح عليها بالكلام ، فقط حرك يديه من معصميها ليمسك بيدها بلطف ..
كانت يداه دافئتين بطريقة مختلفة هذه المرة.
فتحت ذراعها الأخرى وقالت:
“عانقني …”
من دون كلمة ، جذبها من خصرها ، بل ورفعها قليلًا كما لو أنه يريد إخراجها من الماء كليًا ،
فبادرت بدورها لتطوق عنقه بقوة ..
رغم أنه كان في ماء بارد كالثلج ، إلا أن جسده ظل يحتفظ بدفئه ..
رفعت رأسها ونظرت إلى الشلال الذي كان يرش الماء، ثم إلى الأعلى ، حيث بدا المكان بعيدًا جدًا ..
تذكرت دافني تلك الكلمات التي قالها ميشا بصوته المرِح ..
إن سقط أحدهم من شلال شامباخ ، فلن يُسجَّل سبب موته كغرق أو سقوط أو سكتة قلبية ..
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 108"