ما زالت هناك رصاصة واحدة ..
كانت دافني هي من أطلقت النار..
وجهت المسدس الذي أخرجته من ساقها نحو كتف أوسكار ، ومع صرخة مؤلمة سقط ، اعتلت جسده دون تردد ، حاولت أن تطلق النار على عينه لكنها فشلت بسبب مقاومته المستمرة …
”ابق ساكناً ، سأجعلك تبدو جميلاً.”
كان المسدس صغير الحجم لا يتسع إلا لثلاثة أغلفة رصاص فقط ، وكانت الذخيرة أصغر من ظفر الإبهام لكنها شديدة الحدة ، لم تتسبب في نزف دماء كثيرة ، لكنها كانت تخترق عميقاً وتترك إصابة مميتة ..
غیرت دافني يدها ووجهت فوهة المسدس إلى كتفه الآخر ثم ضغطت على الزناد مجددا ، ورغم أن قبضة أوسكار المتأرجحة أصابتها ، إلا أنها لم تسقط من فوقه ، وبدت كأنها مصممة على عدم تفويت الفرصة ، فوضعت فوهة المسدس على عينه ..
صرخة مزعجة ضربت أذنيها ..
“عيني عيني!”
” أعلم أن مظهري الآن يبدو رخيصاً للغاية ، لكن الشخص الوحيد الذي يجب أن يراه هو شخص واحد فقط…”
كانت تشير إلى ذلك اللعين سيليستيان تيريوسا
” لكنك رأيتني ، وهذا هو ثمن خطيئتك …”
نادراً ما فكر الخاطفون في حقيقة أن دافني نشأت مع روميو رودريغيز ، وهذا يعني أنها لم تُرب كأميرة مدللة فقط ، بل أيضاً أن طموحها كان يبدأ من التغلب على بطل هذا العالم ، بالطبع، لم تفز عليه قط ..
تذكرت لحظة تدريب القوة البدنية مع ابن عمها عندما تعرضت لضرب مبرح كالكلب ، شعرت بالدوار للحظة ، لكنها لم تستسلم ولم تظهر دموعاً ..
دافني كانت تنهض دائماً ، حتى لو سقطت عشر مرات ، هي نفسها التي تركت خدشاً بارزاً على وجه روميو رودريغيز الضخم باستخدام سكين صغيرة مثل الحاجب ..
كادت تتهم بالخيانة وتسجن بالفعل…”
لكن في النهاية ، اكتسب روميو جرحاً مميزاً على حاجبه ، وكادت دافني تحترق رأسها ..
لذلك ، إذا لم تكن القوة التي تواجهها أقوى من ابن عمها أو قادرة على تركها تشعر بالعجز ، فلن تخيفها ..
استخدمت المسدس وضربت جانب وجه أوسكار بقوة ، شعرت دافني بانكسار عظمه من صوت وملمس الضربة ..
توقفت فجأة بينما كانت تفرغ توترها على وجه أوسكار وكأنه كيس ملاكمة ..
أصبح الأمر واضحاً الآن ، كان السعال المؤلم بسبب رائحة الأعشاب السامة المنبعثة من سيليستيان ..
لهذا السبب غادر سيليستيان على عجل دون تفسير ، ومع ذلك ، لو أنه ترك كلمة واحدة فقط ، لكانت قد تبعته من مسافة آمنة …
“هل هو سم عصبي؟”
سعل ، وقد تكون بشرته ممزقة أيضاً …
بمعنى آخر ، لو أنها تبعته ، لما انتهى بها الأمر في هذا الوضع ..
” قلت إنه طفل ، صحيح؟ أوسكار ، لقد قلت شيئاً صائباً هذه المرة ..”
“…’
“أنا أكذب على مستوى قارة الآن… كنت بحاجة إلى إنجاب طفل …”
الشعور بالإثارة العنيفة الناتج عن سحق رجل تحت يدها جعل صوت دافني يرتعش بشدة
“أوسكار ، أوسكار ، هل تسمعني؟ كنت أحاول تحقيق شيء ، لكنك أعقتني.”
” كح كح ، أيتها المجنونة…”
”هاها ، ومتى لم أكن مجنونة؟”
إذا عاشت بشكل طبيعي ، لاموها ، وإذا عاشت بشكل غير طبيعي ، لاموها ..
رفعت دافني رأسها قليلاً وألقت نظرة حولها ، لا تزال ترى الغابة المظلمة والشلال الذي لا يتوقف عن التدفق ، دون وجود أحد ..
الحقوق التي أضيفت إلى حياتها كانت تتطلب مسؤوليات ثقيلة ، ودافني لم تتجاهلها يوماً ..
ولدت في عائلة مرموقة ، لكنها كانت ضعيفة القلب وغير قادرة على أن تكون قاسية ، مما جعل المسؤوليات التي تحملتها أثقل من غيرها ..
قالت إنها لن تنظر إلى الوراء ، ولكن ذلك كان فقط من أجل الندم على أخطاء الماضي وتجنب تكرارها ، ومن أجل الوقوف على حدود الفضيلة العادية ..
“أوسكار ، نحن أصدقاء ، أليس كذلك؟ إذن لماذا يحاول الصديق أن يُفسد خطط صديقه؟ هل تعتقد حقا أن لديك الحق للقيام بذلك؟”
كانت دافني ترغب في أن تحظى بحب الأشخاص الذين تحبهم ، ولم يكن هناك شيء في عالمها يعتبر مستحيلا إذا كان يعني الفوز برضاهم ..
مكانة دافني وموقعها ، والخطط والقوة اللازمة للحفاظ عليها ، لم يسمحوا لها بالاستسلام لمشاعر الخوف أو الرثاء لنفسها بسبب غياب الأشخاص الذين تحبهم بدلاً من ذلك ، كانت تغرق في الشكوك حول قلبها وما تملك كل يوم …
”هل فكرتِ فينا كأصدقاء حقًا ؟ كذب! إنه تفضل منكِ فقط ، هل بعتِ جسدكِ للحصول على لقبكِ ؟ هل لديكِ أموال كثيرة حقًا ؟ إذن لماذا تحاولين باستمرار زيادة ثروتكِ ؟ لقد سمعت أنهم باعوا قصر النبالة ، لماذا؟ لأنهم كانوا بحاجة إلى المال؟”
“سمعت أن دافني بوكاتور سرقت أفكار الآخرين لتحولها إلى مشاريع تجارية ، أليس كذلك؟ فتاة تتحدث عن مشاريع ؟ يُقال إن فندقها لا يستقبل سوى النبلاء رفيعي المستوى ، ولكنها تزعم أنها تهتم بالعامة ؟ بالطبع”
هل تخلت حقًا ابنة عائلة غرين عن طموحها لتصبح ملكة ؟ أم أنها مجرد تمثيل لتخطط لقتل سايكي؟ علينا مراقبة دافني ، إنها بالتأكيد تخطط لتمرد جديد للانتقام من سايكي ، وإلا، لماذا أبقت ذلك الرجل على قيد الحياة ؟”
”انظر إليها ، كانت مجرد منافقة ، كما توقعت …”
عندما حصلت دافني على ما تريده حقا ، وهو ليس من مقومات الحياة الأساسية ، حاولت والدتها أن تنتزعه منها بأي طريقة ، وفي مواجهة الأزمات ، تركها من كانت تعتبر أصدقاء لها ، لم تكن قادرة على الإمساك بهم ..
ثم ظهر رجل لم يكن يحتاج أيا من ذلك ، رجل لم يحاول تقييم أفعالها أو السيطرة عليها وكأنها دمية ، بل كان يتصرف فقط لجذب اهتمامها ، وكأنه وجد فقط من أجلها ، سيلستيان تيريوسا ..
لهذا السبب ، بدأت الآن فقط تتمتع قليلاً
بـ امتیازات شخص تغير بسبب الحب”، تماما مثل ابن عمها ، وتحاول أن تعيش كأنها غبية ، ومع ذلك ، حتى ذلك بدا غير مسموح به ..
لأن الحظ العاثر دائما ما كان يلاحقها ..
“الموت! الموت!”
سمعت صوتًا مدويًا جعل جسدها يرتعش ، عندما وجهت دافني نظرها نحو مصدر الصوت ، وجدت أنه الفندق الذي يقع في واد أدنى من موقعها، فندق “جيرينيسيس”. بدا وكأن صرخات الناس كانت تصل إلى هذا المكان المرتفع ..
“لم تأت وحدك ، أليس كذلك؟”
“كيف يمكن… أن يكون ذلك؟”
كل مرة يحدث نفس هذا الحظ السيئ….
“لو أنكِ فقط جئتِ إلى الإمبراطورية كزهرة ، لما حدث هذا …”
بدا أن أوسكار قد عض لسانه وهو يتعرض للضرب ، فكانت كلماته غير واضحة ، وصلت حرارة الحريق إلى جانب وجه دافني ، بينما كانت تقف هناك مذهولة للحظة ، أمسك أوسكار بشعرها وضغط رأسها إلى الأرض ، لم تبد أي مقاومة ، بل حبست أنفاسها فقط ..
“دافني بوكاتور ، كل هذا هو مسؤوليتكِ .”
كان يبدو أن ذراعه ترتفع ، فسحب خصرها وكأنه شبح بلا أرجل وسحبها نحو الحافة ..
سمعت صوت الماء العنيف ، وكأنه يريد تحطيم أذنيها ..
وجه أوسكار كان محطماً تمامًا ، وفقد إحدى ساقيه ، وكانت ذراعه مشلولة ، يبدو أنه لم يعد لديه رغبة في الحياة ، فقط أن يموت معها ، بدا أنه عازم على أخذها معه ، ولم يكن ينوي تركها تذهب ..
“انظري للأسفل …”
رفضت دافني النظر ، وأغمضت عينيها بشدة ، كان الحريق قد انتشر حتى وصل إلى الغابة خلفها ملتهما كل شيء في هيربورن ..
كان الدرابزين الخشبي للمرصد ، الذي كان بالكاد يصل إلى مستوى خصر دافني ، في حالة سيئة ولم يتم إصلاحه منذ وقت طويل ، عندما ركلته بقدمها العارية سمعت صوت تصدع ..
“لا تريدين تحمل مسؤولية أشياء كهذه ، أليس كذلك؟ من الأفضل أن تموتي معي.”
أنفاسه الكريهة والمرهقة لامست أذنها ، لم يعد لديها القوة للمقاومة ، لكنها كانت ترفض الموت “معه”.
“أوسكار ، لكن…”
أرخت دافني جسدها بالكامل ..
ما زال لدي رصاصة واحدة ..
بانغ!
دافني أمالت رأسها وجسدها بالكامل نحو اليسار ، ثم سددت الركلة الأخيرة تحت ذقنه ، لم يستطع أن يطلق صرخة واحدة قبل أن يسقط جسده على حافة الجرف ، ومع ذلك ، لم يستسلم حتى النهاية وأبقى قبضته مشدودة ، مما جعل دافني تسقط معه ..
تمكنت بصعوبة من الإمساك بسياج معدني محطم تمامًا ، أما أوسكار ، فقد اختفى وحده في أعماق الشلال ..
السقوط من شلال شامباخ… هل يعني ذلك الموت بالسكتة القلبية؟ أم نتيجة السقوط؟
السياج بدا وكأنه شارف على الانهيار ، حيث أصدر صوتًا مرعبًا وهو ينخفض تدريجيًا ، بدا أن إحساسها بدأ يعود بعدما خفت التوتر ، وأصبح الألم يغزو جسدها بالكامل ، لم تستطع شد عضلات بطنها لتتمكن من سحب نفسها إلى مكان آمن …
“هل من أحد…؟”
ساعدوني ..
منذ أن أصبحت دافني بالغة ، لم تخرج هذه الكلمات من فمها ولو مرة واحدة ..
– لا تُظهري ضعفكِ أبدًا ، لا تضعفي ..
– لا تطلبي المساعدة من أحد ، دافني ، هل تفهمين؟
صوت “أمبر” شدّها من كاحلها وكأنه ثقل جاذبية يجذبها نحو الأسفل ، السياج انحنى مرة أخرى ، ما جعل دافني تعبس من شدة الألم ..
إذن ، من غيره؟
“سيل…”
لو كان هو ..
“أنقذني ..”
بدت وكأنها سمعت صهيل حصان قادم من الأعلى ، ربما كان صوت وقع حوافر حصان ضخم بدلًا من صوت ساق صناعية ..
ربما كان عليها فقط الصمود قليلًا بعد ، لأن “سيليستيان” بالتأكيد قادم لإنقاذها ، الدموع التي انسابت على عينيها حجبت رؤيتها …
نظرت دافني إلى الأسفل ، كان المنظر مُدوِّخًا بسبب الارتفاع الشاهق ، لو كان هذا السياج هو يده ، لكان الأمر مختلفًا ..
حتى لو فقدت قبضتها ، كان سيمسكها بقوة.
“دافني!”
لحظة سقوطها ، رأت رجلاً يقفز من فوق الجرف ، شعرت وكأنها بين ذراعيه التي احتضنتها بحنان ، ولكن دافني…
ترجمة ، فتافيت …
التعليقات لهذا الفصل " 105"