“أنا لست ماهرة بما يكفي لأطلق علي لقب ساحرة، لكنني قرأت ذات مرة في كتاب سحري عن تعويذة مفيدة في هذا النوع من المواقف”
فقط من القراءة؟
اعتقد هاينريش ذلك، لكن في الحقيقة، لم يكن هذا التفصيل ذا أهمية بالنسبة له كل ما كان يهمه هو إمكانية حصوله على الأداة السحرية.
وبمجرد أن أعطى هاينريش إذنه، نظرت نادية إلى فيفيان.
“فيفيان، هل ستكونين بخير؟”
“حسنا، إنه أفضل من أن أتقيأ بنفسي، على ما أعتقد”
فيفيان شاحبة كالورقة، لا تزال تجبر نفسها على إلقاء نكتة.
لم تكن لدى نادية الطاقة للرد. وضعت فيفيان بسرعة وبدأت بتتبع المانا المتدفق عبر جسدها بعناية.
كان كل شيء يحتوي على مانا، لكن التيار داخل جسم الإنسان والتيار الموجود داخل الأداة السحرية كانا مختلفين تماما.
دفعت نادية مانا خاصتها إلى فيفيان، ولفتها حول الحواف المسننة المحيطة بالأداة السحرية. ثم شيئا فشيئا بدأت تحرك كتلة المانا تلك.
“آه..” تأوهت فيفيان.
“فقط انتظري لفترة أطول قليلاً”
لكن يدي نادية كانت ترتجف بعنف.
كانت تدرس السحر كهواية فقط – كانت هذه أول مرة تمارسه عمليا. قبل ذلك، إذا أصبح التحكم في المانا صعبا جدا، كان بإمكانها ببساطة الاستسلام. لكن الآن لم يعد بإمكانها ذلك.
وكلما اقتربت من الحافة، كلما أشرقت عيناها الذهبيتان أكثر.
تصبب عرق بارد على خديها. أصبح تنفسها متقطعا. ومع ذلك، لم يشتت تركيزها أبدا.
سارعت نادية إلى مسح فمها بمنديل، وسألتها مرارا وتكرارًا إذا كانت بخير.
وفي هذه الأثناء، حاولت فيفيان بشكل محرج إخفاء الأداة تحت تنورتها، وكان مشهدًا فوضويا وسخيفا.
“علي أخذه ؟ أصر يا سيدتي، من الأفضل أن تحتفظي بهذا أولاً. ماذا لو”
استمرت فيفيان بالسعال ولكنها لا تزال تنظر بعصبية إلى هاينريش وأليسون.
“هذا السكرتير غريب الأطوار حقا. يبدو كرجل نبيل، لكن….”
فجأة أمسكت نادية بذراع فيفيان بقوة وأجبرتها على الوقوف.
“فيفيان!”
فزعت فیفیان و تیبست.
كانت عيون نادية حمراء.
“لا تفعلي شيئا خطيرًا كهذا مرة أخرى. أنا… لا أطيق رؤية أحدهم يموت أمامي. هل تفهمين؟”
“لم يكن الأمر وكأنني سأموت “
“اعديني. من فضلك.”
كانت الكلمات الأخيرة التي قالتها نادية أشبه بالتوسل.
أخيرا خفضت فيفيان رأسها.
“… أنا اسفة. أنا اسفة حقا.”
لأن فيفيان بدت صادقة، فقدت نادية قوتها أخيرا انهارت على الكرسي، ثم نظرت خارج العربة حيث كان الرجلان لا يزالان ينتظران.
“…. حتى لو لم أعرض عليك الأداة السحرية الآن، فلن يكون لها أي معنى، أليس كذلك؟”
“لا تتخذي مثل هذه الاختيارات الحمقاء.”
وكان صوت هاينريش باردا كما كان دائما.
لكن تعبيره تغير، ولو قليلا.
في السابق، كان يبدو كشخص لا ينزف حتى لو ظعن. الآن، قد تسيل قطرة على الأقل.
ربما كان ولاء فيفيان قد أثر عليه.
هكذا رأت نادية الأمر على أي حال. لم تتوقع قط أن تصل فيفيان، التي بالكاد عرفتها إلى هذا الحد من أجلها.
“… أريد منك أن تقر بولاء خادمتي. سأفحصه أولا، ثم أسلمه لاحقا. أعلم أنك ستقول إنه لا معنى له، ولكن مع ذلك …”
“افعلي ما تريدين”
وجاء رده أسهل مما كان متوقعا.
وهكذا اختفى هاينريش وكأنه لم يعترض طريق العربة على الإطلاق.
أليسون، لا يزال في حيرة من أمره، تلعثم قائلا: “حسنا، أنا سعيد بسلامتك. و…. بخصوص إغماء خادمتك أعتذر بشدة. إذا كنت تعانين من صداع أو أي شيء، فاطلبي مني فاتورة العلاج. ثم سأغادر.”
أصبح مرتبكا، فركض خلف هاينريش.
وبعد أن خففت من توترها، أطلقت نادية ضحكة ضعيفة.
“لم يتغير قيد أنملة..”.
نشأ أليسون مع هاينريش سكرتيرا للأطفال. كان ذكيا ورياضيا، ومع ذلك – ربما بسبب قلبه الرقيق – كان أحيانًا أخرق.
لكن هاينريش لم يكن يهتم إلا بالكفاءة، وكان ولاء أليسون مطلقا. لذا ظل بجانب هاينريش حتى النهاية.
فيفيان، التي أساءت فهم كلمات نادية، تذمرت تجاه هاينريش.
أرأيتي؟ ما زال بلا قلب. باردا كالثلج.
عادة، كانت نادية ستعارض. لكن اليوم لم تستطع.
إن ذلك الوجه القاسي الذي رأته للتو لن يغادر ذهنها.
ركب هاينريش حصانه في حالة من الغضب.
صرخ أليسون بشيء ما خلفه، لكن هاينريش لم يرغب في سماعه.
ضغط على فكه، متذكراً لقائه مع نادية.
في كل مرة أواجهها، ينفد صبري.
المرة التي رسم فيها سيفه عليها – كانت هي نفسها.
نعم، كان غاضبا حينها، لكن كان بإمكانه كبح جماح نفسه لكن لسبب ما، معها، لم يستطع.
كان ينوي للتو التفاوض بهدوء بشأن حالة فيفيان مسألة ابتلاعها للأداة، وهل عليها تقيؤها أم استدعاء طبيب؟ نقاشات تافهة كهذه لا تناسبه.
ومع ذلك، كلما جاء الأمر إليها، تخلى عنه الحكم العقلاني.
[لا تفعلي شيئا خطيرا كهذا مرة أخرى. أنا … لا أطيق رؤية أحدهم يموت أمامي. هل تفهمين؟]
تلك المرأة، التي عادة ما تكون حادة الذكاء وحسابية، أصبحت عيونها حمراء ويائسة – من أجل مجرد خادمة.
وأدرك هاينريش السبب.
كانت تلك المرأة – نادية – تشبه زوجته الراحلة كثيرًا.
عندما طرد هاينريش الخدم الذين لمسوا ممتلكاته، لم يشعر بالنصر، بل بخيبة أمل فقط.
أردت أن أظهر لزوجتي أنني شخص يمكن الاعتماد عليه.
لم يكن هذا التفكير من النوع الذي ينبغي أن يتبادر إلى ذهن طفل في الثامنة من عمره. لكن هاينريش كان يعني ذلك حقا.
عندما أمر هاينريش بالزواج من فتاة في السادسة عشرة من عمرها، لم يُصب بالصدمة. لطالما أخبره والده: بصفته وريث الدوق، عليه أحيانًا أن يفعل ما لا يريد.
علاوة على ذلك، كان زواج والديه سياسيا، ومع ذلك فقد احترم كل منهما الآخر وبنيا أسرة جميلة.
لذلك قرر هاينريش أن يفعل الشيء نفسه.
حتى دخل قاعة الزفاف كان هذا هو الشعور الوحيد الذي كان لديه الواجب.
ولكن عندما خطى على السجادة الحمراء ورأى العروس تقترب أصيب هاينريش بالذهول.
‘ملاك ….’
في شبابه، التقى هاينريش بعدد لا يحصى من الناس – كثير منهم جميل، وكثير منهم رشيق. لكنه لم ير قط امرأة بجمالها ورشاقتها كعروسه.
كان شعرها الذهبي المضفر بأناقة، يلمع تحت الحجاب الأبيض الذي غطى وجهها. كانت كلوحة فنية حية.
وعندما اقتربت منه ونظرت في عينيه كانت نظراتها الزرقاء عميقة كبحيرة، غامضة تقريبا.
ربما كان هاينريش أصغر من أن يُعرف الحب، لكن ريفينيا بدت له ملاكا نزل من أجله. وقع في حبها تماما.
ولكن حتى بالنسبة لطفل في الثامنة من عمرها، كان الزواج حقيقة واقعة.
في يوم زفافهما، أوفت الملاك التي وعدته بجعله سعيدًا بوعدها.
حمته من الشائعات الكاذبة حرصت على أن يكون له سلطة أمام أتباعه، فلم تعامله كطفل.
مهما فعلت، كانت تسأل رأيه أولا. حتى في التقارير الرسمية، كانت تكتبها كأنها تخضع لسيدها.
لقد عملت بلا كلل لإظهار للأسرة والعالم أن هاينريش بالدوين هو السيد الوحيد.
لكن هاينريش ما زال يتوق للتحدث مع ملاكه أكثر.
لماذا قبلتي بهذا الزواج المرتب ؟
ما الثمن الذي دفعتيه لحمايته؟
ألم يزعجها أن يكون عريسها مجرد شاب جاهل؟
ماذا يمكنه أن يفعل ليكسب ثقتها، حتى تبقى معه حتى عندما يصبح رجلاً؟
لقد اشتاق لمعرفة كل ذلك.
لذلك قرر هاينريش أن يظهر بمظهر أكثر موثوقية.
هذه المرة، سوف يكشف الخونة بنفسه.
بهذه الطريقة، ستتمكن ريفينيا من التصرف بحرية أكبر داخل المنزل، ومن المؤكد أنها ستثق به أكثر.
قرر تغيير التكتيكات.
بدلاً من وضع الفخاخ بشكل عشوائي، كان يقوم بتضييق نطاق المشتبه بهم بعناية.
أي نوع من الناس يخون؟ ما هي صفاتهم؟
أولئك الذين كانوا راضين عن حياتهم لم يكن لديهم سبب كبير للخيانة.
لا، بل سيكون هؤلاء هم أولئك الذين كانوا إما يائسين في الفقر، أو ارتكبوا بالفعل أعمالاً مشينة.
كانت الأولى محجزة إلى حد ما، لذا سيركز على الثانية.
وأمر هاينريش كبير الخدم وبعض الخدم الموثوق بهم بالتحقيق في الآخرين وإبلاغه بذلك.
وكانت التقارير التي تلقاها على النحو التالي:
: مهتم بالمقامرة، ولكن ليس إلى درجة الإدمان عامل الإسطبل، السلام .
: ترتدي ملابس الدوقة سراً في بعض الأحيان. خادمة الغسيل، نينا .
: مجتهدة واجتماعية. الشيف لورا .
: صارم للغاية لدرجة أنه يتشاجر مع زملائه الحراس في كثير من الأحيان الحارس،إيدي.
التعليقات لهذا الفصل " 26"