الفصل العاشر

“حان الوقت.”

في وقت مبكر من الصباح.

توقفت الخادمات اللواتي كن يساعدن بليندا في تجهيزها الصباحي، وعلى رأسهن ميري، عن عملهن وتراجعن إلى الخلف فور سماعهن هذه الكلمات.

بعد لحظات، انفتح الباب الموصل إلى غرفة بليندا، وظهر ليو مترددًا وهو يرتدي ملابس أنيقة اختارتها له تيري كعادتها هذا اليوم أيضًا.

كان ليو يبدو لطيفًا للغاية وهو يرتدي قبعة بيريه مائلة قليلاً، ويحرك أصابعه داخل رداء قصير كان يرتديه للدفء.

الخادمات، دون وعي منهن، وقفن يصفقن إعجابًا لكنهن سريعًا ما خفضن رؤوسهن عندما لاحظن نظرات بليندا الحادة التي وجهتها إلى ليو.

“ليخرج الجميع عدا هذا الفأر.”

نظرت الخادمات إلى بعضهن بحذر للحظة، ثم انسحبن بصمت.

كان التوتر الذي يرافق جلسة التأديب قد بدأ منذ فترة، ولم يكن للخادمات سوى أن يتظاهرن بعدم معرفتهن بما يجري.

لم يكن أحد يعلم ما الذي يحدث داخل الغرفة بعد خروج الجميع وبقاء بليندا وليو وحدهما.

كل ما كن يعرفنه هو أنه بعد خمس دقائق تقريبًا من اللقاء القصير، سيخرج ليو من الغرفة بحالة يُرثى لها.

ألقت الخادمات نظرة شفقة على ليو، الذي كان يقف متوترًا وقد رفع كتفيه بخوف، قبل أن يغلقن الباب.

أخيرًا، وبعد أن أصبحت وحدها مع ليو، مدت بليندا ذراعيها ببطء إلى الأمام.

ثم همست بصوت تحذيري وبملامح مخيفة:

“كستناء الفئران.”

“ن-نعم! نعم! نعم!”

“تعال هنا.”

احمرّ وجه ليو على الفور كليًا، وسار بحذر شديد، وكأنه يمشي على الجليد الرقيق، حتى وقف أمام بليندا.

عندها، ركعت بليندا على الأرض وأحاطت ليو بذراعيها بقوة كأنها تريد أن تسحقه بين يديها.

كان هذا بمثابة طقوس يومية ، حيث يتم تكراره كل صباح منذ أسبوع حتى الآن ومع ذلك، لم يستطع ليو التكيف معه، وكان يتجمد في مكانه في كل مرة.

لكن بليندا لم تتخلَّ عن هذا الروتين، وواصلت معانقة ليو كل صباح لمدة خمس دقائق.

في صمت تام، كانت تضم ليو بقوة، ثم تهمس له بكلمات مشجعة وهي تعبث بشعره حتى يتناثر.

أصبح هذا المشهد جزءًا من يومياتهما.

ظلت بليندا تحتضن ليو إلى أن شعرت بأن توتره قد بدأ يتلاشى، فخففت قبضتها عليه.

“أيها الفأر الصغير، حاول اليوم أيضًا أن تكافح كالحشرة.”

بهذه الكلمات التي تحمل دعمًا صارمًا في ظاهرها، كانت تودع بليندا ليو وهي على وشك أن تتركه.

للمرة الأولى، لفَّت يدَا ليو الصغيرتان حول ظهر بليندا على الرغم من شكلهم الأخرق.

آ-آنسة ب- بليندا… أتمنى لكِ يومًا جميلاً أيضًا.”

ردًا على الطفل الذي لم يتلقى المودة من قبل، قامَت بليندا باحتضان ليو مرة أخرى بقوة.

لقد كانت خطوة اولى بطيئة، لكنها كانت كبيرة.

***

مملكة كينوس التي تأسست بعد حرب الشياطين قبل 700 عام، كانت جزءًا من مجلس الدول الخمس الذي تم إنشاؤه بهدف الحفاظ على سلامة القارة.

لذلك، لا يُسمح لها بغزو دول أخرى أو أن تُغزى، كونها دولة محايدة، وبفضل ذلك، كانت هذه المملكة تنعم بالسلام منذ تأسيسها دون أن تشهد أي حرب.

باستثناء أراضي بالواستين في الشمال، التي يُطلق عليها بوابة البشرية.

كنت أنظر إلى أراضي بالواستين الشاسعة على الخريطة، التي تشكل ربع المملكة، وتفاجأت بها.

“على الرغم من أنها رحلة للاستمتاع بالشتاء، لكن ليس من الضروري الذهاب إلى الشمال.”

حذفت الشمال من ذهني بسرعة.

وكانت عيني تبحث عن وجهة مناسبة للأستمتاع بالشتاء من خلال الخريطة بشكل محموم.

على الرغم من أن مستوى توتر ليو قد استقر، إلا أنني كنت أخطط لرحلة شتوية تستمر لمدة شهر تقريبًا لتوسيع آفاق الطفل، خاصة بعد الحادثة الأخيرة.

العاصمة الملكية ليست منطقة تتساقط فيها الثلوج بكثرة، وقد قال ليو إنه لم يرَ الثلج من قبل.

لذلك، كنت أبحث عن مكان يتمتع بمناظر شتوية جميلة، لكن لم أتمكن من العثور على وجهة تلبي التوقعات.

كنت أفكر في التوجه إلى الجنوب الدافئ بدلاً من ذلك، وأنا أتأمل رصيدي المتبقي.

لكن كان هناك شيء غريب في رصيد حسابي البنكي.

“هل يعقل أن شوفيل قد سرق أموالي؟”

لم أكن أعتقد أن الأمور قد تصل إلى هذا الحد، وعندما فحصت إيصالات الإنفاق خلال الفترة الماضية، اكتشفت بكل مرارة أنني كنت اللصة بنفسي.

“لكن كانت نفقات غير مأسوف عليها.”

بالإضافة إلى ذلك، هناك دائمًا طرق لكسب المال.

أنا أملك معلومات عن المستقبل، ورأس مال يمكنني استثماره في أي مكان، ولدي بركة الجنيات!

لقد حان الوقت لأن أغفر لهذه اللصة.

“آنسة بليندا!، أخيرًا… لقد أنهيت العمل!”

دخلت فيفيان بسرعة إلى مكتب العمل، وقدمت لي شيئًا وضعته على الوسادة المخملية باحترام.

كان مجسم أسود بالكامل.

مقابضه واسفله كانت ملفوفة بتعويذات معقدة مثل الكروم.

وكان هناك زخارف ذهبية دقيقة مضافة إليه.

كان ذلك أقرب إلى قطعة فنية عوضًا عن مسدس.

أخذت بحذر قطعة عمل فيفيان بين يدي.

كانت ثقيلة بعض الشيء، لكنها لم تكن ثقيلة بما يكفي لجعلها صعبة الحمل بيد واحدة، والأهم من ذلك أن قبضة يدي عليه كانت مريحة جدًا.

قالت تيري، التي أتت راكضة.

“أنتِ ماهرة في إمساك المسدس.”

بالطبع، لأنني رأيته مرارًا في الأفلام والدراما، لذلك ليس من الصعب حمله والتمثيل.

المشكلة هي مهارات الرماية، ولكن في الوقت الحالي لم يكن هناك مكان مناسب للتدريب.

لقد أخذت المسدس بيدي وحركته هنا وهناك، ثم سحبت الزناد وأومأت برأسي برضا.

“يبدو أنني يجب أن أدفع لكِ مقابل هذا.”

ثم أخذت ورقة عقد كنت قد أعددتها مسبقًا لفيفيان من الدرج وأخرجتها.

عرضت العقد عليها وأشرت إلى مكان التوقيع قائلة:

“وقعي هنا.”

بدون اعتراض، أخرجت فيفيان قلم السحر من جيبها ووقعت على العقد.

“فيفيان.”

“نعم؟”

ناديتها بعمق ثم أخرجت تنهيدة، لكنها كانت تنظر إلي بعيون بريئة وكأنها لا تدرك ما الخطأ.

“لماذا وقعتِ كما طلبت منك؟”

“لأنكِ طلبتِ مني التوقيع…”

تلعثمت فيفيان ثم أدركت ما كان في يدها وأومأت برأسها وكأنها فهمت الجواب.

“آه، لا يجب أن أوقع على العقد باستخدام قلم السحر.”

“……”

“أم… هل توقيعي يبدو فوضويًا جدًا؟”

“……….”

“ليس هذا ايضًا ، ربما… أكان عليّ استخدام قلم حبر فاخر عند التوقيع؟”

“…………..”

مع تتابع الإجابات الخاطئة، قمت بالنقر على البند الموجود في العقد  وقلت لها الجواب الصحيح.

“لماذا وقعتِ دون حتى أن تتحققي من محتويات العقد؟ ربما وضعت بندًا استغلاليًا يمكنني من استخدامك كعبدة!”

لقد تكلمت بلهجة باردة أكثر من المعتاد، لكن بطريقة غريبة، بدلاً من أن تشعر بالقلق، ابتسمت فيفيان ابتسامة عريضة.

” لا بأس، إذا كانت الآنسة بليندا… فيمكنكِ أن تستغليني كما تشائين!”

“…….!”

آه، يا لهذه الإنسانة!

لقد تم خداعها من قبل معلمها الجشع، ومع ذلك لا تزال غافلة عن الأمر!

“يا هذه.”

“نعم.”

“علمي هذه الحشرة عديمة الفائدة طعم العالم القاسي.”

“بالطبع، سأعلمها ، هيا بنا ، هل ترغبين في تعلم الحياة الحقيقية؟”

“لا، لم أقصد ذلك، أعني إذا كانت الآنسة بليندا فأنا أثق بها في كل شيء…”

“نعم، نعم. من فضلك، لا تبرري أمامي.”

حاولت فيفيان أن تبرر بكل قوتها، لكن انتهى الأمر بسحبها قسرًا بواسطة تيري.

بعد أن تتلقى دروسًا سريعة من تيري حول عقود الاحتيال المنتشرة في الأزقة، ربما تتعلم شيئًا عن العالم.

‘من الان فصاعدًا لن أتصرف بلا تفكير مثل التوقيع على عقد دون أن قراءة محتوياته ومعرفة مخاطره!’

بعد أن تأكدت من أن فيفيان قد أكملت التوقيع على العقد، التقطت العقد بحذر ثم حولت نظري إلى السلاح الجديد.

من الأفضل أن أتمرن على الرماية بين الحين والآخر تحسبًا لوقوع أحداث خطيرة في المستقبل.

ومع ذلك، كنت أشك في مدى فائدة تمرين الرماية على هدف ثابت لا يتحرك.

“هل هناك مكان مناسب تتجول فيه الوحوش السهلة من المستوى الضعيف؟”

وأثناء تفكيري، لفت انتباهي فجأة هلال القمر في السماء من خلال النافذة.

هلال أبيض اللون..

عندما رأيته، خطرت لي فكرة.

“آه!”

كان هناك مكان مليء بالوحوش الضعيفة والبسيطة!

بالإضافة إلى أنه يقع بالقرب من منطقة سياحية شهيرة، لذا كان مناسبًا كوجهة للسفر.

“ربما يساعد ذلك في رفع مستوى ليو أيضًا.”

كانت لعبة 〈هيرومي〉 من الألعاب الرائعة التي تسمح بالاستكشاف وقتل الوحوش في الأبراج المحصنة.

كانت طريقة القتال تعتمد على نظام الأدوار بينك وبين العدو، حيث تتبادلان الهجوم وعند الفوز، هناك احتمال لزيادة الإحصائيات.

كنت أحسب متى يأتي يوم اكتمال القمر عندما لاحظت مجموعة من الخادمات يضحكن ويتمشون عبر الحديقة.

ثم تذكرت…

“قبل أن أترك القصر، يجب أن أتعامل مع الفئران أولًا.”

همست بذلك دون تفكير، ثم تفاجأت وأمسكت بفمي.

لم يكن هناك أحد حولي، وبالتالي كان جهاز ترجمة بليندا لا يعمل.

ومع ذلك، خرجت هذه الكلمات بطلاقة.

“العادات مخيفة حقًا.”

لقد انشغلت بالتحدث بأسلوب بليندا لدرجة أن أسلوب كلامها أصبح جزءًا من طريقتي في الحديث.