فجأة، وجدت نفسي أرمش أمام السير بيناديل الذي كان بدأ بأنتقاد رئيسه.
لقد كان شخصًا لا يتحدث عن الآخرين بسوء، حتى على سبيل المزاح.
بل إنّه حين التقينا أول مرة، لم يُقدّم الدوق إلا كرئيس كفؤ في عمله.
لا، عند التفكير، ربما قال إنه مجتهد في مهماته، ولم يقل شيئًا عن حسن تعامله مع المرؤوسين.
ربما تكون هذه فرصتي.
لو كنت أنا في حياتي السابقة، لما راودني أي طمع، لكن الآن رغبت في المغامرة قليلًا.
سعلتُ قليلًا، ثم فتحت فمي بهدوء، ككشّافة تحاول اجتذاب كفاءات الشركات المنافسة.
“سير، أيعاملك الدوق بسوء؟”
قبل أن يجيب، أسرعت بإضافة كلمات تواسيه.
“لا بأس، حتى دون إجابة أظن أنني أعلم، في المرة الماضية بدا لي أنّ سموه لا يُجيد قراءة الأجواء.”
“…سأصلح ذلك.”
“لماذا تصلحه أنت، أيها السير؟ يجب أن يصلحه سموه!”
بدأت أواسيه، وقد بدا عليه بعض الحزن ، لكن استمررت بأستمالته تدريجيًا.
كان من السهل توقع ما سيقوله بعد مأدبة التنصيب.
كما وعد في ذلك اليوم، سَيطالب بِـ حقوقه، ثم يعود إلى الشمال.
وقبل أن ينطق بذلك، كان عليّ أن أسبقه.
وبينما نظرت بعينين قلقتين إلى البوابة الضخمة للقصر من نافذة العربة، قلت.
“إذا كان هناك ما ترغب فيه، فأخبرني، أي شيء، لا مانع، وإذا كان شيئًا لا يستطيع الدوق منحه، فهو أفضل حتى.”
صحيح أن هناك أشياء لا تُشترى بالمال، لكن هذه العبارة تعني في الواقع أن معظم الأشياء يمكن شراؤها به.
قد يُعدّ ذلك خيانةً للدوق، لكنني كنت مستعدة لفعل أي شيء لإبقائه بجانبي، كما علمني ليو ان اكون شجاعة.
عندما وصلت العربة إلى القصر، لم تكن أفكاري تَنصّب على مراسم التنصيب، بل على عشرات الطرق لإغراء اللورد بيناديل.
حينها اقترب خادم مني وهمس بصوت خافت:
“سمو ولي العهد يطلب مقابلتك عاجلًا.”
“…سموه؟”
لم يتبقَ وقت طويل قبل بدء حفل التنصيب، وكنت أتساءل…لماذا يدعوني بشكل منفصل ونحن سنلتقي خلال الحفل؟ ومع ذلك، تبعت الخادم بصمت.
بعد لحظات، رأيت ولي العهد يتجول أمام الدفيئة الزجاجية، بقلق واضح.
“بليندا!”
تغيرت ملامحه عندما رآني، قبل أن يلمح اللورد بيناديل خلفي.
“…ادخلي أولًا.”
تبادلت النظرات بين السير وولي العهد بسرعة، ثم تبعته إلى داخل الدفيئة.
“سموّك، سيبدأ حفل التنصيب بعد قليل…”
توقفت فجأة، فقد لاحظت أن مظهر ولي العهد كان متواضعًا، رغم وجوب ارتدائه للزي الرسمي.
“لقد أبعدت الناس حولنا، لذا سأتحدث بحرية، بليندا، ألم تصلك الرسالة التي أرسلتها البارحة؟”
أدركت بعد لحظة أنّني نسيت تمامًا الرسالة بسبب انشغالي بمسألة ليو. “عذرًا، كنت مشغولة بالتحضيرات ولم أتمكن من قراءتها.”
“لا بأس، لم يفت الأوان بعد، اليوم قرر الملك تولي مراسم التنصيب بنفسه فجأة، لكنه في الحقيقة غير راضٍ عن تنصيبك.”
لم يكن الخبر مفاجئًا؛ فقد ذكر ولي العهد ذلك في حفلة الخريف الماضية. الملك، لأسباب سياسية، كان سعيدًا جدًا بخطوبتي للدوق ، والآن بعد فسخ الخطوبة، قد يراه البعض إهانة للعائلة الملكية.
لم أكن قلقة بشأن الحفل، لكن إذا كان الملك يخطط لشيء…
فكل الشائعات التي سمعتها مؤخرًا عن الملك، لم تكن سوى كوابيس مرعبة لا تنتهي.
ولي العهد، متحكمًا في ملامحه، تابع حديثه كمن يتذوق ثمرة غير ناضجة وحامضة..
“ادّعي أنكِ مريضة وعودي اليوم، سأجري لك المراسم لاحقًا ولو بشكل رمزي.”
“لا!”
رفضت عرضه بحزم، بينما كان قلقه واضحًا على وجهه.
بليندا… جلالة الملك لم يعد كما تتذكرينه، لقد تغيّر كثيرًا، لذا…”
وأعطيته إجابة لم أستطع سابقًا..
“ميشا.”
“هذا صحيح، لم أعد طفلة تضطر لاختيار شيء واحد فقط، أصبحت شخصًا ناضجًا يعرف كيف يحصل على ما يريد.”
كان على ولي العهد أن يقبل أنّ بليندا الطفلة التي أحبها قد اختفت إلى الأبد. “لقد نشأت لأصبح شخصًا جشعًا، يريد كل شيء، لقد سمعت عن طمعي.”
“لو ابتعدت الآن، سيضحك الأعداء على سقوطي، فإذا اتّسخت ثيابي، أفضل أن ألوثها بيدي.”
لم يرد ولي العهد، فأمسكت يده برفق وابتسمت قبل أن أبتعد. لم يمنعني يومها من مغادرة الدفيئة.
***
حفل التنصيب، عادةً ما يكون بسيط… أداء قسم الولاء للملك، يُمنح الوارث تاجًا معدنيًا.
لكن، كما نصحني ولي العهد، لم يكن حفل تنصيبي بهذه البساطة.
“نسل الماركيز بلانش الثاني تقسم الولاء للملك.”
‘يعني البنت الثانية ، ولكن الترسيم يكون بصيغة المذكر’
رغم القسم، لم يضع خادم الملك التاج على رأسي. حين همّ الحضور بالهمس، جاء صوت الملك منخفضًا…
“ارفعي رأسك، نسل الماركيز بلانش الثاني.”
رفعت رأسي، لكنني تجنبت النظر في عينيه.
بعد لحظة، قال الملك ساخرًا.
“تجرؤين على فسخ الخطوبة الموثّقة من العائلة المالكة، و تعتقدين أنني سأمنحك التاج؟”
رغم الإذلال العلني ، أجبت بصوت ثابت..
“جلالتك، أرى أنّ إثبات ولائي لكم لا يمكن ان يكون محصورًا فقط بكوني الدوقة الشمالية ، بل بوقوفي هُنا كَـ رئيسة لعائلة عظيمة مثل بلانش… أرجو الا يُساء فهم صدق نيتي”
رغم أن كلماتي كانت مجرد محاولة ذكية لتجاوز الموقف، إلا أنني استطعت أن أتمالك نفسي بفضل تحذير ولي العهد.
ثم تابع الملك.
“أوه، مهارات الكلام لديك تشبه عمك، وليس والدك.”
رغم أنّ ذلك كان إهانة مقصودة، فالجميع يعرف أن عمي ولد خارج إطار الزواج ، لكن ذلك لم يزعجني؛ فوجود التشابه مع عمي كان مدحًا ضمنيًا بالنسبة لي.
“حسنًا، سأمنحك التاج، فاقبليه.”
ألقى التاج عليّ بلا مبالاة، فأغمضت عيني لتجنب حافته الحادة. صوت تصادم المعدن أثلج أذني، وسقط شيء على الأرض. فتحت عيني ببطء، ورأيت التاج متدحرجًا، وظهر السير بيناديل، بقناع على وجهه.
“كيف وصلت إلى هُنا…”
كان قد تعرض للجرح على وجهه أثناء محاولته حمايتي، لكنه انحنى أمام الملك دون أن ينظر إليّ. “سامحوني لتقدمي أمام الملك دون إذن.”
“انا من فسخ الخِطبة التي باركتها جلالتك ، أعتذر لاني فسختها دون إذن ، الآنسة بلانش لم تكن سوى ضحية على الجانب الآخر”
اختنق صوتي…لم استطع النطق بحرف.
لم افهم ما كان يحاول فعله ، ما قصده بكلماته.
لا، هذا لا يُصدق.
لكن ما صعقني حقًا..كان رد الملك.
“اوه ، أليس هذا دوق بالواستين شخصيًا؟”
‘ماذا؟’
“لم أسمع يومًا أنك تخطيت حدود الشمال، فما الذي تفعله إذًا هنا، في عاصمتي، أمام عرشي…؟”
لم أستوعب الموقف، لكن بطبيعة الأمر أمسكت بكتف اللورد بيناديل بإحكام.
ربما لمنعه أو لحماية نفسي، لم أدرك السبب.
لكن ابتسامة الملك كانت أكثر من كافية لتأكيد وحشية الموقف.
“لقد نقضتَ العهد.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 133"