يا إلهي، أيمكن أن يكون قد كره الاسم إلى حد البكاء؟!
ارتبكت بليندا أشد الارتباك، وبدأت تقذف بأسماء عشوائية من رأسها علّها تنقذ الموقف:
“إن لم يُعجبك الاسم، يمكننا تغييره، لا بأس… مثلاً، د– دونالد؟ تشارلز؟ أو ربما جاك؟”
“كلها… قبيحة!” شهقة
وسرعان ما مسح ليو دموعه بخشونة بكمّه، ثم قال بوضوح وحزم:
“أنا أحب اسم ليو أكثر من أي اسم في هذا العالم.”
ورغم تأكيد ليو، لم تترك بليندا مجالًا للشك أو التسرّع، بل حرصت على التأكد مرةً بعد مرة من رأيه، قبل أن تضع القلم بين أصابعه الصغيرة.
ما كان مطلوبًا لإتمام التبني هو موافقة الطرفين.
فأخذ ليو القلم وبدأ بخطّ اسمه في الخانة الفارغة أسفل الوثيقة، حرفًا بعد حرف، بدقة شديدة.
وحينها ظهر فوق رأسه مؤشرٌ يشبه ذاك الذي رأته بليندا قبل زمن بعيد، رمشت بخفة.
ثم بدأ الاسم القديم “كستناء الفئران” يُمحى نقرةً تلو الأخرى، ليحلّ محله الاسم الجديد الذي طالما انتظره.
طقطق طقطق.
[ليو بلانش]
حدّقت بليندا طويلًا في الاسم، ثم كتبت اسمها أسفل توقيع ليو بوصفها الوصيّ الرسمي.
وما إن فعلت، حتى ظهرت أمام عينيها نافذة نظام.
زيزز… ززز.
لكنها كانت مشوشة، كأنها معطوبة، ولم تستطع أن تُميّز ما كُتب فيها بسبب التشويش البصري والضوضاء.
ما الخطب؟
شعرت بليندا بوخزٍ من القلق يزحف في صدرها، وفي اللحظة التالية تمامًا، اختفت الضوضاء فجأة وكأنها لم تكن، ثم توالت عدة نوافذ نظامية أمام عينيها تغمر مجال رؤيتها:
[تم الاعتراف بـ “بليندا بلانش” كوصيّ رسمي.]
[يبدأ التحديث رقم 38.]
[سيُطبع ختم “النجم البطل” على “النجم البطل”.]
[تم تحميل خريطة المملكة.]
[تمت الموافقة على الدخول إلى متجر الكاش.]
[تمت الموافقة على الدخول إلى نافذة المهارات.]
[تم تحديث المهمة الرئيسية.]
[مبارك! لقد أصبحتَ الوصيّ الرسمي لـ”نجم البطل”.]
تحديث رقم ثمانية وثلاثون؟!
وخز غريب من الشعور بعدم التناسق خيّم على عقلها، وفجأة سمعَت صوت ليو يحمل شيئًا من التردد:
“هل… هل هذا كل شيء؟”
أغلقت بليندا نوافذ النظام بسرعة، ثم جثت على ركبتيها حتى صارت في مستوى نظره، وابتسمت:
“نعم، انتهى، بسيط جدًا، أليس كذلك؟”
راح ليو يحرّك أصابعه المتشابكة في ارتباك، غير مصدّق لما حدث، ثم سألها وكأنه يتحقق مرة أخرى:
“حقًا؟ لا نحتاج لعبور سبع محن أو… قطف زهرة نادرة من أخطر أرض في العالم؟ مثل تلك التي تنبت فقط في موطن الموروسينيا؟”
فقد ظن ليو أن الانضمام لعائلة بلانش، كأن تكون أميرًا أو أميرة في حكاية خرافية، لا يتم إلا باجتياز اختبارات قاسية مليئة بالمحن والدموع.
لكنه فوجئ بأن الأمر ينتهي بتوقيع اسم على ورقة!
إلى هذا الحد، كان لقب بلانش في نظره ذا قيمة تضاهي الانتماء للعائلة الملكية.
لم يكن يتوق لحمل الاسم نفسه، بل لأنه كان يريد أن يصبح فردًا من عائلة بلانش… أي فردًا من عائلة بليندا بلانش.
“أولًا، إذا طلبتُ منك عناقًا، يجب أن تأتي راكضًا وتعانقني في الحال.”
“ثانيًا، كل صباح ومساء علينا تبادل التحية: صباح الخير، وليلة سعيدة، ليس هذا فحسب… ثالثًا، يجب أن نتناول العشاء معًا، ورابعًا، إذا رأيت كابوسًا، فعليك أن تركض إليّ أولًا، وخامسًا، إن رغبت بشيء، عليك أن تدللني وتطلبه بأسلوب لطيف ، وسادسًا، يحق لك أن تكذب على الآخرين، لكن أمامي يجب أن تكون صادقًا تمامًا، أما الشرط السابع، فهو الأصعب على الإطلاق: عليك أن تنمو بصحة جيدة من دون أن تمرض أبدًا، كيف ترى الأمر؟ ستتمكن من اجتيازه؟”
“ه… هذا…”
“في هذه الحالة، لنبدأ بأول اختبار حالًا.”
فتحت بليندا ذراعيها ماكرة، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة مشاكسة.
احمرّ وجه ليو خجلًا كطماطم ناضجة، وتحولت شفتاه إلى مثلث صغير، لكنه في النهاية، اندفع إلى حضنها.
وحينها، همست له بكلمات كانت تتمنى قولها منذ لقائهما الأول:
“أهلًا بك في بيتنا، ليو.”
***
لم أتمكن حتى من الاحتفال مع ليو بعد التوقيع، إذ سرعان ما جذبتني يد الوصيفات لأبدأ مراسم الزينة والاستعداد.
بعد التشاور مع تيري، تقرر أن أرتدي فستانًا أبيض نقيًا لحضور حفل التنصيب.
ففي مملكة ريفيان، يُعد اللون الأبيض رمزًا للولاء، لذا حين ينتصر شخص ما سياسيًا، يرسل له النبلاء باقات زهور بيضاء كعلامة دعم.
واليوم، سيكون حفل التنصيب بقيادة ولي العهد.
وبارتداءي فستانًا أبيض، ووضعي التاج الملكي على رأسي، سأرسل بذلك إشارة ضمنية لكل النبلاء الحاضرين بأني قد انضممت إلى صفوف الملكيين.
وقبل كل شيء…
“الجميع سيرتدون ألوان الربيع الزاهية في الحفل، لذا سيكون فستانك الأبيض لافتًا أكثر.”
كلام تيري كان منطقيًا تمامًا.
الشكر للحاكم أن شعري أحمر.
أخذت أتفقد مظهري الأخير في المرآة، وهززت رأسي برضى.
كان الفستان مزدانًا بدانتيل دقيق يغطي الكتفين، ومزينًا باللؤلؤ من الخلف، وتاجي كذلك ناصع البياض، لكني لم أبدُ باهتة بل على العكس، اللون الأبيض زاد من تألق شعري الأحمر.
بعد وداعي لليو، صعدت إلى العربة التي ستقلّني إلى القصر.
وكعادته، كان السير بيناديل هو من يتولى مهمة الحراسة.
ما إن انطلقت العربة حتى قطع بيناديل الصمت بصوت هادئ:
“في الشمال، يمكن رؤية الشفق القطبي الأبيض أحيانًا، منظره بديع إلى حد أن البعض قضى نحبه متجمدًا أثناء التحديق فيه.”
صدمتي لم تكن بقليلة من هذا التعليق الغريب.
رجل قليل الكلام، مباشر، لا يفتح موضوعات عشوائية دون قصد… ما الذي يعنيه الآن؟
“أنا شخصيًا رأيت ذلك الشفق… ولم أشعر بأي شيء مميز، لذا، ربما كنت أظن أن من ماتوا متجمدين وهم يحدقون به… كانوا أغبياء نوعًا ما.”
أهو يسرد عليّ حكاية رمزية؟
وقبل أن أفهم، أردف قائلًا:
“لكنني الآن، وأنا أنظر إلى الآنسة بلانش… أفكر أنهم، حتى في لحظاتهم الأخيرة، لا بد كانوا مفتونين… مفتونين للغاية.”
“ماذا تقول…؟”
“أنتِ… فاتنة للغاية، آنسة بلانش.”
بسرعة، فتحت مروحة يدي ورفعتها لتخفي وجهي.
هل… هل شبهني للتو بالشفق القطبي الأبيض؟
هل قال ذلك هو؟ السير بيناديل؟ الرجل الذي لا ينطق إلا بما يُبرمج عليه؟!
لم أعد أستطيع حتى ضبط تعابير وجهي، فاختبأت خلف المروحة، أحاول تهدئة أنفاسي المتسارعة.
كان قلبي ينبض بجنون، فقد جاءت تلك الكلمات من شخص لا يتكلم بالإطراء أبدًا.
ثم تذكرت فجأة ما قلته له يوم الاجتماع الشهري…
“إن أردت مدح سيدة، فعليك أن تقول كيف، وأين، وكم هي جميلة.”
لا يمكن… هل… تذكّر كلامي حينها؟
“سعال… سيدي.”
“نعم؟”
“تحسّنت كثيرًا في فنّ الإطراء.”
“شكرًا جزيلاً.”
رغم أن نبرته بقيت جادة، رأيت من خلف قناعه شبه ابتسامة صغيرة تلوح على شفتيه.
حرّكت يدي فوق ركبتي بتوتر قبل أن أقول:
“أعلم أن الدوق منحني كنزًا لا يقدّر بثمن… وأدرك جيدًا أنه ليس كما تصفه الشائعات.”
كنت أنوي أن أقول هذا له لاحقًا، حين أسلّمه وثيقة ملكية المنجم بعد انتهاء مراسم الوراثة.
حين راجعت وثائق عمل العائلة، اكتشفت أن منجم هيرينغتون لم يُستخرج منه أي حجر سحري منذ سنوات.
ظننت أنه نضب، لكن لا، لم يكن هذا هو السبب.
عائلة بالواستين كانت تدفع غرامات مالية كل عام بدل الحصص غير المستخرجة، متحملة خسائر جسيمة.
لا بد أن هناك سببًا ملحًا يمنعهم من استئناف العمل رغم تلك الخسائر.
ولو كان الدوق طماعًا فعلاً، لكان قد دبّر موتي على يد خصوم يحملون لي الضغينة، ثم انتظر ليُطرح المنجم في مزاد ويشتريه… بدلًا من أن يعرض عليّ زواجًا سياسيًا.
ما فعله لم يكن عقلانيًا… إلا إذا كان رجلًا مستقيمًا بالفعل.
“أظنه، كما قلتَ يومها… رجلًا نزيهًا وشريفًا.”
لكن على غير المتوقع، أنكر السير بيناديل قولي هذا فجأة.
“رجاءً… لا تصفيه هكذا.”
“ماذا تعني؟”
“إنه رجل جبان… يعرف الصواب، لكنه يهاب قول الحقيقة.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 132"