لهذا السبب بالذات، يُشَبَّه الكازينو العريق في مكانه بـ”الإوزة التي تبيض ذهبًا”.
ففي النهاية، دائمًا،
كل المال ينتهي إلى جيب الكازينو.
ورغم معرفة الناس بهذه الحقيقة، إلا أنهم يهرعون نحوه، متشبثين بإمكانية ضئيلة لقلب حياتهم رأسًا على عقب، كفراشات تنجذب إلى النار، فتذوب أجنحتها في ضوء المستحيل.
أما الكازينو، فيبدو وكأنه إله كريم، يمنحهم حفنة من المعجزات، ليتركهم بعدها عراةً أمام خيبتهم.
تلك كانت القاعدة الذهبية التي تحكم “البيت الأحمر”.
حتى جاءت بليندا بلانش… وسحقت تلك القاعدة تحت قدميها.
***
في الأسابيع الماضية، حين راجع شوفيل بلانش حجم الأموال التي أخذتها بليندا، أشعل السيجار في فمه بعصبية.
“هل تظن حقًا أن لعبة قمار تافهة قادرة على إسقاط هذا العمل العملاق؟”
في البداية، سخر من حماقتها.
لكن الحقيقة أنه لم يترك شيئًا للصدفة.
في كل زاوية من زوايا الكازينو، كان قد زرع “الضباع” رجالًا انتقاهم بنفسه، يختلطون بين الحضور كأنهم زبائن عاديون.
مهمتهم بسيطة:
راقب أولئك الذين بدت حظوظهم خارقة للطبيعة، وراقب كيف يستدعون الحظ، كيف يربحون مرارًا دون منطق.
أغلبهم كانوا يستخدمون حيَلًا رخيصة، أو مهارات يدوية مكشوفة.
لكن ضباع شوفيل كانوا محترفين؛ لم يسبق لهم أن أفلت منهم متحايل واحد…
إلا بليندا.
***
“لم نكتشف أي خدعة واضحة.”
“صحيح أن حركتها في التعامل مع الأوراق متقنة، لكنها لا تصل لدرجة التلاعب اليدوي.”
“يبدو أن الأمر محض حظٍ لا أكثر…”
“أو، وإن لم يكن كذلك، فهي تُخفي مهارة من مستوى لا يمكن كشفه بسهولة حتى لنا.”
استرجع شوفيل تلك التقارير بينما كان ينفث دخان سيجاره، ثم التقط رقائق مراهنة كانت مرمية على الطاولة.
دارت كرة الروليت داخل العجلة العملاقة، وصوتها تردّد في الأرجاء كما لو أن المكان كله احتبس أنفاسه.
المدير العام وقف ينتظر ردها، وكأن مصيره كله معلق بتلك الكرة الصغيرة.
**طَق.**
سقطت الكرة أخيرًا في خانةٍ حمراء.
بليندا ابتسمت… وقالت، بهدوء:
“ساعتان.”
“عفوا؟”
“أعتقد أن بإمكانك الانتظار ساعتين، أليس كذلك؟ كما ترى… أنا مشغولة بالاستمتاع باللعب ، تيري، راهني بكل شيء على الرقم الأحمر الزوجي.”
“حاضر.”
بدأت عجلة الروليت بالدوران مجددًا،
ومع أهمية الحدث، إلا أن المدير العام، الذي لا يملك لا سلطة ولا حجة تُجبر بليندا على شيء، لم يجد أمامه إلا أن ينحني ويرحل بهدوء.
‘الطابق الأعلى من الكازينو.’
وصلت بليندا لمكتب شوفيل… تمامًا بعد مرور ساعتين على طلب مقابلتها.
“شوفيل، قيل لي أنك طلبت رؤيتي؟”
كان واقفًا يدخّن السيجار وينظر من نافذة مكتبه الواسعة نحو مشهد الكازينو تحت قدميه.
عندما استدار، كان وجهه يبدو هادئًا، لكن الدخان الكثيف الذي ملأ الغرفة كان ينطق بكل التوتر الذي حاول إخفاءه.
“هلّا جلستِ أولًا؟”
وأشار إلى الأريكة المخملية.
بليندا جلست بأريحية، واضعة ساقًا فوق الأخرى، في انتظار ما سيفعله.
هل سيهددني؟ يطلب مني أن أتوقف؟
ربما سيرمي شيئًا غاضبًا… الموقف يستدعي ذلك.
لكن الأجواء لم تكن بتلك العدائية التي توقعتها.
“بليندا، أمنعك من دخول الكازينو لمدة شهر.”
“هكذا ببساطة؟ أعتقد أنك بحاجة لسبب وجيه.
أنا لم أستخدم أي خدع، ولم أُحدث أي فوضى.
بل في الواقع، كل هذا الازدهار الأخير في عملك… أليس لي يد فيه؟”
توقفت عن الكلام قليلًا، مستعدة لإطلاق كلمات كالسكاكين.
لكن شوفيل سبقها بخطوة.
اقترب منها، ثم فجأة…
جثا على ركبتيه…
“لو كان شهرًا كثيرًا… فاجعليه أسبوعين فقط، أرجوك.”
قالها بينما كان كتفاه يرتجفان، كأنما كان يبكي دون دموع.
“هل تعلمين كم عانى والدي ليستعيد هذا المكان؟
لقد خُدع والدك، وكاد يخسر الكازينو للاحتيال.
وحين ورثت أنا المكان، قضيت الليالي في إصلاح ما أفسده من سبقوني.
هذا المكان… هو إرث والدي، بل إرث عائلتنا.”
“أرجوك، إن لم يكن من أجلي، فمن أجل والدي.
إن أردتِ… سأتوسل إليك كالكلب، سأتذلل، فقط أعطني بعض الوقت.”
‘أسبوعان.’
مقابل أن ترى شوفيل بلانش راكعًا كالعبد،
صفقة لا بأس بها.
“هه.”
ضحكت بليندا، بضحكة صافية خفيفة،
ضحكة لا تصدر من سخرية، بل من لذة خفية، وكأنها وجدت في هذا المشهد متعةً غير متوقعة.
أما شوفيل، فبقي على ركبتيه،
قابضًا على يديه بإحكام، دون أن ينبس بكلمة.
كان يحتمل هذه الإهانة، مهما بلغت.
فقط إن استطاع تجاوز هذه الأزمة… فسوف يجعل تلك المرأة تدفع ثمن كل لحظة أذلّته فيها.
لكن…
“شوفيل، أتظن فعلًا أنك ستتمكن من كشف مصدر الرقائق المزوّرة في غضون أسبوعين؟”
“ماذا…؟”
رفع شوفيل رأسه فجأة، مذهولًا.
أمر الرقائق المزوّرة داخل الكازينو كان معلومات سرية للغاية، لم تُبلّغ للإدارة إلا بالأمس فقط.
الرقائق هنا لا تختلف عن المال الحقيقي.
لذا كانت إدارة الكازينو تراقب بدقة كل حركة تحويل أو صرف للرقائق ومطابقتها بالنقود المسجّلة.
فإن أدخل أحدهم رقائق مزوّرة من خارج الكازينو وحاول صرفها نقدًا، فذلك يعني خسارة صافية للمكان.
لكن البارحة فقط، تبيّن أن كمية الرقائق المتداولة بين الزبائن تفوق الكمية التي خرجت من خزائن الكازينو.
ببساطة، هناك رقائق مزوّرة… تتنقّل داخل الكازينو.
ولكن بسبب الإقبال الكثيف على المكان مؤخرًا بفضل بليندا
لم تُكتشف الفجوة إلا متأخرًا.
ورغم أن الأمر انكشف بالكاد منذ ساعات،
ها هي بليندا تتحدث عنه وكأنها كانت تعرف منذ البداية.
“لا… لا يمكن… أنتِ…”
شوفيل شحب وجهه حتى غدا كالورقة البيضاء،
بينما ارتسمت على شفتي بليندا…ابتسامة هادئة واثقة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 111"