أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
بينما كانت كوزيت على وشك أن تضع السهم على القوس، تعالت فجأة صيحة من رجل مجهول:
“أوه! آنسة كوزيت؟ أأنتِ تجيدين الرماية؟”
كان أحد أولئك الذين يلاحقونها مسحورين بجمال وجهها.
(ذلك الرجل المزعج).
أظلم وجه كيرا؛ فقد كان هذا بالضبط ما اتفقت مع آرثر على أن يقوله الرجل بعد أن تُصيب كوزيت الطريدة.
وكان من المفترض أن ترد كيرا:
“بالمناسبة، من أين تعلمتِ الرماية؟ لم أسمع أنكِ تعلمتها في الشتاء.”
وبذلك تُثير الشكوك حول كوزيت، وتُظهر أن ما ادعته بشأن ماضي كيرا ليس سوى كذبة.
لكن الخطة اضطربت قليلًا. ومع ذلك، لم يفت الأوان بعد.
فقالت كيرا بنبرة بدت متعجبة:
“بالمناسبة، من أين تعلمتِ الرماية؟ ليست مهارة يمكن إتقانها في يوم أو يومين.”
قالت كوزيت متلعثمة:
“آه… ذاك… من عمي… تعلمت قليلاً قبل دخولي إلى الدوقية. لذلك لا تزال مهاراتي ضعيفة.”
ابتسمت كيرا ابتسامة صغيرة:
“أهكذا إذن؟”
كان مؤسفًا أن خطتها تمزقت هكذا. لو أن كوزيت أصابت الغزال الصغير، لما استطاعت تقديم هذا العذر الواهي.
تابعت كيرا بلهجة هادئة رخيمة:
“بما أنكِ تحملين القوس، جرّبي على الأقل. الهدف ساكن.”
رأت كوزيت تعض على شفتها السفلى.
فإن أصابت الغزال، ستكذّب نفسها، وإن أخطأت، ستُثبت أنها أقل مهارة من كيرا.
لم يكن وضعًا سيئًا بعد انهيار الخطة الأصلية.
لكن فجأة…
صرخت كوزيت باكية:
“هيك!”
قال أحدهم بدهشة:
“يا إلهي، آنسة كوزيت؟”
تجمدت كيرا من المفاجأة، وكذلك بقية الحضور الذين نظروا إليها في ذهول.
اقترب المعجبون بجمالها على الفور، تبعهم بعض السيدات اللاتي يفضلنها، وهي تبكي قائلة:
“لا أستطيع يا كيرا! إنه لا يزال غزالًا صغيرًا!”
(هل تحاول الخروج من المأزق بادعاء أنها رقيقة القلب؟)
فكرت كيرا، وارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة.
لكنّ البعض تصلّبت وجوههم؛ فلو كانت كوزيت تشفق على الطريدة، ما كان ينبغي أن تشارك أصلًا في مسابقة صيد.
فالجميع هنا جاء ليقتل طريدته، ولم يكن من المقبول أن تتظاهر كوزيت بالطيبة وتجعل الآخرين يبدون قساة القلوب.
(النصر لي)، هكذا فكرت كيرا.
لكن قبل أن يكتمل إحساسها بالفوز، قالت كوزيت بصوت مرتجف:
“لقد قتلتِ أم الغزال بالفعل! لا أستطيع قتل صغيرها!”
ثم التفتت إلى شخص آخر:
“أليس كذلك، يا مركيز إدنبره؟”
للحظة، تساءلت كيرا لِمَ أقحمت كوزيت جدّها العزيز، لكنها سرعان ما فهمت قصدها.
فقد أثارت قضية طلاق لودفيغ وروينا فاينبرغ قبل سنوات طويلة ضجةً كبرى حول ما إذا كانت الدوقة الكبرى عقيمًا حقًا.
واتُّهم والد الدوقة الجديدة، مركيز إدنبره، بتلفيق تلك التهمة الباطلة، ولا تزال الشكوك عالقة حوله.
وهكذا جعلت كوزيت نفسها كالغزال الصغير:
(لقد قتلتم أمي، والآن تحاولون قتلي أيضًا باعتباري دَخيلة).
ارتبك نصف الحاضرين، فيما بدا النصف الآخر مدركًا تمامًا لنية كوزيت.
وحين نظرت كيرا نحو جدّها، رأت شفتيه ترتجفان.
(فكري… عليكِ أن تجدي ردًّا).
لكن عقلها شُلّ.
ربما لأن جدّها بالفعل ظلم امرأة بريئة، وتسبب في هلاكها.
قال المركيز بصوت متهدج:
“نعم… لقد قتلتها. لم يكن هناك خيار سوى القتل أو الموت! كانت عدوة… فأزلتها، هذا كل شيء.”
انتشرت الهمسات بين الحضور، وبعضهم بدأ يسترجع الشائعات القديمة.
أما كوزيت، فقد أخفت ابتسامة منتصرة خلف كفيها وهي تتظاهر بالبكاء، والجميع يواسيها.
(تبا…) زمّت كيرا أسنانها.
لكن قبل أن تُكمل تفكيرها، اخترق سهم مجال بصرها.
ثم تبعه صوت يخترق اللحم.
سقط الغزال الصغير جثة هامدة، ورقبته مثقوبة بالسهم.
رفعت كيرا بصرها، لترى زيكهارت ممسكًا بالقوس.
قال بلا مبالاة وهو يجذب الأنظار إليه:
“لقد قالت إنها لا تستطيع، فحصلتُ أنا على الطريدة بدلًا عنها. ما المشكلة؟”
ثم أضاف بابتسامة:
“وسأهديها لأختي الكبرى.”
وبما أن زيكهارت هو وريث أسرة بارفيس، لم يجرؤ أحد على الاعتراض، حتى مع ماضي جده.
فصفقوا جميعًا، وتغزلوا بمهارته.
وعاد الجو إلى طبيعته، وكأن شيئًا لم يحدث.
اقترب زيكهارت من كيرا وهمس مبتسمًا:
“لماذا استمعتِ إلى هرائها يا أختي؟ عندما لمّحت أن جدنا قتل أمها، ثم تساءلت إن كان سيقتلها أيضًا؟ ما ذاك الخداع المزعج!”
أجابت كيرا متظاهرة بالهدوء:
“لقد أذهلتني براعتها في البكاء.”
ضحك زيكهارت:
“ظننتُ الأمر نفسه! لم أصدق أنها تستطيع إذراف الدموع بهذا الشكل. لعلها عملت ممثلة فعلًا!”
ثم لمح شحوب وجه شقيقته، فسألها بقلق:
“ما بالك؟”
ابتسمت كيرا ابتسامة متكلفة وقالت:
“لا شيء. لو لم تطلق السهم في الوقت المناسب، لوقعتُ في فخها.”
ربّت زيكهارت على كتفها مبتسمًا، ابتسامة بريئة لا يعرفها إلا من جهل الحقيقة.
قالت كيرا محاولة تغيير الجو:
“لنذهب. لستَ راضيًا بغزال واحد فقط، صحيح؟”
ضحك:
“بالطبع.”
ثم انطلق بحصانه إلى الأمام، وتبعته هي بهدوء.
بعد يوم كامل من التجوال في ميدان الصيد، التصقت برائحة كيرا رائحة عرق واضحة.
كانت دائمًا شديدة الحرص على نظافتها، لذا لم تستطع احتمال ذلك الانزعاج.
كيرا: “روز، اذهبي وأعدّي الحمام مسبقًا. سأغتسل فور عودتي.”
روز: “نعم!”
مع غروب الشمس، أمرت وصيفتها بالعودة أولًا إلى المعسكر لإعداد ماء الاستحمام.
وبفضل ذلك، استقبلتها حرارة البخار الدافئ ما إن دخلت إلى مقرّها.
رأت كيرا الخادمات وهنّ يضعن حواجز خشبية ليُنشئن حمامًا مؤقتًا، ثم بحثت بعينيها عن رفيقتها المؤقتة في الغرفة.
لكنها لم ترَ كوزيت.
ورغم أن كلتيهما كُلِّفتا بالبقاء في مكان واحد، فقد فُصِل المكان إلى جناحين مختلفين احترامًا لكونه مرفقًا مخصصًا للنبلاء.
خفضت كيرا صوتها وسألت:
كيرا: “كوزيت؟”
إيميلي: “يبدو أنها تستريح في الجهة الأخرى.”
كيرا: “ألم يحدث شيء آخر؟”
تركت كيرا إيميلي لتراقب أمتعتها خشية أن تعبث بها كوزيت.
لكن كوزيت، حالما عادت إلى الخيمة، دخلت غرفتها ونزعت معطفها.
(آه… من المؤكد أن هذه الأيام الثلاثة ستكون الأصعب على الإطلاق ما دمت مضطرة للعيش معها تحت سقف واحد).
تذمّرت كيرا في سرّها من العائلة الإمبراطورية التي لم تُخصّص لكل واحدة منهن خيمة مستقلة، ثم دخلت إلى الحمام.
لكن المأساة لم تدم طويلًا كما توقعت.
بل انتهت أسرع بكثير، وبطريقة لم تخطر ببالها قط.
كان ذلك بعد استحمامها مباشرة.
في اللحظة التي ارتدت فيها رداءها وبدأت الوصيفات بتمشيط شعرها، شعرت بطاقة ضخمة تهوي من فوق رأسها.
دوّي––.
قفزت كيرا من مقعدها فجأة، رافسة الكرسي.
روز: “سيدتي؟ هل حدث شيء…؟”
كيرا: “سيفي؟ أين سيفي؟”
روز: “عفوًا؟ آه… إنه بالخارج…”
كيرا: “لا يهم، ابتعدي حالًا!”
روز: “ماذا؟”
تحطّم عمود خشبي من السقف قبل أن تُكمل روز كلامها.
عند هذه النقطة، حتى الجاهل يدرك أن حادثًا جللًا وقع.
رفعت روز بصرها مذعورة.
مخالب ضخمة تشقّ السقف من الأعلى.
(م… مخالب؟!)
فهمت روز فورًا أنها ليست مخالب حيوان عادي أُطلق للصيد.
ومن خلال شقوق السقف الممزق، أطلّت عينان صفراوان لامعتان.
تجمّدت روز في مكانها غير قادرة حتى على الصراخ.
الخوف والصدمة شلّا جسدها تمامًا.
لكن كيرا أفلتتها من ذهولها.
كيرا: “ماذا تفعلين؟ أتريدين الموت؟!”
روز: “س-سيدتي!”
شعرت روز بقبضة كيرا تمسك مؤخرة عنقها بقوة، حتى بدت كأنها تخنقها، لكن لم يكن هناك وقت للاعتراض.
سحبتها كيرا بعنف نحو الخارج.
تحطّم––!
وفي اللحظة التي حاولتا فيها الخروج، انهارت الخيمة بأكملها فوقهما.
روز: “آآآآه!”
(سنموت!)
ولحسن الحظ، لم تكن خيمة مثل المباني الثقيلة، فكان وقعها أهون مما توقعت روز.
لكنها لم تعرف إلى أين تهرب.
مدّت كيرا يدها مجددًا لتنقذها:
كيرا: “من هنا!”
جرّتها من عنقها لتخرجها إلى الخارج. لامس هواء الليل البارد وجه روز المرتجف.
ومن خلال رؤيتها الضبابية، لمحت الجنود يتجمّعون من بعيد.
“ما… ما هذا؟!”
“وحش! إنه وحش!”
ارتجّت الأرض خلفها تحت أقدام شيء هائل يدوس على بقايا الخيمة.
لو تأخرتا لحظة أخرى، لكانتا أشلاء ممزقة.
ركضت روز وهي تبكي، ثم خطر لها:
(ماذا عن سيدتي…؟)
كانت متأكدة أنهما خرجتا معًا، لكن أين ذهبت بعدها؟
صوت حاد مفاجئ اخترق الأجواء:
بِيييييييك––!
روز: “آه!”
أطلق الوحش صرخة غريبة، حادة بشكل لا يتناسب مع حجمه، حتى بدا الصوت كطعنة في أذنها.
نظرت حولها، فرأت الجميع يغطون آذانهم متألمين.
(أين سيدتي؟!)
بحثت عنها بعينيها، ثم رأت بوضوح ردائها الأبيض يلمع وسط الظلام.
روز: “سيدتي!”
لكن أحد الجنود أوقفها وهو يصرخ:
“أيتها المجنونة، ماذا تفعلين؟! ستُقتلين إن اقتربتِ!”
روز: “سيدتي هناك! لماذا لا تُسرعون لإنقاذها؟!”
الجندي: “هل فقدتِ عقلك؟! نحن مجرد جنود عاديون، إن تدخلنا سنُقتل فورًا!”
روز: “فلتبتعد إذن عن طريقي!”
الجندي: “أنتِ مجرد خادمة، لا تتدخلي!”
في تلك اللحظة، كانت كيرا تركض وتجذب الوحش نحو منطقة خالية.
دُوي–– دُوي––
ضرب الوحش الأرض بجنون محاولًا سحقها.
لكن حركته لم تكن سريعة، وهذا ما أنقذها.
غير أن المشكلة الكبرى: كيرا بلا سلاح.
ومهما بلغت مهارتها، لن تستطيع هزيمة وحش شيطاني بيديها العاريتين.
أدارت بصرها تبحث عن أي شيء.
الجنود انسحبوا بعيدًا ومعهم النبلاء والخدم، وهذا أفضل، حتى لا يُعيقوها.
(لو ألقى أحدهم سيفًا نحوي فقط…)
لكنها لم تضع أملًا في جنود عاديين بلا قوة فرسان.
(أنا أشتري لهم الوقت… ألم يحن وقت ظهور الفرسان؟!)
لعنت تأخرهم، خاصة أنهم ليسوا مجرد صيادين بل فرسان نبلاء!
وبينما حاولت النهوض، شعرت بألم في كاحلها الملتوي، فأفلت منها أنين.
رمقت بقايا الخيمة، فرأت قطعًا خشبية حادة ربما تصلح سلاحًا، لكنها بعيدة وخطرة المنال.
لن تجني من المخاطرة سوى الموت سحقًا.
نظرت إلى كاحلها المتورّم، ثم تماسكت:
(عليّ أن أصمد أكثر قليلاً).
لكن فجأة، تحرك الركام، وخرجت منه فتاة بشعر فضي ناصع.
إنها كوزيت.
لم تهتم كيرا بخروجها، لكن ما شدّ انتباهها هو السلاح الذي كانت كوزيت تمسكه.
كيرا: “أعطيني هذا!”
لكن كوزيت تجاهلتها، وكأنها لم تسمع.
ركضت كيرا بسرعة وحسم:
كيرا: “السيف! أعطيني إياه! لن تستطيعي حتى تحريكه!”
رفعت كوزيت رأسها، عيناها تلمعان:
كوزيت: “لكن هذا ملكي.”
(هذه الفتاة الملعونة…!)
لم يكن هناك وقت للجدال.
مدّت كيرا يدها محاولة انتزاعه بالقوة، لكن فاجأها شيء:
(ماذا… أي قوة هذه؟!)
مهما حاولت، لم تستطع انتزاع السيف منها.
كوزيت: “ماذا تفعلين؟! اتركيه!”
كيرا: “انظري حولكِ يا غبية!”
دُوي–– دُوي––
اقتربت خطوات الوحش أكثر فأكثر.
لو استمرت في الشجار معها، ستموتان معًا.
حاولت كيرا أن تفلت لتتجنب الوحش، لكن كوزيت فكّرت بالشيء ذاته.
فتدافعتا في الاتجاه نفسه، واصطدمتا وسقطتا أرضًا متشابكتين.
“آه!”
“أوه!”
رفعت كيرا رأسها، لترى قدم الوحش الضخمة تُوشك أن تهوي عليها.
وإلى جانب ذلك، تفاقم ألم كاحلها بعد السقوط.
“آآآآه!”
سمعت صرخة مألوفة من بعيد – بدا أنها روز.
(حتى هنا أسمع صوتها؟ كم هو عالٍ صوتكِ!)
فكرت رغم الخطر الداهم.
لم تكن لتسمح لنفسها بالموت تحت قدم وحش.
شدّت عزيمتها لتتدحرج بعيدًا.
لكن في اللحظة الحرجة، أحاطت بها ذراعان فجأة، واندفعت مع صاحبها لتتدحرجا معًا بعيدًا.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 101"