كان الصباح رماديًا كالمعتاد.
وقفت إميليا أمام شركة ديفيد.
على الرغم من قوله أمس، بعد اختيار فستان الزفاف، إنّهما لن يلتقيا حتّى يوم الزفاف:
«تعبتِ اليوم. عودي بحذر. حافظي على سلامتكِ حتّى الزفاف، سنلتقي يومها.»
«…نلتقي يوم الزفاف؟»
ساد الصمت بينهما للحظة.
سألها ديفيد بعد تفكير:
«هل هناك سبب لنلتقي قبل الزفاف؟»
لم تستطع إميليا سوى الإجابة بـ”لا”.
لكن الآن، كانت أمام شركته.
قرّرت ألّا تستمع إلى كلامه لسببين.
الأوّل، شعرت أنّها قد تفقد السيطرة.
أمس، اختار لها فستانًا فاخرًا بدلًا من الفستان البسيط، على عكس اختياره للأحذية حسب ذوقها.
بدا متسلّطًا أخيرًا.
لكن لإغرائه، يجب أن تكون هي المسيطرة.
لم تكن بحاجة إلى الخضوع الزائد.
لذلك، قرّرت عصيانه عمدًا.
لكن هذا لم يكن السبب الوحيد لمجيئها إلى الشركة.
كانت شركة ديفيد معروفة بتوظيف من هم بشعر أشقر أو أسود ، مستبعدة الشعر الأحمر أو البني، لأنّ الأخير قد يشير إلى إيلروني أو أميلياني.
كانت الشركة تختار البيلتايتيين فقط.
فسّر مقرّ قوات التحرير هذا الاختيار بأنّ الشركة تخفي معلومات تتعلّق بـ”لايكدوج”.
كانت إميليا تنوي التحقّق من ذلك اليوم.
هل شركة كاروين، التي تنتج أكثر من 90% من سيارات بيلتايت، مرتبطة بهم فعلًا؟
دخلت إميليا الردهة وابتسمت وهي تتّجه إلى مكتب الاستقبال.
ابتسمت الموظّفة جيزيل لها.
عندما اقتربت إميليا، سألتها جيزيل:
“كيف يمكنني مساعدتكِ؟”
“جئتُ لمقابلة المدير، الدوق كاروين.”
ألقت جيزيل نظرة سريعة عليها لتتعرّف على هويّتها.
تذكّرت صورة الصفحة الأولى في مجلة القيل والقال:
‘آه، تلك الممثلة ذات الشعر المجعّد…’
“هل لديكِ موعد؟”
“لا.”
“المدير ليس في الشركة الآن.”
“أين ذهب؟”
“خرج مبكرًا لأمر يتعلّق بالعمل.”
“حسنًا، سأنتظر داخلاً.”
ابتسمت إميليا ببراءة.
تصدّعت ابتسامة جيزيل المثاليّة قليلًا.
لم تُعجب جيزيل بإميليا منذ النظرة الأولى.
كانت معجبة بالمدير، وتفاجأت أنّ عشيقته ممثلة.
‘ديفيد كاروين، ظننتك لا تختار النساء بناءً على المظهر…’
همست إميليا لجيزيل بأسلوب ودود:
“في الحقيقة، زيارتي اليوم مفاجئة.”
أعادت جيزيل ترتيب ابتسامتها ونظرت إلى إميليا.
بدت إميليا كفتاة فارغة الرأس، أغرت المدير بجمالها فقط.
لكن جيزيل، كمحترفة، تحدّثت بلطف:
“سيدتي، هذه شركة، مكان عام. لا يمكنكِ الدخول دون موعد مسبق.”
“آه…، حقًا؟ حسنًا، يمكنني حجز موعد الآن! هلا اتّصلتم بالمدير؟”
“قلتُ إنّه ليس هنا.”
“ألا يمكن الاتّصال به إذا لم يكن موجودًا؟”
“بالطبع لا.”
“لكنّه سيعود، أليس كذلك؟ سأنتظر داخلاً.”
“لا يمكنكِ الدخول دون موعد!”
عبست جيزيل، وقد نفد صبرها.
‘هل هي سمكة ذهبيّة؟’
فكّرت جيزيل أنّ إميليا غبيّة، وسيتركها المدير قريبًا.
ظهرت أفكارها على وجهها بلا تصفية.
ابتسمت إميليا بهدوء وهي تنظر إلى جيزيل.
كان لديها ثلاثة خيارات لدخول الشركة دون إذن الدوق:
الأوّل، أن تكون حبيبة الدوق السيئة.
طريقة “الفتاة المجنونة” النموذجيّة:
وضع مجلة <ذي سيليبريتي> على المكتب، والصراخ “ألا تعرفين من أنا؟”، والدخول بالقوّة.
كان هذا الأسلوب فعّالًا في بيلتايت، حيث الضعفاء يخضعون للأقوياء.
لكنّه لم يكن جيّدًا على المدى الطويل، فقد ينفر الدوق منها.
ولو كانت ستلجأ إليه، لجاءت بعد الظهر، عندما تنتشر أخبار الزواج في المجلات.
كان المصوّرون موجودين في متجر الفساتين.
لو رأت جيزيل المجلّة، لكان تصرّفها مختلفًا.
الطريقة الثانية التي جرّبتها إميليا هي التظاهر بأنّها حبيبة الدوق الساذجة.
الابتسام بلطف والتصرّف بجهل.
لم تتوقّع نجاح هذه الطريقة، لأنّ الموظّفين يلتزمون بالقوانين، ولن يسمحوا لها بالدخول بنيّة مفاجأة الحبيب.
لكن القوانين بها ثغرات دائمًا، وقد يكون هناك موظّف متعاطف. لذا جرّبتها.
‘لكنّها لم تنجح…’
انتقلت إميليا إلى الخيار الأخير.
“فهمتُ، حسنًا. سأعود لاحقًا مع موعد.”
ابتسمت لجيزيل بمرح وغادرت الشركة.
بعد ثلاثين دقيقة بالضبط، عادت.
كما توقّعت، كان هناك موظّف جديد في مكتب الاستقبال، فقد مرّ وقت تبديل المناوبة.
عرفت إميليا مواعيد المناوبات مسبقًا، لذا جرّبت الطريقة الثانية أوّلًا.
لم تتّجه إلى مكتب الاستقبال هذه المرّة.
تصرّفت كموظّفة في الشركة، مرتدية نظّارة مدبّبة وشعرها مشدود لإخفاء تجعّده، وبطاقة موظّف مزيّفة حول عنقها.
رحّبت بالموظّف الجديد بعينيها.
كان الموظّف مشغولًا ولم يشكّ فيها.
مرّت إميليا بسهولة عبر حرّاس الأمن عند السلالم المؤدّية إلى المصعد.
بسبب حجم الشركة وكثرة الزائرين، لم يشكّوا فيها كشقراء تحمل بطاقة موظّف.
تنفّست إميليا الصعداء عندما أغلق باب المصعد.
************
نزلت إميليا في الطابق الثاني، أخرجت دفترًا وقلمًا من حقيبتها، وأخفت الحقيبة خلف أصيص في زاوية هادئة.
بدأت تجوب الشركة، تدون المعلومات: هيكلية الطوابق، الأقسام، وأسماء المسؤولين.
بدت كموظّفة مشغولة بعملها.
لم يهتمّ بها الموظّفون المشغولون، على الرغم من إلقاء بعضهم نظرات سريعة على جمالها.
كان العمل المكثّف في الشركة ميزة لصالحها.
جابت إميليا الشركة، ولم تجد مكانًا لا يمكن الوصول إليه ببطاقتها المزيّفة.
لكن سهولة الأمور جعلتها تشعر بخيبة أمل.
لو كانت هناك أقسام مرتبطة بـ”لايكدوج”، لكان الأمن أشدّ.
تنصّتت على محادثات بعض الموظّفين، لكنّها كانت عن السيارات فقط: تسويق الموديلات الجديدة، وقوانين التصدير.
عادت إميليا خالية الوفاض إلى مكان الحقيبة.
أزالت النظّارة، وضعتها مع الدفتر والقلم في الحقيبة، وفكّت شعرها المشدود وجدّلته بشكل فضفاض على طريقة “روزاليا”.
حملت الحقيبة وتوجّهت إلى الطابق الثالث عشر، الطابق الوحيد الذي لم تتفقّده، حيث مكتب ديفيد الخاص.
توقّعت أن يكون الأمن مشدّدًا في الطابق الخاص بالمدير، فقرّرت الانسحاب إذا لم تسنح الفرصة.
لكن لم يكن هناك حرّاس، والأغرب أنّ مكتب ديفيد لم يكن مغلقًا.
فتحت إميليا بابًا خشبيًا مزدوجًا بحذر، ونظرت حولها، ثم دخلت خطوة خطوة.
رأت مكتبًا يبدو لسكرتير، وخلفه ثلاثة أبواب.
فتحتها: الأوّل غرفة استقبال، الثاني غرفة وثائق، والثالث مكتب ديفيد.
تفقّدت غرفة الوثائق أوّلًا.
كان قلبها يخفق خوفًا من دخول الدوق أو السكرتير، لكن لم يظهر أحد.
راجعت الوثائق بعناية، لكنّها كانت تتعلّق بالسيارات والعقود فقط، بلا أي إشارة إلى لايكدوج أو الأسلحة.
شعرت بخيبة أمل وانتقلت إلى مكتب ديفيد.
عندما فتحت باب غرفة الوثائق، فُتح باب المكتب الرئيسي.
‘…الدوق؟!’
أغلقت الباب بسرعة، لكن الوقت لم يكن مناسبًا.
لم تجد مكانًا للاختباء، ووقوفها أمام غرفة الوثائق منعها من التظاهر بأنّها كانت تنتظره.
دخل رجل يرتدي بدلة أنيقة إلى المكتب.
التعليقات لهذا الفصل " 10"
لقد احببتها ارجو تكملة سانتظر