كان فينسنت لياندرو، الذي يكبر إيديث بعامٍ واحد، صديق طفولتها القديم.
على عكس إيثان، الذي كان في علاقة متوترة معها، كان فينسنت وإيديث مقربين بسرعة بسبب الصداقة بين عائلتيهما وكونهما الطفل الوحيد لكل منهما، فكانا يلتصقان كالظل منذُ الصغر.
لكن مع ظهور البطلة، تحطّمت علاقتهما.
على الرّغمِ من سنوات الصداقة الطويلة، كان فينسنت أوّل من خانَ إيديث بعد أن وقعَ في حب لوريلين.
‘ثمانون بالمئة من سبب تحوّل إيديث إلى شريرة يعود إلى هذا الرجل.’
لأن إيديث كانت معجبةً بفينسنت سرًا لسنوات، معتبرةً إياه شريك زواجٍ محتمل.
لكن فينسنت، بحجّة حماية البطلة المضطهدة، لم يتردّد في إحتقار إيديث.
لهذا، حتى الأمور التي كان يمكن أن تُحل بصراعات بسيطة بين النساء، تضخّمت لتصبحَ أفعالًا شريرة من إيديث.
“ها…”
شعرتُ بالصّداع عندما تذكّرت الرجل الذي ساهم بشكل كبير في تدمير سمعة إيديث.
لكن الخادم، الذي رأىني أمسكُ جبهتي، أساء فهمي وأضاءَ وجهه.
“هل… تتذكرين شيئًا عن الماركيز الشّاب؟”
“لا.”
“إذن، كيف عرفتِ اسمه؟”
“ربما سمعتُه من نانسي أثناءَ حديثي معها.”
“آه…”
عندما أجبتُ الخادم المتعجب بعذرٍ عشوائي، بدا عليه الخيبة.
‘لا أعرف عن الآخرين، لكن يجب ألا أدّعي معرفتي بهذا الرجل.’
كان حبّ إيديث لفينسنت سرًا علنيًا يعرفه الجميع.
لكن، لماذا يجب أن أتحمّل ماضيها المظلم؟
قررتُ التظاهر بالجهل وسألتُ ببرود:
“لماذا جاء؟”
“ماذا؟ بالطّبع… جاء لزيارتكِ للاطمئنان على صحتكِ، أليس كذلك؟”
‘همم، لم يسأل عن السّبب.’
فتاة مزعجة كادت تقتل حبيبته، فهل جاءَ للاطمئنان عليها بهدوء؟ مستحيل.
أعربتُ عن رفضي بطريقة غير مباشرة للخادم الذي لم يقدّم أي معلومات مفيدة:
“لستُ مستعدّةً للقائه الآن بسبب فقدان ذاكرتي.”
“لكن، بدلاً من السّفر بعيدًا، ألن يساعد لقاء صديق مقرّب على استعادة ذاكرتكِ؟”
“….”
“لقد عرفتِ الماركيز الشاب منذُ ثلاث عشرة سنة.”
لم أجد ما أقوله.
في الصّباح، ادّعيتُ أنني أريد الخروج لاستعادة ذاكرتي.
لم أرغب في لقائه، لكن لم أجد طريقة للهروب من هذا الموقف.
‘هيا، سأضطر لمواجهته يومًا ما، فلننهي الأمر اليوم.’
ابتلعتُ تنهيدة وقمتُ من مكاني.
“…أين هو الآن؟”
“ينتظر في غرفة الاستقبال.”
“قُدني إليه.”
تبعتُ الخادم إلى غرفة الاستقبال في الطابق الأول.
ربّما لأنه كان يدعم حب إيديث، همس لي بتعبير متحمس:
“سأحضّر المرطبات بعد قليل، أيتها الآنسة. أي نوع من الشاي تفضلين؟”
“لا حاجة. سأنهي الأمر بسرعة.”
“ماذا؟ لكنها زيارة نادرة… الماركيز الشاب يحبّ الكعك الذي يصنعه طاهينا.”
حاولَ الخادم الإلحاح بنبرةٍ متأسّفة.
يبدو أن إيديث كانت تبذل جهدًا كبيرًا لزيارات فينسنت.
‘يحبّ الكعك أو لا يحبه، ما الذي يهمني في ذلك؟’
كانت معلومة غير ضرورية بالنّسبة لي.
خشيتُ أن يفعل شيئًا غبيًا بحجة المساعدة، فمنعته مسبقًا:
“بدلاً من ذلك، أريد التحدّث معه على انفراد، فلا تدع أحدًا يزعجنا.”
“نعم، بالطبع.”
بعد أن تحيّة الخادم وابتعد، فتحتُ باب غرفة الاستقبال.
لكن، خلافًا لتوقعاتي، كانت الغرفة فارغة.
“…ما هذا؟”
هل غادرَ بالفعل؟
بينما كنتُ أقف عند إطار الباب أنظر إلى الداخل، سمعتُ:
طق، هووو!
فجأة، فُتحت النافذة المغلقة بعنف، وهبّت ريح قوية إلى الداخل.
بينما كنتُ مرتبكة، بدأت بتلات صفراء تتطاير مع الريح.
هوووو
تجمّعت البتلات المتناثرة حول الطاولة في وسط الغرفة، تدور ببطء في دوامة.
ثم، كما لو أن يدًا خفية ترشّها، بدأت تزيّن الطاولة والكراسي بنقاطٍ صغيرة.
تحوّلت الغرفة الباهتة إلى مكانٍ جميل مزيّن بالبتلات الصفراء في لحظة.
تجمّدتُ وأنا أراقب هذا المشهد السحري المفاجئ.
“أتشو.”
لكن، إما بسببِ الريح الباردة أو رائحة الزهور الحلوة، سعلتُ تلقائيًا.
طق.
في تلكَ اللحظة، اصطدمت زهرة صفراء مشابهة للبتلات بجبيني بخفة و سقطت.
“مرحبًا، إيديث.”
ظهرَ رجل طويل القامة فجأة، كأنه كان مختبئًا خلف الباب.
“تهانيّ على شفائكِ.”
“….”
“بعد كل هذا، ألن تقبليها؟”
بفضلِ الزهرة التي ضربت جبيني، ذاب تجمّدي المؤقت.
رفعتُ رأسي ببطءٍ لأرى الشخص.
شعر أزرق مجعّد يشبه بتلات الدلفينيوم يتماوج بلطف مع الريح.
عينان ذهبيتان تلمعان بمرح، و ملامح واضحة.
إذا كانت إيديث تشبه قطة حادة، فكان فينسنت يشبه كلبًا نمطيًا، وجميلًا جدًا.
‘…ما الجيّد في رجل يبدو كطفيلي؟’
لحسنِ الحظ، لم يكن ذوقي على الإطلاق.
بعد انطباع قصير، استرخيتُ وقبلتُ زهرة الياسمين التي قدّمها على مضض.
فانخفضت زاوية عينيه الوديعتين.
“حاولتُ مفاجأتكِ بعد وقتٍ طويل، لكن… ألم تعجبكِ؟”
فوجئتُ أكثرَ من تصرفات فينسنت الودّية مقارنةً بالدوامة المفاجئة.
كنتُ أعلم أنه يمتلكُ قدرة التّحكم بالرياح.
في الرّواية، كان يستخدم هذه القدرة كثيرًا لخلق أمطار من الزهور خلال مواعيده مع البطلة.
ومع ذلك، تجمّدتُ للحظة لأن…
‘لماذا يفعل هذا فجأة، وهو الذي كان يكره إيديث؟’
لم أستطع فهم نواياه من تعبيره.
تحدّثتُ بشعورٍ غير مريح:
“…لا، لقد فوجئتُ حقًا.”
“لماذا وجهكِ هكذا إذن؟”
“حسنًا، هل نجلس ونتحدث؟”
مررتُ به وتوجهتُ إلى الطاولة.
كانت البتلات المتناثرة تحت قدميّ مزعجة.
لو كانت إيديث الحقيقية هنا، لربّما قفزت فرحًا بهذه المفاجأة التي كانت مخصصة للوريلين…
لكنني شعرتُ فقط بالضيق.
‘اللعنة، كان يجب أن أتحدث بأدب رسمي مثلما فعلتُ مع إيثان.’
لم أتوقع أن يلجأ إلى مثل هذه الحيل، ففاتني التوقيت.
بينما كنتُ أجلس وأفكّر متى أكشف عن فقدان ذاكرتي، لاحظتُ:
“…؟”
لماذا لم يتبعني فينسنت مباشرة، بل وقفَ مكانه.
عندما نظرتُ إليه متعجبة، تحرّك أخيرًا وجلس مقابلي.
ثم قال بعيونٍ ناعسة:
“تبدين بحالة جيدة، إيديث.”
“جيّد أنني أبدو كذلك. شكرًا على زيارتكِ للاطمئنان…”
“ظننتُ أنكِ ستموتين، لكنكِ عُدتِ بطريقةٍ ما.”
“…ماذا؟”
كانت نبرته هادئة جدًا لدرجة أنني لم أفهم معناه فورًا.
كما لو كان يشتكي من صعوبة رؤية صديق قديم.
بدأ فينسنت يتفوّه بكلمات سامّة بابتسامة مرحة:
“فوجئتُ بأنكِ بحالة جيدة جدًا. ظننتُ أنكِ ربّما أُصبتِ بجروح خطيرة…”
“….”
“لكن الجنازة كانت مبتكرة، إيديث. هذه المرة، ظننتُ أنها حقيقية و خُدعتُ.”
“….”
“سمعتُ أنكِ لم تتحمّلي الاختناق، فقفزتِ من النعش في منتصف الجنازة؟ آه، كم هو مؤسف. لو كنتُ هناك، لكنتُ شاهدتُ شيئًا ممتعًا. لكن بسببِ لوريلين التي أُصيبت…”
حدّقتُ بدهشة في الرجل الذي يتأسف حقًا لعدم حضوره جنازة إيديث.
‘ما الذي يهذي به هذا الوغد؟’
هل هو مندهش لأنني لستُ مصابة بجروح خطيرة؟
الجنازة كانت مبتكرة؟
ضحكتُ بسخرية من الذهول.
‘لم يُذكر أنه مجنون مختلّ هكذا!’
بالطبع، في الرواية، كان فينسنت يطعن إيديث بكلماته بابتسامة أحيانًا:
― ‘إيديث، هل ترينني كرجل بعد أن عشنا كأشقاء لنصف عمرنا؟ لا، لا تتكلمي، هذا مقزز.’
― ‘لماذا تتصرفين بغباء هكذا، إيديث؟ كلما فعلتِ، تشوهين سمعة الدوق. حسنًا، لهذا اختاروا إيثان وريثًا.’
في كل مرة يُهينها الشّخص الذي تحبّه، كانت إيديث تعاني و تصبّ غضبها على لوريلين.
‘لماذا تحبين رجلًا معجبًا بامرأة أخرى؟’
صراحةً، شعرتُ أن إيديث التي اختارت دور الشريرة كانت مثيرة للشفقة ومُحبطة.
لذا، أحيانًا، شعرتُ أن حوارات فينسنت منعشة.
كانت كلماته قاسية، لكنها ضرورية لتفهم إيديث المتعجرفة شيئًا.
كنتُ أظن أنه، كصديق، يقدّم نصيحة صادقة بدافع الشفقة…
‘صادقة ، ما باليد حيلة.’
لو كنتُ أعلم أنه يسخر من جنازتها ويعتبرها عرضًا لجذب الانتباه، لما أسأتُ الظن به هكذا.
‘كنتُ ساذجةً جدًا.’
كان مرحًا و يمكن الاعتماد عليه دائمًا بالنّسبة للبطلة.
لكن بالنسبة لإيديث، كان مجرّد وغد تجاهلها سواء عاشت أو ماتت…
كان من السخيف أن أصدّق كلام الخادم عن زيارة الاطمئنان.
تك .
أمسكتُ الزهرة بقوة فتجعّدت بشكلٍ بائس.
“لماذا لا تجيبين، إيديث؟ هل أنتِ غاضبة؟”
سألني بنبرة بريئة كطفل يتوقّع ردّ فعل.
‘آه.’
ربّما بفضلِ كلامه، هدأ رأسي المغلي فجأةً.
عند التفكير، لم يكن لديّ سبب للغضب، فلم أعش هذه الأحداث بنفسي.
وعلاوةً على ذلك…
‘هذا الرجل… كان يستمتع حقًا بإثارة غضب إيديث؟’
لم يكن لحماية حبيبته أو نصيحة صديق.
كان يستمتع فقط بالدّوس عليها و طعنها.
يمنحها أملًا مؤقتًا ثم يدفعها من جرف، مستمتعًا برد فعلها وهي تتلوّى كدودة مرشوشة بالملح.
وإلا، كيف يُفسّر الترقّب الواضح في عينيه الذهبيتين؟
‘وغد طفولي. هل فعل كل هذا العناء بقدرته فقط ليستمتع؟’
نظرتُ إلى البتلات المتناثرة حول الطاولة بعيونٍ باردة.
‘ظننتُ أنه يهاجمني نيابة عن لوريلين!’
شعرتُ بخيبة أمل، فرفعتُ رأسي لأواجه عينيه المليئتين بالخبث.
“هل هذا كل ما لديك؟”
“…ماذا؟”
“هل جئتَ إلى هنا فقط لتقول هذا؟”
تلاشى المرح من وجهه عند نبرتي المتعبة.
قد أبدو مزاجية، لكن التّعامل مع هذا النوع من المختلين سهل جدًا.
“أنا غاضبة؟ حسنًا، لا أعرف كيف أردّ لإرضائكَ. آسفة لعدم تلبية توقعاتكَ…”
“….”
“لا أعرف مَنٔ أنت، ولا كيف كنا في الماضي، ولهذا لستُ غاضبة حقًا.”
زيّفتُ تعبير الأسف.
فسألني متأخرًا، كمَنْ لم يفهم:
“…ماذا؟”
“آه، ربّما لم تسمع. أعاني من فقدان الذاكرة الآن.”
“ماذا يعني ذلك…”
“إذا انتهيتَ من كلامك، هل يمكنني الذهاب؟ ليس لديّ شيء أقوله لك.”
أليس من الأفضل تجويع كلب جائع بدلاً من إطعامه؟
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 9"