لكنّ أوّل ما لفت انتباهي لم يكن الشّعر الأحمر النّاريّ اللافت للعين.
82%
‘لماذا النّسبة مرتفعة هكذا؟’
بينما كنتُ أحدّق بذهول في نسبة الهيجان فوق رأسه التي كانت تقترب تدريجيًا ، استعدتُ رباطة جأشي فجأة.
“…!”
كانت عينان رماديّتان جافّتان كالرّماد النّاتج عن حرق المصابين بالتّآكل تحدّقان بي مباشرة.
عندها فقط أدركتُ أنّه نادى اسمي بدقّة.
‘… كيف عرفني؟’
كنتُ أغطّي شعري و وجهي تمامًا بقبّعة و كمّامة.
ما لم يكن يملك قدرة قراءة الأفكار ، فلا توجد طريقة ليعرفني.
‘هل تعرّف على زيّ خادمة عائلة الدّوق؟ أم أنّه ، حتّى لو كنتُ سيّدته يومًا ما ، عرفني من هيئتي؟’
بينما كنتُ أحاول تخمين كيفية تعرّفه عليّ ، عضضتُ شفتيّ بقوّة.
لم يكن مهمًـا كيف عرفني.
الآن ليس الوقت المناسب لمواجهته.
البطل الثّالث ، الذي يعتبر وجود إيديث ، سيّدته السّابقة ، عارًا ، و يكرهها لأنّها أعطته اسمًا يُطلق عادة على العهرة.
ديلان فريدريك.
على عكس الآخرين الذين أبعدتهم إيديث بسبب مضايقتها للبطلة أو هوسها بهم ، كان محرجًا أن يكون هناك ضغينة شخصيّة.
‘سيكون التعامل معه أصعب بكثير’
لكن للأسف ، لم يكن لديّ أيّ طاقة لخوض معركة نفسيّة مع أحد الأبطال الآن.
كنتُ في حالة لن يكون غريبًا لو انهرتُ في أيّ لحظة.
في تلكَ اللّحظة-
“سيّدتي نانسي!”
نادتني إيستون في الوقت المناسب.
بدا و كأنّها ستركض نحوي في أيّ لحظة.
هززتُ رأسي لأشير إليها ألا تقترب.
ثمّ ،
“… شكرًا لإنقاذكَ لي”
“…”
“لكنّك أخطأتَ في الشّخص. إذن”
انحنيتُ قليلًا لديلان و استدرتُ بسرعة.
في مثل هذه المواقف ، لا مكان للكبرياء، الخيار الأفضل هو الهروب.
‘… أنا متعبة. سأموت’
في الحقيقة ، لم أكن متعبة فحسب ، بل كنتُ لا أزال مذهولة و قلبي يخفق بشدّة.
كان المصابون بالتّآكل الذين كانوا يطاردونني و هم يصرخون مخيفين و مرعبين ، لكن―
رؤية النّيران الهائلة و هي تبتلعهم أمام عينيّ مباشرة كانت الأكثر صدمة.
شعرتُ بقوّة قدرة المستيقظ من المستوى S تتجلّى بوضوح.
‘كيف فكّرت إيديث ، و هي غير مستيقظة ، في معاداة مثل هؤلاء الوحوش؟ يا إلهي’
كان يجب ألا تتعامل معهم من الأساس.
بينما كنتُ أرتجف و أسرّع خطواتي ،
تك-!
فجأة ، أمسكت يد قويّة بمعصمي.
“ما الـ …!”
“إذا أردتِ خداعي تمامًا ، ألا يجب أن تبذلي بعض الجهد على الأقلّ؟”
“…”
“هل تعتقدين أنّني لا أعرف اسم خادمتكِ الخاصّة؟”
تمتم الرّجل بوجه خالٍ من التّعبير.
نظرتُ إليه بدهشة.
‘كيف عرف ذلك … آه’
لقد كان خادم إيديث سابقًا.
بما أنّه قضى وقتًا في قصر الدّوق ، فليس من المستغرب أن يعرف اسم نانسي.
لكن أن يتذكّر اسم خادمة حتّى الآن كان مفاجئًا بعض الشّيء …
بينما كنتُ أتذكّر معلومات البطل الثّالث ، بدأ قلبي الخافق يهدأ تدريجيًا.
أشرتُ بعينيّ إلى معصمي الذي كان يمسكه و قلتُ بحزم: “أفلتني”
“يبدو أنّ ذلكَ صعب”
“لماذا؟”
“لا يمكنني السماح لشخص مجهول الهويّة بالتّجوال في الإقليم. خاصّة …”
“…”
“شخص قد يكون مشتبهًا به في تهريب طفل مصاب بالتّآكل”
تحوّلت نظرة الرّجل إلى ظهري.
انتفضتُ بغريزة.
لقد رأيتُ للتوّ كيف أحرق المصابين بالهيجان دون تردّد.
إذا كان متأكّدًا أنّ ثيو مصاب و استخدم قدرته …
‘ها … اللعنة’
كبحتُ الشّتيمة التي كادت تخرج من فمي بصعوبة.
كنتُ أعرف جيّدًا ، كشريرة ماتت مهجورة من الأبطال ، مدى قسوتهم على الشّخصيّات الثّانويّة باستثناء البطلة.
سووكـ-!
دون خيار ، خلعتُ القبّعة و الكمّامة باليد الأخرى التي لم يمسكها.
“هل أصبحتَ راضيًا عن هويّتي الآن؟”
تمتمتُ و أنا أنظر في عيني ديلان مباشرة.
لم أشعر بالإحراج من كشف هويّتي.
كلّ ما أردته هو الهروب من هذه اللحظة بسرعة.
“…”
لكن لماذا؟
على الرّغم من أنّني كشفتُ هويّتي كما أراد ، ظلّ يحدّق بي دون أن يرمش.
لم يعد هناك أيّ أثر للمظهر الجميل الذي كان يُخطئ بأنّه فتاة عندما تبنّته إيديث.
كان ديلان البالغ يبدو رجوليًا بشكل لافت للنّظر.
وجهه الوسيم كان من المؤكّد يجعل قلوب النّساء تخفق …
و مع ذلك ، شعرتُ أنّ وجهه الخالي من التّعبير و عينيه الرّماديّتين الجافّتين مزعجتان جدًا.
كأنّه يفكّر في قتلي الآن.
‘قلتُ لكَ أفلتني ، لماذا تحدّق بي فقط؟’
شعرتُ بالقلق دون سبب ، فكرّرت: “إذا تأكّدتَ ، أفلتني الآن”
“…”
“سيدي”
حاولتُ تجنّب الاحتكاك قدر الإمكان ، لكنّني لم أعد أتحمّل.
فاتـ-!
هززتُ معصمي الذي بدأ يؤلمني بقوّة.
و منعته من إمساكي مجدّدًا بجمع يديّ على صدري و تراجعتُ خطوات.
“ما زلتَ تفتقر إلى الأدب ، يا سيّد”
“… إيديث”
“الأميرة ، أو الآنسة بليك”
“…”
“ألا يُعلّمون آداب معاملة السّيّدات في عائلة فريدريك؟”
عندما ناداني باسمي دون لقب مرّة أخرى ، صحّحتُ له على الفور.
و ابتسمتُ. كما لو كنتُ أتمتم لنفسي ، مثل شخص وقح يقول كلّ ما يريد.
‘ابتسم و كأنّك ستبصق على وجهي ، ماذا ستفعل؟’
في تلكَ اللحظة ، ظهرت أوّل تعبيرات طفيفة على وجه ديلان.
بدت ردّة فعلي غير متوقّعة ، فكان يبدو مرتبكًا بعض الشّيء.
كان ذلك ردّ فعل طبيعيّ.
لو كنتُ إيديث الحقيقيّة ، لكنتُ قد صرختُ و أحدثتُ فوضى ، لكنّني لن أسخر هكذا.
بعد صمت طويل ، فتح فمه أخيرًا.
“… ماذا كنتِ تفعلين هنا بهذه الهيئة؟”
“هل يجب أن أبلّغكَ بكلّ شيء ، سيدي؟”
رددتُ ببرود.
عندها ، اختفى الارتباك الطّفيف من وجهه على الفور.
بدأ ينشر هالة باردة مجدّدًا و أشار بذقنه إلى ظهري.
“إذن ، سأسأل تلك المرأة”
سخرتُ منه في داخلي لمحاولته الواضحة لاستفزازي.
‘هه ، هل تعتقد أنّني سأخاف من هذا؟’
للأسف ، أنا شخص مرّ بكلّ أنواع التّهديدات و الاعتداءات أثناء عملي كمديرة معهد.
“إيستون ، تعالي إلى هنا”
ناديتُ إيستون التي كانت تراقب بصمت.
اقتربتْ متردّدة ، فقدّمتُها بهدوء.
“قدّمي التّحيّة. هذا سيّد عائلة فريدريك”
“ماذا؟ آه … مرحبًا. أنا إيستون ، معالجة الأميرة …”
بدت إيستون مرتبكة من طلبي المفاجئ ، لكنّها امتثلت بطاعة.
نظرتُ في عيني ديلان و أضفتُ شرحًا.
“إنّها فتاة أهتمّ بها. إنّها من هنا”
“…”
“الفتى خلف ظهرها هو أخوها. لديه مرض يسبّب النّوبات ، لكنّ أهل هذا المكان ظنّوه مصابًا بالتّآكل ، فجئتُ مع إيستون لأخذه”
“…”
“أنوي رعايته حتّى يشفى”
بينما كنتُ أتفوّه بالأكاذيب دون أن أرمش ، عبس ديلان بإحدى عينيه.
“أنتِ … ترعينه؟”
“نعم”
“بملابس خادمة؟”
“لو جئتُ كأميرة ، لما تركني أشخاص مثلكَ أصل إلى هنا”
كان موقع البوّابة ، حيث تجمّد المصابون بالتّآكل ، بمثابة نقطة حسّاسة لسكّان القرية.
لو عرفوا أنّني غريبة برفقة إيستون ، لكانوا منعوني منذ زمن.
ولو كنتُ الأميرة ، لوصلت الأخبار إلى عائلة الدّوق عبر أذني ديلان في لمح البصر.
“…”
لم يستطع ديلان الرّد على ردّي السّلس ، و اكتفى بفتح فمه.
في تلكَ اللّحظة-
دقدق-! ، دقدق-!
“سيّدي!”
مع صوت حوافر الخيل ، ظهر عدّة أشخاص خلف ديلان.
اقتربوا بسرعة ، نزلوا من خيولهم ، و انحنوا أمامه.
“نحيي سيّد الإقليم. أنا غريغوري ، رئيس هذه القرية”
قدّم رجل مسنّ نفسه بوجه متوتر.
استمع ديلان له دون اهتمام يُذكر و أشار إلى إيستون.
“هل هذا الطّفل المحمول على ظهرها هو الذي أبلغتم عنه؟”
“نعم ، نعم ، هذا صحيح!”
“لكن يُقال إنّه ليس مصابًا بالهيجان. ما القصّة؟”
“ماذا …؟ مستحيل! من المؤكّد أنّ ثيو قد عضّ شخصين من السّكّان …”
هزّ رئيس القرية رأسه بعنف.
عبس ديلان و أشار إلى أحد الرّجال خلفه.
“ويليام”
“نعم ، سيّدي”
“تحقّق منه”
تقدّم الرّجل الذي تلقّى الأمر نحو إيستون بخطوات واثقة.
“…!”
بدأ وجه إيستون يشحب تدريجيًا عند رؤيته.
في تلك اللحظة-
التعليقات لهذا الفصل " 21"