يبدو أنه وجدَ الأمر مضحكًا حقًا ، إذ مسحَ دموعه و هو يضحك.
حدّقتُ فيه بلا تعبير.
صراحةً ، لم يهمني إن صدّقني أم لا ، و كنتُ أشعر بالانزعاج بالفعل.
كان أنفي يحكّني ، كما لو كنتُ سأعطس.
‘هل أفتح النّافذة مجددًا؟ لا ، سأغادر قريبًا على أي حال’
ربّما لاحظ أنني شاردة ، فتوقّفَ فينسنت عن الضّحك ببطء.
“حسنًا ، يكفي مزاحًا …”
“….”
“أين لوريلين؟”
كأن وجهه الضّاحك قبلَ قليل كان وهمًا ، حدّقَ بي بعيون باردة بشكل مخيف.
فوجئتُ بسؤاله المفاجئ و سألتُ: “المنقية؟ لماذا تبحث عنها هنا؟”
“توقّفي عن هذا التمثيل الممل ، إنه ليسَ مضحكًا”
“أنا لا أمثّل”
“إذن ، تتوقعين مني أن أصدّق هراء فقدان الذاكرة هذا؟ لو كنتِ ستصنعين قصة ، كان يجب أن تتظاهري بالمفاجأة عندما استخدمتُ قدرتي ، إيديث”
“….”
“ألا تملكين الذّكاء للتفكير إلى هذا الحدّ؟”
شعرتُ بالغضب يغلي بداخلي بسببِ نبرته الماهرة في تحقيري.
لكنني عضضتُ على أسناني و تحمّلت.
الغضب هنا سوف يُسعده فقط.
“قلتُ إنني فوجئت ، فينسنت. و عرفتُ من الخادم أنكَ متيقظ تتحكم بالرياح”
“….”
“بما أنني لا أتذكر ، ليس من الأدب أن أسأل زائرًا بشكلٍ مباشر مَن هو”
عندما أجبتُ بهدوء ، ضحكَ فينسنت بسخرية.
“ألم يخبركِ الخادم عن علاقتنا؟”
“حسنًا ، ذكر أننا نعرف بعضنا منذ ثلاث عشرة سنة …”
عند كلامي ، تحوّل وجهه إلى تعبيرٍ متعجرف.
كأنه يقول: ماذا ستفعلين بعد كلّ هذه السنوات؟
أو كأنه يتحدّاني لأرى متى سأتوقف عن التظاهر.
خدشتُ أنفي و تمتمتُ كمَنْ يتحدث لنفسه: “هل هذا مهم؟”
“… ماذا؟”
“ممّا حصل اليوم ، يبدو أننا لم نكن مقربين جدًا”
“ماذا …”
نفي علاقتنا كانَ شيئًا لم تستطع إيديث الأصلية قوله أبدًا.
ألم تكن هي مَنْ تمسّكت بشدة بهذا الارتباط لمدّة ثلاث عشرة سنة؟
فينسنت ، الذي يعرف هذا أكثر من أيّ شخص ، حدّقَ بي بعدم تصديق ثم صرخ: “أنتِ تعرفينني منذُ ثلاث عشرة سنة ، إيديث! منذُ كنتِ في السابعة و حتى وقت قريب ، كنتِ تطاردينني بجنون ، و الآن تقولين هذا الهراء؟”
“حقًا؟ هذا مفاجئ. جئتَ لزيارة شخصٍ عاد من الموت ، لكنكَ تُهينني ، فتساءلتُ عن مدى سوء علاقتنا”
“…!”
عند سخريتي الصريحة ، أغلقَ فينسنت فمه أخيرًا.
يبدو أنه بدأ يصدّق فقدان ذاكرتي قليلًا ، إذ ظهرَ الارتباك في عينيه الشبيهتين بالكلب.
“للأسف ، لا أعرف حقًا أين لوريلين. سمعتُ أنني كنتُ أكرهها سابقًا ، و أفهم لماذا تشكُّ بي”
“….”
“لكن لن أفعل ذلكَ مجدّدًا. لذا ، أتمنى أن تنسى الأمر من أجل صداقتنا القديمة. أنتَ صديقي القديم ، أليس كذلك ، فينسنت؟”
اعتقدتُ أن هذه خاتمة جيدة.
كنتُ أرغب في قول ‘فكّر كما تشاء’ و المغادرة ، لكن من وجهة نظر فينسنت ، أنا مجرّد فتاة شريرة خطفت لوريلين.
‘مع مزاجه هذا ، قد يفقد أعصابه و يستخدم قدرته ، و هذا مخيف قليلًا …’
لكن ، على عكسي ، لم يبدُ فينسنت راضيًا.
“هاه! الوقاحة لها حدود … كدتِ تقتلين شخصًا ، و الآن تقولين انسَ الأمر؟”
ضحكَ بسخرية حادّة ، ثم حدّقَ بي كما لو يريد قتلي و صرخ: “إيديث بليك ، أعرف أنكِ لستِ بكامل وعيكِ لأنكِ استيقظتِ للتو”
“….”
“لكن فكّري قبل أن تتكلمي ، لا تهذي. ماذا ستفعلين عندما تعود ذاكرتكِ؟ هل ستمتنعين عن رؤيتي إلى الأبد؟”
“بفضلكَ ، كنتُ في غيبوبة لأسبوع ، فقدتُ ذاكرتي ، و أصبحتُ غبيّة ـ شكرًا”
أخبرته فقط أن الأمور سارت كما أراد ، لكنه صرخَ كمَنْ تعرّض لهجوم مفاجئ: “كان ذلك مجرّد حادث! البوابة … الوضع لم يكن جيدًا! انظري ، أنتِ على قيد الحياة ، أليس كذلك؟”
“حسنًا ، دعنا نقول أنّه كان حادثًا ، بما أنني لا أتذكر. لنفترض أنها كانت مجرّد صدفة”
“ليس افتراضًا ، إنها الحقيقة! مَنٔ قال لكِ هذا الهراء؟ إيثان؟ أم ديلان فريدريك؟”
“ما الفرق؟ على أيّ حال ، سأنسى الأمر و لن أثيره مجدّدًا ، و أتمنى أن تفعلَ الشيء نفسه”
“….”
“أنتَ أذكى منّي ، لذا يجبُ أن تملك الذكاء لفهم ما أقوله ، أليس كذلك؟”
عندما رددتُ كلامه ، حدّقَ بي مذهولًا.
لم يهمني إن لم يفهم.
“يبدو أنه لا يوجد المزيد لنتحدث عنه. ارحل بحذر”
مع هذه الكلمات ، نهضتُ من مكاني.
بينما كنتُ أتجه نحو الباب ، سمعتُ صوتًا حزينًا من خلفي ، و شعرتُ بشدّة تنورتي: “… إيديث”
“….”
“أنا أتألم”
التفتُّ برأسي بشعورٍ غريب.
هل استحوذ عليه شبح ما؟
الرّجل الذي كان يحتقرني حتى لحظة مضت ، كان ينظر إليّ بوجهٍ بائس الآن.
بشرته الشاحبة و عيناه المحتقنتان جعلتا يبدو مريضًا حقًا.
غيّر فينسنت تعبيره فجأة ، و كأنه طفل يخاف الهجر ، تمسّكَ بتنورتي و قال: “رأسي يدور … و أجد صعوبة في التنفس. يبدو أن السّحر الأسود تراكمَ بشدة”
“….”
“إذا استمر هكذا ، قد أفقد السيطرة مجدّدًا. هل ستتركينني هكذا و ترحلين؟ أليس كذلك؟”
تذكّرتُ ماضي البطل الثاني عند كلامه.
«بعد تيقّظه مباشرةً ، فقدَ فينسنت والدته بسببِ فقدان السيطرة ، و عاشَ طفولة مضطربة.
خوفًا من فقدان ابنه الوحيد ، استعار ماركيز لياندرو قطعةً أثرية قديمة من العائلة الإمبراطورية لختم قدرته مؤقتًا.
بعد استعادة استقراره ، أصبحَ فينسنت متيقظًا من الدرجة S ، لكنه كان يخشى تلوث السّحر الأسود بشدة.
هذه الصدمة أصبحت عنصرًا مهمًا في حبّه للوريلين لاحقًا»
‘صحيح ، كانَ له هذا الإعداد’
نظرتُ إلى فينسنت المختلّ بتأمّل.
في الرواية ، كان عادةً صديقًا موثوقًا و حبيبًا ، لكنه كان يتشبث بلوريلين كطفلٍ يطلب التنقية عندما يشعر بأدنى مخاطر الهيجان.
كان البطل الذي يُحفّز غريزة الأمومة لدى البطلة.
‘ظننتُ أنه يفعل هذا فقط مع البطلة’
لكن الآن ، يبدو أنه كان يتصرّفُ هكذا كلما كانَ في موقفٍ سيء.
إيديث ، التي تعرف ماضيه أكثر من أيّ شخص ، كانت بالتأكيد تشفق عليه و تلبّي كل شيء.
بعد فهم الوضع تقريبًا ، أغلقتُ عينيّ ببطء.
و عندما فتحتهما مجددًا …
71%
برد رأسي عندَ رؤية مستوى الهيجان فوق رأسه.
كان بحاجةٍ إلى التنقية ، لكن لم يكن في حالةٍ خطرة فوريّة.
مقارنةً بإيستون ، كان بإمكانه تحمّل هذا المستوى.
إيديث ربّما أظهرت قلبًا رقيقًا وحيدًا في الماضي ، لكن هذا الرجل سخرَ منها و إبتعد بلا رحمة.
قررتُ أن أوقظه على الواقع ببرود: “و ماذا بعد؟”
“… ماذا؟”
“ماذا تريد مني أن أفعل؟”
“إ … يديث؟”
كما توقّعتُ ، بدا مرتبكًا و هو يرمش بعينيه.
لم يكن يتوقّع أن يتصرّف الشّخص الذي كان يقلق عليه عادةً بهذه الطريقة.
ارتجفت زاوية فمه الحمراء ، التي كان يرفعها متظاهرًا بالبؤس.
“اذهب و ابحث عن لوريلين للتنقية ، أو عد إلى منزلكَ و اعزل نفسك. لا تسبب الإزعاج هنا”
“إزعاج …؟”
اختفى التعبير من وجه فينسنت تمامًا.
يبدو أن هذه المرة الأولى التي يسمع فيها مثل هذه الكلمات من إيديث ، أو من أيّ شخص.
لكن ماذا أفعل؟ الفتاة الغبية التي تعرفها لم تعد هنا.
“نعم ، إزعاج”
ابتسمتُ بسخرية.
“لماذا؟ لم يكفِ أنكَ تجاهلتني عند البوابة ، هل تريد الآن أن تقتلني بهيجانكَ؟”
هذه المرة ، بدت الضربة قوية ، إذ بدأت يده التي تمسّك بتنورتي ترتجف.
حتى ذلكَ بدا زائفًا.
“مثير للاشمئزاز”
طق-!
صرختُ دونَ مواربة و ضربتُ يده التي تمسّك بتنورتي بقوة.
بينما كنتُ أهُـمّ بالمغادرة ، شعرتُ بشيءٍ يعيق يدي.
نظرتُ للأسفل ، فوجدتُ الزهرة التي أعطاني إياها مهروسة نصفها.
تنهّدتُ و رميتها عند قدميه.
“و بالمناسبة ، أنا لا أحبّ الزهور”
“….”
“لديّ حساسية من حبوب اللقاح. آه ، ربّما فعلتَ هذا عن قصد و أنا لم ألاحظ؟”
أرأيت؟ الـ ثلاث عشرة سنة تلكَ ، لا قيمة لها.
مع رؤية عينيه الذهبيتين تنهار بالصدمة ، غادرتُ غرفة الاستقبال.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
عجبني كلامها