“… -ـيث بليك”
صوتٌ صارمٌ لشخصٍ ما أيقظني.
‘لقد قضيتُ الليلة بأكملها في مبنى الأبحاث و نمتُ هناك مرةً أخرى’
بقيتُ مغمضة العينين ، أحاولُ تقييم الوضع بهدوء.
كان المحيط هادئًا و مكتومًا ، كما لو كنتُ مغمورةً في الماء.
يبدو أن الموظفين الذين رأوني نائمةً و وجهي مدفونٌ في المكتب قد خفّفوا من حركتهم احترامًا لي.
‘ها … يجب أن أنهض قبل أن يصل الجميع إلى العمل ، و أغسل وجهي على الأقل’
لو رآني الدكتور كانغ بهذا الحال ، لقال بالتأكيد: “يا لكِ من حمقاء! هل تريدين أن تموتي صغيرة في هذا العمر؟” ، ثمّ سيضرِب ظهري بقوة.
لكن ، على عكسِ رغبتي ، لم يتحرّك جسدي بسهولة.
‘أريد فقط أن أبقى مستلقيةً قليلًا …’
لحظة. مستلقية؟
فجأةً ، شعرتُ بشيءٍ غريب.
في تلكَ اللحظة ، سمعتُ الصوت الذي أيقظني منذ قليل يتردد مرةً أخرى بضعف.
“لقد بذلت الفقيدة في حياتها … جهودًا كثيرة … و سيبقى إرثها محفورًا في ذاكرتنا …”
كان الصوت متقطّعًا ، كما لو كان يُهمس من خلف جدار.
‘الفقيدة؟ أيّ فقيدة؟’
كلمةٌ واحدة واضحة أذهلتني و أيقظتني تمامًا.
“… و نتمنى لها ، و هي الآن نجمةٌ أخرى في السماء ، أن تتخلّص من كل الحزن و الدموع التي عاشتها على هذه الأرض …”
عندما أنصتُّ بكلّ تركيز ، استطعتُ أن أفهم الكلام بوضوحٍ أكبر من ذي قبل.
يبدو الأمر كما لو كانوا يؤدّون قداسًا جنائزيًا …
‘مَن مات؟’
عادةً ، كنتُ أنا مَن يلقي كلمةً لتكريم المتوفى ، سواء كان من الموظفين أو من عائلاتهم ، خلال الاجتماعات.
فأنا مديرة المعهد بعد كلّ شيء.
لكنني لا أتبع أي ديانة ، لذا لم أكن أؤدّي صلواتٍ خاصة.
فجأةً ، شعرتُ بانتفاضةٍ غريبة.
هل بدأت حواسي تستيقظ تدريجيًا؟
لسببٍ ما ، شعرتُ برائحة زهورٍ قوية تداعب أنفي.
رائحة الموت التي شممتها لأول مرة في جنازة أمي.
‘هل أنا في جنازة؟’
فتحتُ عينيّ فجأة.
“… ماذا؟”
لكن ، رغم أنني فتحتُ عينيّ بالتأكيد ، كان كل شيء أمامي مظلمًا.
“ما هذا؟”
استغرق الأمر لحظاتٍ حتى تعتاد عيناي على الظلام.
عندما استعدتُ رؤيتي أخيرًا ، أدركتُ أنني محبوسةٌ في مكانٍ مظلم و ضيّق.
“… آه!”
كراك-!
حين حاولتُ رفع جسدي بغريزة ، ارتطم رأسي بوسادةٍ ناعمة و سقطتُ مرةً أخرى مستلقيةً على ظهري.
حينها أدركتُ أنني محاطةٌ من جميع الجوانب.
نظرتُ حولي بعينين مليئتين بالخوف.
يبدو المكان الذي أنا محبوسةٌ فيه كالتابوت ، هل هو مجرّد شعور؟
“يا … يا إلهي! هناكَ شخصٌ هنا!”
رفعتُ يديّ ، أتحسّس الوسادة التي بدت كغطاء التابوت ، و صحتُ بصوتٍ عالٍ.
دينغ-! ، دينغ-! …
فجأةً ، رنّ جرسٌ من مكانٍ ما.
“… أمم ، اليوم الرياح قوية جدًا. فلنتعجّل من أجل وداع الفقيدة”
ألم يسمعوا صراخي؟
أُكمِلَت التلاوة التي توقّفت للحظة.
صِحتُ بصوتٍ أعلى من ذي قبل.
“يا إلهي! ألا تسمعونني؟ أخرجوني من هنا!”
“فلندعُ جميعًا من أجل الدوقة الشابّة إيديث بليك التي رقدت في سلام”
إيديث بليك؟
توقّفتُ عن الكلام فجأة.
كان اسمًا مألوفًا. اسم الشريرة في الرواية التي قرأتها طوال الليل حتى نِمتُ ، كيف لا أعرفه؟
‘لماذا يظهر هذا الاسم هنا …؟’
بينما كنتُ غارقةً في الحيرة و أتنفّس بسرعة ، سمعتُ: “سيقوم الكونت ديلان فريدريك ، الصديق المقرّب للشابّة ، بمراسم الدفن. حان الوقت الآن لتوديع الفقيدة أخيرًا …”
اسمٌ آخر مألوف جعلني أفيق فجأة.
ديلان فريدريك الذي أعرفه هو شخصٌ متيقّظ يمتلك قدرةً على التحكّم بالنار.
و الرواية اللعينة التي قرأتها أمس كانت تحمل إعدادًا يقضي بحرق الجثث للتخلّص من السحر الأسود.
بمعنى آخر ، إذا كنتُ محبوسةً في تابوتٍ حقًا ، فقد أُحرَق حيّةً على يد ديلان فريدريك.
لم يكن هذا وقت التفكير فيما يحدث.
“اسمعوا! افتحوا هذا حالًا! هناكَ شخصٌ حيّ هنا!”
طاخ-! ، طاخ-! ، طاخ-!
رفعتُ يديّ بسرعة ، دفعًا و طرقًا للغطاء بكل قوتي.
لكن ، مهما كان ما صُنع منه هذا الغطاء ، لم يتحرّك قيد أنملة.
لكن جهودي لم تذهب سدىً.
دينغ-! دينغ-! دينغ-!
في كل مرة طرقتُ فيها الغطاء ، رنّ الجرس بغرابة.
“..…!”
في الوقت نفسه ، توقّفت التلاوة الجنائزية فجأة.
بفضل ذلك ، لاحظتُ حبلًا ملفوفًا حول معصمي الأيمن متّصلًا بجرس.
تذكّرتُ فجأة خرافةً تقول إنّهم كانوا يربطون حبلًا بجرسٍ على جثث الموتى لمنع دفنهم أحياءً بسبب خطأ طبي.
“هل يوجد أحدٌ بالخارج؟ أخرجوني من فضلكم! أنقذوا حياتي!”
عندما تأكّدتُ أنني أرنّ الجرس ، بدأتُ ألوّح بيدي بجنون.
دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-!
رنّ الجرس بصخبٍ لا يمكن تجاهله.
إذا كان صوت الجرس واضحًا حتى داخل التابوت ، فلا بد أن يكون أعلى بكثيرٍ في الخارج.
دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-! دينغ-!
دييييينغ―!
كم من الوقت هززتُ يدي اليمنى دون توقّف؟
دررر-! ، دررررررر―!
أخيرًا ، تحرّك الغطاء مع صوتٍ ثقيل.
تسرّب شعاعٌ من الضوء مع هواءٍ منعش من خلال الشق.
بعد قليل ، انفتح المجال أمامي تمامًا.
في تلك اللحظة ، تقابلتْ عيناي مع عيني الرجل الذي كان يفتح غطاء التابوت.
“آه!”
تراجع الرّجل بخوف ، وجهه شاحبٌ كالأشباح.
لم أهتم ، و قمتُ برفع جسدي فجأة.
“هل أنتم مجانين؟”
دينغ-!
رنّ الجرس مرةً أخرى بقوة.
لم أبالِ و واصلتُ الصراخ بعنف.
“لماذا تضعون شخصًا حيًا في تابوت؟!”
” ….”
“أين الطبيب؟ ألا يستطيع أحدٌ إجراء فحص حيويّ بشكلٍ صحيح؟!”
دينغ-! دينغ-! ، دييينغ-! …
في صمتٍ عميق ، تردّد صوتي الغاضب و صوت الجرس الصافي بالتناوب.
بعد أن أفرغتُ غضبي ، بدأ قلبي النابض يهدأ تدريجيًا.
نظرتُ حولي متأخرةً.
كانت الجنازة تُقام في مكانٍ مفتوحٍ و هادئ.
أجانب لم أرهم من قبل يرتدون ملابس سوداء كئيبة.
كانوا يبدون مذهولين ، كما لو أنهم رأوا شبحًا ، مما جعلني أشعر بالذهول بدوري.
‘مَن الذي يجب أن يُذهل حقًا؟’
في تلك اللحظة-!
“آه …! الجثة … الجثة نهضت!”
أشار إليّ أحدهم و صاح.
كان ذلك بداية الفوضى.
“آآآآآه―!”
“الدوقة الشابّة عادت إلى الحياة!”
“وحش! ربما يكون وحشًا! تراجعوا!”
بدأ الناس يصرخون و يتعثّرون.
بعضهم أطلق صرخاتٍ مزعجة، و بعضهم تراجع و سقط ، و آخرون هربوا باكين …
تحوّل المكان إلى فوضى عارمة.
نظرتُ بـ حيرة إلى الجنازة التي أصبحت في حالةٍ يرثى لها.
كان الجميع في حالة صدمة ، فلم أعرف من أمسك به لمحاسبته على حبسي.
“إيديث بليك عادت إلى الحياة!”
في خضم ذلك ، أشار إليّ بعض الأشخاص و هم يصرخون بكلماتٍ مخيفة.
حاولتُ تفادي أصابعهم ، لكنها تبعتني بعناد.
في تلكَ اللحظة ، هبّت نسمة خفيفة ، فتدفّق شعرٌ طويل على كتفي.
“… ههه”
عندما رأيتُ الشعر الأشقر الناعم ، أطلقتُ ضحكةً فارغة.
لم أصبغ شعري قط ، و ظلّ شعري قصيرًا و مستقيمًا منذ أصبحتُ بالغة.
إذن ، هذا الشعر الأشقر الطويل الذي يصل إلى خصري ، و هذا المعصم النحيل الذي يبدو و كأنه سينكسر ، و الخواتم المتلألئة المرصّعة بالجواهر على أصابعي …
لمَنْ هي؟
‘هذا حلم ، أليس كذلك؟’
رفضتُ الفكرة بغريزة.
بصراحة ، أليس هذا سخيفًا؟ أن أكون قد تجسّدتُ في شخصية شريرة من رواية.
و ما هذه الجنازة الملعونة؟
و ما قصة حبسي في تابوت؟
“آه …”
حين قرصتُ وجهي هنا و هناك على أمل الاستيقاظ من الحلم ، أدركتُ تدريجيًا أن هذا الواقع.
و نظرتُ إلى الناس الذين يرونني خائفين و يصرخون بجنون ، و صرختُ معهم.
“آآآآآآه―!”
دينغ-! ، دينغ-! ، دينغ-! …
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 1"